سبع صفات لتصبح محاميا مشهورا
إن أسرع طريقة لتصبح محامي مشهور، هو أن يكون لديك عملاء مشهورين، أو لديك قضايا ذات شهرة، ومن فوائد الشهرة المنافع المالية المرتفعة التي يحصل عليها المحامي نظرا لزيادة الطلب على خدماته، وللوصول الى الشهرة لا بد من مواهب ومقومات يجب أن يمتلكها المحامي ليصبح مشهور وهو ما سنبينه هنا.
أولا: تقديم في مهنة المحاماة
المحاماة في تجردها عن القيود تسمو إلى أرفع منزلة بدون أن تفقد شيئا من حريتها، وهي كالفضيلة في ترفعها عن التبرج، تستطيع أن تجعل المرء نبيلا بغير ولادة، غنيا بلا مال، رفيعا من غير حاجة إلى لقب، سعيدا بغير ثروة.
إن المحاماة هي رسالة للحق والمساواة، وهي مركز التدريب الأول وميدان الكفاح الأسمى، وكل مساس بها أو تهوين من شانها يمثل تخلفا حضاريا وتنكرا لحقوق الإنسان والأوطان.
فالمحامي شفيع لمن ساء حظه، نصير لمن طلب حقه، لذلك تكن الشعوب للمحاماة عظيم الاحترام وتقر لها بجليل الفضل منذ تعرفت عليها ونالت حمايتها.
فعند الرومان كان للمحاماة شان عظيم وضنوا بها على من ليس أهلا لها وحرسوا حقلها من أن يكون مرتعا للشاردين والواردين واشترطوا لشرف الانتساب إليها أصعب الشروط وأنبل الصفات حتى ليقول أحد أباطرة الرومان في تمجيد المحاماة، إن شرف الذي يقف للدفاع عن الخصوم لا يقل عن شرف الذي يجلس للفصل بينهم ([1]).
فالمحاماة هي الأمينة على العدالة وهي طاقة النور في مواجهة الظلمة وهي الزاد المعنوي في الطريق الطويل والمرقى الصعب لتخطي العقبات الكؤود.
ثانيا: الصفات الواجب توافرها في المحامي المشهور
إن الكثير من المحامين قد جبلوا على المرافعة بالفطرة والموهبة الطبيعية التي حباها الله لهم، ولكن ينبغي للمحامي من الطراز المترافع أن يقوم بتدريب نفسه بين الحين والحين وانتقاء بعض العبارات الجميلة والتفاظ ما يبدوا له مفيدا في مرافعاته ويعتمد في ذلك على مجهوداته الذاتية ([2]).
لذلك فالمحامي يجب أن تتوافر فيه صفات كي يكون ناجحا ومشهورا وهي:
الأولى: المعرفة القانونية
الوعي والمعرفة القانونية العميقة سمة مشتركة بين كافة المحامين المشهورين، وهذه المعرفة لا تقتصر على المستوى العادي إنما لا بد من الارتقاء بها إلى مستوى متميز عن المحامين الآخرين. فالمحامون المشهورون يأخذون الوعي الذاتي إلى مستوى جديد تمامًا، فيقوم المحامي بتقييم كافة نقاط القوة والخبرة في صندوق الأدوات الخاص به لفهم الكيفية التي ستساعده بها هذه المهارات على أفضل وجه لتحقيق أهدافه، فالمحامي ليصبح مشهور لا بد أن يعرف كيف يقدم الأولويات ويعرف كيف يتجاوز العقبات اليومية ببساطة.
الثانية: صفة الالتزام المهني
سمة أخرى يتقاسمها المحامون المشهورون هي مستوى التزامهم بوظائفهم وبتحقيق تطلعات عملائهم، فالشهرة يجب أن تقترن بالنجاح وكم من محامي مشهور ولكن ليس ناجح.
الثالثة: المقدرة على الإقناع
فيجب أن يكون لدى المحامي القدرة على إقناع الآخرين بوجهة نظره، ذلك أنه إن لم يكن تتوافر فيه هذه الصفة فلن يستطيع إقناع القاضي بوجهة نظره أثناء دفاعه عن موكله.
هذا ومن وجهة نظرنا أن تلك الصفة لا تأتي من فراغ وإنما هي نتيجة تراكم معلومات لديه وخبرات قانونية يستطيع من خلالها إقناع القاضي أو غيره بوجهة نظره، وأن يكون له تأثير إيجابي عليهم بما يعود على موكله أو مصلحته بالفائدة.
“فالمحامي البارع ينبغي أن يكون في وسعه الإيحاء للقاضي بالحجج الكفيلة بكسب القضية وأن يكون هذا الإيحاء من المهارة والكياسة بحيث يشعر القاضي أن هذه الحجج هي التي يؤمن بها وأن ينسى دور المحامي في تصديرها إليه”([3]).
