الإيجار المنتهي بالتمليك
الاجارة من عقود المعاوضات التي شرعها الله سبحانه وتعالى حيث قال : ” فوجدا فيها جدارًا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرًا ” . وقد انتشرت الاجارة المنتهية بالتمليك في وقتنا الحاضر، وتحولت لطريقة من طُرق الاستثمار، ولجئت كثير من البنوك وشركات التقسيط إلى عملية الايجار المنتهي بالتمليك كبديل عن الاستثمار الربوي مع أخذ الضمان الكافي لحق الممول.
ويسمى الايجار المنتهي بالتمليك او الإيجار التمويلي او الايجار للتمليك او الإيجار المنتهي بملك و التأجير التمويلي وغيرها من التسميات و كلها يقصد بها ذات الشيء.
ولعقد الايجار المنتهي بالتمليك أهمية اقتصادية كبيرة، مما دعى الأنظمة المعاصرة لتطبيقه والاستفادة منه.
وسنعرض في مقالنا تعريف عقد الايجار المنتهي بالتمليك، وأهدافه، وأنواعه، وخصائصه.
جدول المحتويات
أهداف عقد الايجار المنتهي بالتمليك :
تعريف عقد التأجير التمويلي :
يُعرف عقد التأجير التمويلي بحسب المشرع الأردني على أنه : اتفاق تعاقدي بين شركة التأجير التمويلي ( المؤجر) وبين العميل ( المستأجر) وبواسطته يحق للمستأجر الانتفاع بالأصل ( المأجور) خلال فترة زمنية محددة وذلك مقابل أقساط دورية يتم الاتفاق عليها مسبقًا
( أقساط التأجير), على أن تنتقل ملكية المأجور في نهاية فترة العقد إلى المستأجر تلقائيًا أو مقابل مبلغ متفق عليه مع امكانية شراء المأجور خلال فترة العقد، وعقود التأجير التمويلية غير قابلة للإلغاء، والمستأجر ملزم بموجب العقد بدفع جميع الدفعات التي يحددها عقد الايجار، ويشمل العقد جميع التكاليف الادارية المصاحبة للدفع بالأقساط وفي معظم الحالات لا يطلب وجود كفلاء لعقود التأجير التمويلي.
أما المشرع المصري فقد نظم التأجير التمويلي في القانون رقم (95) لسنة 1995، المعدل بالقانون رقم 16 لسنة 2001 ، ووفقًا للمادة الثانية من القانون المصري، يُعد تأجيرًا تمويليًا ما يلي :
- كل عقد يلتزم بمقتضاه المؤجر بأن يؤجر إلى المستأجر منقولات مملوكه له، أو تلقاها من المورد استنادًا إلى عقد من العقود، ويكون التأجير مقابل قيمة ايجارية يتفق عليها المؤجر مع المستأجر.
- كل عقد يلتزم بمقتضاه المؤجر بأن يؤجر إلى المستأجر عقارات أو منشآت مملوكه للمؤجر، أو يقيمها على نفقته بقصد تأجيرها للمستأجر.
- كل عقد يلتزم بمقتضاه المؤجر بتأجير مال إلى المستأجر تأجيرًا تمويليًا إذا كان هذا المال قد آلت ملكيته إلى المؤجر من المستأجر بموجب عقد يتوقف نفاذه على ابرام عقد الايجار التمويلي.
والايجار المنتهي بالتمليك هو اسم أطلقه المترجمون والقانونيون العرب على العقد الذي يُعرف بالبيع الايجاري، والصور المستمدة منه، والاقتصاديون والباحثون العرب استعملوا هذا الاسم فيما بعد.
وقد عرفه القانون المدني الفرنسي في المادة الأولى من قانون 1966 بأنه : عملية تأجير التجهيزات والآلات ذات الاستعمال الصناعي، التي تقوم بشرائها مؤسسات مالية خاصة بقصد تأجيرها، وتبقى محتفظة بحق ملكيتها، ويكون من شأن هذه العملية تخويل المستأجر الحق في شراء التجهيزات كلها أو بعضها مقابل ثمن متفق عليه.
