جريمة الغش في العيارات والمكاييل
ما هو المقصود بالغش؟
هو إظهار الشيء على غير حقيقته ، وهو نوع من الخداع المقرون بسوء النية بقصد الإضرار بالأخرين، فالغش سلوك غير مشروع يعاقب عليه القانون، وتختلف عقوبة الغش باختلاف طبيعة الموضوع الذي يستخدم فيه الجاني أساليب الغش، غير أن الغش ينطوي بشكل عام تحت عنوان الغش في المعاملات، وهي جرائم نص عليها قانون العقوبات الأردني، وهي جريمة الغش في العيارات والمكاييل غير القانونية أو المغشوشة، وجريمة الغش في نوع البضاعة، وجريمة عرقلة حُرية البيوع بالمزايدة، والمضاربات غير المشروعة، وسنتناول في هذا المقال جريمة الغش في العيارات والمكاييل.
ماهية جريمة الغش في العيارات والمكاييل
هي إحدى جرائم الغش التي جرمها المشرع في قانون العقوبات الأردني في المواد (428) إلى (432)، وهي جريمة يتعمد فيها الجاني إظهار كمية الشيء المصرح به على غير حقيقته عن طريق الخداع أو التزييف أو التدليس وبطريقة مخالفة للقانون أو الأعراف المهنية والتجارية.
أركان جريمة الغش في الغيارات والمكاييل
كأي جريمة لا بد من توافر أركان المسؤولية الجنائية حتى يسأل الفاعل عن فعله المجرم، وهذه الأركان
الركن القانوني: – وهو الركن الشرعي الذي يقضي بوجود نص قانوني يجرم الفعل المرتكب، وهذا ما نص عليه قانون العقوبات الأردني في المواد (428) إلى (432).
الركن المادي: – المتمثل بالسلوك الجرمي الذي يتمثل بقيام الجاني ( البائع ) بفعل من أفعال الغش تجاه المشتري أي ان يقوم البائع بخداع المشتري، ولا يكفي الخداع “الغش” وحدة لنهوض الركن المادي لهذه الجريمة، بل لابد ان يكون محل الغش أحد الصور التي حددها المشرع في المواد (430،431،433) من قانون العقوبات ، وصور الغش في العيارات والمكاييل وهي:
الصورة الأولى: – حيازة أو استعمال عيارات ومكاييل غير قانونية.
وهذه الصورة نصت عليها المادة (428) من قانون العقوبات الأردني، حيث جرمت كل من استعمل أو تواجد في مخزنه أو في عربات البيع أو غيرها من الأماكن المعدة للتجارة، عيارات أو مكاييل من عدد الوزن والكيل تختلف في مواصفاتها عن العيارات والمكاييل المعينة في القانون.
الصورة الثانية: – اقتناء عيارات أو مكاييل مغشوشة.
نصت المادة (429) من ذات القانون، أن على مجرد اقتناء عيارات أو مكاييل مغشوشة هو جريمة من جرائم الغش المعاقب عليها في القانون، فكل من وجد لديه العيارات أو المكاييل المغشوشة سواءً في مخزنه، أو دكانه، أو عربات البيع ،أو أي أماكن معدة للتجارة يعد مرتكب جريمة.
الصورة الثالثة: – استعمال عيارات أو مكاييل مغشوشة
نصت عليها المادة (430) من قانون العقوبات الأردني، وهي أن يستعمل الجاني عيارات، أو مكاييل، أو عِدد وزن ،أو كيل مغشوشة ،أو غير مضبوطة وهو يعلم بأمرها، بقصد إظهار كمية الشيء على غير حقيقته، في مواجهة المتعاقد الأخر.
الصورة الرابعة: – الغش في المكاييل
نصت عليها المادة (431) من ذات القانون، هو أن يغش الجاني بكمية الشيء المُسلم أو ماهيته، ويقصد بماهية الشيء طبيعته أو حقيقته، وأن تكون ماهية الشيء هي الدافع على التعاقد.
الركن المعنوي للجريمة: – يتمثل هذا الركن بالعلم والإرادة في ارتكاب الفعل الجرمي، أي معرفة الجاني بحقيقة الواقعة الجرمية التي تتجه إرادته الى تحقيقها. فيجب أن يكون الجاني عالماً بفعل الغش ويريد تحقيقه، كأن يقوم بفعل الغش الجرمي عن معرفة أو أن يكون الغش هو السبب الدافع للصفقة.
