جريمة مقاومة رجال الأمن

جريمة مقاومة رجال الأمن

مواد القوانين صامتة ما دامت في طيات الكتب تحرك بسردها بوقائع الأحكام القضائية وما يُسمع لها الصوت هو تنفيذها على أرض الواقع، هذا التنفيذ يكون عن طريق رجال الأمن فالجهاز الأمن بالدولة هو المنوط بتنفيذ الأحكام، ولقد كفل التشريع العقابي في قانون العقوبات الأردني للجهاز الأمن كسلطة تنفيذية الحماية أثناء تأديتهم لعملهم، وسيكون ذلك العرض من خلال النقاط الآتية:

أولًا: السند القانوني للحماية

ثانيًا: التعريف بالمصطلحات المرتبطة

ثالثًا: أركان جريمة مقاومة رجال الأمن

رابعًا: الشروط الواجب توافرها في رجل الأمن

خامسًا: العقوبة

سادسًا: ما قد يتشابه مع جريمة مقاومة رجال الأمن

سابعًا: تطبيقات على جريمة مقاومة رجال الأمن

ثامنًا: خاتمة

أولًا: السند القانوني للحماية

قبل الحديث عن باستفاضة عن حماية المشرع الأردني لرجال الأمن لابد أولًا أن نذكر السند القانوني الذي نعتمد عليه في مقالنا حيث نصت المادة (185) من قانون العقوبات الأردني على (1- من ھاجم أو قاوم بالعنف موظفا یعمل على تنفیذ القوانین أو الأنظمة المعمول بھا أو جبایة الرسوم أو الضرائب المقررة قانونا أو تنفیذ حكم أو أمر قضائي أو أي أمر صادر من سلطة ذات صلاحیة یعاقب بالحبس لا أقل من ستة أشھر اذا كان مسلحا وبالحبس من ثلاثة أشھر إلى سنة اذا كان أعزل من السلاح. 2- وتضاعف العقوبة إذا كان الفاعلون ثلاثة فأكثر).

ثانيًا: التعريف بالمصطلحات المرتبطة

لابد قبل تطبيق النص أن نتعرف على المصطلحات التي لابد أن نفهمها لكي نطبق النص تطبيقيًا سليمًا.

1- الهجوم والمقاومة

الهجوم عكس المقاومة وما يعنينا في هذا النطاق هو كيفية ممارسة الهجوم والمقاومة في مواجهة رجال الأمن، الهجوم يكون عن طريق المباغتة بالفعل المانع أي أن المنوط به الانصياع لتنفيذ الحكم أو القانون قام بعمل عدائي حال بين رجل الأمن وبين ممارسة عمله فهو بذلك عمل إيجابي صرف ومثل على ذلك فعل الضرب بداية من المطلوب منه الانصياع لرجل الأمن، أما المقاومة فهي عبارة عن إعاقة رجل الأمن في ممارسة عمله فهي عمل تالي على شروع رجل الأمن في ممارسة عمله قد يكون بفعل إيجابي مثل (دفع رجل الأمن) أو بعمل سلبي مثل (عدم فتح الباب لرجل الأمن لتنفيذ حكم).

2- الموظف (رجل الأمن)

عرفت المادة (2) من نظام الخدمة المدنية وتعديلاته – رقم (9) لسنة 2020 الموظف العام حيث جاء فيها (الشخص المعين بقرار من المرجع المختص، في وظيفة مدرجة في جدول تشكيلات الوظائف الصادر بمقتضى قانون الموازنة العامة أو موازنة إحدى الدوائر والموظف المُعين بموجب عقد ولا يشمل الشخص الذي يتقاضى أجراً يومياً).

وعرفه قانون العقوبات في المادة (169) حيث نصت على (يعد موظفا بالمعنى المقصود في هذا الباب كل موظف عمومي في السلك الإداري أو القضائي ، وكل ضابط من ضباط السلطة المدنية أو العسكرية أو فرد من أفرادها، وكل عامل أو مستخدم في الدولة أو في إدارة عامة.)

ورجل الأمن يعد أحد الموظفين العمومين لكن ما يميزه عن غيره من الموظفين ليكون ضمن إطار حديثنا في هذا المقال هو ما ورد بالمادة (185/1) من قانون العقوبات الأردني والتي جاء فيها  (من ھاجم أو قاوم بالعنف موظفا یعمل على تنفیذ القوانین أو الأنظمة المعمول بھا).

3- القوانين والأنظمة

حيث إن رجل الأمن يكون دوره تنفيذ القوانين والأنظمة الموضوعة من قبل الدولة في هيئة لوائح تنظيمية للمسائل المتنوعة، وقد ينفذ نواتج تطبيق القانون (الأحكام) سواء كانت الحقوقية أو الجزائية.