الرابعة: صفة الجرأة والشجاعة
من أكثر الصفات أهمية في المحامي المشهور أن يكون جريء وشجاع، فيجب على من يرغب بالشهرة أن يبتعد عن التردد والخجل، وأن يتخذ مواقف ثابتة ومحددة بشأن قضاياه العادلة.
الخامسة: صفة التميز
لكي تكون محامي مشهور فيجب أن لا تكون مقلدا، لا في وجهات نظرك ولا حتى سلوكك وكذلك لا تقلد في كتاباتك القانونية، فلكي تشتهر يجب ان تتميز، وأن يكون لك بصمة واضحة ورأي مختلف تدافع عنه.
السادسة: القدرة على الكتابة والتعبير
فطبيعة عمل المحامي تحتم عليه أن يكون لبقا في كتاباته ومتمرسا بها بما يؤدي إلى حسن أداءه عمله، ذلك أن المحامي إن لم يكن لديه القدرة على التعبير عن إشكالية موكله فلن يستطيع تقديم الحلول لها.
فيجب أن يكون المحامي ملما بقواعد اللغة العربية ومتمكنا من مرادفاتها حتى يستطيع التعبير بشكل أفضل، ولا يتوقف الأمر عند المهارات الكتابية فقط، بل أيضا يجب أن يتمتع بمهارات الاستماع.
السابعة: القدرة على الإبداع في التفكير
فيجب أن يكون لدى محامي الأردن القدرة على التفكير بشكل مختلف عن الطرق التقليدية أي التفكير خارج المعهود، وأن يقدم حلولا بها إبداع بحيث لا تكون هناك إشكالية بدون حل. وللحصول على هذه الميزة التي ستجعلك محامي مشهور فلا بد من توافر الأمور التالية:
1- القدرة على التحليل للمواقف،
فمن الصفات التي يجب أن تتوافر في المحامي هي قدرته على التحليل والاستنتاج من المواقف والخروج منها بما يعود على مصلحة موكله، ويجب أن يكون لديه القدرة على تناول المشكلات وحلها بالطرق القانونية ودون اللجوء للطرق الملتوية.
2- قدرات قانونية متميزة
ويجب أن يكون لدى المحامي القدرة على البحث القانوني وإتقان مهارات البحث والتفسير القانوي السليم. وكذلك مواكبة تكنولوجيا العصر في البحث عبر الإنترنت وإتقان برامج الحاسب التي تساعد على عملية التواصل ومهام الاستخدام اللازمة لحاجات العمل القانوني المهني، ويجب أن يكون لديه القدرة على تنظيم العمل وإدارة الوقت واستعماله في أداء عمله وإدارة كميات كبيرة من العمل، وفرز البيانات والوثائق والأدلة.
ومن نافلة القول أن يكون لديه مبدأ الإمساك على أسرار المرافعة وعدم الكشف عنها قبل وقتها والحذر من استدراج الخصوم، وعدم التفريط في المستندات التي بيده، فقد تدفعه الحاجة لاستخدامه ذات يوم، ولا بد أيضا أن يكون حريصا على عدم التصادم مع القاضي لأي سبب، إذ أن ذلك يعمل على معاداة القضاة بدلا من كسب ودهم أو على الأقل احترامهم.
ثالثا: الالتزام بالجانب الأخلاقي والشرعي
إن المحاماة مهنة أخلاقية من الطراز الأول، لذلك يجب على كل من يمتهنها التمسك بالفضيلة فهي التي ستكفل له القيام بالواجب الاجتماعي المحمول عليه في تطوير مجتمعه والأخ بيده ليرتقي دروب التحضر والأخلاق.
كون المحامي هو الحامي وهو من يهب إلى نصرة المظلوم وإغاثة الملهوف فانه حتما ولابد وأن يتصف بصفات لا تتوافر في غيره من المهن فعمله إنساني قبل أن يكون مهني هادف إلى الربح، لذلك فهو بحاجة إلى أخلاقيات مهنية وتمسك بتقاليد أصيلة.
1- فينبغي على المحامي أن يدرس القضية التي وكل فيها دراسة متأنية ليتبين أوجه الحق فيها فاذا اتضح له ذلك ورأى أنه يمكنه إظهار الحقيقة قبل الترافع فيها وإن ظهر له عكس ذلك فيرفض الترافع فيها، ولا يوهم صاحب القضية بأنه سيكسبها أو يكلفه الأموال الطائلة دون فائدة.
“فالمحاماة تتطلب من المحامي أمانة نحوها هي البحث والدراسة والتنقيب في العلم القانوني وألا يفتي متسرعا أو يكتب صحيفة دعواه متعجلا، بل عليه أن يراجع في المراجع القانونية وأن يؤسس دعواه التأسيس العلمي الناضج”([4]).
