حجية الأمر المقضي فيه
تعتبر قاعدة حجية الأمر المقضي فيه من القواعد شديدة الأهمية لما يترتب عليها من استقرار المراكز القانونية وثباتها وعدم جواز عرض ما تم عرضه على القضاء وفصل فيه مرة أخرى، وهذه القاعدة ليست مستحدثة فهي قاعدة راسخة منذ وقت طويل وقد تم تطبيقها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقررتها قواعد الفقه الإسلامي، وقد أخذ المشرع الأردني بهذه القاعدة ونص على أحكامها صراحة في المادة (41 ) من قانون الإثبات، كما أوضح المشرع الأردني الشروط اللازمة للتمسك بهذه القاعدة وتطبيق أحكامها، وأضاف الفقه القانوني بعض الشروط التي تستلزمها لتطبق بشكل صحيح ومنتج لأثاره.
وفي خلال هذا الموضوع سوف نتناول قاعدة حجية الأمر المقضي فيه على التفصيل الآتي :
أولا: مفهوم قاعدة حجية الأمر المقضي فيه
ثانيا: الأساس القانوني لقاعدة حجية الأمر المقضي فيه
ثالثا: الشروط القانونية اللازمة لإعمال قاعدة حجية الأمر المقضي فيه
رابعا: الشروط التي وضعها الفقه القانوني لإعمال قاعدة حجية الأمر المقضي فيه
خامسا: بعض الاجتهادات القضائية فيما يتعلق بقاعدة حجية الأمر المقضي فيه
أولا: مفهوم قاعدة حجية الأمر المقضي فيه
تعرف الحجية في اللغة بأنها الدليل أو البرهان.
وفي الاصطلاح القانوني يقصد بها ما يثبت للحكم القضائي من حجية لما فصل فيه من حقوق، وهذه الحجية قرينة قاطعة لا تقبل إثبات عكسها، ويترتب عليها اعتبار الحكم قد صدر صحيحا وأصبح حجة فيما انتهى إليه قضاؤه.[1]
- وترتيبا على ذلك فيمكننا القول أن قاعدة حجية الأمر المقضي فيه تجعل الحكم قرينة لا يمكن نقضها، وتؤدي إلى اعتبار الحكم قد صدر صحيحا من الناحية الشكلية وصدر موافقا للحق من ناحية الموضوعية،[2] فالحكم القضائي يحمل بين ثناياه قرينتان قرينة الحقيقة القانونية، وقرينة صحة الحكم فيما انتهى إليه، وينتج عن ذلك اثرين غاية الأهمية وهما أساس القاعدة:
– الأثر الأول : وهو عدم جواز طرح النزاع الذي فُصل فيه بحكم حاز حجية المقضي فيه على القضاء مرة أخرى ويطلق البعض على هذا الأثر (الأثر السلبي ) كونه يمنع نظر النزاع مرة أخرى.
الأثر الثاني: وهو جواز الاحتجاج بما قضى به الحكم أمام أي محكمة أخرى وهو ما يطلق عليه الأثر الإيجابي. [3]
- والجدير بالذكر أن مفهوم حجية الأمر المقضي فيه يختلف عن قوة الأمر المقضي به، فالأولى تثبت للحكم القضائي بمجرد صدوره وبغض النظر عن قابليته للطعن من عدمه، أما الثانية فلا تثبت إلا للأحكام التي لا تقبل الطعن بأي طريق من طرق الطعن.[4]
-
وترتيبا على ما سبق فيمكننا القول أن تقرير حجية الأمر المقضي فيه للأحكام القضائية وجعلها حجة فيما انتهت الأحكام القضائية إليه امر تستدعيه الضرورة والتي تفترض وجوب أن تلقى الأحكام القضائية الاحترام اللازم من الجميع سواء كانوا خصوما أو قضاة مماثلين أو من السلطة التنفيذية، خاصة مع ما قد يكتنف الأحكام القضائية من تعارض وتنازع في حالة عدم إقرار هذا المبدأ والعمل وفق أحكامه.
