أحكام إصابات العمل في قانون الضمان الاجتماعي الأردني

أحكام إصابات العمل في قانون الضمان الاجتماعي الأردني

مع بداية الثورة الصناعية ونشأة الرأسمالية عام 1750م، أصبح العمال يعتمدون في أرزاقهم اعتماداَ كلياَ على الأجور المدفوعة بشكل دوري، وكانت أعداد كبيرة من هؤلاء العمال يتعرضون للبطالة لوقت طويل، ولم يكن هناك أي شكل من أشكال التأمين ضد مخاطر إصابات العمل أو المرض أو البطالة، وكان الأمر ينتهي في حالة تعرض العامل لأي نوع من هذه المخاطر إلى السكن في الأحياء الفقيرة، والتعرض لظروف صعبة، وغير صحية، إلا أن الضغوط التي جاءت من جانب العمال والفئات الاجتماعية الأخرى قد أتت بثمارها تدريجياَ، إذ بدأت الدول في الاضطلاع بدور أكثر فاعلية في وضع نظم الحماية الاجتماعية، كما أن كثرة المخاطر التي يتعرض لها العامل دفعت المشرع الأردني لتنظيم موضوع إصابات العمل وحماية العامل من أجل الحفاظ على القوي العاملة لاستمرار النهوض بالاقتصاد.[1]

هذا وقد امتدت مظلة قانون الضمان الاجتماعي ليشمل في الآونة الأخيرة جميع العاملين في المؤسسات داخل المملكة، مما ترتب عليه زيادة عدد المؤمن عليهم والمستفيدين من قانون الضمان الاجتماعي، ومما لاشك فيه أن التأمين ضد مخاطر إصابات العمل والأمراض المهنية هو أهم صورة من صور التأمين الاجتماعي، وهو ما سوف نحاول من خلال هذا المقال التعرف عليه بشكل توضيحي على النحو التالي:

أولا: ماهية الضمان الاجتماعي وخصائصه:

ثانيا: نطاق الضمان الاجتماعي:

ثالثا: مفهوم إصابة العمل:

رابعا: تقدير إصابات العمل والتعويض عنها:

خامسا: الطعن على تقدير إصابات العمل:

سادسا: بعض اجتهادات محكمة التمييز بشأن إصابات العمل في قانون الضمان الاجتماعي الأردني:

 

أولا: ماهية الضمان الاجتماعي وخصائصه:

1ـ المقصود الضمان الاجتماعي:

صدر أول قانون للضمان الاجتماعي بتوجيه من جلالة الملك/ الحسين بن طلال، تحت رقم (30) لسنة 1978، وبدأ العمل به في بداية عام 198، وكان هذا القانون حينها مؤقت، ثم توالت قوانين الضمان الاجتماعي إلى أن وصلت للقانون الحالي رقم (1) لسنة 2014.

هذا وقد عرفت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي الضمان الاجتماعي على أنه: ” توفير الأمن والحماية الاقتصادية والاجتماعية لأفراد المجتمع عند تعرضهم لمختلف أنواع الظروف التي تحول دون قدرتهم على توفير الدخل اللازم والذي يضمن لهم الحياة الكريمة، ومن هذه الظروف العجز والمرض والشيخوخة والوفاة والبطالة”.

2ـ أهداف الضمان الاجتماعي:

لعل من أبرز أهداف الضمان الاجتماعي وفقا لما أقرته المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي التالي:

أ ـ توفير الحاجات الأساسية وظروف معيشية لائقة للمؤمن عليهم وأفراد أسرهم، من خلال تأمين دخل للمؤمن عليهم وأفراد أسرهم في الفترات التي لا يستطيعون فيها العمل بشكل مؤقت (الأمومة والتعطل عن العمل) أو دائم (الشيخوخة والعجز).

ب ـ النهوض بالعمالة المنتجة، من خلال تحقيق الاستقرار الوظيفي والنفسي للعامل وبالتالي المساهمة في زيادة القدرة الإنتاجية للاقتصاد الوطني.