فالمحامي الذي يترافع في قضية دون أن يعرف مدى الحق فيها كمن يخاصم بغير علم فهو يخاصم بالباطل.
فيقول البعض، ” وكذلك المحامي الذي يترافع وهو غير عالم عن الموضوع، إلا أسماء الموكل وخصمه فهذا هوان بالمحاماة وحقوق البشر وخيانة لأمانة العمل”([5]).
2- كما ينبغي على المحامي أن يتخلق بالأخلاق الحميدة والأمانة وطهارة القلب فلا يغش موكله ولا يطيل أمد القضية لمصلحة نفسه ولا يواطئ على موكله في الباطن ويمكر به.
وتقتضي أمانته نحو موكله أن يصدقه القول وأن يخلص له النصح ويجنبه مواطن الباطل ويحجزه عنه ويشير عليه في حالة نقص بيناته وبراهينه بعدم جدوى البدء في الدعوى ولا يرهقه بالأتعاب الباهظة ويستغل حاجته إليه، بل يعامل موكله العميل في ذلك كما يجب أن يعامل لو كان مكانه فيعامله بعدل وقصد والجزاء من جنس العمل ([6]).
والأمانة من الأخلاق الفاضلة التي جاء بها الشرع وأمر بالتخلق بها، فالأمانة من الأخلاق المهمة في حق المحامي والتي أكد عليها الشرع على العموم، وإيجابها على من يطلع على أسرار الناس وحرمهم، والناس لم يطلعوا المحامي على تلك الأسرار إلا مضطرين ومحتاجين للنصيحة والتوجيه لا الفضيحة والتشهير.
3- وينبغي أن يكون كلام المحامي وإبداؤه للمشورة بقصد الخير والإصلاح والتقرب به إلى الله، وكذلك البعد عن الجدل أي الابتعاد عن الجدال فيما لا فائدة منه، فالجدال الذي لا يراد منه الوصول إلى الحق إنما يقصد منه مجرد الجدل فقط كما هو الحال في مرافعة عن حق أما القضاء بغير إظهار الحق في مسائل علمية، فالجدل في ذلك مذموم وصاحبه مذموم وإن كان محقا في كلامه ([7]).
4- كما أنه يقع على المحامي التزام بأن يمتنع عن القيام بأي عمل يجلب له الكسب أو المنفعة الشخصية باستغلال الثقة التي وضعها الموكل فيه، كما أنه يلتزم بإعلام موكله بأية علاقة تربطه بخصمه.
5- كما ينبغي على المحامي ألا يشير على موكله بعمل يشوبه الغش أو يؤكد له أمرا وهو يعلم انه غير صحيح أو ينفي له أمرا وهو غير عالم بحقيقته وأن يمتنع عن كل ما يؤدي إلى تعويق العدالة، كما أن عليه وهو يدافع عن خصمه أن ينأى عن الإجراءات الكيدية ضد خصمه.
6- وينبغي أن يخاطب المحامي كل إنسان بما يناسبه شرعا وعرفا، فيخاطب الكبير سنا والكبير قدرا وعلما ومنصبا بما يناسبه في التقدير، ويخاطب من دون ذلك ممن صغر سنا أو قدرا أو كان أقل علما، وهذا من مكارم الأخلاق التي جاء بها الإسلام.
الخاتمة:
ويمكن أن نجمل القول بأنه إذا ما توافرت في المحامي الصفات سالفة الذكر، والتزم بواجباته تجاه موكله وتجاه مرجعه والتزم بتعليماته، وحافظ على حقوقه تجاه موكله، وراعى مصلحة موكله والتزم في تعاملاته مع الموكل والخصوم من الناحية الأخلاقية والناحية الشرعية، فانه يكون قد راعى الشروط التي تجعله محاميا ناجحا ومشهورا.
([1]) عبدالسلام كشك الحامي، مجلة المحاماة، المصرية، ع4،ص5.
([2]) حامد الشريف، رئيس محكمة، فن المرافعة وصناعة المحامي ووكيل النيابة الترافع أمام ا المحاكم الجنائية، ط2، دار الفكر الجامعي، 1994، ص7.
([3]) عبدالرحمن الرافعي، نقيب محامي مصر. نقلا عن مقال محامي أردني معروف ). وانظر مقال منشور على موقع محامي الأردن – حماة الحق – بعنوان محامي إنترنت.
([4]) على عبدالعال العيساوي، مرجع سابق، ص74.
([5]) على عبدالعال العيساوي، مرجع سابق، ص75. المصدر: محامي أردني
([6]) محمد شوكت التوني المحامي، المحاماة فن رفيع، المكتبة القانونية بعابدين، ص157.
([7])الشيخ حماد بن عبدالله الحماد، واجبات المحامي وحقوقه، ص263.