جريمة المشاجرة

المشاجرة

تعد المشاجرات من أكثر المشكلات شيوعاً في المجتمع ، فتحدث بكثرة  في الأماكن العامة المختلفة ولأسباب متعددة  ، ويشترك فيها عدة أشخاص لذلك  تعد من أكثر المشكلات  والنزاعات صعوبةً وتعقيداً في الإثبات  حيث أنها تقع بين مجموعة من الأشخاص ، يكثر فيما بينهم الضرب والسب والشتم  ، فيصبح الجميع محل إتهام ، ومهمة العثور على المسؤول عن إحداث المشاجرة  وتحديد مسؤولية كل شخص شارك فيها أمر صعب وليس مستحيلاً  ، وقد ينتج عنها إصابات جسدية بليغه أو  قتل أحد المشاركين فيها  وقد جرم القانون الأردني الاشتراك في المشاجرات  ، فهي جريمة بحد ذاتها وقد تؤدي إلى جرائم أخرى ، فما هي تلك العقوبة ؟ . وهل تختلف في حال تم معرفة الفاعل بالذات الذي تسبب بالأذى أو القتل؟

ما هي المشاجرة

هو عراك أو اشتباك يتم بين ثلاث أشخاص فأكثر، يتم تبادل فيما بينهم الضرب والجرح وأفعال الإيذاء الأخرى، وقد لا ينتج عنها أي نوع من أنواع الإيذاء، والمشرع الأردني جعل الاشتراك في المشاجرة جريمة والسبب في ذلك أن المشاجرة في حد ذاتها تعرض حياة الأشخاص وصحتهم وسلامتهم الجسدية للخطر.

الفرق بين المشاجرة والإيذاء؟

إن المشاجرة نوع من أنواع الإيذاء المجتمعي، وفي حال تم فيها فعل من أفعال الضرب أو نتج عنها جرح أو إصابات أو أدت إلى قتل تكون شكل من أشكال الإيذاء الجسدي، ونكون أمام جريمة إيذاء ويسأل الفاعل أو الفاعلين عن جريمة الإيذاء التي نجمت عن المشاجرة، والفرق بين المشاجرة والإيذاء هو أن المشاجرة تتم بين أكثر من شخصين وقد تفضي إلى إيذاء، أما جريمة الإيذاء فقد تقع ابتداء بين شخصين.

المادة (338) الاشتراك في مُشاجرة

نص قانون العقوبات الأردني في المادة السابقة على عقوبة الاشتراك في مشاجرة  ” إذا اشترك عدة أشخاص في مشاجرة نجم عنها قتل أو تعطيل عضو أو جرح أو إيذاء أحد الناس وتعذر معرفة الفاعل بالذات، عوقب كل من اشترك منهم في الأفعال الإجرائية التي نجم عنها الموت أو تعطيل العضو أو الجرح أو الإيذاء بالعقوبة المقررة قانوناً للجريمة المقترفة بعد تخفيضها حتي نصفها ، وإذا كانت الجريمة المقترفة تستوجب الإعدام أو الأشغال المؤبدة عوقب كل من اشترك في الأفعال الإجرائية المؤدية إليها بالأشغال المؤقتة لمدة خمس عشرة سنة ” .

العقوبة في حال معرفة الجاني المتسبب في الفعل الجرمي نتيجة للمشاجرة الجماعية

تبدأ المشاجرة بالملاسنة وتنتهي في كثير من الأحيان بوقوع جريمة قتل أو التسبب بعاهة دائمة أو إيذاء بليغ أو بسيط أياً كان شكله، ومن باب تحقيق العدالة أن يسأل الفاعل أو الفاعلين وحدهم المتسببين بإحداث الفعل الجرمي وأن يتم معاقبتهم بالعقوبة المقررة قانوناً للجريمة.