ج ـ المساهمة في تعزيز بيئة العمل اللائقة، من خلال الحث على اتخاذ تدابير السلامة والصحة المهنية والحفاظ على الوضع الصحي وتوفير العلاج والخدمات التأهيلية في حال التعرض لإصابة عمل.

د ـ الحفاظ على الوتيرة الاقتصادية والاجتماعية، وخاصة خلال فترات الأزمات والكساد الاقتصادي، فخطط الضمان الاجتماعي تعتبر إحدى المثبتات الاجتماعية والاقتصادية التلقائية، وتظهر التجارب أن الدول التي يوجد لديها نظم ضمان اجتماعي فاعلة وشاملة هي في وضع أفضل لمواجهة العواقب الاجتماعية والاقتصادية للأزمات.

هـ ـ المساهمة في تمكين وحماية الطبقة الفقيرة وتوسيع قاعدة الطبقة الوسطي من خلال توفير حد أدنى من الدخل وزيادة رقعة فرص العمل.

و ـ إعادة توزيع الدخل بين أفراد الجيل الواحد وبين الأجيال القادمة، بما يضمن توخي المزيد من العدالة الاجتماعية والحد من الاستبعاد الاجتماعي.

ن ـ المساهمة في تعزيز البيئة الاستثمارية في الأردن، من خلال إيجاد آلية ادخارية تساهم في تمويل المشاريع الاستثمارية لتحقيق معدلات نمو إيجابية في الدخل القومي، تعود على القوي العاملة والمجتمع بكامله بمستويات أعلى من المعيشة.

ي ـ المساهمة في إنجاح خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من خلال توجيه استثمارات الضمان الاجتماعي نحو القطاعات الواعدة بما يدعم هذه الخطط.

ثانيا: نطاق الضمان الاجتماعي:

تضمن قانون الضمان الاجتماعي رقم (1) لسنة 2014 تحديد الحالات والفئات الخاضعة لأحكامه، حيث نصت المادة (3/أ، ب) من هذا القانون على ” أ ـ يشمل هذا القانون التأمينات التالية:

  • تأمين إصابات العمل.
  • تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة.
  • تأمين الأمومة.
  • تأمين التعطل عن العمل.
  • التأمين الصحي.

ب ـ تسري التأمينات الواردة في البنود (1) و(2) و(3) و(4) من الفقرة (أ) من هذه المادة على الأشخاص الخاضعين لأحكام هذا القانون عند سريان مفعوله”.

ـ كما نصت المادة رقم (4) من ذات القانون على أن: ” أ ـ يخضع لأحكام هذا القانون كل من الفئات المبينة تالياَ ممن أكمل ست عشرة سنة دون أي تمييز بسبب الجنسية ومهما كانت مدة العقد أو شكله وأياَ كانت طبيعة الأجر شريطة أن لا يقل الأجر الذي تحتسب الاشتراكات على أساسه عن أي منهم عن الحد الأدنى للأجور المعتمد وفقا لقانون العمل النافذ وسواء أكان أداء العمل بصورة رئيسية داخل المملكة أم خارجها مع عدم الإخلال بأحكام الاتفاقيات الدولية التي تنظم قواعد الازدواج في التأمينات:

1ـ جميع العمال الخاضعين لأحكام قانون العمل النافذ.

2ـ الأشخاص العاملون غير الخاضعين للتقاعد بموجب أحكام قانون التقاعد المدني أو قانون التقاعد العسكري.

3ـ الأشخاص الأردنيون العاملون لدي البعثات الإقليمية والدولية والبعثات السياسية أو العسكرية العربية والأجنبية العاملة في المملكة والملحقيات والمراكز الفنية والتعليمية التابعة لها.

4ـ العاملون لحسابهم الخاص وأصحاب العمل والشركاء المتضامنون العاملون في منشآتهم وذلك بصدور قرار عن مجلس الوزراء بناء على تنسيب المجلس بشمولهم بأحكام هذا القانون خلال فترة لا تتجاوز تاريخ 1/1/2015 على أن تحدد الأنظمة الصادرة بمقتضي هذا القانون الأحكام المتعلقة بشمولهم بما في ذلك ساعات العمل والاجازات والراحة والتفتيش وأجورهم المشمولة بأحكام هذا القانون.

