محامي القضايا التجارية
بات العالم الآن مهتمًا بإنجاز المعاملات التجارية السريعة، التي تتماشى مع التوسع الهائل في الصناعة بمختلف أنواعها والتجارة التبادلية بين الأفراد والشركات، وأصبحت التكنولوجيا الرقمية الركيزة الأساسية في مختلف الأنشطة والميزة الغالبة على سائر حياة الأفراد العامة والخاصة، والأداة القوية التي يتسابق إليها الكل بلا استثناء، ومع هذا التطور الكبير و هذا الحجم الهائل من المعاملات التجارية كثرت المنازعات التجارية بشكل كبير وباتت تهدد التجار وتجارتهم ، فأصبحت الحاجة ماسة لوضع حلول سريعة تضمن للتاجر الحصول على حقوقه والاستمرار في ممارسة تجارته، ومن هنا ظهرت أهمية محامي القضايا التجارية الذي يكون متخصصًا في قضايا القانون التجاري ولديه الخبرة الكافية في صياغة العقود التجارية، ونتناول في هذا المقال محامي القضايا التجارية من خلال العناصر الرئيسية التالية:
أولًا: تعريف العقود التجارية وخصائصها
ثانيًا: النظام القانوني للعقود التجارية
ثالثًا: القواعد الخاصة بتنفيذ العقود التجارية
رابعًا: أهمية المحامي التجاري المتخصص ودوره
ونقدم شرح تفصيلي لكل عنصر من العناصر الرئيسية السابقة فيما يلي:
أولًا: تعريف العقود التجارية وخصائصها
العقد الذي يجريه التاجر إذا كان متصلا بحرفته التجارية، وهذا التعريف يرى العمل تجاريا إذا صدر من تاجر ولتجارته ،مع أن فكرة العمل التجاري أوسع من فكرة التاجر فقد يصدر العمل من تاجر أو من غيره ، وكقاعدة عامة تعتبر معظم العقود قد تكون تجارية وقد تكون مدنية. ، فعقد البيع مثلا إذا كان أحد طرفيه يحترف الشراء والبيع كان البيع تجاريا حتما لأنه على الأقل ينشئ التزاما تجاريا في ذمة البائع ، وقد يكون البيع مدنيا إذا تم بين شخصين غير تاجرين ولم ينشئ على أي منهما التزاما تجاريا ، وهكذا كل عقد يمكن أن يكون مدنيا أو تجاريا. فالنظر إلى صفة الالتزامات التي ينشئها في ذمة طرفيه أو ذمة أحدهما، فإذا كان أحدهما تجاريا فالعقد تجاري، ويستثنى من ذلك العقود المنصبة على حقوق عينية عقارية فهذه لا يمكن أن تكون عقودا تجارية.
ثانيًا: النظام القانوني للعقود التجارية
تخضع العقود التجارية في الأصل للقواعد العامة التي نص عليها القانون المدني في مادة الالتزامات والعقود، إلا أن هناك قواعد خاصة تنطبق على العقود التجارية وتميزها عن العقود المدنية، منها ما يتصل بالإثبات، ومنها قواعد موضوعية خاصة بإبرام العقود التجارية وتنفيذها. راجع د. مصطفى كمال طه
والجو الخاص بالمعاملات بين التجار بعضهم البعض وبينهم وبين المستهلكين هو الذي يفرض وجود هذه الأحكام الخاصة ، وهي أحكام تقوم على اعتبارين كبيرين هما السرعة اقتصادا للوقت ، وتقوية الثقة في المعاملات التجارية ، فالوقت عند التاجر له قيمة كبيرة فقد تنخفض الأسعار في لحظات فمن صالحه ابرام الصفقات بسرعة ويلزمه لذلك تبسيط اجراءاتها، وهذا التبسيط يخدم اعتبار السرعة ولكنه قد يضيع الحقوق ، لذلك وجب إعطاء التاجر ضمانات تحفظ مصالحه وتهدد المدين الذي يفكر في المماطلة ، فلا يجد التاجر عندئذ حرجا في عدم المطالبة بدليل كتابي وفي اعطاء المتعاملين معه أجلا وهو مطمئن إلى تحصيل حقوقه في موعدها وهو ما يشجع الائتمان ، وهذه الأحكام الخاصة بالعقود التجارية بعضها يرجع إلى العرف التجاري وبعضها الآخر قرره القانون ، كما تنطوي هذه الأحكام على شيء من القسوة بالنسبة لمدين التاجر ، ولكن التجار مع ذلك لا يشكون منها ، ذلك أن التاجر قد يكون يوما في مركز المدين فيستاء من قاعدة معينة ولكنه غدا قد يكون في مركز الدائن فيفيد من القاعدة التي كان يشكو منها ، فالقواعد الخاصة بالتجارة في مجموعها تحقق مصالح التجارة.