فجريمة الغش في العيارات والمكاييل من الجرائم القصدية التي لا يتصور نهوضها عن طريق الخطأ، وقد عبر المشرع عن القصد بالنية والتي عرفها المشرع في المادة (63) من قانون العقوبات على انهها إرادة ارتكاب الجريمة على ما عرفها القانون، والتي تتطلب العلم والإرادة
عقوبة جريمة الغش في العيارات والمكاييل
تختلف العقوبة باختلاف الصورة التي تم من خلالها الغش في العيارات والمكاييل.
1_ يعاقب كل من استعمل أو تواجد في مخزنه أو في عربات البيع أو غيرها من الأماكن المعدة للتجارة، عيارات أو مكاييل من عدد الوزن والكيل تختلف في مواصفاتها عن العيارات والمكاييل المعينة في القانون بالحبس حتى أسبوع وبالغرامة حتى خمسة دنانير أو بإحدى هاتين العقوبتين، سنداً لنص المادة (428)
2_ يعاقب كل من اقتنى عيارات أو مكاييل مغشوشة، بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر أو بغرامة حتى عشرة دنانير، سنداً لنص المادة (429).
3_ يعاقب كل من استعمل عيارات أو مكاييل مغشوشة، بالحبس من ثلاثة أشهر الى سنتين وبالغرامة من عشرة دنانير الى خمسين دينارا، سنداً لنص المادة (430).
4_ يعاقب كل من غش في كمية الشيء المسلم أو ماهيته، إذا كانت هذه الماهية هي السبب الدافع للصفقة، يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر الى سنة وبالغرامة من عشرة دنانير الى خمسين دينارا أو بإحدى هاتين العقوبتين.
مصادرة العيارات والمكاييل المغشوشة
تصادر العيارات والمكاييل وعدد الوزن والكيل المغشوشة أو التي تختلف عن العيارات والمكاييل المعينة في القانون وفقاً لأحكام المادة (31) من ذات القانون، وذلك سنداً لنص المادة (432) من قانون العقوبات الأردني.
حيث جاء بنص المادة (31) :-(يصادر من الأشياء ما كان صنعه، أو اقتناؤه، أو بيعه، أو استعماله غير مشروع وان لم يكن ملكا للمتهم أو لم تفض الملاحقة الى حكم.)
النصوص المتعلقة بجريمة الغش في العيارات والمكاييل
قانون العقوبات الأردني وتعديلاته
المادة (428): –
كل من استعمل أو اقتنى في مخزنه أو دكانه أو في عربات البيع أو غيرها من الأماكن المعدة للتجارة عيارات أو مكاييل أو غيرها من عدد الوزن والكيل تختلف عن العيارات والمكاييل المعينة في القانون أو غير موسومة، يعاقب بالحبس حتى أسبوع وبالغرامة حتى خمسة دنانير أو بإحدى هاتين العقوبتين.
المادة (429): –
كل من اقتنى في الأماكن المذكورة أعلاه عيارات، أو مكاييل، أو عدد وزن ،أو كيل مغشوشة ،أو غير مضبوطة، يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر أو بغرامة حتى عشرة دنانير.
المادة (430): –
كل من أقدم باستعماله عيارات، أو مكاييل، أو عدد وزن ،أو كيل مغشوشة ،أو غير مضبوطة – وهو عالم بها – على غش العاقد في كمية الشيء المسلم يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر الى سنتين وبالغرامة من عشرة دنانير الى خمسين دينارا.
المادة (431): –
كل من غش آخر سواء في كمية الشيء المسلم أو ماهيته إذا كانت هذه الماهية هي السبب الدافع للصفقة يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر الى سنة وبالغرامة من عشرة دنانير الى خمسين دينارا أو بإحدى هاتين العقوبتين.
المادة (432): –
تصادر وفقا لأحكام المادة (31) العيارات والمكاييل وعدد الوزن والكيل المغشوشة أو التي تختلف عن العيارات والمكاييل المعنية في القانون.
بعض القرارات المتعلقة بجريمة الغش في العيارات والمكاييل
1_ الحكم رقم 149 لسنة 2020 – صلح جزاء غرب عمان (جريمة الغش في العيارات والمكاييل لا تتم إلا في معاملات البيع).
جــــــرم: الغش بالمبيع خلافا لأحكام المادة 430 من قانون العقوبات.