ب ـ لا تخضع الفئات التالية لأحكام هذا القانون:

1ـ الأشخاص الذين يؤدون اشتراكات تقاعدية وفق أحكام قانون التقاعد المدني أو قانون التقاعد العسكري.

2ـ الأشخاص غير الأردنيين العاملون لدى البعثات الإقليمية والدولية والبعثات السياسية أو العسكرية العربية والأجنبية العاملة في المملكة والملحقيات والمراكز الفنية والتعليمية التابعة لها.

3ـ العمال الذين تكون علاقتهم بصاحب العمل غير منتظمة وتعتبر العلاقة منتظمة وفقا لما يلي:

  • للعامل في المياومة إذا عمل ستة عشر يوماَ فأكثر في الشهر الواحد.
  • للعامل بالساعة أو بالقطعة أو بالنقلة أو من في حكمهم إذا عمل ستة عشر يوماَ فأكثر في الشهر الواحد بغض النظر عن عدد ساعات العمل أو القطع أو النقلات في اليوم الواحد.
  • للعامل الذي يتقاضى أجراَ شهرياَ بغض النظر عن عدد أيام عمله في الشهر الواحد باستثناء الشهر الأول لالتحاقه بالعمل فيتم تطبيق مبدأ ستة عشر يوم عمل فأكثر في الشهر الواحد.

ج ـ مع مراعاة أحكام المادة (3) من هذا القانون يجوز تطبيق التأمينات على خدم المنازل ومن في حكمهم بقرار من مجلس الوزراء بناء على تنسيب المجلس وتنظيم جميع الأمور المتعلقة بشمولهم بهذه التأمينات بموجب الأنظمة الصادرة بمقتضي أحكام هذا القانون”.

ثالثا: مفهوم إصابة العمل:

نص المشرع الأردني على توضيح المقصود بإصابة العمل في المادة رقم (2/أ) من قانون الضمان الاجتماعي رقم (1) لسنة 2014، وذلك بالنص على ” يكون للكلمات والعبارات التالية حيثما وردت في هذا القانون المعاني المخصصة لها أدناه ما لم تدل القرينة على غير ذلك:

إصابة العمل هي: ” الإصابة بأحد أمراض المهنة المبينة في الجدول رقم (1) الملحق بهذا القانون وأي أمراض أخرى يقرر المجلس إضافتها لهذا الجدول بناء على تنسيب المرجع الطبي أو الإصابة الناشئة عن حادث وقع للمؤمن عليه أثناء تأديته لعمله أو بسببه بما في ذلك كل حادث يقع له خلال ذهابه لعمله أو عودته منه شريطة أن يكون ذلك بالشكل المعتاد أو أن يكون الطريق الذي يسلكه مساراَ مقبولاَ  للذهاب للعمل أو الإياب منه “.

يتبين من التعريف السابق أنه يجب حتى تكون الإصابة مصنفة على أنها إصابة عمل أن تقع هذه الإصابة بمكان العمل، وفي أوقاته، وبسبب العمل، أي أنه في حال وقوع الإصابة بمكان العمل أو خلال أوقات العمل فإن ذلك قرينة على أن الإصابة إصابة عمل دون الحاجة لإثبات ذلك، وبالتالي لا حاجة للبحث عن وجود علاقة السببية بين الإصابة والعمل.[2]

وقد قضت محكمة العدل العليا الأردنية في حكمها رقم (927/2000) بأن: ” الإصابة لا يشترط أن تكون ناتجة عن العمل ذاته أي أن السبب بحدوث الإصابة لا يشترط أن يقع بسبب العمل مباشرة وإنما يعد بمثابة إصابة العمل الإصابة التي تقع بسبب العمل بطريقة غير مباشرة في حال قيام علاقة بين الإصابة والعمل التي حلت بالعامل، حيث أنه في حال انتفاء العلاقة التي تربط العامل بصاحب العمل فلا حاجة للبحث في مسؤولية صاحب العمل عن الإصابة التي تلحق بالعامل”

