قرينة البراءة

قرينة البراءة

من الضمانات المقررة لحماية حقوق المتهم حقه في أن يعتبر بريئا حتى تثبت إدانته طبقا للقانون وهي ما تسمى قرينة البراءة،  ويعتبر هذا المبدأ من مبادئ التي تعترف بها جميع النظم القانونية الديمقراطية، فإذا كان للمجتمع مصلحة في معاقبة المجرمين، فأنه لا يمكن المساس بحريات الأبرياء ويجب على هذا المجتمع أن يدافع عن هذه الحريات، وأن يكفلها حتى يتوافر الدليل الكامل على ارتكاب الجريمة، وعندئذ يتحقق المساس بحرية بوصفها عقاب يقرره القانون.

فبراءة الإنسان هي الأصل، وإدانته هي الاستثناء، وكل مساس بالحرية لا يكون إلا بعد تقرير الإدانة، وبعد دحض البراءة بأدلة الّإدانة.

جدول المحتويات 

ما هو تعريف قرينة البراءة؟

ما هي أهمية قرينة البراءة؟

ما هي نتائج قرينة البراءة؟

ما هو تعريف قرينة البراءة؟

تعني هذه القاعدة أن الإنسان بريء إلى أن تثبت إدانته بحكم قضائي قطعي بات فتنهار عندئذ قرينة البراءة، فالقانون يقيم قرينة قانونية على براءة كل إنسان لأنه لا يكلف بإثبات براءته، فهذه البراءة مفروضة بحكم القانون وعلى من يدعي خلاف الوضع الراهن أن يتحمل عبء الإثبات، والنيابة العامة في الدعوى الجزائية تدعي خلاف هذا الأصل فعليها يقع عبء الإثبات ولا يتحمل المتهم المنكر هذا العبء.

كما عرفت أيضا ” إن أصل البراءة يعني أن القاضي وسلطات الدولة كافة يجب عليها أن تتعامل مع المتهم وتنظر إليه على أساس أنه لم يرتكب الجريمة محل الاتهام ما لم تثبت عليه ذلك بحكم قضائي نهائي غير قابل للطعن فيه بالطرق العادية “.

ما هي أهمية قرينة البراءة؟

لهذه القاعدة أهمية كبيرة، كونها تحمي الشخص المتهم من المساس بيه وتصون حقوقه وحرياته، فلولا وجود هذه القاعدة، إذا كان بإمكان السلطة التحكم في الحريات الأفراد وحقوقهم.

كما أنها تؤدي إلى تفادي الأضرار التي يمكن أن تلحق بالمتهم فيما لو تمت معاملته على أساس أنه مدان سلفا، تم تثبت براءته فيما بعد.

كما تتجلى أهمية تلك القاعدة، بأنها تؤدي لعدم وقوع أخطاء قضائية بالإدانة الأبرياء لأن البريء الذي يقصر في إثبات براءته يعتبر لولا وجود هذه القرينة مدان، الأمر الذي يؤدي إلى إهدار العدالة، واهتزاز ثقة الناس بالقضاء.

قرينة البراءة في المواثيق الدولية

وقد كرست هذه الأهمية للقاعدة السابقة المواثيق الدولية والإقليمية المعنية بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، حيث ورد النص عليها في المادة الحادية عشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي جاء فيها ((… كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونا بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه …)).

وجاء النص على تلك القرينة في المادة الرابعة عشرة من الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية التي نصت على ما يلي: ((… لكل فرد متهم بتهم جنائية الحق في أن يعتبر بريئا ما لم تثبت إدانته طبقا للقانون …)) كما ورد النص على قرينة البراءة في العديد من المواثيق والاتفاقيات الإقليمية، حيث نصت على ذلك المادة السادسة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والتي جاء فيها ((… كل شخص يتهم بارتكاب جريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونا …)).

ما هي نتائج قرينة البراءة؟

إن مبدأ قرينة البراءة هو مبدأ أساسي فهو الدعامة الأساسية لحماية حقوق الأفراد والحريات. ويتميز هذا المبدأ بأنه قرينة قانونية بسيطة وتقبل إثبات العكس على أنه لا يكفي لإثبات عكس هذه القرينة مجرد تقديم الأدلة لإثبات البيانات التي تقدمها النيابة العامة، بل إن هذه القرينة تبقي قائمة بالرغم من تقديم هذه الأدلة حتى يصدر حكم قضائي بات يفيد لإدانة المتهم وبهذا الحكم تتوافق القرينة القانونية قاطعة هي وحدها التي تصلح لإهدار قرينة البراءة.

والنتائج المترتبة على قرينة البراءة في أن عبء الإثبات يقع على عاتق النيابة العامة وفي حالة ما قدمت النيابة العامة دليلا قاصرا فإن الشك يفسر لصالح المتهم.

