القضية بدون شهود
إن أساس نجاح أي دعوى قضائية يعتمد على وسائل الإثبات المقدمة فيها، فالقضاء لم يكن شاهداً على الخلاف موضوع الدعوى وأن حصل وكان شاهداً فهو غير صالح لنظر الدعوى، ولكي يكون شاهداً في الدعوى لا بد من أن تنظر من قبل قاضي أخر، فليس لهُ أن يحكم حسب علمه الشخصي، فحكم القاضي المستند إلى علمه الشخصي يتنافى مع مبدأ حيادة القضاء ونزاهته.
جدول المحتويات
دور القاضي في التعامل مع وسائل الإثبات المدنية
وسائل الإثبات في القانون الأردني
الشهادة وسيلة من وسائل إثبات الحق في الدعاوى القضائية
دور الشهادة في الدعاوى الجزائية
طلب الإثبات بالشهادة في الدعاوى الجزائية
الدعوى الجزائية الخالية من الشهود
دور القضاء في التعامل مع وسائل الإثبات الجزائية
دور القاضي في التعامل مع وسائل الإثبات المدنية
هي النظر في الدعوى المرفوعة أمامه والتدقيق والتأكد من صحة وسائل الإثبات المقدمة ومدى جواز قبولها كدليل في الدعوى من عدمه، وإصدار الأحكام بناءً على ما يقدمه ويثبته الخصوم في الدعوى، ولا يجوز للقاضي أن ينبي حكمه على دليل يستمده بنفسه دون قيام الخصوم بتقديمه، ولا أن يستند إلى دليل مقدم في دعوى مشابها، فإثبات الدعوى يعتمد على وسائل الإثبات المقدمة فيها، فما هي وسائل الأثبات في القانون الأردني؟
وسائل الإثبات في القانون الأردني
قد بين قانون البينات الأردني طرق الإثبات التي يمكن لأطراف الدعوى تقديمها لإثبات صحة ادعائهم، فطرق الإثبات في الدعاوى المدنية والتجارية محددة وهي الكتابة، شهادة الشهود، الإقرار، القرائن، اليمين، المعاينة والخبرة، وفي الدعاوى الجزائية أخذ المشرع بمبدأ الإثبات الحر، أي الإثبات بجميع الطرق والوسائل الجائزة قانوناً، وللقاضي الحُكم حسب قناعته الشخصية، فالأحكام الجزائية تُبنى على الجزم واليقين وليس على الشك والتخمين، ولذلك يمكن إثباتها بجميع طرق الإثبات.
أهمية وسائل الإثبات في الدعوى
لكل وسيلة من وسائل الإثبات أهمية تختلف عن غيرها حسب نوع الدعوى وموضوعها، ففي الدعوى المدنية والتجارية الكتابة وسيلة إثبات مهمة جداً تُقدم على غيرها من الوسائل، وفي الدعوى الجزائية تبرز أهمية الشهادة كدليل في الدعوى خصوصاً في جرائم معينة دون غيرها سواءً في الإثبات أو النفي وسنتحدث في هذا المقال عن الدعوى الخالية من البينة الشخصية، أي الدعوى التي تقدم إلى القضاء دون إثباتها بشهادة الشهود، بشقيها المدني والجزائي، فما المقصود بالشهادة كطريق من طُرق الإثبات.
الشهادة وسيلة من وسائل إثبات الحق في الدعاوى القضائية
هو إخبار الإنسان في مجلس القضاء بحقّ لشخص على آخر حسبما سمعه أو رآه وذلك بعد حلفه اليمين بأن يشهد بواقع الحال دون زيادة أو نقصان ويدون ذلك في المحضر، والشهادة من الأدلة الشفوية التي تودي أمام القاضي، إلا إذا كان الشاهد أبكم أو أصم فتودى الشهادة عن طريق الكتابة وإذا كان لا يستطيع الكتابة تودي عن طريق لغة الإشارة بحضور مترجم قانوني محلف.
وإذا كان لا يستطيع الحضور للمحكمة لمرض أصابه فينتقل قاضي الموضوع إلى مكان إقامته لسماع شهادته، وفي حال امتناع أي شاهد عن الحضور إلى المحكمة تأمر المحكمة بإحضاره بموجب مذكرة إحضار، وفي حال امتناعه عن أداء الشهادة يعرض نفس للعقوبة.
للشهادة قواعد وشروط تم الحديث عنها في مقال آخر عنوانه الشهادة، بالإضافة إلى مقالات بعنوان استجواب الشاهد، الإثبات، البينات، شهادة الزور، يمكن الاطلاع عليها للحصول على المزيد من المعلومات.
دور الشهادة في الدعاوى الجزائية
إن موضوع الشهادة واقعة ذات أهمية، وتستمد هذه الواقعة أهميتها من حيث دلالتها على وقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم، فقد يرى الشاهد مرتكب الجريمة وهو يرتكب الجريمة بأم عينه كأن يشاهده يطعن المجني عليه، أو يقوم بسرقته أو الاعتداء عليه، وهنا تكون شهادته بشكل مباشر، أما إذا شهد بما سمعه تكون شهادته بشكل غير مباشر ، والشهادة على السمع لا تكون مقبولة إلا في حالات الوفاة ، والنسب ، والوقف الصحيح الموقوف لجهة خيرية منذ مدة طويلة ، والأخذ بشهادة الشهود ليس أمر وجوبي على المحكمة التقيد به، بل للمحكمة أن تقوم بوزن هذه الشهادات وقد لا تأخذ بها ، وقد تأخذ ببعضها دون البعض الأخر حسبما تطمئن وتقنع به .