4- الوصف الجرمي لهذه الجريمة:

جرم مقاومة رجال الأمن العام خلافا لأحكام المادة 185 من قانون العقوبات وجرم السكر المقرون بالشغب خلافا لأحكام المادة 390 عقوبات .

 ثالثًا: أركان جريمة مقاومة رجال الأمن

الجريمة الجزائية تنقسم إلى ركان الركن المادي والركن المعنوي، فالركن المادي يمثل عناصر الفعل الإجرامي، والركن المعنوي يمثل الجانب النفسي في الجريمة وينقسم إلى جزئيين العلم والإرادة، وسوف نطبق ذلك على جريمة مقاومة رجال الأمن.

1- الركن المادي

يتمثل الركن المادي لجريمة مقاومة رجال الأمن في أحد صورتين أما أن يكون في شكل اعتداء أو أن يكون على شكل مقاومة وفي أغلب الأحيان يكون هذا الركن المادي على شكل عمل مادي، ويثور التساؤل هل يمكن أن يكون الركن المادي في جريمة مقاومة رجال الأمن عمل معنوي؟ الإجابة نعم حيث إن إيقاع الرهبة في نفس رجل الأمن عن طريق التهديد بالإيذاء فعلى الرغم أن فعل التهديد لم يشكل عمل مادي إلا أنه حال بين رجل الأمن وبين تنفيذ مهامه.

2- الركن المعنوي

كما قلنا أن الركن المعنوي للجريمة هو الجانب النفسي للفعل الإجرامي، وفي جريمة مقاومة رجل الأمن فإن الركن المعنوي يتمثل في قصد الجاني منع رجل الأمن من ممارسة مهامه الوظيفية في تنفيذ القوانين والأحكام، ولا يمنع أن يكون مرتكب فعل المقاومة شخصًا معنويًا وفق قانون العقوبات الأردني، والركن المعنوي يتكون من العلم والإرادة، العلم مفترض بالنسبة للجرائم الجنائية وفقًا لنص المادة (85) من قانون العقوبات الأردني إذ نصت على ( لا یعتبر جھل القانون عذرا لمن یرتكب أي جرم.)، أما الإرادة فهي أن يتجه الإنسان بوعيه وإدراكه إلى ارتكاب رغم علمه بتجريمه.

ولقد بينت المادة (74) من قانون العقوبات الأردني ذلك إذا نصت على (1- لا یحكم على احد بعقوبة ما لم یكن قد اقدم على الفعل عن وعي وإرادة.2- یعتبر الشخص المعنوي باستثناء الدائرة الحكومیة أو المؤسسة الرسمیة أو العامة مسؤولا جزائیا عن أعمال رئیسه أو أي من أعضاء إدارته أو مدیریه أو أي من ممثلیه أو عماله عندما یأتون ھذه الأعمال باسمه أو بإحدى وسائله بصفته شخصا معنويا.ً 3- لا یحكم على الأشخاص المعنویین إلا بالغرامة والمصادرة وإذا كان القانون ینص على عقوبة أصلیة غیر الغرامة استعیض بالغرامة عن العقوبة المذكورة وأنزلت بالأشخاص المعنویین في الحدود المعینة في المواد من ( 22 ) إلى ( 24 ) من ھذا القانون).

وعدم توافر العناصر الركن المعنوي لا يقل بأهمية عن توافر الركن المادي إذ بدونه لا تكتمل الجريمة وفي ذلك جاء بالحكم رقم 3073 لسنة 2021 – محكمة التمييز بصفتها الجزائية الصادر بتاريخ 9/12/2021 (وجدت المحكمة أن الركن المعنوي بشقيه العلم والإرادة غير متوافر بحق المتهم حيث لم يثبت للمحكمة علم المتهم بماهية المادة المضبوطة ولم يثبت اتجاه إرادته إلى استيراد هذه المواد بقصد الإتجار بها لا سيما وأنه أنكر علمه بماهية المادة المضبوطة من أنها مادة مخدرة لدى المحقق والمدعي العام الأمر الذي يقتضي معه إعلان عدم مسؤوليته عن التهمة المسندة إليه.)

رابعًا: الشروط الواجب توافرها في رجل الأمن

لكي يثبت الفعل الإجرامي في مواجهة المقاوم له لابد بدايةً أن يكون الموظف مختصًا بعمله، والاختصاص يكون إما مكاني بأن يكون رجل الأمن طمن النطاق المكاني لدائرة عمل رجل الأمن، والاختصاص الوظيفي أن يكون رجل الأمن مختصًا بالعمل الذي تمت مقاومته في أدائه، ولابد أن يتوافر في رجل الأمن الاختصاص الوظيفي والمكاني.