وقد تلاحظ أن المشرع الأردني لم يفرق بين الإصابة بالمفهوم الضيق المرتبطة بالحادث وبين الأمراض المهنية فاعتبر كل منهما إصابة عمل.[3]

رابعا: تقدير إصابات العمل والتعويض عنها:

بداية نود أن نشير إلى الالتزامات التي أوردها قانون الضمان الاجتماعي رقم (1) لسنة 2014 على عاتق صاحب العمل، وذلك من خلال النص في المادة رقم (27) على أن: ” أ ـ على المنشأة أن تقوم بنقل المؤمن عليه المصاب إثر وقوع إصابة العمل إلي جهة العلاج التي تعتمدها المؤسسة وإبلاغ أقرب مركز أمني عن الإصابات التي يقرر المجلس ضرورة الإبلاغ عنها خلال ثمان وأربعين ساعة من حدوثها وفقاَ للأنظمة الصادرة بمقتضي أحكام هذا القانون.

ب ـ تلتزم المنشأة بإشعار المؤسسة بوقوع إصابة العمل خطياَ وإرفاق التقرير الطبي الأولي وذلك خلال أربعة عشر يوم عمل من تاريخ وقوعها حداَ أعلى كما تلتزم المنشأة بتزويد المؤسسة بجميع ما تطلبه من وثائق وبيانات متعلقة بالإصابة.

ج ـ في حال تأخر المنشأة عن إشعار المؤسسة بإصابة العمل وفقاَ لأحكام الفقرة (ب) من هذه المادة تتحمل ما نسبته (15%) من تكاليف العناية الطبية المترتبة وفق أحكام المادة (26) من هذا القانون وكامل البدل اليومي المستحق وفق أحكام المادة (29) منه.

د ـ للمؤمن عليه أو لذويه الحق في إشعار المؤسسة بإصابة العمل خلال مدة لا تتجاوز أربعة أشهر من تاريخ وقوعها إذا لم تقم المنشأة بإشعار المؤسسة بها.

هـ ـ مع مراعاة أحكام الفقرة (ج) من هذه المادة تتحمل المؤسسة نفقات رواتب الاعتلال ورواتب تقاعد الوفاة الناشئة عن إصابة العمل حسب مقتضي الحال في حال تم إشعارها بإصابة العمل بعد أربعة أشهر من تاريخ وقوعها”.

كما أن المشرع الأردني حرص على حق العامل في التعويض حال تعرضه لإصابة عمل، ويتم تقدير قيمة هذا التعويض وفق الأسس والمعايير المحددة بالقانون، وهو ما أكدت عليه محكمة العدل العليا الأردنية في قرارها رقم (173/2007) بالنص على: ” نجد من خلال الرجوع إلى نصوص القانون أن العامل يقوم بمطالبته بالتعويض حسب القانون الذي يخضع له، حيث أن العامل الخاضع لأحكام قانون العمل يلجأ إلى وزارة العمل من خلال الموظف المفوض لتقدير التعويض، كما يلجأ العامل الخاضع إلى أحكام قانون الضمان الاجتماعي إلى المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي من خلال اللجان المختصة في المؤسسة لتقدير التعويض، كما أجاز القانون للعامل اللجوء إلى المحكمة المختصة في نظر النزاعات العمالية ما لم يقض القانون خلاف ذلك “.

هذا وقد نصت المادة (29) من قانون الضمان الاجتماعي رقم (1) لسنة 2014 على أن: ” أ ـ إذا حالت إصابة العمل دون أداء المؤمن عليه لعمله تلتزم المؤسسة خلال مدة تعطله الناشئ عن الإصابة بدفع بدل يومي يعادل (75%) من أجره اليومي الذي اتخذ أساساَ لتسديد الاشتراكات بتاريخ وقوع الإصابة عن الأيام التي يقضيها المصاب تحت العلاج في أحد مراكز العلاج المعتمدة من المؤسسة أو تلك التي يقضيها المصاب في المنزل وفقاَ لقرار صادر عن المرجع الطبي أو الجهة المختصة التي تحدد بموجب الأنظمة الصادرة بمقتضي أحكام هذا القانون.

