صحة المستخرج الإلكتروني

صحة المستخرج الإلكتروني

بعد تطور التكنولوجيا بشكل كبير وواسع غدت المعاملات الإلكترونية منتشرة، وفي تطور مستمر يوما بعد يوم، وتوسعت بجدارة نظرا لدعم الدولة لشبكات الاتصالات التي زادت في ازدهار المعاملات الإلكترونية وفي هذا المقال سوف نسلط الضوء على المادة 6 من قانون المعاملات الإلكترونية الاردني رقم 15 لسنة 2015 والتي عالجت في طياتها محتوى السجل الإلكتروني والشروط الواجب توافرها فيه ليصار الى الاخذ به كحجة قانونية. وهنا سنتعرف على صحة المستخرج الإلكتروني والمستندات الإلكترونية.

والمشتخرج الإلكتروني هو قيد او عقد او اي مستند او وثيقة من نوع اخر يتم انشاء اي منها او تخزينها او استخدامها او نسخها او ارسالها او تبليغها او تسلمها باستخدام الوسيط الإلكتروني. وقد سمى المشرع الأردني المستخرج الإلكتروني بالسجل الإلكتروني. وفي تشريعات أخرى يسمى بالمستمسك الإلكتروني.

وهنا سنبين متى يكون المستخرج الإلكتروني صحيحا ، وقبل ذلك سوف نتناول بالبداية تعريف عدد من المصطلحات وهي: المعاملات الإلكترونية والسندات الإلكترونية والسجل الإلكتروني.

ما هي المعاملات الإلكترونية؟

هي المعاملات التي تنفذ بوسائل الكترونية، والوسائل الإلكترونية عبارة عن تقنية استخدام وسائل كهربائية او مغناطيسية او ضوئية او كهرومغناطيسية او اي وسيلة مشابهة.

ما هي المستندات الإلكترونية؟

المستندات الإلكترونية هي عبارة معلومات يتم انشاؤها او ارسالها او تسلمها او تخزينها بوسائل الكترونية او بوسائل مشابهة بما في ذلك تبادل البيانات الإلكترونية او البريد الإلكتروني او البرق او التلكس او النسخ البرقي.

ماذا نعني بالسجل الإلكتروني ( المستخرج الإلكتروني؟

هي رسالة المعلومات التي تحتوي على قيد او عقد او اي مستند او وثيقة من نوع اخر يتم انشاء اي منها او تخزينها او استخدامها او نسخها او ارسالها او تبليغها او تسلمها باستخدام الوسيط الإلكتروني.

متى يكون المستخرج الإلكتروني صحيحا وفق قانون المعاملات الإلكترونية

فقد ورد في نص المادة 6 من قانون المعاملات الإلكترونية رقم 15 لسنة 2015

“مع مراعاة احكام الفقرة (ب)من المادة (3) من هذا القانون إذا استوجب اي تشريع تقديم اي قيد او عقد او مستند او وثيقة بشكل خطي او كتابي فيعتبر تقديم السجل الإلكتروني الخاص بأي منها منتجا للآثار القانونية ذاتها شريطة ما يلي:

أ-امكانية الاطلاع على معلومات السجل الإلكتروني.

ب-امكانية تخزين السجل الإلكتروني والرجوع اليه في اي وقت دون احداث اي تغيير عليه.”

امثلة على السجلات الإلكترونية ( المستخرجات الإلكترونية):

ومن الامثلة على السجلات الإلكترونية سجل التأمينات الإلكتروني، سجل الدفع الإلكتروني، سجل العقود الإلكتروني، سجل الاعتراضات الإلكتروني وهذه السجلات على سبيل المثال لا على سبيل الحصر.

الشروط الواجب توافرها في السجل الإلكتروني ليتم الأخذ بمحتوياته كحجة قانونية:

1-     ان يحفظ السجل بالشكل الذي تم به انشائه او ارساله او تسلمه وبشكل يضمن عدم اجراء اي تغيير او تعديل على محتواه.

