عقد الإجارتين

عقد الإجارتين في القانون المدني الأردني

يعد عقد الإجارتين صورة من صور عقد الحكر، وقد نص عليه المشرع الأردني في القانون المدني رقم 43 لسنة 1976م في (المادة 1264)، حيث إنه يقع على المال الوقف، وعقد الإجارتين مثله مثل عقد الاستغلال والحكر والكدك والكردار، ويتبع في أحكامه أحكام عقد الحكر، وهذه العقود تعقدها الدولة مع المواطنين بهدف إدارة مرافق عامة مقابل أجرة معينة بهدف تنمية وإدارة المال الوقف وإدرار الربح المادي على الدولة.

وفي هذا المقال نتناول عقد الإجارتين، فنبدأ بتعريف عقد الإجارتين، ثم نتناول نشأة عقد الإجارتين، ثم فكرته الأساسية، ثم الفرق بينه وبين عقد الحكر، ثم نذكر الالتزامات الواقعة على طرفي العقد، وأخيرًا نذكر حالات انتهاء عقد الإجارتين كالتالي:

أولاً: تعريف عقد الإجارتين:

ثانيًا: نشأة عقد الإجارتين:

ثالثًا: الفكرة الأساسية لعقد الإجارتين:

رابعًا: الفرق بين عقد الإجارتين وغيره من العقود:

خامسًا: الالتزامات الناشئة على عقد الإجارتين:

سادسًا: حالات انتهاء عقد الإجارتين:

أولاً: تعريف عقد الإجارتين:

يُعرف عقد الإجارتين بأنه: “عقد إجارة مديدة بإذن القاضي الشرعي على عقار الوقف المتوهن الذي يعجز الوقف عن إعادته إلى حالته من العمران السابق، بأجرة معجلة تقارب قيمته تؤخذ لتعميره، وأجرة مؤجلة ضئيلة سنوية يتجدد العقد عليها وتدفع كل سنة”[1].

وعرف بأنه: ” أن يتفق متولي الوقف مع شخص على أن يدفع مبلغًا يكفي لتعمير عقار الوقف المبني المتوهن عند عجز الوقف عن التعمير، على أن يكون لدافع المال حق القرار الدائم في هذا العقار بأجر سنوي ضئيل”[2].

ومن خلال التعريفين السابقين يتضح أن عقد الإجارتين هو عقد يقع على مال الوقف، والذي لا يستطيع متولي الوقف أن يباشر إدارته بعد تدهور حالته، فيعمد إلى تأجيره إلى أحد المواطنين على أن يقوم بدفع الأجرة على مرحلتين، المرحلة الأولى وتكون قبل أن ينتفع به ويدفع مبلغ كبير ليقوم متولي الوقف بإصلاحه وإعادته إلى حالته السابقة ليكون صالحًا للاستخدام، والمرحلة الثانية يقوم فيها بدفع أجرة سنوية ضئيلة مقارنة بما دفعه سابقًا، ويقوم هو بالانتفاع بهذا الوقف وإدارته حتى انتهاء مدة العقد، على أن يقوم برده في حالة جيدة وصالحة للاستخدام فيما بعد.

ثانيًا: نشأة عقد الإجارتين:

عقد الإجارتين من العقود حديثة النشأة لم يكن له تصور معروف في العصور السابقة، ولا يوجد له سند حتى في كتب الفقه الإسلامي الأولى، وإن كان يشبه عقد الحكر إلا أنه يختلف عنه في أمور عدة.

نشأ بطريقة أحدثتها القوانين العثمانية بعد سنة 1020 هـ، على أثر حرائق ضخمة شملت أكثر عقارات الأوقاف في القسطنطينية، فعجزت غلاتها عن تجديدها، وتشوه منظر البلدة، فابتكروا طريقة الإجارتين تشجيعًا على استئجار هذه العقارات لتعميرها اقتباسًا من طريقة التحكير في الأراضي[3].

ثالثًا: الفكرة الأساسية لعقد الإجارتين:

مال الوقف قد يكون أرضًا أو عقار، وفي بعض الحالات لا يجد من يقوم عليه أو من يستأجره بشروط معينة للقيام بشئونه وإصلاحه بسبب ما قد يصيبه من تلف أو تهدم، وفي هذه الحالة قد يتعرض الوقف لخطر الهدم.

