القاصر في القانون

القاصر في القانون

يمر الإنسان خلال حياته بمراحل عمرية مختلفة، ومن باب العدل والمنطق قسم القانون الأردني تكليفه بالالتزامات وإكسابه الحقوق حسب كل مرحلة عمرية يمر بها، فلا يعقل أن يكلف الطفل الصغير بنفس الالتزامات المترتبة على الشخص العاقل ولا يعقل أن يُمنح حقوق لا يستطيع عقله فهم كيفية استخدامها وإدارتها، لذلك نص القانون المدني الأردني على الأهلية القانونية للشخص، فما المقصود بالأهلية؟ ومن هو القاصر؟ وما هو نطاق الأهلية التي يتمتع بها؟ وكيف يقوم القانون على حماية حقوقه وإدارة شؤونه؟

الأهلية القانونية للشخص الطبيعي

 هي صفة قانونية تمكن الشخص من التمتع بالحقوق، وتنفيذ ما عليه من التزامات، تقسم الأهلية إلى أهلية وجوب وأهلية أداء، أهلية الوجوب تثبت كاملة للشخص بمجرد تمام ولادته حياً وبغض النظر عن عمره وسلامة عقله ومدى إدراكه وتمييزه، وأهلية الأداء تكون كاملة بالنسبة للشخص البالغ العاقل الراشد الخالي من أي عيب من عيوب الأهلية، ومعدومة بالنسبة للصغير الذي لم يبلغ السابعة من عمره   وناقصة لمن بلغ السابعة من عمره ولم يبلغ الثامنة عشرة من عمره ، فأين قاصر الأهلية من هؤلاء وما هي الأهلية القانونية التي يتمتع بها  ؟ .

ما هو القاصر

القاصر هو مصطلح قانوني يستخدم للدلالة على الطفل الصغير الذي لم يبلغ سن الرشد وهو الثامنة عشرة من عمره، والسنة في القانون هي السنة الميلادية ، ولكي يكون الإنسان راشدا فيجب ان يكون قد أتم ثمانية عشر عاما كاملة ، فلا نقول عنه راشد الا إذا أنهى السنة الثامنة عشر وليس في بدايتها.

القاصر والمسؤولية المدنية

والقاصر يمر بثلاث مراحل عمرية من الناحية الحقوق والالتزامات المدنية القانونية قبل بلوغه سن الرشد وهي: –

1_ القاصر غير المميز وهو الطفل الذي لم يبلغ السابعة من عمره، وتكون جميع تصرفاته باطلة.

2_ القاصر المميز وهو الطفل الذي بلغ السابعة من عمره ولم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، وتكون تصرفاته النافعة نفعاً محضاً صحيحة، أما الضارة ضرراً محضاً باطلة، والدائرة بين النفع والضرر موقوفة على إجازة الولي أو الوصي في حدود وليته أو وصايته، أو إجازة القاصر بعد بلوغه سن الرشد.

2_ القاصر المأذون له بممارسة أعمال التجارة كتجربة، وهو الطفل الذي بلغ الخامسة عشرة من عمره، حيث تمنح المحكمة الولي الإذن ليقوم بتسليم الصغير المميز مقدراً من ماله لتجربة أعمال التجارة وتكون تصرفاته تحت هذا الإذن كتصرفات البالغ سن الرشد، وقد يكون الإذن مطلقاً أو مقيداً، وفي حال امتناع الولي عن منحه الإذن للمحكمة أن تأذن له، وفي حال توفي الولي أو تم عزله لا يبطل الإذن الذي مُنح له، وللمحكمة أن تعيد الحجر على الصغير متى رأت ذلك.

موطن القاصر

هو المكان الذي يقيم الشخص فيه عادة ً، ويجوز أن يكون للشخص في وقت واحد أكثر من موطن، وموطن القاصر هو موطن من ينوب عنه قانوناً، ويجوز أن يكون للقاصر البالغ الخامسة عشرة من عمره موطن خاص بالنسبة للأعمال والتصرفات التي يعتبر القانون أهلاً لمباشرتها.

من يمثل القاصر وينوب عنه من الناحية القانونية؟

الولي وهو أبوه ثم وصي أبيه وقد يكون ذلك زوجته أو أي شخص آخر يعتقد أنه أهلاً لتحمل مسؤولية أطفاله، ثم جده الصحيح ثم وصي الجد ثم المحكمة أو الوصي الذي نصبته المحكمة.

مهمة الولي أو الوصي

 للولي أو الوصي صلاحية إدارة شؤون القاصرين ابتداءً من إجراء مُعاملاتهم الحكومية وتسجيلهم في المدارس إلى فتح حسابات لهم في البنك ،  كما ويُلزم القانون في حال وفاة الأب أن تُنفق عائلة المتوفى على أبنائه القصّر، و الأم هي الحاضنة للأطفال، وهي المسؤولة عن الاعتناء بهم وتربيتهم، ثم يتبعها في حال غيابها والدتها ومن ثم والدة الأب ثم الأب ثم للمحكمة أن تُقرّر من يقوم على رعايتهم  ، وليس للأم أن تعين وصي على أطفالها القصر في حال زواجها ، ففي هذه الحالة تنتقل الوصاية لمن يعينهم القانون ( والدتها ثم والدة الأب ثم لمن تقرر المحكمة ) ، ولكن للأم أن تراقب تصرفات الوصي وأن تلجأ للمحكمة مطالبةً بعزل الوصي إذا رأت أنه غير أهلا لرعاية الأطفال وللمحكمة أن تقرر العزل بعد أن تتأكد من صحة أقوال الأم  .