العقوبة في حال تعذر معرفة الجاني المتسبب في الفعل الجرمي نتيجة للمشاجرة الجماعية

أما في حال تعذر معرفة المتسبب بالفعل الجرمي فيعاقب كل من اشتراك في إحداث الجريمة بالعقوبة المقررة قانوناً للجريمة التي وقعت بعد تخفيضها حتى النصف، وفي حال كانت عقوبة الجريمة التي أفضت إليها المشاجرة الإعدام أو الأشغال المؤبدة يعاقب كل من اشتراك في الأفعال المؤدية إلى النتيجة الجرمية بالأشغال المؤقتة لمدة خمس عشرة سنه.

وبتالي عقوبة المشاجرة الجماعية هي الأشغال الشاقة حدها الأدنى ثلاث سنوات والأعلى خمس عشرة سنة.

مهمة معرفة الفاعل في المشاجرات الجماعية

إن التكييف القانوني لكل مشترك في جريمة جماعية يعود للمدعي العام ، فهو صاحب الاختصاص في وصف الجريمة المنسوبة لكل متهم ، فيجب أن تشتمل قرارات المدعي العام والنائب العام  على اسم المشتكي واسم المشتكى عليه وشهرته وعمره ومحل ولادته وموطنه ورقمة الوطني أو الشخصي  ، وإذا كان موقوفاً بيان تاريخ توقيفه ، مع بيان موجز للفعل المسند إليه وتاريخ وقوعه ونوعه ،  ووصفه القانوني والمادة القانونية التي استند إليها والأدلة على ارتكاب ذلك الجرم والأسباب التي دعت لإعطاء هذا القرار ، سنداً لنص المادة (235) من قانون أصول المحاكمات الجزائية .

ماذا إذا لم يرتض أحد المشتركين بالمشاجرة بالوصف الجرمي الذي نسبه إليه المدعي العام؟

له أن يطعن في قرار المدعي العام لدى النائب العام.

ماذا عن طلبات المشتكي في شكوى المشاجرة الجماعية؟

للمشتكي أن يقدم شكواه مع الادعاء بالحق الشخصي ومطالبة المحكمة بمجازاة المتهمين وإلزامهم بالتكافل والتضامن عن كافة الالتزامات المدنية الناتجة عن العطل والضرر المادي والمعنوي بالإصابات التي لحقت به.

كيفية مكافحة المشاجرات الجماعية؟

تحدث المشاجرات الجماعية لعدة أسباب أولها غياب الوعي الثقافي والقانوني لدى الأشخاص المشتركين في إحداث المشاجرات، فلو كان كل شخص منهم يعي ويؤمن ويثق بأن للدولة قانون شُ رع لحماية حقوقه  وحرياته المختلفة  ويدافع عنها لما أقدم على الاشتراك في النزاعات الفردية أو الجماعية  ، لذلك من الضروري زيادة الوعي القانوني لدى كافة أفراد المجتمع ، وهذا ما نسعى إليه من خلال مقالاتنا القانونية التي تهدف إلى تعريف المواطن بأن كل فعل يشكل جريمة له عقوبة في القانون الأردني ومن خلال القضاء العادل يمكن مجازاة الجاني جزائياً ومدنياً .

أيضا من الأسباب التي تؤدي إلى حدوث المشاجرات هي سرعة الغضب وعدم القدرة على ضبط النفس، لذلك لا بد من التأكيد على ضرورة تعلم ضبط النفس عند حدوث ملاسنات أو خلافات، فالمشاجرات تؤدي في كثير من الأحيان إلى نتائج لا تحمد عقباها.