ثانيا: الأساس القانوني لقاعدة حجية الأمر المقضي فيه
تعتبر هذه القاعدة من القواعد التي قررها الفقه الإسلامي و القانون الأردني بشكل واضح وصريح ففي الفقه الإسلامي نجد أن الفقهاء قد استمدوا هذه القاعدة من السنة الفعلية للنبي صلى الله عليه وسلم وذلك فيما روي أن صفوانَ بنَ أميَّةَ قدمَ المدينةَ فنامَ في المسجدِ وتوسَّدَ رداءَه فجاءَ سارقٌ وأخذَ رداءَه فأخذَه صفوانُ بنَ أميَّةَ فجاءَ بِه إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فأمرَ أن تقطعَ يدُه فقالَ صفوانُ إنِّي لم أُردْ هذا وهوَ عليهِ صدقةٌ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ( فَهلَّا قبل! أن تأتيَني بِهِ).
- ووجه الدلالة في هذا الحديث أن صدور الحكم القطعي في مسألة يمنع المراجعة فيه وعدم جواز بحثها مرة أخرى كونه حجة فيما فصل فيه.[5]
أما في القانون الأردني فنجد الأساس القانوني لهذه القاعدة يتمثل في ما قرره المشرع في المادة ( 41 ) من قانون البينات وتعديلاته حيث نصت على : ( 1. الأحكام التي حازت الدرجة القطعية تكون حجة بما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه القرينة ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه القوة إلا في نزاع قام بين الخصوم انفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتعلق النزاع بالحق ذاته محلاً وسبباً.
- ويجوز للمحكمة أن تأخذ بهذه القرينة من تلقاء نفسها) .
- والجدير بالذكر أن هذا النص كان صريحا في التدليل على حجية الأمر المقضي فيه، بل اعتبره من قبيل القرينة القاطعة والتي لا يجوز إثبات عكسها، وقد عرفت المادة ( 1741 ) من مجلة الأحكام العدلية القرينة القاطعة بقولها : ( القرينة القاطعة هي الإمارة البالغة حد اليقين)، وبالتالي فقد جعل المشرع الحكم القضائي في امر ما حقيقة قضائية، ويترتب على ذلك أن ما قررته تلك الحقيقة القضائية هو قرينة قاطعة على الوجه الحقيقي للواقعة ولا يجوز إثبات خلاف ذلك. [6]
ثالثا: الشروط القانونية اللازمة لإعمال قاعدة حجية الأمر المقضي فيه
لم يترك المشرع الأردني تطبيق قاعدة حجية الأمر المقضي فيه لهوا القضاة أو الخصوم، بل نص في المادة (41) من قانون البينات السابق ذكرها على عدة شروط يجب أن تتوافر في الحكم القضائي لتثبت له حجية الأمر المقضي فيه، والتي تتمثل في وحدة الخصوم واتحاد المحل واتحاد السبب، بحيث إذا افتقد الحكم أحد الشروط الثلاثة لم يسبغ بصفة حجية الأمر المقضي فيه ضد المدعى ضده بهذا الحكم على التفصيل الآتي:
1– وحدة الخصوم: ويعني هذا الشرط أن الحكم القضائي لا يكون لحجيته أثر إلا بين الخصوم الذين تناولهم الحكم بالذكر ، وهو في ذلك لا يختلف عن العقد الذي لا يكون حجة إلا بين الأطراف الموقعة عليه، وبالتالي فيجب أن يكون المتمسك بحجية الأمر المقضي فيه خصما في الدعوى التي صدر فيها هذا الحكم ويتمسك بها في مواجهة خصم كان ممثلا في ذات الدعوى التي صدر فيها هذا الحكم، ويترتب على اختلاف أحد الأطراف ونقض شرط وحدة الخصوم عدم جواز التمسك بهذه الحجية في مواجهة الطرف الآخر حتى لو كان موضوع الدعوى لا يقبل التجزئة.[7]
- وتجدر الإشارة إلى أن المقصود بوحدة الخصوم هو وحدتهم بالنسبة لصفاتهم، وليس لشخصهم وهو ما يفهم مما قررته المادة ( 41 ) بقولها ( … الخصوم انفسهم دون أن تتغير صفاتهم ) فإذا كان أحد الخصوم ممثل في الدعوى بصفته وكيلا وليس أصيلا فإنه لا يجوز التمسك في مواجهته بحجية الأمر المقضي فيه إذا نازع في موضوع الدعوى بصفته أصيلا وليس وكيلا.