مع العلم أن المال الوقف لا يجوز بيعه أو التصرف فيه بأي شكل من الأشكال التي تقع على الملكية الخاصة، كما أنه لا يجوز تأجيره لمدة طويلة، ففي هذه الحالة لجأ الفقه الإسلامي في عصر الخلافة العثمانية وخاصة فقهاء الحنفية إلى فكرة عقد الإجارتين للاستفادة من مال الوقف الذي لا يجد من يقوم على شئونه واستمرار وجوده وخوفًا من خطر تهدمه.

حيث جاء في قانون العدل والإنصاف القاضي على مشكلات الوقف لمحمد قدري باشا في المادة رقم 332 ما نصه: “إذا خربت دار الوقف وتعطل الانتفاع بها بالكلية، ولم يكن للوقف ريع تعمر به، ولم يوجه أحد يرغب في استئجاره مدة مستقلة بأجرة معجلة تصرف في تعميرها، ولم يمكن استبدالها جاز تحكيرها[4] بأجرة المثل”[5].

رابعًا: الفرق بين عقد الإجارتين وغيره من العقود:

يتشابه عقد الإجارتين وعقد الحكر في أمور عدة ويختلفان في غيرها، ونتناول في هذه الفقرة أوجه الاختلاف والتشابه بينهما فيما يلي:

1 ـ أوجه التشابه بين عقد الإجارتين وعقد الحكر:

أ ـ إن عقدي الإجارتين والحكر يقعان على أموال الوقف، ويكون الانتفاع فيهما بالإيجار لمدة معينة ولا يقع بعدهما بيع للعين.

ب ـ إن عقدي الإجارتين والحكر يكونان في صورة عقد يدفع فيه الإيجار على مرحلتين، المرحلة الأولى وتكون قبل أن ينتفع به ويدفع مبلغ كبير ليقوم متولي الوقف بإصلاحه وإعادته إلى حالته السابقة ليكون صالحًا للاستخدام، والمرحلة الثانية يقوم فيها بدفع أجرة سنوية ضئيلة مقارنة بما دفعه سابقًا.

ج ـ يجوز للمنتفع في عقد الإجارتين وعقد الحكر أن يستخدم منافع الوقف طول مدة العقد، شريطة ألا يعود هذا الاستخدام بضرر على المال الموقوف.

د ـ يجوز في عقد الإجارتين وعقد الحكر أن يدير المال الموقوف بموجب العقد ورثة المستأجر في العقدين في حال موته قبل انتهاء مدة العقد.

هـ ـ إن المشرع الأردني قد اعتبر أن عقدي الإجارتين والحكر من الحقوق العينية الأصلية، وهذا ما نصت عليه الفقرة الأولى من (المادة 70) من القانون المدني الأردني بقولها: “الحقوق العينية الأصلية هي الملكية والتصرف والانتفاع والاستعمال والسكنى والسطحية ( القرار ) والحقوق المجردة والوقف والحكر والإجارتين وخلو الانتفاع”.

6ـ ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة رقم 1264 من القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976 بقولها: ” تسري أحكام الحكر على عقد الإجارتين إلا فيما يتعارض منها مع الفقرة السابقة”.

2ـ أوجه الاختلاف بين عقد الإجارتين وعقد الحكر:

ب ـ إن عقد الحكر يقع على أرض غير منتفع بها، وقد تكون أرض زراعية وقد تكون أرض صالحة للبناء عليها فيما بعد، أما عقد الإجارتين فيقع على مبنى موجود أصلا وكان مبنيًا على أرض وقف.

2ـ الإنشاءات التي يقوم بها المنتفع في عقد الحكر تنسب إليه وتكون ملكًا خالصًا له حتى بعد انتهاء مدة الحكر، بخلاف عقد الإجارتين فلا يمتلك المنتفع فيه ما يقوم به من إنشاءات أو إصلاحات على العين المؤجرة.

خامسًا: الالتزامات الناشئة على عقد الإجارتين:

يعتبر عقد الحكر- وبالتالي عقد الإجارتين – من العقود التي ترد على المنفعة، فتطبق الأحكام الخاصة بالمنفعة الواردة بالقانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976 على عقدي الحكر والإجارتين مثلهما مثل باقي العقود التي ترد على المنفعة وذلك فيما لا يتعارض مع الأحكام الخاصة به.