قرار لمحكمة التمييز الأردنية متعلقة بالمشاجرة الجماعية

تتلخص وقائع الدعوى كما جاءت بإسناد النيابة العامة في الآتي: –

في حوالي الساعة التاسعة والنصف ليلاً وأثناء تواجد المجني عليه ص في البقالة العائدة له في البقعة تلقى اتصالاً هاتفياً عرف من خلاله بوجود مشاجرة جماعية بين أشقائه من جهة والمتهم س وأشقاء الأخير من جهة أخرى في شارع أبو حلاوة في البقعة حينها توجه المجني عليه إلى شارع أبو حلاوة لاستطلاع الأمر حيث تبين له أن المشاجرة قد انتهت إلا أن المتهم توجه نحو المجني عليه ص وعاجله بطعنة بواسطة موسى كباس في صدره سقط المجني عليه على إثرها على الأرض وتم إسعافه إلى المستشفى وهناك تم تركيب درنقة صدرية بحكم أن الإصابة قد نفذت إلى التجويف الصدري وقد شكلت خطورة على حياته وقدمت الشكوى وجرت الملاحقة ، نظرت محكمة الجنايات الكبرى الدعوى وبعد استكمال إجراءات التقاضي أصدرت حكماً بالرقم (69/2020) تاريخ 26/7/2020 قضت فيه بإعلان براءة المتهم مما أسند إليه

لم يرتضِ مساعد النائب العام لدى محكمة الجنايات الكبرى بهذا الحكم فطعن فيه تمييزاً

وحيث إن محكمة الجنايات الكبرى وبقرارها المطعون فيه قد ناقشت أدلة الدعوى مناقشة وافية ووجدت أن أقوال المجني عليه ص قد جاءت متناقضة وأحيل بشهادة الزور لوجود تناقض جوهري في شهادته بالإضافة إلى تناقض شهادة المجني عليه س مع شهادة شقيقه يوسف الأمر الذي يستوجب استبعادها

ومما يعزز قناعتنا ما ورد في أقوال شاهد العيان فلان بأن المتهم س تعرض للضرب وسقط على الأرض وأن الشاهد هو من أسعفه ولم يحصل طعن أثناء المشاجرة

وعليه وحيث إن الأحكام الجزائية تبنى على الجزم واليقين وليس على الشك والتخمين فيكون ما توصلت إليه المحكمة في قرارها المطعون فيه بإعلان براءة المتهم مما أسند إليه متفقاً وأحكام القانون وسببا التمييز لا يردان عليه ويتعين ردهما.

مبدأ قانوني: – يسأل الفاعل بالذات عن الفعل المسند إليه نتيجة للمشاجرة الجماعية

وحيث أن ما قام به المتهم من أفعال كانت نتيجة المشاجرة التي حصلت بين فريقي المشاجرة وحصلت أثناء المشاجرة وأن نيته لم تكن متجهة إلى قتل الظنين لأنه لم يكن هناك ما يمنعه من تسديد الإطلاق على أماكن قاتلة في جسمه وأن إطلاقه النار وإصابة الظنين في أماكن غير قاتلة تدل دلالة واضحة على أن نية القتل لم تتوفر لدى المتهم كما يستدل عليها من أماكن الإصابة وعدم توجيه مسدسه إلى أماكن قاتلة من جسمه رغم عدم وجود مانع له من ذلك وعليه تكون ما توصلت إليه محكمة الجنايات الكبرى في محله. راجع بذلك قرار محكمة التمييز الصادر عن الهيئة العادية رقم(160/2006فصل22/3/2006)

مبدأ قانوني المشاجرة تفضي إلى جريمة إيذاء

وحيث انه وعلى إثر المشاجرة التي حصلت بين المشتكي وأقاربه من جهة وبين المتهم وأقاربه من جهة أخرى أقدم المتهم على ضرب المشتكي بواسطة سكين على وجهه مما تسبب بأحد انجرح أسفل منطقة الوجه من الجهة اليمنى بطول 4 سم تقريباً.

وحيث ان محكمة الاستئناف ولتكوين قناعتها هذه ناقشت أدلة الدعوى مناقشة سليمة واستخلصت منها النتائج استخلاصاً سائغاً ومقبولاً تؤدي اليه هذه الأدلة وقامت باقتطاع فقرات من هذه البينات ضمنتها قرارها فإنه لا رقابة لمحكمة التمييز عليها بهذه المسألة الموضوعية ويكون تجريم المميز بجناية الإيذاء بحدود المادة 334 مكرر من قانون العقوبات وجنحة حمل وحيازة أداة حادة بحدود المادتين 155 و156 من قانون الأسلحة النارية والذخائر متفقاً وأحكام القانون

راجع بذلك قرار محكمة التمييز الصادر عن الهيئة العادية رقم(175/2017فصل13/4/2017)