لكي يكون السند الإلكتروني الموجود في السجل الإلكتروني دليلا كاملا في الاثبات ،يجب ان يكون قابلا للاحتفاظ به لشكله الاصلي الذي نشأ به والمتفق عليه بين طرفي العلاقة وقد جاء النص على هذا الشرط في المادة 6 من قانون المعاملات الإلكترونية الاردني ،ويتم الاحتفاظ بمعلومات المحرر الإلكتروني عن طريق ادخال المعلومات او بنود الاتفاق بين الطرفين وتخزينها كما هي ،وبما تحتويه من نصوص وتواقيع اليا في الحاسب الإلكتروني ،وذلك بعد ان يتم معاينة هذا المحرر او السند عن طريق شاشة الحاسب ،ويتم تخزينه على اسطوانة مغناطيسية ،ويمكن استرجاع الوثيقة واستخراج نسخ عنها تكون مطابقة للأصل ،فلا بد من امكانية الاحتفاظ بالسجل الإلكتروني بذات الشكل والمواصفات التي تم بها انشاء السند او ارساله او تسلمه عن انشائه ،بحث اذا تم الرجوع الى السند كان هو ذات السند المنشأ او المرسل او المستلم دون اي تحريف او تبديل او تغيير ،وهنالك وسائل عديدة ظهرت للاحتفاظ بالمحررات او المستندات الإلكترونية سواء بواسطة الشريط المغناطيسي ،او الانترنت ،او الاقراص المرنة او الممغنطة او غيرها .

2-     حفظه على نحو يتيح الوصول الى المعلومات الواردة فيه واستخدامها والرجوع اليها في اي وقت:

وحتى يكون بالإمكان الاحتجاج بالسند الإلكتروني لا بد من الرجوع اليه في اي وقت، بحيث يتم الرجوع اليه بالشكل الذي تم به هذا السند بدون تحريف بالزيادة او النقصان، وسواء اكان محفوظا على شبكة الانترنت او بواسطة الاقراص المرنة او المضغوطة، وهذا ما أكد المشرع عليه في نصوصه.

مدى حجية البيانات /المعلومات الموجودة في السجل الإلكتروني:

انفرد المشرع الاردني في قانون البينات بمعالجة وسائل الاتصال الحديث بشكل عام والتي يتم من خلالها تداول البيانات، سواء اكان ذلك من خلال الفاكس او التيلكس او من خلال شبكة الانترنت او اي وسيلة الكترونية حديثة، واعتبر المشرع الاردني المحررات الإلكترونية من قبيل المحررات غير الرسمية، وبالتالي اضفى عليها نوعا من الحجية من خلال اعتبارها من المحررات العرفية /الاسناد العادية وهذا ما اكدت عليه المادة 13 من قانون البينات الاردني.

الاستثناءات الواردة على المادة 6 من قانون المعاملات الإلكترونية:

نصت الفقرة ب من المادة 3 من هذا القانون على عدد من المعاملات نصت على بعض المعاملات المستثناة من اطار وسائل تكنولوجيا الحديث حتى ولو كانت مستوفية لكافة الشروط والأوضاع القانونية  التي نص عليها القانون ،فالمشرع الاردني ذكر هذه المعاملات على سبيل المثال لا الحصر ،فقد اورد هذه الاستثناءات نظرا لأنها تمس حقوق الافراد بشكل عام ولا تتعلق بعلاقات فردية ،فالشخص الذي يقوم بإنشاء وصية ثم بعد ذلك توفي فلا يمكن بأي حال من الاحوال ان يتمكن من التوصل الى معرفة مدى صحة السند الإلكتروني كونه توفي ،وكذلك الحال بالنسبة للوقف فهذه المعاملات تتعلق بشريحة واسعة من افراد المجتمع وكبيع الاموال المنقولة او الوكالات العامه او الخاصة ،وكذلك الامر بالنسبة لعقود اشتراك المياه والكهرباء وغيرها ،وبالتالي ونظرا لأهمية مثل هذه المعاملات وخطورتها قام المشرع باستثنائها من تطبيق القانون عليها وبالتالي عدم امكانية استخدام الوسائل الإلكترونية لإنشائها او تعديلها او اثباتها ،كما هو حال الكثير من تشريعات الدول الاخرى مثل المشرع بإمارة دبي الذي استثنى بعض هذه الاوضاع القانونية من قانون تطبيق المعاملات عليها .