إلا أنه إذا اتحد الخصوم واختلفت الأشخاص فتبقى الحجية قائمة في مواجهة الأشخاص إذا كانوا خلفا عاما كورثة أحد الخصوم فإن الحكم الصادر في مواجهة مورثهم يكون حجة عليهم اذا كان متعلقا بالتركة وكذلك اذا كان خلفا خاصا لأحد الخصوم، كأن يكون مشتريا فهو خلف خاص للبائع مع اشتراط أن يكون الحكم قد صدر قبل نفاذ التصرف من البائع إلى المشتري فاذا كان الحكم قد صدر بعد نفاذ التصرف فلا مجال للقول بوحدة الخصوم.
2– اتحاد المحل : حتى يجوز التمسك بقاعد حجية الأمر المقضي فيه يجب أن يكون محل الدعويين واحدا فمحل الدعوى أي موضوعها الذي يطالب به المدعي سواء كان مصلحة أو مركز قانوني يرغب في تحقيقه أو حمايته، فيجب أن تكون الدعوى الثانية واردة على ذات محل الدعوى الأولى وذات طلباتها والتي سبق وفصل فيها بحكم قطعي.
- ومن الأمثلة على هذا الشرط الدعوى التي قد يرفعها المدعي بطلب قسمة عقار سبق قد صدر حكما قضائيا بعدم قابليته للقسمة، ففي هذه الحالة يكون موضوع الدعوى الثانية هو ذاته موضوع الدعوى الأولى ويتحقق بذلك الشرط الثاني للقاعدة وهو وحدة المحل.
ويرى البعض أن القاضي لكي يقف على مدى توافر شرط اتحاد المحل من عدمه يجب عليه الوقوف على طلبات المدعي في الدعوى الثانية، فإذا كان القضاء فيها قد يناقض الحكم السابق وجب إعمال قاعدة حجية الأمر المقضي فيه لاتحاد المحل إذا توافرت باقي الشروط . [8]
كما تجدر الإشارة إلى أن اتحاد المحل يظل قائما حتى لو غير المدعي في الدعوى الثانية طلباته بالنقصان أو الزيادة، كأن يطالب بتعويض قدره مليون دينار في الدعوى الأولى فتقضي المحكمة بعدم استحقاقه للتعويض، فيقيم دعوى أخرى يطالب فيها بمائلة الف دينار ففي هذه الحالة أيضا يبقى المحل واحدا كون موضوع المطالبة في كلا الدعويين واحد وهو التعويض مهما بلغت قيمته.
3- اتحاد السبب: ويقصد بالسبب في مجال الدعوى القضائية أي الواقعة القانونية التي نتج عنها موضوع الدعوى، أي الأساس القانوني الذي على إثره يطالب المدعي بدعواه.
فدعوى النفقة أساسها القانوني هو صلة القرابة ودعوى براءة الذمة أساسه القانوني انقضاء الدين، والسبب في المطالبة بالأجرة هو عقد الإيجار،[9] فيجب أن يكون السبب وفقا للمفهوم السابق واحدا في كلا الدعويين في الدعوى الأولى التي صدر فيها الحكم الحائز حجية المقضي فيه، والدعوى الثانية التي يتمسك فيها أحد الخصوم بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها، وبالتالي إذا اتحد السبب واتحد الموضوع مع وحدة الخصوم فإن الأركان الثلاثة لإعمال قاعدة حجية الأمر المقضي فيه تكون قد توافرت واصبح لزاما على المحكمة الامتناع عن نظر الدعوى الثانية لسابقة الفصل.