قواعد الإثبات
يفرض المشرع قيودًا على اثبات العقود المدنية، فقد نصت المادة (28) من قانون الإثبات الأردني على أنه: “في الالتزامات التعاقدية تراعى في جواز الإثبات بالشهادة وعدم جوازه الأحكام الآتية: أ) إذا كان الالتزام التعاقدي في غير المواد التجارية تزيد قيمته على مائة دينار أو كان غير محدد القيمة فلا تجوز الشهادة في وجود الالتزام أو البراءة منه ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك. ب) مع مراعاة أحكام أي قانون خاص يجوز الاثبات بالشهادة في الالتزامات التجارية مهما بلغت قيمتها وفي الالتزامات المدنية إذا لم تزد قيمتها على مائة دينار”.
هذا بالإضافة إلى عدم جواز إثبات ما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي إلا بالكتابة وفق ما نصت عليه (المادة 29) من القانون ذاته، ووجوب ثبوت تاريخ العقد بطرق معينة للاحتجاج به على الغير، استنادًا لما نصت عليه (المادة 12) من القانون ذاته.
أما إثبات العقد التجاري فهو حر طليق من كل قيد كما يستفاد من (المادة 12) و(المادة 28) و(المادة 29) من القانون المشار إليه، وتستند هذه الحرية في الإثبات إلى ما تقتضيه التجارة من سرعة في التعامل، وتفريعًا على مبدأ حرية الإثبات يجوز إثبات العقود التجارية مهما كانت قيمتها بشهادة الشهود والقرائن وكافة طرق الإثبات، ويجوز أيضًا إثبات ما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه عقد تجاري مكتوب بشهادة الشهود والقرائن، ولا تخضع المحررات العرفية المتضمنة لعقود تجارية لقواعد ثبوت التاريخ، بل يجوز إثبات تاريخها بالنسبة للغير بجميع طرق الإثبات.
ثالثًا: القواعد الخاصة بتنفيذ العقود التجارية
يغلب في هذه العقود أن تكون مؤجلةً التنفيذ، كما أن التجارة لا تحيا إلا بالائتمان بمعنى أن التاجر يعتمد في الوفاء بديونه على استيفائه لحقوقه في مواعيد استحقاقها، وأن تخلف المدين عن الوفاء قد يستتبع عجز الدائن بدوره عن الوفاء بديونه، ولذلك فإن القانون التجاري يرتب على عدم تنفيذ العقود التجارية جزاءات أكثر صرامة مما ينص عليه القانون المدني، ويُقرر قواعد خاصة تهدف إلى سرعة التنفيذ ودعم الائتمان وفيما يلي أهم هذه القواعد:
- التضامن: التضامن في المواد المدنية لا يفترض وإنما يكون بناءً على اتفاق أو نص في القانون، وفقًا لما نصت عليه (المادة 412) من القانون المدني، أما في المواد التجارية فإن التضامن مُفترض بمقتضى العرف التجاري بين المدنيين عند تعددهم دون حاجة إلى اتفاق صريح أو نص في القانون، وذلك بقصد دعم الائتمان التجاري وتجنيب الدائن خطر إعسار أو إفلاس أحد المدينين.