أ‌-       عبء الإثبات يقع على عاتق النيابة العامة:

إذا كان مضمون قرينة البراءة هو افتراض براءة المتهم مهما كانت قوة الشكوك التي تحوم حوله ومهما كان وزن الأدلة التي تحيط فيه فإن ذلك معناه أن تلتزم النيابة العامة باعتبارها صاحبة الاتهام وكذلك المضرور من الجريمة – إذا تحركت الدعوى العمومية بموجب ادعاء مدني بإثبات أركان الجريمة ونسبتها للمتهم.

وفي المقابل لا يطالب المتهم بتقديم دليل براءته، بل عليه مواجهة أدلة الاتهام الموجهة ضده والرد عليه بما ينفي عنه الاتهام.

وتتطلب براءة المتهم إلقاء عبء إثبات الجريمة على جهة الاتهام، فلما كان الأصل في المتهم البراءة، فإن إثبات التهمة يقع على عاتق النيابة العامة، فعليها وحدها عبء تقديم الدليل، ويترتب على ذلك أنه إذا عجزت النيابة العامة عن إثبات التهمة، وجب القضاء ببراءة المتهم، ولا جدال في أن هذا كله مبني على القاعدة الأساسية التي تقضي بأن المتهم برئ حتى يدان بقرار قضائي بات.

 هذه القاعدة تظل لاصقة بشخص المتهم ولو اعترف بارتكاب الجريمة، لأن الاعتراف بالجريمة لا يهدم افتراض البراءة في المعترف ما لم يصدر بذلك حكم قضائي له قوة الشيء المقضي فيه، فاعتراف المتهم لا يسقط قرينة البراءة، فلا زالت للمتهم فرصة العدول عن هذا الاعتراف، دون أن يلتزم بإثبات براءته بالدليل، كل هذا دون إخلال بحق المحكمة في تقدير الاعتراف الذي تم العدول عنه.

ب‌-    الشك يفسر لصالح المتهم:

كما ينبغي طبقا لقرينة البراءة عدم إلزام الشخص بتقديم دليل براءته وإذا عجزت النيابة العامة عن تقديم الدليل أو كان الدليل قاصرا، فإن الشك يفسر لصالح المتهم، لأن الدعوى الجزائية تبدأ في مرحلتها الأولى في صورة الشك في إسناد الواقع إلى المشتبه فيه وأن هدف إجراءاتها هو تحويل الشك إلى اليقين فإن لم يتحقق ذلك بقي الشك، وهي غير الكافية لإدانة شخص.

فالإدانة تبنى على اليقين والجزم أم البراءة فيجوز أن تبنى على الشك.

إن المتهم يجب أن يعامل باعتباره بريئا طيلة إجراءات التحقيق والمحاكمة، وذلك حتى تثبت إدانته بحكم قضائي بات ويترتب على ذلك أن الإجراءات التي تمس الحريات الشخصية كالتوقيف والاستجواب يجب أن تتخدد ضمن الضمانات المقررة لها في القانون حتى لا يتم التجاوز على حقوق الأفراد وحرياتهم من دون مبرر.

ولا يتفق مع قرينة البراءة أن يقدم المتهم أمام الجهات القضائية مكبل اليدين، أو يوضع في قفص في قاعة الجلسات، أو إرغامه على ارتداء ثياب السجن خلال محاكمته.

والشك يتعين أن يستفيد منه المتهم عند تفسير النصوص العقابية أيضا، أي أنه إذا احتمل النص أكثر من تأويل تعين حمله على التأويل الذي هو في مصلحته غير أن المجال الحقيقي لقاعدة تفسير الشك لمصلحة المتهم هو مجال الإثبات الجنائي وذلك تأسيسا على قرينة البراءة، ولا يجب أن يدان إلا بناء على أدلة وحجج قطعية الثبوت لا مجال للشك فيها.

ج- المتهم بريء

وفضلا عما تقدم نخلص إلى أن قرينة البراءة تعني افتراض براءة كل شخص مهما كان وزن الأدلة أو قوة الشكوك التي تحيط به، فهو بريء وهكذا ينبغي أن يعامل طالما أن مسؤوليته لم تثبت بمقتضى حكم نهائي وبات صادر عن القضاء المختص، لأن إدانة الشخص ليس بالأمر السهل، وإنما هو أمر خطير يؤدي إلى مجازاته في شخصه وماله، وما دام الأمر كذلك وتحقيقا للعدالة وجب إثبات إسناد الفعل للمتهم إسنادا يقينيا مؤكدا، فإذا كان العدل يقضي بمعاقبة المجرم فإن العدل ذاته يقضي أيضا بأن يتمتع المتهم بجميع إمكانيات الدفاع عن نفسه إلا إذا ثبت إدانته و مسؤوليته بشكل يقيني مبني على أساس منطقي.

للاطلاع على مقال عن الأصل براءة المتهم 

مقال عن الإدانة 

مقال عن قرينة البراءة 

مقال عن حكم البراءة 

مقال عن حكم عدم المسؤولية 

error: Alert: Content is protected !!