والمشرع الاردني قسم هذه الاستثناءات الى قسمين هما:

المعاملات ذات الشكلية الخاصة:

  • انشاء الوقف والوصية وتعديلهما :استثنى المشرع الأردني الوقف و الوصية وتعديلهما من مجال الوسائل الإلكترونية حتى لو كانت مستكملة الشروط القانونية في القانون المدني ،فهي بحاجة الى توثيق لخطورتها من الناحية الشرعية ،حيث يشترط في الوصية أن يقوم الموصي بالتوقيع خطيا على الوصية ،حتى يتمكن الموصى له من الاحتجاج بها بعد الوفاة ،وبالتالي لا يجوز سماع دعوى الوصية إلا إذا كانت محررة بموجب أوراق مكتوبة وموقع عليها خطيا ،أما بخصوص الوقف فان استثناء المشرع له يعود الى طبيعة انشاء الوقف وتعديله وشروطه التي تخضع للأحكام الشرعية لدى المحاكم المختصة ،فلا يمكن إنشاء العقود أو المعاملات المتعلقة به بوسائل الكترونية وهذا ما أكدته المادة 1237/2 من القانون المدني الأردني ،حيث أن القانون اشترط الاشهار الرسمي لدى المحاكم المختصة بالنسبة للوقف ،فلا يستطيع أحد تقرير أو انشاء الوقف بوسائل الكترونية مثل الكتابة و التوقيع الإلكتروني،لان هذا الوقف يتوقف عليه آثار قانونية واقتصادية مهمة لذا كان لابد من احاطتها بكافة الاحتياطات اللازمة حتى لا يكون هنالك شك فيها.
  • معاملات التصرف بالأموال غير المنقولة وما قد ينشأ عنها من وكالات متعلقة بهاوسندات ملكيةوإنشاء الحقوق العينية: ان استثناء هذه المعاملات جاء بالنص عليها من خلال المادة 2 من قانون التصرف بالأموال غير المنقولة الاردني رقم 46 لسنة 1953، ومن خلال ذلك يتضح أن معاملات التصرف بالأموال غير المنقولة من أراضي وعقارات وشقق وأبنية وغيرها وما يتعلق بها من وكالات بيع وشراء وما ينشأ عنها من حقوق انتفاع وغيره، لابد أن تخضع للإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون.
  • معاملات الأحوال الشخصية: ان استثناء هذه المعاملات، جاء نتيجة طبيعة هذه المعاملات التي لابد من خضوعها لإجراءات محددة نص عليها قانون الأحوال الشخصية الأردني المعدل رقم 61 لسنة 1976 والذي أوجب حضور الخاطب أو نائبه أمام المأذون الشرعي لتنظيم عقد الزواج من خلال محرر رسمي مكتوب، وذلك لما يترتب على هذا العقد من حقوق وآثار اجتماعية لكلا الزوجين.
  • الاشعارات المتعلقة بالإلغاء او فسخ عقود خدمات المياه والكهرباء والتأمين الصحي والتأمين على الحياة: ان اجراء مثل هذه المعاملات لا يمكن ان يتم بوسائل الكترونية بأي حال من الأحوال، فهي تحتاج لإثباتات خطية، إذ أن مسالة انهائها يكون عن طريق اعلام الطرف الآخر خطيا، وهذا ما أكدته محكمة التمييز الأردنية في قرار لها أعلنت فيه: “إن الفواتير التي تخلو من التوقيع أو لم تعزز بإقرار أو بينة لا تصلح حجة على الخصم وذلك لا يؤخذ بالدفع المجرد من الدليل “.
  • لوائح الدعاوى والمرافعات وإشعارات التبليغات القضائية وقرارات المحاكم: ان هذه المعاملات تتم بإجراءات محددة نص عليها القانون، فعلى سبيل المثال تقديم لائحة الدعوى لابد أن يكون مكتوبا، وكذلك الحال إذا صدر الحكم في الدعوى، فمن حق المحكوم له أن يحصل على صورة من الحكم من أجل تنفيذ الحكم، ولا يستطيع ذلك إلا إذا كان الحكم موقعا توقيعا حيا من القاضي ومختوم بختم المحكمة، وهذا لا يمكن أن يتم بوسائل الكترونية.

2-معاملات الأوراق المالية :تستثنى معاملات الاوراق المالية من نطاق قانون المعاملات الإلكترونية وذلك لما تختص طبيعة هذه المعاملات من حيث ان لها أهمية وخصوصية احتاط لها المشرع ،فلم يجز أن تصدر بوسائل الكترونية حتى لو كانت مستوفية للشروط القانونية الكاملة ،إلا ان القانون اعطى للجهات المختصة وهي البنك المركزي و هيئة الاوراق المالية بأن تقوم بوضع تعليمات خاصة بإصدار هذه الاوراق وذلك لكي تكون قادرة على تحقيق الائتمان و الثقة عند اصدارها من خلال وضع ضوابط و شروط لإصدار هذه الاوراق بوسائل الكترونية ،فإذا لم تحقق هذه الوسائل الثقة و الائتمان فإنها تفقد المبدأ الاساسي مع عدم جواز اصدارها بوسائل الكترونية .