طلب الإثبات بالشهادة في الدعاوى الجزائية
الأصل أن طلب الإثبات بالشهادة يقدم من الخصوم، إلا أن المشرع الأردني أجاز للقضاء الجزائي سلطة استدعاء الشهود من تلقاء نفسه، وذلك على عكس القضاء المدني الذي لا ينظر إلا بالبينات المقدمة في الدعوى، فإذا لم يكن من ضمن البينات البينة الشخصية أُعتبر عاجز عن إثبات دعواه بالشهادة، إلا أنه في الدعاوى الجزائية وأن كان أحد الخصوم قد عجز أو غفل عن تقديم شهود في الدعوى، فللمحكمة في حال رأت ضرورة الاستماع لشهادة أحدهم استدعائه لسماع أقواله وذلك في معرض الإثبات أو النفي.
المادة (162/2) من قانون أصول المحاكمات الجزائية
( للمحكمة أن تأمر ولو من تلقاء نفسها أثناء نظر الدعوى وفي أي دور من أدوار المحاكمة فيها بتقديم أي دليل، وبدعوة أي شاهد لازم لظهور الحقيقة).
الدعوى الجزائية الخالية من الشهود
وعليه لا تقلق من أمر عدم وجود شهود في الدعوى الجزائية، فقد يُستدعى أحد الأشخاص للشهادة من قبل المحكمة ويتضح أن شهادته مهمة في الدعوى، وحتى وإن خلت الدعوى من الشهود فوسائل الإثبات الجزائية كثيرة وغير مقيدة، ومنها الخبرة، الأدلة الخطية، الضبوط، الأدلة الحديثة وهي تقارير المعامل الجنائية، وفحص البصمات وعينات الدم والبول، تقارير الأطباء الشرعيين، وغيرها من الأدلة.
دور القضاء في التعامل مع وسائل الإثبات الجزائية
إن مهمة القضاء الجزائي أن يسعى لإظهار الحقيقية بالبحث في جميع وسائل الأثبات، لكي يطمئن أنه يُصدر أحكامه بناءً على اليقين الذي توصل إليه وارتاح له ضميره ، ولكي يطمئن الخصوم في الدعوى والمجتمع إلى عدالة القضاء وخصوصاً أن الدعاوى الجزائية على درجة عالية من الحساسية ، حيثُ إنها تمس حرية وحياة الأشخاص ، فإن القضاء الجزائي من مدعي عام ونيابة عامة ومجلس القضاء مكلفين بالبحث وطلب الوسائل التي تبين الحقيقة .
طلب الإثبات بالشهادة في الدعاوى المدنية
كما ذكرنا سابقاً أن قائمة البينات تقدم مع لائحة الدعوى عند تسجيل الدعوى لدى قلم المحكمة، لذلك يتوجب عليك عند عزمك على رفع الدعوى المدنية أن تقدم البينة الشخصية ضمن قائمة البينات في ملف الدعوى فتذكر أسماء الشهود الذي ترغب بأن تسمع المحكمة لشهادتهم والوقائع التي ترغب بإثباتها بالشهادة، وفي حال عدم ذكرك للبينة الشخصية ضمن قائمة البينات تعتبر غير راغب باستخدام الشهادة كوسيلة للإثبات.
الدعوى المدنية الخالية من الشهود
إذا لم يقدم بالدعوى شهود كوسيلة لإثبات الحق المدعى به، فيمكن الاستناد إلى وسائل الإثبات الأخرى، ففي حال وجود البينة الخطية تغني عن وجود الشهود في الدعوى خصوصاً الأدلة الكتابية الرسمية فتعتبر حجة على الناس كافة بما دون فيها من أفعال مادية قام بها الموظف العام في حدود اختصاصه، أو وقعت من ذوي الشأن وفي حضوره ما لم يتبين تزويرها بالطرق القانونية، أيضاُ الإقرار وسيلة إثبات تغني عن الشهادة، والإقرار في غير مجلس الحكم لا يمكن إثباته بالشهادة.
خلو الدعوى من أي وسيلة إثبات بما فيها الشهادة
تبقى وسيلة أخيرة للإثبات وهي توجيه اليمين الحاسمة، وهي التي يوجهها أحد المتداعين لخصمه ليحسم بها النزاع، وللمحكمة من تلقاء نفسها أن تفهم الخصم العاجز عن إثبات دعواه أن من حقه توجيه اليمين الحاسمة، وهي لا توجه إلا بطلب من الخصم وبقرار من المحكمة إلا في حالات حددها القانون في المادة ( 54/2) ، ويجوز توجيه اليمين الحاسمة في أي حال كانت عليه الدعوى في كل نزاع بشرط ألا تكون الواقعة موضوع اليمين ممنوعة بالقانون أو مخالفة للنظام العام والآداب العامة ، على عكس اليمين المتممة التي من الممكن للمحكمة أن توجهها من تلقاء نفسها ، بشرط أن لا يكون في الدعوى دليل كامل ، أو أن تكون الدعوى خالية من كل دليل .
مناقشة شهود خصم قد تكون وسيلة إثبات لدعواك
لا بد من الإشارة إلى أنه في حال عدم تقديمك شهود لإثبات ادعائك فمن الممكن أن تستخلص من مناقشة شهود الخصم دليل لإثبات ادعائك ، فمناقشة الشهود تحتاج إلى مهارة وفن في طرح الأسئلة على شهود الطرف الآخر ، فمن خلال الأسئلة التي تحتوي على الفطنة والذكاء والدقة في الواقعة موضوع الشهادة قد تحصل على إجابة من الشاهد لصالحك .