كما يترتب على ذلك أيضا أن اختلاف السبب في الدعوى الثانية عن الدعوى الأولى يمنع التمسك بهذه القاعدة حتى لو توافرت الشروط الأخرى، وعلى ذلك إذا أقام المدعي دعواه بطلب ملكية العقار بصفته وارث أي بسبب أنه أحد الورثة ورفضت المحكمة هذه الدعوى، فلا يجوز رفع دعوى أخرى على ذات السبب لكونها ستصطدم بقاعدة حجية الأمر المقضي فيه، إلا أنه إذا رفع المدعي دعواه الثانية لسبب أخر، كأن طلب الملكية تأسيسا على شراءه العين من المورث فهنا يكون السبب في الدعويين مختلف وبالتالي لا تطبق قاعدة حجية الأمر المقضي فيه. [10]
رابعا: الشروط التي وضعها الفقه القانوني لإعمال قاعدة حجية الأمر المقضي فيه
إضافة إلى تلك الشروط السابق ذكرها والتي نص عليها المشرع الأردني صراحة في المادة ( 41 ) من قانون البينات الأردني أضاف الفقه القانوني شروط أخرى يجب أن تتوافر لإعمال قاعدة حجية الأمر المقضي فيه والتي تتمثل في :
1– أن يكون الحكم المتمسك به حكما قضائيا : والحكم القضائي هو الحكم الصادر عن أحد الجهات القضائية المختصة والتي تتمتع بالولاية القضائية اللازمة لإصداره، وسواء كانت المحكمة مصدرة الحكم شرعية أو تجارية أو مدنية أو إدارية، وبغض النظر عن درجتها سواء كانت محكمة بداية أو محكمة استئناف، وكذلك المحاكم التي تشكل بموجب قوانين خاصة كمحاكم الجمارك والمحاكم العسكرية وغيرها، وحتى تثبت الحجية للحكم القضائي فيجب أن يكون صادرا من محكمة مختصة ولائيا بإصداره.
وبالتالي إذا كان الحكم المتمسك بحجيته صادرا عن محكمة إدارية في مسألة تختص بها المحاكم الشرعية، فلا يجوز التمسك بحجية المقضي فيه كونه صادرا من محكمة غير مختصة، إلا أنه واستثناء من ذلك فإن الحكم الصادر عن محكمة لا ولاية لها في إصداره وفقا للمثال السابق يبقى يتمتع بحجية المقضي فيه أمام ذات المحكمة الصادر منها والمحاكم التي تنتمي لذات الجهة القضائية، فالحكم الصادر من محكمة إدارية في مسألة لا تختص بها ولائيا لا يحوز حجية في مواجهة المحكمة المختصة ولائيا إلا أنه يحوز الحجية في مواجهة المحاكم الإدارية.
- والجدير بالذكر أن الأحكام الصادرة عن المحكمين والهيئات التحكيمية تتمتع بحجية الأمر المقضي فيه من وقت صدور حكم التحكيم، حيث نصت المادة ( 52 ) من قانون التحكيم الأردني على : ( تحوز أحكام المحكمين الصادرة طبقا لهذا القانون حجية الأمر المقضي به وتكون واجبة النفاذ بمراعاة الأحكام المنصوص عليها فيه).
أما بالنسبة للأحكام القضائية الأجنبية فلا تحوز حجية الأمر المقضي فيه إلا من تاريخ صدور قرار المحكمة المختصة بالمصادقة عليه وأكساءه الصيفة التنفيذية حيث نصت المادة ( 3 ) من قانون تنفيذ الأحكام الأجنبية على : ( يجوز تنفيذ الحكم الأجنبي في المملكة الأردنية الهاشمية بإقامة دعوى لتنفيذه أمام محكمة بدائية)
2- أن يكون الحكم المحتج به حكما قطعيا : والأحكام القطعية هي التي تفصل في موضوع الدعوى أو في جزء منه أو في أحد الدفوع المتعلقة به، ويكتسب الحكم القطعية بمجرد صدوره وتستنفذ المحكمة مصدراه ولايتها فيما فصلت فيه، وبالتالي فلا يجوز معاودة بحثه من قبلها مرة أخرى، أما الأحكام التمهيدية التي تصدر قبل الفصل في الموضوع أو في جزء منه كالحكم بإحالة الدعوى للتحقيق لسماع الشهود، أو الحكم بندب خبير فلا تعتبر من قبيل الأحكام القطعية كونها أحكام تحضيرية قصد منها الوصول إلى وجه الحق في الدعوى، كذلك لا تعتبر القرارات التي تصدر من المحكمة بصفة مؤقتة من القرارات القطعية مثل القرار الصادر بتعيين حارس قضائي أو بإجراء الحجز التحفظي.