ب ـ مع مراعاة أحكام الفقرة (أ) من هذه المادة يستمر صرف البدل اليومي طيلة مدة عجز المصاب عن مباشرة عمله أو حتي ثبوت العجز الدائم أو حدوث الوفاة.

ج ـ تتحمل المنشأة أجر الأيام الثلاثة الأولى من تاريخ وقوع الإصابة.

كما أن القانون أجاز للعامل المصاب أو لورثته أو المستحقين المطالبة بالتعويض، وهو ما نصت عليه المادة (37) من ذات القانون بالنص على: ” مع مراعاة ما ورد في الفقرة (هـ) من المادة (27) من هذا القانون لا يحق للمصاب أو لورثته أو للمستحقين عنه الرجوع على المنشأة للمطالبة بأي تعويض خلاف التعويضات الواردة في هذا القانون وذلك فيما يتعلق بإصابات العمل، إلا إذا كانت الإصابة ناشئة عن خطأ جسيم من المنشأة”.

وقد قضت محكمة التمييز الأردنية في قرارها رقم (6684/2001) بأنه: ” ما دام أن المحكمة وصلت إلى مسؤولية صاحب العمل فمن الحق الحكم للمدعين بالتعويض عما أصابه من ضرر دون الالتفات إلى ما استحقوه من راتب من الضمان الاجتماعي”.

وبناء على هذا الحكم يمكن القول بأن التعويض الأساسي يقع على عاتق مؤسسة الضمان الاجتماعي فيما أن التعويض التكميلي يقع على عاتق صاحب العمل، ومن الممكن أن يقوم الأخير الذي حكم عليه بالتعويض الإضافي أن يرجع على العامل برفع دعوى الإثراء بلا سبب.[4]

خامسا: الطعن على تقدير إصابات العمل:

نصت المادة رقم (38) من قانون الضمان الاجتماعي رقم (1) لسنة 2014 على: ” أ ـ لكل من المؤسسة والمؤمن عليه الحق في الاعتراض على القرارات التي تصدرها اللجنة الطبية الأولية فيما يخص إصابات العمل أمام اللجنة الطبية الاستئنافية.

ب ـ يقدم الاعتراض خلال ستين يوماَ من اليوم التالي لتاريخ تبلغ قرار اللجنة الطبية الأولية وللمعترض أن يرفق بالاعتراض الوثائق اللازمة، ولا تقبل أي وثائق تقدم بعد هذا التاريخ.

ج ـ تشكل اللجان الواردة في هذه المادة وأسس تنظيم أعمالها بما في ذلك رئاستها وأتعاب أعضائها بموجب الأنظمة الصادرة بمقتضي أحكام هذا القانون “.

من خلال النص سالف الذكر يتضح أنه من حق كل من المؤمن علية ومؤسسة الضمان الاجتماعي الاعتراض على قرار اللجنة الطبية الأولي والخاص بتقدير نسبة إصابة العمل، ولكن هذا الحق محاط بمجموعة من الشروط تتمثل في أنه يلزم الطعن على ذلك القرار خلال ستين يوم تحسب من اليوم التالي للتبليغ بالقرار، وأن يكون هذا الاعتراض أمام اللجنة الطبية الاستئنافية، هذا فيما يخص الاعتراض الإداري.

من هنا يتضح أن القانون أعطي لصاحب الشأن والمصلحة سواء المؤمن عليه أو المؤسسة الطعن على القرار الطبي الأولي أمام لجنة طبية أعلي وهي اللجنة الطبية الاستئنافية خلال ستين يوم من اليوم التالي للتبليغ بالقرار، على أنه وفي حال صدور قرار من الجنة الطبية الاستئنافية فإن قرار الأخيرة يكون قرار قطعي نهائي لا يجوز الطعن عليه أمام أي مرجع أو جهة طبية أخرى، ولكن يجوز الطعن عليه قضائياَ.