وعقد الإجارتين مثله مثل أي عقد يقع بين طرفين، يرتب التزامات على طرفي العقد، فيلتزم الطرف الأول بالتزامات معينة تقع على عاتقه، ويلتزم الطرف الثاني بالتزامات تقع على عاتقه أيضًا، وفي حالة إخلال أي منهما بالتزاماته يرجع إلى القضاء للفصل فيها، ويلتزم متولي الوقف بالتزامات معينة ويلتزم المستأجر بالتزامات معينة هي:

1 ـ التزامات التي تقع على متولي الوقف:

يقع على عاتق متولي الوقف عدة التزامات هي:

أـ تمكين المنتفع من استعمال العقار محل العقد:

نصت (المادة 1209) من القانون المدني الأردني على أن: ” للمنتفع أن يتصرف في العين المنتفع بها التصرف المعتاد إذا كان سند الانتفاع مطلقا من كل قيد”.

ويتضح من النص السابق أن من حق المنتفع أن يتعامل بحرية ودون قيود في استعماله لمحل العقد بشرط ألا يكون ذلك الاستعمال مخالفًا للقانون وألا يعود بضرر على محل العقد نفسه وهو المال والوقف، وأن متولي الوقف يلتزم بأن يمكن المنتفع من إدارة العقار بحرية ودون أي معوقات.

وتطبيقًا بذلك حكمت محكمة صلح حقوق شرق عمان في الحكم رقم 2816 لسنة 2015 الصادر بتاريخ 22/10/2015 بقولها: ” وعليه تجد المحكمة ابتداءً أن المأجور يقع ضمن حي المحطة كما هو ثابت سند تسجيل قطعة الأرض المقام عليها المأجور موضوع الدعوى، وأن العقار المأجور موضوع الدعوى قد خصص منفعته لمورث المدعين والذي انتقلت المنفعة بعد وفاته للمدعين، وعليه فإن حق التخصيص إنما يعطي للمتصرف حقاً عينياً أصليًا يتمثل بحق الانتفاع بها طبقاً للمفهوم المنصوص عليه في المادة 1205من القانون المدني، وعليه وبموجب المادتين 69  و1209/1  من ذات القانون فإن للمدعين سلطة مباشرة على هذه العين تمنحهم حق التصرف بها والقيام بأعمال الإدارة اللازمة للانتفاع بها بحيث يكون من حقهم القيام بكافة التصرفات باستثناء  التصرفات التي تمس ملكية هذا العقار كون المدعين لا يملكون رقبة العقار وإنما يملكون حق الانتفاع والتصرف فيه”.

ب ـ تمكين المنتفع من استغلال العقار محل العقد:

نصت (المادة 1208) من القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976 على أنه: “ثمار الشيء المنتفع به من حق المنتفع مدة انتفاعه”.

ويتضح من النص السابق أن من التزامات متولي الوقف أن يمكن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة بالشكل الذي يعود عليه بالربح، كما أن ثمار العين المؤجرة تعود للمستأجر، إذا أن هذا الربح هو صورة من صور الاستغلال الذي نص عليه القانون، أيًا كانت صور الربح طالما لا تمثل ضررًا على العين المؤجرة وليس فيها مخالفة قانونية.

ج ـ تمكين المنتفع من التصرف في العقار وإدارته:

نصت (المادة 1209) من القانون المدني على أن: ” للمنتفع أن يتصرف في العين المنتفع بها التصرف المعتاد إذا كان سند الانتفاع مطلقا من كل قيد، فإذا كان مقيدا بقيد فللمنتفع أن يستوفي التصرف بعينه أو مثله أو ما دونه، ولمالك الرقبة أن يعترض على أي استعمال غير مشروع أو لا يتفق مع طبيعة الشيء المنتفع به وأن يطلب من المحكمة إنهاء حق الانتفاع ورد الشيء إليه دون إخلال بحقوق الغير”.

يحق للمنتفع بمقتضى نص المادة السابق ذكره أن يمارس أعمال الإدارة على العقار محل العقد دون تدخل من متولي الوقف، طالما أن هذه الأعمال لا تدخل ضررًا على مال الوقف أو العقار ذاته، وليس من حق متولي الوقف أن ينازعه في هذا، وللمنتفع الحق في اللجوء إلى القضاء في حالة ما إذا نازعه متولي الوقف بغير حق.

كما أنه من حق المنتفع أن يقوم بتأجير العين المؤجرة أو أن يقوم برهنها طالما كان هو الملتزم بالإجارة أمام متولي الوقف، بالإضافة إلى أي تصرف من تصرفات الإدارة التي نص عليها القانون دون منازعة من أحد.