ويُقترح التعريف التالي لأنه يشتمل جميع صور وأحكام عقد الايجار المنتهي بالتمليك :
” تمليك للمنفعة يتبعه تمليك للعين المستأجرة بعد نهاية مدة الايجار”.
أهداف عقد الايجار المنتهي بالتمليك :
بعد انتشار عقد الايجار المنتهي بالتمليك أصبح يحقق العديد من الأهداف منها ما هو متعلق بالملك أو المؤجر، ومنها ما هو متعلق بالمستأجر، ومنها ما هو متعلق بالاقتصاد القومي، وفيما يلي توضيح ذلك :
فيما يتعلق بالمالك ( المؤجر) :
كان هذا العقد منذ بداية ظهوره يهدف لتحقيق الحماية الكافية لحقوق المالك، وذلك بسبب أن البيع بالتقسيط أو البيع المُعلق فيه نقل الملكية على شرط الوفاء بالأقساط لم يحققا الحماية الكافية لحقوق المالكين ( البائعين ).
ومن ثم فقد جاء هذا العقد ليحقق الهدف من خلال البنود التالية :
- بقاء ملكية السلعة بحوزة مالكها الأصلي إلى أن يتم دفع الالتزامات المترتبة له على المستأجر وذلك لأن السلعة مؤجرة.
- حصول المؤجر (المالك) على حقوقه التي تتمثل بالأجرة في مقابل انتفاع المستأجر (المشتري) بالعين في حالة عدم اتمام عملية البيع.
- منع المستأجر من التصرف بالسلعة بالرهن أو الهبة أو البيع قبل وفائه بالالتزامات المترتبة عليه للمؤجر، وإذا تصرف بها اعتبر مرتكبًا لجريمة التبديد لكونه مازال مستأجرًا للسلعة.
فيما يتعلق بالمستأجر ( المشتري ) :
يحقق هذا العقد للمستأجر عديد الفوائد، فهو يستطيع الحصول على العين التي يريد الحصول عليها، ومن ثم قد يستأجرها أو يتملكها إن أراد، وذلك يحقق المنفعة والتيسير.
وهذا العقد يُعتبر أحد وسائل التمويل، فالفرد أو المؤسسة يمكنهم تحقيق أهدافهم بواسطة هذا العقد، وذلك يتمثل في الحصول على أدوات الانتاج من عقارات ومعدات وألات، والعديد من السلع الرأسمالية المعمرة.
ويُمكن كذلك لصاحب أي مهنة الحصول على ما قد يقارب 100% من أصول أي مشروع يرغب في القيام به مع اعطاءه حق تملك هذه السلع إن شاء.
فيما يتعلق بالاقتصاد القومي :
يهدف عقد الايجار التمويلي لتحقيق أغراض اقتصادية أخرى، بحيث أصبح هذا العقد أحد وسائل تمويل الاستثمار المعتمدة لدى مؤسسات اقليمية ودولية، تسعى لتنمية اقتصاديات الدول.
ومن المؤسسات التي تعتمده اضافة لوسائل التمويل الأخرى، هيئة التمويل الدولية، التابعة للبنك الدولي للإنشاء والتعمير، وكذلك بنك التنمية الاسلامي.
وقد أصبح عقد الايجار المنتهي بالتمليك يعتمد لسد النقص في هيكل ووسائل التمويل والمتوسط والطويل الاجل، والحاصل في عديد الدول والتي منها مصر، فعقد الايجار المنتهي بالتمليك له دور مهم في تنمية اقتصاديات دول العالم الاسلامي.