الإنفاق على القاصرين

 حسب المادة (9) من قانون الأيتام وتعديلاته (ينفق على القاصرين من أموالهم المودعة في الصندوق لتامين لوازمهم الضرورية ويراعى في ذلك مقدار أموالهم وأرباحهم ويؤخذ راي مجلس الأيتام قبل تحديد المقدار ويدخل في ذلك نفقات تعليمهم وزواجهم إذا رؤي ان ذلك من مصلحتهم).

القاصر والمسؤولية عن الفعل الضار

قد يسبب القاصر ضرراً مادياً للغير، كأن يقوم بكسر زجاج إحدى المركبات العائدة ملكيتها للغير أو التسبب بأي أضرار مادية للأخرين، فهل يسأل عن الفعل الضار؟، فقد نصت المادة (256) من القانون المدني الأردني على: – (كل إضرار بالغير يلزم فاعله ولو غير مميز بضمان الضرر)، أي، حتى لو كان قاصر لم يبلغ السابعة من عمره، كما نصت المادة (279) من ذات القانون على: – (إذا أتلف صبي مميز أو غير مميز أو من في حُكمهما مال غيره لزمه الضمان من ماله.

القاصر والمسؤولية الجزائية

يتم النظر للقاصر من الناحية الجزائية بطريقة مختلفة عما هو عليه في المسؤولية المدنية ، ففي الأمور الحقوقية والمدنية تم النظر للقاصر على ثلاث مراحل عمرية مختلفة وهي القاصر غير المميز والقاصر المميز والقاصر المأذون ، ونص القانون على  أحكام الولاية والوصاية التي تحكم القائمين على رعايتهم وإدارة شؤونهم بحيث لا يستطيع الولي أو الوصي تجاوز حدود ولايته أو وصايته ، وبتالي المحافظة على القاصرين وما يملكنه من أموال  ، فللولي أو الوصي حق إدارة أموال القصر وليس له حق التصرف فيها ، ولكن ماذا ما ارتكب القاصر جريمة يعاقب عليها القانون ، هل سيحاسب الولي أو الوصي عنه ؟ .

الحدث

وهو مصطلح قانوني جزائي يستخدم للدلالة على الطفل الذي بلغ السابعة من عمره، ولم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، وقد أرتكب جريمة يعاقب عليها القانون، ويمر الحدث بثلاث مراحل عمرية مختلفة، باختلافها يختلف الجزاء الذي يتم إيقاعه بالحدث مرتكب الجريمة.

فالحدث حسب قانون الأحداث الأردني هو كل شخص أتم السابعة من عمره ولم يتم الثامنة عشرة ذكراً كان ام أنثى، وينقسم الأحداث حسب القانون الى ثلاث فئات

1_ فئة الولد وهو من أتم السابعة من عمره ولم يتم الثانية عشرة،

2_ والمراهق من أتم الثانية عشرة ولم يتم الخامسة عشرة،

3_ والفتى من أتم الخامسة عشرة ولم يتم الثامنة عشرة من عمره وكلهم أحداث ولكن القانون يتعامل معهم كل حسب فئته العمرية  ، ويتم محاكمتهم بطريقة مختلفة عن الطريقة التي يتم بها محاكمة الشخص البالغ ، ويتم إيقاع العقوبة في دور الرعاية ( دار تربية الأحداث ، دار تأهيل الأحداث ، دار رعاية الأحداث )  المعتمدة من قبل وزارة التنمية الاجتماعية ،   وذلك لأن الحدث هو قاصر تقع مسؤولية الاهتمام به ورعايته وتربيته على الولي أو الوصي ، فما أرتكب ما ارتكبه من جرم إلا نتيجة للإهمال وسوء التربية ، لذلك يعامل معاملة خاصة ، فقضايا الأحداث تأخذ صفة الاستعجال ، ولا تسجل عليه سابقة جرمية لأنه ناقص الأهلية .

هل يجوز رفع دعوى مطالبة بالحق الشخصي أمام محكمة الأحداث؟

لا، لا يجوز ذلك وعلى المتضرر اللجوء للمحاكم المختصة.

القاصر والشهادة

أن الشهادة هي إحدى وسائل الإثبات التي يقدمها المدعي أو الخصم لإثبات صحة ما يدعيه، ولا بد أن يكون الشاهد كامل الأهلية للأخذ بشهادته، فلا يجوز للمحكمة أن تسمع شهادة المجنون أو الصبي الذي لا يفهم معنى اليمين، وإن سمعت شهادة الصبي الذي لا يفهم معنى اليمين يكون سماع شهادته على سبيل الاستدلال فقط.

المادة (158) من الأصول الجزائية تنص على أنه

1_ يجوز سماع الشهود الذين لم يبلغوا خمس عشرة سنة بدون حلف يمين على سبيل الاستدلال إذا تبين أنهم لا يدركون كنه اليمين.

2 _ إن الشهادة التي تؤخذ على سبيل الاستدلال لا تكفي وحدها لإدانة ما لم تكن مؤيدة ببينة أخرى.