2 ـ الالتزامات التي تقع على المستأجر:

كما يلتزم متولي الوقف بالتزامات تقع على عاتقه تجاه المنتفع، يلتزم أيضًا المنتفع بعدة التزامات تقع على عاتقه بموجب عقد الإجارتين، وهذه الالتزامات هي:

أـ الالتزام بإعادة ترميم العين محل العقد:

الالتزام الأول والأساسي والذي من أجله أبرم العقد بينه وبين متولي الوقف هو إعادة ترميم وإصلاح العقار محل الوقف ـ محل العقد ـ، وهذا الالتزام يقع على عاتقه بشكل أساسي، ويجب أن يكون هذا الترميم محددًا بأجل لا يتخطاه المنتفع، وفي حالة تخطيه هذا الأجل دون الالتزام بالترميم الذي من أجله شرع العقد وبدون عذر مقبول فإنه من حق متولي الوقف أن يطلب فسخ العقد.

ويتضح ذلك من نص الفقرة الأولى من (المادة 1264) من القانون المدني الأردني بقولها: “عقد الإجارتين هو أن يحكر الوقف أرضًا عليها بناء في حاجة إلى الإصلاح مقابل دفع مبلغ معجل من المال مساو لقيمة البناء يصرف بمعرفة المتولي على عمارة الوقف. وأجرة سنوية للأرض مساوية لأجر المثل”[6].

ب ـ الالتزام بدفع الأجرة مقابل الانتفاع:

الالتزام الثاني من الالتزامات الواقعة على المنتفع هو دفع الأجرة مقابل الانتفاع، كما أنه ملتزم أيضًا بأن يقوم بدفع مقابل ترميم وصيانة العين المؤجرة في بداية العقد.

وهذا ما نصت عليه الفقرة الأولى من (المادة 1264) من القانون المدني الأردني سالفة الذكر، ويتضح من النص السابق أن الأجرة في عقد الإجارتين مقسمة على مرحلتين، المرحلة الأولى وتكون قبل أن ينتفع به ويدفع مبلغ كبير ليقوم متولي الوقف بإصلاحه وإعادته إلى حالته السابقة ليكون صالحًا للاستخدام، والمرحلة الثانية يقوم فيها بدفع أجرة سنوية ضئيلة مقارنة بما دفعه سابقًا.

ج ـ الالتزام باستعمال العقار الموقوف بطريقة لا تعود عليه بضرر:

نصت (المادة 1209) من القانون المدني الأردني على أن :” للمنتفع أن يتصرف في العين المنتفع بها التصرف المعتاد إذا كان سند الانتفاع مطلقا من كل قيد، فإذا كان مقيدا بقيد فللمنتفع أن يستوفي التصرف بعينه أو مثله أو ما دونه، ولمالك الرقبة أن يعترض على أي استعمال غير مشروع أو لا يتفق مع طبيعة الشيء المنتفع به وأن يطلب من المحكمة إنهاء حق الانتفاع ورد الشيء إليه دون إخلال بحقوق الغير” .

ويتضح من نص المادة سالفة الذكر أن من حق المنتفع بأن يستعمل العين المؤجرة ويستفيد من ربحه وريعه، إلا أنه يلتزم أيضًا بألا يترتب على استعماله هذا ضررًا يعود على العين المؤجرة محل الوقف، فليس من حقه أن يستعمل العين المؤجرة في أي غرض من شأنه أن يضر بسلامتها، إذ أن الغرض الأساسي من عقد الإجارتين هو ترميم وصيانة العين المؤجرة والحفاظ عليها وبقائها أطول فترة ممكنة في حالة جيدة، دون المساس بها أو تدميرها لأنها ليست مملوكة لشخص بعينه إنما هي وقف لله تعالى.

د ـ إعلام متولي الوقف بالتعديات التي قد تصيب العين المؤجرة:

نصت (المادة 1213) من القانون المدني الأردني على أن: ” على المنتفع أن يخطر المالك :

  • إذا ادعى الغير حقًا على الشيء المنتفع به أو غصبه غاصب.
  • إذا هلك الشيء أو تلف أو احتاج إلى إصلاحات جسيمة مما يقع على عاتق المالك .
  • إذا احتاج إلى اتخاذ إجراء لدفع خطر كان خفيا.

فإذا لم يقم المنتفع بالإخطار فإنه يكون مسؤولاً عن الضرر الذي يلحق المالك”.