- المهلة القضائية: إذا أدت الديون التجارية إلى تحرير أوراق تجارية أو تظهيرها، فتبدو الصرامة في التنفيذ فيما نصت عليه الفقرة الأولى من (المادة 56) من القانون التجاري من أنه لا يجوز للقضاة أن يعطوا مهلة لدفع قيمة الورقة التجارية، وكذلك ما قرره المشرع في الفقرة الأولى من (المادة 53) من القانون التجاري من تضامن الموقعين على الأوراق التجارية في الوفاء.
- الإعذار: لا يشترط لإعذار المدين في المواد التجارية أن يكون الإنذار بورقة رسمية من أوراق المحضرين، بل يمكن أن يكون بالورقة غير الرسمية كخطاب موصى عليه أو خطاب عادي أو بمجرد حلول الأجل.
- الإفلاس: إذا توقف المدين التاجر عن دفع ديونه التجارية جاز للدائن أن يطلب شهر إفلاسه، ويتميز نظام الإفلاس بصرامة أحكامه والحرص على أخذ المدين بالشدة إذ يترتب عليه غل يد المدين عن ادارة أمواله والتصرف فيها وسقوط بعض حقوقه المدنية والسياسية، وهذه الشدة تدفع المدين التاجر إلى الحرص على الوفاء بديونه في مواعيد استحقاقها.
- التقادم: الأصل في الالتزام مدنيًا كان أو تجاريًا ألا يتقادم، ولكن عند الإنكار لا تُسمع الدعوى على المنكر بمضي خمس عشرة سنة بدون عذر شرعي وفقًا لما نصت عليه (المادة 449) من القانون المدني، بيد أن الالتزامات الناشئة عن بعض العقود التجارية تخضع لتقادم خاص قصير.
رابعًا: أهمية المحامي التجاري المتخصص ودوره
إن القضايا التجارية والقانون التجارية ذاته يتسمان بالدقة وضرورة السرعة في العمل عليهما، فالمحامي التجاري المتخصص يضمن للعميل من البداية صياغة العقد التجاري بما يضمن حقوق الأطراف ويحفظها، ويُقلل من المنازعات، ويضمن للعميل الاستفادة من نصوص القانون المتعلقة بحالات الاستعجال والظروف القهرية وما شابهها، وفيما يلي قائمة بأهم الأعمال التي يقوم بها محامي الأردن في القضايا التجارية:
- صياغة العقود التجارية وعقود الشركات بمختلف أنواعها وتأسيس الشركات، واستخراج لوازم التأسيس من سجل تجاري وبطاقة ضريبية وخلافه.
- الاحتجاج بعدم القبول أو عدم الوفاء واجراءاته: ويقصد به اثبات الامتناع عن قبول الكمبيالة أو السند التجاري أو الوفاء بها، وله مواعيد مقررة بالقانون، وذلك بعمل نماذج احتجاج عدم الدفع وكذلك شطبها.
- اتخاذ الاجراءات بشهر إفلاس المدين ورفع الدعوى الخاصة بها، وكذلك الاعتراض على شهره.
- المعارضة في الأحكام الغيابية بشهر إفلاس المدين ويجوز لكل ذي مصلحة طبقا للقانون.
- دعاوى إعادة الاعتبار: ويكون رد الاعتبار إذا أشهر إفلاس المدين ووفى بجميع ديونه.
- دعاوى المطالبة بثمن البضاعة المباعة على الغير.
- دعاوى المحاسبة: وتكون لحساب أرباح الشركاء وتقييم حصصهم أو محاسبة المديرين أو مجالس الإدارة.
- دعاوى حل الشركات وتصفيتها.
- دعاوى وضع الأختام على الشركات حال وفاة أحد الشركاء حتى يتم جرد الأصول والخصوم وتحديد أنصبة الورثة.
- دعاوى حل وبطلان الشركة؛ لعدم استيفائها الشكل القانون.
إعداد/ محامي شركات محمد محمود