3- أن تتوفر الحجية في منطوق الحكم: يتكون الحكم القضائي من ثلاثة أجزاء وهم الموضوع، وأسباب الحكم، وأخيرا منطوق الحكم والمنطوق هو العبارات النهائية التي تتضمن ما انتهيت إليه المحكمة في حكمها، ويكون في جمل مقتضبة ومجملة وقاطعة في دلالاتها.
ويجب حتى يمكن الاحتجاج بقاعد حجية الأمر المضي فيه أن تثبت تلك الحجية في منطوق الحكم نفسه وليس في أسباب الحكم، إلا إذا كان من الضروري الرجوع إلى الأسباب لبيان المقصود في منطوق الحكم، وذلك في الحالات التي تكون الأسباب مرتبطة ارتباطا جوهريا بالمنطوق، [11] والجدير بالذكر أن الحكم قد يفصل في بعض الوقائع بشكل ضمني دون النص عليها صراحة إلا أنها إذا كانت نتيجة حتمية لما قضي به فتصبح حجة ويجوز التمسك بها باعتبارها أمر مقضي فيه.
خامسا: بعض الاجتهادات القضائية فيما يتعلق بقاعدة حجية الأمر المقضي فيه
1- الحكم رقم 6741 لسنة 2022 – محكمة التمييز بصفتها الحقوقية الصادر بتاريخ 2023-03-08 حيث جاء فيه : ( وبما أن دعوى المميز الماثلة القائمة بين الخصوم ذاتهم تستند إلى ذات عقد الإيجار المبرم مع مورث المميز ضدهم والذي سبق وكان محلاً للنزاع بموجب القضية الصلحية الحقوقية رقم (526/2017) محكمة صلح حقوق شمال عمان والتي صدر فيها حكم مكتسب الدرجة القطعية وقد تضمن هذا الحكم أن عقد الإيجار المبرم فيما بين المميز وبين مورث المميز ضدهم قد انتهى بانتهاء مدته في 31/12/2016 وأن الأخير أصبح يشغل العقار منذ تاريخ 1/1/2017 بالاستناد إلى عقد إيجار جديد صحيح ونافذ قام بإبرامه مع مالكي العقار (باستثناء المميز) وعليه فإن شروط القضية المقضية المقررة بأحكام المادة (41) من قانون البينات وهي وحدة الخصوم والمحل والسبب متوافرة بالدعوى الماثلة.
وبما أن المحكمة الاستئنافية توصلت إلى النتيجة ذاتها فيكون قرارها من هذا الجانب واقعاً في محله ومتفقاً وأحكام القانون مما يقتضي رد هذين السببين).
2- الحكم رقم 7418 لسنة 2022 – محكمة التمييز بصفتها الحقوقي الصادر بتاريخ 2022-12-29 حيث جاء فيه : ( ونجد أن الفصل في أسباب التمييز يقتضي بيان فيما إذا كانت شروط إعادة المحاكمة للسبب الذي استند إليه المدعيان متوافرة في الدعوى أم لا على ضوء الإقرار العدلي المبرز رقم ( 4367/2021 تاريخ 2/۱۱/2021/ كاتب عدل الرمثا) ، وهل وجود هذا الإقرار يعتبر كتماناً له من قبل المدعى عليهم وبحوزة من كان هذا الإقرار استناداً إلى الفقرة الرابعة من المادة (۲۱۳) من قانون أصول المحاكمات المدنية التي أجازت طلب إعادة المحاكمة في الأحكام التي حازت قوة القضية المقضية إذا حصل الخصم بعد صدور الحكم على أوراق منتجة في الدعوى كان خصمه قد كتمها أو حمل الغير على كتمها أو حال دون تقديمها.