أما عن الاعتراض القضائي على تقدير إصابات العمل، فإن قانون محكمة العدل العليا الأردنية رقم (12) لسنة 1992 نص في المادة (9/أ/9) على أن اختصاص هذه المحكمة بالطعون بالقرارات الإدارية النهائية فقط دون سواها، ويقصد بالقرارات الإدارية النهائية أن يكون هذا القرار نهائي وليس بحاجة للتصديق عليه من جهة أعلى.[5]

كما أن المادة رقم (6/د) من نظام الشمول بتأمينات المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي قد نصت على: ” تعتبر القرارات الصادرة عن لجنة شؤون الضمان واللجنة الطبية الاستئنافية قرارات إدارية نهائية قابلة للطعن أمام المحكمة الإدارية خلال (60) يوماَ من اليوم التالي لتاريخ تبلغ القرار “.

سادسا: بعض اجتهادات محكمة التمييز بشأن إصابات العمل في قانون الضمان الاجتماعي الأردني:

ورد في حكم محكمة التمييز بصفتها الحقوقية رقم 2145 لسنة 2016 ما يلي:

وفي ذلك نجد إن ما تشير إليه الطاعنة من حيث الإجراءات القانونية والفنية واللجان الطبية الموجودة لدى المميزة ـ مؤسسة الضمان الاجتماعي ـ هي مخصصة لغايات تقدير التعويض عن إصابات العمل التي تلحق بالمشمولين بقانون الضمان الاجتماعي والمؤمنين لدي المؤسسة ولا تسري على غيرها من الإصابات التي تلحق بأفراد المجتمع وعليه فإن استبعادها من قبل الخبراء في محله”.

ورد في حكم محكمة التمييز بصفتها الحقوقية رقم 1655 لسنة 2011 ما يلي:

وحيث أن التقرير الطبي المشار إليه صادر من جهة رسمية وذات اختصاص نوعي في تقدير الإصابات الناتجة عن العمل والحوادث مما لا يجوز معه إعادة المميز ضده على اللجنة الطبية ما دامت أن هذه اللجنة قد أيدت رأيها بالحالة الصحية للمصاب وقررت أن الإصابات الحاصلة للمدعى قد استقرت بتخلف عاهة دائمة بنسبة (100%) خلافاَ لما ورد بهذا السبب مما يستدعي رده”.

ورد في حكم محكمة التمييز بصفتها الحقوقية رقم 1416 لسنة 2005 ما يلي:

حيث إنه في حال تعرض العامل لإصابة خارج مكان العمل أو زمانه لكن لمصلحة صاحب العمل فتكون إصابة عمل بالمعني القانوني “.

إعداد/ محمد سعيد عبد المقصود.

[1] جعفر حامد فايض المناصير، أحكام التعويض عن إصابات العمل في التشريع الأردني، رسالة ماجستير، جامعة الشرق الأوسط، الأردن،2020، صـ 2.

[2] مهند صالح الزعبي، النظام القانوني لتأمين إصابات العمل في قانون الضمان الاجتماعي الأردني، محامي الأردن، دار يافا العلمية للنشر والتوزيع، الأردن، 2013، صـ13.

[3] حمدي القبيلات، الطعن بقرارات تقدير إصابات العمل الصادرة وفقا لأحكام قانون الضمان الاجتماعي الأردني رقم (7) لسنة 2010، مجلة العلوم القانونية والسياسية، نقلا عن مقال محامي أردني معروف ). العدد الأول، بدون تاريخ، صـ 107.

[4] محمد  المناصير، مدي تطبيق قواعد المسؤولية المدنية في التعويض عن إصابات العمل، بحث منشور بمجلة دراسات علوم الشريعة والقانون، المجلد الثالث والأربعون، العدد الأول، صـ 279.

[5] حمدي القبيلات، القانون الإداري، الجزء الثاني، الطبعة الأولي، دار وائل للنشر، عمان، 2010، صـ 24.