أنواع التأجير التمويلي :
لعقد التأجير التمويلي عديد الأنواع في الواقع العلمي، ومن ثم فهي تنقسم إلى عدة تقسيمات، بالنظر إلى الأصل المؤجر، وإلى التسهيلات المقدمة، وإلى حال الملكية، وسنتناول بالشرح نوعين من تلك الأنواع كما سيلي :
أنواع عقد التأجير التمويلي بالنظر إلى الأصل المؤجر :
يتحدد عقد التأجير التمويلي بالنظر إلى محله، ومحل عقد التمويل التأجيري هو ذاته، والمشرع الأردني في قانون التأجير التمويلي قد عرف المأجور بقوله : ” كل مال منقول أو غير منقول مما يتحقق الانتفاع به باستعماله مرارًا مع بقاء عينه ولا يشمل النقود أو الأوراق التجارية أو الأوراق المالية “. وبالنظر إلى محل عقد التأجير التمويلي يُمكن تقسيم عقد التأجير التمويلي إلى نوعين :
النوع الأول : عقد التأجير التمويلي للمنقولات :
ويُعرف بأنه العقد الذي يقع على منقول، بحيث يقوم المؤجر بتأجيره منقولات إلى المستأجر، وذلك مقابل بدل ايجار يتفق عليه الطرفان، والتشريع المصري من التشريعات التي نظمت تلك الصورة، أما المشرع الأردني فلم يميز بين عقد التأجير التمويلي للمنقولات أو للعقارات، فوفقًا لأحكام القانون يجوز أن يرد على منقولات أو عقار أو يجب اخضاعها إلى اجراءات التسجيل المنصوص عليها وفقًا للتشريعات النافذة، اضافة إلى ذلك يتعين أن يراعي القواعد الخاصة بتملك غير الأردنيين للأموال غير المنقولة.
النوع الثاني : التأجير التمويلي للعقارات :
يُقصد بالعقار كل شيء مستقر ثابت فيه بحيزه من غير الممكن نقله بغير تلف أو تغير في هيئته، والمشرع المصري قد اعتبر العقد تأجيرًا تمويليًا للعقار، والمشرع الأردني بين أن العقار محل العقد يخضع للتسجيل لدى دائرة الأراضي المختصة وأحكام الشفعة لا تسري عليه، وعند نقل ملكيته فالأولوية من المؤجر إلى المستأجر أو من مؤجر إلى مؤجر آخر.
أنواع عقد التأجير التمويلي من حيث التسهيلات :
يٌقسم عقد التأجير التمويلي من حيث التسهيلات المقدمة من المؤجر إلى قسمين :
أولًا : التأجير التمويلي المباشر :
ويكون هذا النوع من التأجير مباشرًا إذا تم عن علاقة تعاقدية مباشرة بين المؤجر والمستأجر بعد مفاوضات بينهما، ويُمكن أن تكون على أنواع معينة من المعدات، وقد تغطي مجموعة معينة من المعدات ويُطلق عليها ( تسهيلات سلة السوق)، وعادتًا ما تخضع لحد أقصى للقيمة الكلية للمعدات المتنوعة محل التأجير.
ثانيًا : التأجير غير المباشر :
ويكون هذا النوع من خلال قيام الشركات المصنعة أو الموزعة للأصل أو المعدة بتقديم العميل للمؤجر، وهو ما يطبق عليه تسهيلات البيع.
خصائص عقد التأجير التمويلي :
عقد التأجير التمويلي يتميز بعديد الخصائص عن غيره من العقود ومن هذه الخصائص :
عقد التأجير التمويلي عقد ملزم للطرفين:
والعقد الملزم للطرفين يُقصد به العقد الذي يرتب التزامات متبادلة في ذمة طرفي العقد، بحيث يكون كل منهما دائنا من ناحية، ومدينة من ناحية أخرى.
وفيما يتعلق بالالتزامات المترتبة على المؤجر والمستأجر فهي :
أولًا : المؤجر :
يترتب على المؤجر تسليم المأجور بحسب المواصفات المتفق عليها، كما يقع عليه التزام بضمان التعرض القانوني الصادر عن الغير.
ثانيًا : المستأجر:
بحسب المادة (10) من قانون التأجير التمويلي الأردني :
أ. تترتب للمستأجر الحقوق والمزايا التالية :
- اختيار المورد والمأجور.
- حيازة المأجور والانتفاع به وفقا لاحكام عقد التأجير .
- الحق في الرجوع على المورد مباشرة ، فيما يخص جودة ونوعية المأجور وكميته واحكام تسليمه والشروط الاخرى الواردة في عقد التوريد ، وذلك بدون اجحاف بحق المؤجر بالرجوع على المورد .