وإن إعادة المحاكمة تعتبر طريقاً غير عادي للطعن في الأحكام المكتسبة الدرجة القطعية ترفع إلى المحكمة ذاتها التي أصدرت الحكم ليس بقصد تجريح الحكم القضائي وإنما بقصد مراجعته فقط بناء على أسباب أوردها المشرع حصراً في القانون تستند جميعها إما إلى خطأ في الواقع أو خطأ في الإجراءات غير منسوب للمحكمة.
وإن جواز تقديم ذلك الطعن يعتبر استثناءً على مبدأ حجية الأمر المقضي به وبالتالي فلا يجوز التوسع في تفسيره أو القياس على الحالات التي أجازها المشرع لذلك، لأنه متى فصلت المحكمة في النزاع فلا يجوز لها إعادة النظر فيه إلا في حالات محددة بغية الرجوع إلى الحق والعدل وهو ما قررته المادتين (213 ، 214 ) من قانون أصول المحاكمات المدنية أن الشروط الشكلية والموضوعية لقبول طلب إعادة المحاكمة المستند إلى الحصول على أوراق جديدة منتجة في الدعوى هي:
- أن يكون الحكم المطعون فيه قد اكتسب الدرجة القطعية.
- أن يتقدم الخصم بطلب إعادة المحاكمة إلى المحكمة التي أصدرت الحكم لبحث تلك الأوراق خلال ثلاثين يوماً من اليوم التالي لظهورها.
- حصول طالب الإعادة على أوراق جديدة في الدعوى بعد صدور الحكم من شأنها تغيير وجه الحكم الصادر فيها فيما لو كانت قد قدمت أثناء نظر الدعوى بمعنى أن تكون من شأنها لو اطلع عليها القاضي قبل إصداره الحكم أن يغير تقديره بالنسبة لثبوت الوقائع ويشترط هنا أن تكون تلك الأوراق موجودة أصلاً قبل صدور الحكم في الدعوى.
٤. أن يكون الخصم قد كتم تلك الأوراق أو حمل الغير على كتمها أو حال دون تقديمها في الدعوى).
3- الحكم رقم 4952 لسنة 2022 – محكمة التمييز بصفتها الحقوقية الصادر بتاريخ 2022-12-29 حيث جاء فيه : ( ففي ذلك نجد أن الطلب الذي أوجبت المادة ( 109/1/ب ) من قانون أصول المحاكمات المدنية تقديمه في طلب مستقل هو الطلب المتعلق بوجود شرط أو اتفاق على تحكيم ونجد في الدعوى الماثلة أن أعمال التحكيم قد تمت بخصوص النزاع موضوع الدعوى بموجب الاتفاق على التحكيم بتاريخ 2/3/2019 بصدور قرار عن المحكمين المتفق على تعيينهم من أطراف الدعوى وأن المادة ( 52 ) من قانون التحكيم رقم 31 لسنة 2001 قد نصت على أنه : (تحوز أحكام المحكمين الصادرة طبقاً لهذا القانون حجية الأمر المقضي به وتكون واجبة النفاذ بمراعاة الأحكام المنصوص عليها فيه ).