بتطبيق أحكام القانون على الوقائع الثابتة تجد المحكمة
تجد المحكمة ان الاتفاق بين المشتكي والمشتكى عليه بصفته صاحب مركز لصيانة السيارات (صيانة سيارات الهايبرد) يتمثل في عقد صيانة ، وليس بيع ، حيث قام المشتكي بالتوجه الى مركز المشتكى عليه لغايات إصلاح مركبته نوع فورد واتفق حسب الإعلان المنشور في الفيس بوك بمبلغ (650) دينار ولدى انزال المشتكى عليه للجير اخبر المشتكى عليه المشتكي بان المبلغ سوف يزيد عن الإعلان المنشور بمبلغ 200 دينار (زيادة) الا ان المشتكي عندها اتفق مع المشتكى عليه على تبديل الجير القديم بجير أخر جديد وان لا يتم استبداله الا بحضور المشتكي وقام المشتكي بدفع مبلغ 500 دينار من اصل مبلغ 1000 دينار ، الا ان المشتكي علم من خلال الموظفين الذين يعملون لدى المشتكى عليه انه تم إصلاح الجير ولم يتم استبداله باخر وتم الاتفاق أيضا بين المشتكي والمشتكى عله ان يقوم المشتكى عليه بإعطائه مبلغ 800 ينار لقاء إعطاء المشتكي الجير القديم للمشتكى عليه .
وعليه تجد المحكمة ان فعل المشتكى عليه لا يرقَ لأن يشكل جرم الغش بالمبيع أو استعمال عيارات أو مكاييل أو عدد وزن أو كيل مغشوشة أو غير مضبوطة – وهو عالم بها – على غش العاقد في كمية الشيء المسلم للمشتكي ، وما يؤكد حيثيات أن النزاع مدني على ضوء ما ورد في شهادة المشتكي وأقوال المشتكى عليه الشرطية ، وإن ما حصل هو خلاف مدني بحت ، و طالما خلصت محكمتنا إلى أن النزاع نزاعاً مدنياً وحيث ان لا جريمة ولا عقوبة الا بنص وان وجد أخلال فهو بالتزام تعاقدي ، وان القانون قد رسم طريقا قانونيا لاقتضاء الحق المدني ، ولعدم توافر اي ركن من أركان جرم الغش بالمبيع، الأمر الذي يستوجب إعلان عدم مسؤولية المشتكى عليه عن هذا الجرم.
2_ رقــــم الــــقــــرار 9793/2017 _ صادر عن محكمة صلح جزاء شمال عمان
جـــرم:
- الغش بطريقة استعمال عيارات ومكاييل مغشوشة وغير مضبوطة مع العلم خلافا لأحكام المادة (430) من قانون العقوبات.
وبإنزال حكم القانون على وقائع هذه القضية تجد المحكمة بالنسبة لجرم الغش في بطريقة استعمال عيارات ومكاييل مغشوشة والمسند للمشتكى عليه فتجد المحكمة انه ولكي تنهض مسؤولية المشتكى عليه عن الجرم المسند اليه فلا بد توافر الأركان التالية:
- 1. الركن المادي: المتمثل بفعل إيجابي صادرة عن الجاني من حيث قيامه بالتلاعب بمعايير ماكينة تعبئة الوقود وما ينجم عن ذلك من ضرر حال أو محتمل بالمجني عليه من جراء قيام الجاني بفعله المشار إليه.
- 2. الركن المعنوي: ويتمثل بعنصري العلم والإرادة، بمعنى ان يكون الجاني عالما بأن الفعل المرتكب من قبله يشكل جرم مع اتجاه أرادته للقيام بالفعل المشار إليه والنتيجة المترتبة عليه.
وبأطباق الأركان سالفة الذكر على ما قام به المشتكى عليه من أفعال تجد المحكمة ان ما قام به المشتكى عليه من أفعال والمتمثلة بالتلاعب بعدادات الوقود أثناء تعبئة الوقود (البنزين) مع اتجاه أرادته للقيام بهذا الفعل أنما يشكل سائر اركان وعناصر الجرم المسند إليه أنما يشكل سائر اركان وعناصر الجرم المسند اليه.
لهذا وتأسيساً على ما تقـدم تقـرر المحكمة:
- عملا بأحكام المادة (177) من قانون أصول المحاكمات الجزائية إدانة المشتكى عليه الغش بطريقة استعمال عيارات ومكاييل مغشوشة وغير مضبوطة مع العلم خلافا لأحكام المادة (430) من قانون العقوبات والحكم عليه عملا بأحكام ذات المادة بالحبس مدة ثلاثة اشهر والرسوم والغرامة عشرة دنانير والرسوم، ونظرا لأسقاط المشتكي حقه الشخصي وحالة المشتكى عليه الصحية الأمر الذي تعتبره المحكمة سبباً مخففاً تقديرياً وعملا بأحكام المادة (100) من قانون العقوبات تقرر المحكمة تخفيض العقوبة المحكوم بها على المشتكى عليه لتصبح العقوبة واجبة النفاذ بحقه هي الحبس مدة أسبوع واحد والرسوم والغرامة خمسة دنانير والرسوم.
إعداد المحامية: – ليلى خالد