ويتضح من النص السابق أن المنتفع في عقد الإجارتين يلتزم بأن يبلغ متولي الوقف بأي تعديات أو تغيرات تقع على العين المؤجرة، وكذلك في حالة ما إذا ادعى شخص أن له حق على العقار محل العقد، وفي حالة ما إذا لم يبلغ المنتفع متولي الوقف بهذه الحالات والتعديات فإنه يكون مسئولاً أمامه عن الضرر الذي قد يعود على متولي الوقف وعلى العقار الموقوف.

هـ – الاعتناء بالعقار محل العقد وتسليمه بحالته بعد انتهاء مدة العقد:

نصت الفقرة الأولى من (المادة 1211) من القانون المدني الأردني على أنه: “على المنتفع أن يعنى بحفظ الشيء المنتفع به عناية الشخص المعتاد”.

فيلتزم المنتفع في عقد الإجارتين بأن يقوم بعناية العقار والحفاظ عليه حتى يحين موعد تسليمه بنهاية مدة العقد، كما أنه يلتزم بأن يسلمه في حالة جيدة وألا يدخل عليه تعديلات من شأنها الإضرار به.

سادسًا: حالات انتهاء عقد الإجارتين:

عقد الإجارتين مثله مثل أي عقد ينتهي بحالات معينة، وفي هذه الفقرة نعدد حالات انتهاء عقد الإجارتين وهي:

1 ـ انتهاء مدة العقد:

نصت الفقرة الأولى من (المادة 1215) من القانون المدني الأردني على أنه: “ينتهي حق الانتفاع :
1ـ بانقضاء الأجل المحدد له “.

يحدد لعقد الإجارتين مدة ينتهي بانتهائها شأنه شأن كل العقود محددة المدة، وفي حالة رغبة المنتفع بالانتفاع بالعين مرة أخرى بعد انتهاء مدة العقد وكان من رأي متولي الوقف أن يأجر العين مرة أخرى، فإن المنتفع يكون هو الأولى من غيره في هذه الحالة بالعين، ولكن ليس كعقد إجارتين وإنما بعقد إيجار عادي.

وتجدر الإشارة إلى أن عقد الإجارتين لا يجوز أن تزيد مدته على خمسين سنة وذلك لأن تلك المدة هي أقصى مدة لعقد الحكر الذي ينطبق أحكامه على عقد الإجارتين فيما لا يتعارض معه، وذلك وفقاً لما نصت عليه (المادة 1264/2) من القانون المدني والتي نصت على أن: (تسري أحكام الحكر على عقد الإجارتين إلا فيما يتعارض منها مع الفقرة السابقة)، فضلاً عن عما ورد (بالمادة 1251) من القانون المدني والتي نصت على أن: (لا يجوز التحكير لمدة تزيد على خمسين سنة فاذا عينت مدة تزيد على ذلك أو لم تعين مدة اعتبر الحكر معقوداً لمدة خمسين سنة).

ب ـ موت المستأجر قبل بدء عملية الترميم والإصلاح:

نصت الفقرة الثانية من (المادة 1264/2) من القانون المدني الأردني على أنه: ” تسري أحكام الحكر على عقد الإجارتين إلا فيما يتعارض منها مع الفقرة السابقة”.

ونصت (المادة 2601) من ذات القانون على أنه: ” ينتهي حق الحكر بحلول الأجل المحدد له، وينتهي قبل حلول الأجل إذا مات المحتكر قبل أن يبني أو يغرس إلا إذا طلب جميع الورثة بقاء الحكر وإذن المتولي بذلك، وينتهي أيضًا قبل حلول الأجل إذا استبدل الموقوف المحكر أو نزعت ملكيته للمصلحة العامة. وذلك مع عدم الإخلال بما للمحتكر من حقوق طبقاً للقانون”.

ويتضح من نص الفقرة الثانية من المادة رقم 1264 من القانون المدني أن الأحكام المتعلقة بعقد الإجارتين يرجع فيها إلى الأحكام المتعقلة بعقد الحكر.

ويتضح من نص المادة رقم 1260 أن عقد الحكر ويتبعه في ذلك عقد الإجارتين ينتهي في حالة موت المنتفع قبل بدء عملية الترميم والصيانة، ولكن إذا رغب جميع الورثة من إتمام العقد والحلول محل مورثهم ورأى متولي الوقف الخيري في ذلك فهم أولى الناس باستكمال عمل مورثهم.

ج ـ تقاعس المنتفع عن سداد الأجرة المستحقة عليه:

نصت الفقرة الأولى من (المادة 1259) من القانون المدني على أنه: “يجوز للمحكر فسخ عقد التحكير :”إذا لم يدفع المحتكر الأجرة السنوية مدة ثلاث سنوات متتالية”.