وحيث إن اتفاق التحكيم تم التوقيع عليه من المدعي وارتضى به وأن المميز لم يتقدم بدعوى إبطال حكم التحكيم وانقضت المهلة المضروبة لهذه الغاية وهي ثلاثون يوماً وفقاً لما تقضي به المادة (50) من قانون التحكيم فإن حكم التحكيم يكون قد حاز قوة الأمر المقضي به وواجب النفاذ وفقاً لأحكام المادة ( 52 ) من القانون ذاته ( تمييز حقوق 6160/2019 تاريخ 31/12/2019) وحيث إن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها ولكون القضية مقضية من المسائل المتعلقة بالنظام العام والتي يجوز للمحكمة إثارتها من تلقاء نفسها في أي مرحلة من مراحل الدعوى وتحكم بها من تلقاء ذاتها عملاً بأحكام المادة 111 من قانون أصول المحاكمات المدنية والمادة 41 من قانون البينات فإن هذا السبب بالتالي لا يرد على القرار المميز ويتوجب رده .
وعن السببين الثاني والثالث حوض الرومية والتي تنازل فيها المدعى عليه رياض للمميز محمد استنابولي بموجب عقد البيع رقم 438/2019 تاريخ 5/2/2019 وحيث إن الدعوى موضوع الطعن متعلقة بإعادة طرح النزاع حول القيمة الحقيقية لقطعة الأرض والتي سبق الفصل فيها بحكم التحكيم والتي اكتسب الحكم فيها حجية الأمر المقضي به وفقاً لأحكام المادة 52 من قانون التحكيم ولا يجوز للمدعي معاودة طرح النزاع مرة أخرى لسبق الفصل فيها وفقاً لأحكام المادة (41) من قانون البينات وبالتالي عدم ورود هذين السببين على القرار المميز ووجوب ردهما ).
4- الحكم رقم 4876 لسنة 2022 – محكمة التمييز بصفتها الحقوقية الصادر بتاريخ 2022-12-29 حيث جاء فيه : (وعن السبب الأول ومفاده تخطئة محكمة الاستئناف بعدم رد دعوى المدعية كونها غير مسموعة من الناحية القانونية لسبق الفصل في موضوعها بموجب الدعوى البدائية الحقوقية رقم 646/2006 لدى محكمة بداية حقوق عمان والتي قضت محكمة الاستئناف بحكمها رقم 26152/2014 بفسخ القرار المستأنف فيما يتعلق بالحكم بالفائدة القانونية وعدم الحكم فيها وحيث إن الجهة المميز ضدها ارتضت بهذا القرار وأذعنت له ولم تطعن به تمييزاً فقد أصبح حكماً باتاً في مواجهتها خلافاً لما ذهبت إليه محكمة الاستئناف في حكمها .
ففي ذلك نجد أن الجهة المدعية تطالب في دعواها بالفائدة القانونية التي لم يحكم لها بها في الدعوى البدائية الحقوقية رقم 646/2006 لدى محكمة بداية حقوق عمان في مواجهة الجهة المدعى عليها والتي تم الطعن فيها استئنافاً و أعيدت مفسوخة من محكمة الاستئناف وسجلت لدى محكمة البداية تحت الرقم 1641/2013 مرة أخرى وتم الطعن في هذا الحكم استئنافاً لدى محكمة استئناف عمان حيث سجلت الدعوى لديها تحت الرقم 26152/2014 وأصدرت حكمها بتاريخ 10/2/2015 والمتضمن في حيثياته عدم الحكم بالفائدة القانونية وكذلك الحكم الاستئنافي رقم 28130/2016 والمتضمن في حيثياته عدم الحكم للمدعية بالفائدة القانونية ولم يرد ما يفيد بتقديم المدعية طعن تمييزي على الحكم الاستئنافي رقم 26152/2014 وأن الطعن التمييزي رقم 3451/2017 قد انصب على الحكم الاستئنافي رقم 28130/2016 وانصب طعن المدعية فيه على عدم تثبيت الحجز التحفظي ولما كان ذلك وكان يتوجب على محكمة الاستئناف وبما لها من صلاحية في ذلك بحث مدى توافر حجية الأمر المقضي به فيما يتعلق بمطالبة الجهة المدعية بالفائدة القانونية في الدعوى الأصلية بعدم الطعن تمييزاً فيما يتعلق برد المطالبة بالفائدة القانونية وارتضائها بهذا الحكم وصيرورته باتاً في مواجهتها وباعتبار أن حجية الأمر المقضي به هو من مسائل النظام العام التي تثيرها المحكمة من تلقاء نفسها فإن معالجتها لهذا السبب قد جاء مشوباً بقصور في التعليل والتسبيب ومخالفاً للقانون ويتوجب نقضه من هذه الناحية لورود هذا السبب عليه).