ب. يلتزم المستأجر بما يلي :
- تسلم المأجور بالحالة المتفق عليها في عقد التأجير .
- اداء دفعات بدل الايجار في المواعيد المتفق عليها في عقد التأجير .
- استخدام المأجور وفقا لطبيعته وبالشكل المعتاد لاستخدامه وذلك مع مراعاة اي احكام خاصة في عقد التأجير .
- المحافظة على المأجور بالحالة التي تسلمه بها ، ومع مراعاة ما قد يطرأ على المأجور من تغييرات نتيجة الاستعمال المعتاد واي تغييرات اخرى يتفق عليها الطرفان .
- صيانة المأجور على نفقته الخاصة وفقا لعقد التأجير او اي معايير وأسس فنية لصيانة المأجور والمحافظة عليه .
- اعادة المأجور الى المؤجر وفق احكام عقد التأجير او في الحالات المحددة في هذا القانون.
ج. لا تؤثر احكام هذه المادة على اي حقوق او التزامات اخرى مترتبة للمستأجر او عليه ورد النص عليها في عقد التأجير .
عقد التأجير التمويلي من عقود المعاوضة:
يقوم عقد التأجير التمويلي على علاقة تبادلية، فيقوم المؤجر بتمويل العقارات أو الآلات
مقابل أن يحصل على بدل الإجارة، إضافة إلى هامش ربح يحققه نتيجة تلك العملية، وفي المقابل فإن المستأجر المنتفع بالعقد يقوم باستخدام المأجور بهدف تحقيق أغراضه والسعي للربح.
عقد التأجير التمويلي هو عقد زمني:
عقد الإيجار من العقود التي يُعتبر الزمن عنصرًا جوهريًا فيها، فهو عقد زمني لأنه يقع على المنفعة، لأنه هو الذي يحدد مقدار المنفعة المعقود عليها، ويترتب على ذلك عدة نتائج منها :
- الفسخ في العقد الفوري أثره ينسحب على الماضي لأنه لا يجوز الرجوع فيه، أما المنتج في العقد الزمني فلا تنسحب آثاره على الماضي، لأن ما نفذ منه لا يمكن إعادته.
- أن العقد الزمني موقف تنفيذه يترتب على النقض في كمه وزوال جزء منه.
- تتقابل الالتزامات تقابلا تامًا في العقد الزمني.
- الأعذار أمرًا غير ضروري في العقد الزمني لأن ما تأخر فيه لا يمكن تداركه لفوات الزمن.
- العقد الزمني لا يكون إلا ممتدًا مع الزمن ، أي أن لهذا العقد مدة زمنية محددة.
عقد التأجير التمويلي عقد مسمى :
فعقد التأجير التمويلي عقد خصصه القانون باسم معين وتولى تنظيمه نظرًا لانتشاره وشيوعه بين الناس في تعاملهم، والعقود المسماة في القانون أما أن تقع على الملكية أو تقع على المنفعة أو قد تقع على العمل.
وقد نظم المشرع الأردني أحكامه بموجب القانون رقم (16 لسنة 2002)، وأيضًا نظم المشرع المصري أحكامه بموجب القانون رقم (95 لسنة 1995) و المعدل بموجب القانون رقم (16 لسنة 2001).
عقد التأجير التمويلي من عقود الاعتبار الشخصي:
فكل شخص طرف من طرفي العقد هو موضوع اعتبار لدى الطرف الآخر، وذلك يتمثل في سمعة المتعاقد من الناحيتين المالية والشخصية، وتاريخه في العمل التجاري ومدى قدرته على الوفاء بالتزاماته.
وطالما أن العقد يقوم على الاعتبار الشخصي ووفقًا لأحكام القانون المدني الأردني فإن الغلط في شخص المتعاقد يؤدي إلى فسخ العقد ، وذلك وفقًا لنص المادة (153) منه والتي تنص على أن: ” للعاقد فسخ العقد إذا وقع منه غلط في أمر مرغوب كصفة في المحل أو ذات المتعاقد الآخر أو صفة فيه”