ويتضح من نص المادة السابقة أنه يجوز لمتولي الوقف فسخ عقد الإجارتين في حالة تقاعس المنتفع عن سداد الأجرة المستحقة عليه لمدة ثلاث سنوات متتالية كما نصت المادة.

د ـ سقوط حق المنتفع في الانتفاع بالعين المؤجرة بسبب سوء الاستعمال:

نصت الفقرة الثانية من (المادة 1209) من القانون المدني الأردني على أنه: ” فإذا كان مقيدًا بقيد فللمنتفع أن يستوفي التصرف بعينه أو مثله أو ما دونه، ولمالك الرقبة أن يعترض على أي استعمال غير مشروع أو لا يتفق مع طبيعة الشيء المنتفع به وأن يطلب من المحكمة إنهاء حق الانتفاع ورد الشيء إليه دون إخلال بحقوق الغير “.

كما نصت (المادة 1959) من ذات القانون على أنه: “يجوز للمحكر فسخ عقد التحكير :

  • إذا لم يدفع المحتكر الأجرة السنوية مدة ثلاث سنوات متتالية .
  • أو إذا وقع من المحتكر إهمال جسيم في القيام بما يجب عليه نحو تعمير الأرض .
  • ويتم الفسخ في الحالتين بحكم من المحكمة المختصة”.

ويتضح من نص المادتين سالفتي الذكر أن عقد الإجارتين ينتهي في حالة ما إذا كان استعمال المنتفع يضر بالعين المؤجرة الضرر الذي من شأنه أن يؤثر عليه مستقبلاً ويجعله غير صالح للاستخدام فيما بعد، ومن صور سوء الاستعمال:

  • استعمال العقار الموقوف المنتفع به استعمالاً غير مشروع.
  • استعمال العقار الموقوف استعمالاً لا ينسجم مع طبيعته.
  • إهمال المستأجر الجسيم فيما يتوجب عليه من واجب الإعمار دون عذر مقبول.

هـ ـ تنازل المنتفع عن حقه في الانتفاع:

نصت الفقرة الثالثة من المادة رقم 1215 من القانون المدني الأردني على أنه: “ينتهي حق الانتفاع:

3ـ بتنازل المنتفع”.

وينتهي عقد الإجارتين في حالة ما إذا تنازل المنتفع عن حقه في الانتفاع بالعين المؤجرة قبل نهاية مدة العقد، وفي هذه الحالة يعود المال الموقوف لمتولي الوقف لإدارته وقف للقواعد القانونية.

و ـ هلاك العين المؤجرة محل العقد:

نصت الفقرة الثانية من (المادة 1215) من القانون المدني الأردني على أنه: ” ينتهي حق الانتفاع: “بهلاك العين المنتفع بها”.

ويتضح من النص السابق أن عقد الإجارتين ينتهي في حالة ما إذا هلكت العين المؤجرة، حيث إن ركن أصيل من أركان العقد قد فقد وهو محل العقد.

إعداد أ/ مصعب مصطفى المحامي.

[1] ـ أنظر د. وهبة بن مصطفى الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، 10/7672.

[2] ـ أنظر د. مصطفى أحمد، المدخل الفقهي العام، الجزء الأول، ص 633.

[3] ــ أنظر د. مصطفى أحمد الزرقا، المدخل إلى نظرية الالتزام العام في الفقه الإسلامي، ص53.

[4] ـ التحكير هنا بمعنى حبس المنفعة لصالح المستأجر، وهذا المعنى اللغوي للحكر، قال ابن فارس ـ رحمه الله ـ في معرض بيانه لمعنى الحكر في اللغة: (الحكر) الحاء والكاف والراء أصل واحد، وهو الحبس. والحُكرة: حبس الطعام منتظرًا لغلائه، وهو الحُكر، وأصله في كلام العرب الحَكَر، وهو الماء المجتمع، وكأنه احتكر لقلته). معجم مقاييس اللغة، ابن فارس، أبو حسين، أحمد بن فارس، 2/74. وقال الزبيدي ـ رحمه الله ـ في تاج العروس: (الحكر، بالكسر ما يجعل على العقارات ويحبس). تاج العروس، الزبيدي، محمد بن محمد الحسيني، 11/77.

[5] ـ أنظر محمد قدري باشا، قانون العدل والإنصاف القاضي على مشكلات الأوقاف، ص 145.

[6] ـ راجع نص الفقرة الأولى من المادة رقم 1264 من القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976م.