5– الحكم رقم 1442 لسنة 2023 – استئناف عمان الصادر بتاريخ 2023-01-24 حيث جاء فيه : ( وقد تأيد ذلك القرار من محكمة استئناف عمان بموجب قرارها رقم 8203/2017 تاريخ 12/12/2017 كما تأيد قرار محكمة الاستئناف من محكمة التمييز الموقرة بموجب قرارها رقم 1481/2018 وبذلك فقد اكتسب هذا الحكم الدرجة القطعية وأصبح عنوان الحقيقة .
وأن محكمتنا وبالرجوع إلى مطالبة المدعي في هذه الدعوى تجد أنها جاءت مستندة إلى ذات عقد الاستثمار الذي سبق وأن تم فسخه قضائياً بين الطرفين والمكتسب الدرجة القطعية .
وحيث تجد محكمتنا أن شروط القضية المقضية متوافرة من حيث وحدة الخصوم ومن حيث اتحاد المحل والسبب وصدور حكم قضائي مكتسب الدرجة القطعية بالإضافة إلى تقديم طلب موافق للقانون والأصول ولأحكام المادتين ( 59 و 60 ) من قانون أصول المحاكمات المدنية الأمر الذي يمتنع معه على المحكمة وبتوافر شروط القضية المقضية إعادة بحث النزاع مجدداً وان كان المدعي في هذه الدعوى وفي استئنافه يذهب إلى القول المجرد بالاستناد إلى أسباب أخرى إذ أن العبرة هو بما تؤسس عليه الدعوى وليس على أسباب يدعيها ومحكمتنا تجد أن أساس الدعوى هو عقد الاستثمار الذي تقرر فسخه بل وتم الحكم بإخلاء العقار وتسليمه خالياً من الشواغل بالإضافة إلى تغريمه قيمة الشرط الجزائي مما ينتفي معه بعد ذلك وجود أي حق للمدعي يدعيه ويمنع معه معاودة البحث مجدداً في نزاع تم تحسمه بحكم مكتسب الدرجة القطعية وحيث أن محكمة الدرجة الأولى توصلت بقرارها إلى ذات النتيجة فإن محكمتنا تؤيدها في ذلك وتغدو معه أسباب الاستئناف مستوجبة الرد فنقرر ردها).
إعداد: محمد إسماعيل حنفي
[1] عبدالمنعم الشرقاوي ، عبدالباسط جميعي، شرح قانون المرافعات، دار الفكر العربي، القاهرة، ص 533
[2] احمد أبو الوفا التعليق على نصوص قانون المرافعات، منشاة المعارف ، الإسكندرية، ط1، 1963 ، ص 748
[3] حفيظة السيد الحديد، النظرية العامة في القانون القضائي الخاص الدولي، الكتاب الثاني، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت ط1 ، 2004 ، ص 416
[4] عكاشة محمد عبدالعال ، الإجراءات المدنية والتجاري الدولية، الدار الجامعية، بيروت، 1986 ، ص 306
[5] الطرابلسي الحنفي ، معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام، مطبعة مصطفى البابي الحلبي ، القاهرة، 1973 ، ص30
[6] مفلح القضاة، البينات في المواد المدنية والتجارية، دراسة مقارنة، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2007، ص265 .
[7] طارق عبد الرؤوف رزق، التعليق على نصوص قانون الإثبات الكويتي، دار النهضة العربية ، 2005 ص 274
[8] السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، ج2، منشورات الحلبي ، بيروت ، 2000 ، ص 217
[9] عباس العبودي، ،شرح أحكام قانون البينات، دراسة مقارنة، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2007، ص 182
[10] السنهوري ، مصدر سابق ، ص 700
[11] السنهوري، مرجع سابق ، 666