ففي قانون تنفيذ الأحكام والإنابات نصت المادة (3) منه على (تنفذ الأحكام الصادرة من أية محكمة من محاكم المملكة الأردنية الهاشمية من قبل دوائر التنفيذ في المملكة كأنها صادرة من المحكمة التي يراد تنفيذ الحكم في منطقة اختصاصها)، وكذلك المادة (151) من قانون أصول المحاكمات الجزائية وتعديلاته إذ نصت على ( لكي تكون للضبط قوة إثباتيه يجب: أ- أن يكون قد نظم ضمن حدود اختصاص الموظف وأثناء قيامه بمهام وظيفته. ب- أن يكون الموظف قد شهد الواقعة بنفسه. ج- أن يكون الضبط صحيحا في الشكل. أما الضبوط الأخرى فتكون جميعها كمعلومات عادية.)، وبخصوص تنفيذ الأحكام الحقوقية وممارسة رجل الأمن عمل التابع لإدارة تنفيذ الأحكام نصت المادة (4/أ) من قانون التنفيذ وتعديلاته على (دائرة التنفيذ المختصة هي الدائرة التي توجد في منطقة المحكمة التي أصدرت الحكم أو موطن المحكوم عليه أو محكمة موطن المحكوم له أو الدائرة التي تم إنشاء السندات التنفيذية في منطقتها).

والاختصاص هو ما يضفى على عمل رجل الأمن المشروعية ويرتب عليه الأثار والتي منها توافر حقه في الحماية من مقاومة الغير له، وعدم توافر الاختصاص يحل عمل رجل الأمن عن المشروعية ويجعل عمله لا قيمة له ولا يرتب أي أثر وأكد ذلك ما جاء بالحكم رقم 3068 لسنة 2021 – صلح جزاء الرصيفة الصادر بتاريخ 22/11/2021 (وبحدود هذه الشكوى تجد المحكمة وبرجوعها لمعلومات الملازم سائد تجد انه ورد بها أن الملازم هو من مرتبات مديرية الإعلام والشرطة الاجتماعية لدى مديرية الأمن العام وان قيامه بتنظيم الضبط كان أثناء مسيره بمركبته متجها إلى منزله بعد انتهاء الدوام الرسمي له وفي ذلك تجد المحكمة أن الملازم سائد ليس من رجال الضابطة العدلية المكلفون بإثبات الجنح والمخالفات لاسيما أن مثل هذا الاختصاص مناط برقباء السير ورجال إدارة السير فقط وهم المختصون بتنظيم المخالفات والضبوطات المتعلقة بمخالفة قانون السير أما أن يتم القول بان أي رجل امن عام من اختصاصه تنظيم مثل هذه الضبوطات فان هذا القول فيه مبالغة شديدة وخروجا على النص التشريعي الذي حدد المشرع من خلاله الضبوطات القانونية التي تقبل كبينه في الإثبات بان تكون صادرة عن موظف مختص).

مبدأ حرية الاقتناع للقاضي الجزائي في هذه الجريمة

العبرة بالبينة التي تطمئن اليها المحكمة وتقتنع بها وحيث ان الإثبات في المواد الجزائية يمتاز بانه إثبات حر بحيث يلعب القاضي دورا إيجابيا في البحث عن الحقيقة أيا كانت هذه الحقيقة سواء أكانت في مصلحة المشتكى عليه ام في صالح المشتكي والقاضي الجزائي في ظل مبدأ حرية الاقتناع يكون دائما ملتزم بالبحث عن الحقيقة التي يعلنها في حكمه إعمالا لقاعدة ان الحكم القضائي عنوان الحقيقة.

حيث ان لمحكمة الموضوع ان تكون عقيدتها من اي دليل يقدم اليها ولم يقيد القانون القاضي الجزائي بأدلة معينة، بل خوله بصفة مطلقة ان يكون عقيدته من اي منها عملا بالمادة (147) من قانون أصول المحاكمات الجزائية حيث تقام البينة بجميع طرق الإثبات ويحكم القاضي حسب قناعته الشخصية وتستطيع المحكمة من خلال ذلك طرح اي دليل لا تطمئن اليه لا بل تستطيع تجزئة الدليل الواحد بحيث تأخذ ما يطمئن اليه وجدانها وتطرح الباقي وفي إطار هذه الدعوى.

خامسًا: العقوبة

نصت المادة (185) من قانون العقوبات الأردني على (1- من ھاجم أو قاوم بالعنف موظفا یعمل على تنفیذ القوانین أو الأنظمة المعمول بھا أو جبایة الرسوم أو الضرائب المقررة قانونا أو تنفیذ حكم أو أمر قضائي أو أي أمر صادر من سلطة ذات صلاحیة یعاقب بالحبس لا أقل من ستة أشھر اذا كان مسلحا وبالحبس من ثلاثة أشھر إلى سنة اذا كان أعزل من السلاح. 2- وتضاعف العقوبة إذا كان الفاعلون ثلاثة فأكثر)، ومن هذا النص نجد أن هناك حالتان للعقوبة حالة مخففه وحالة مشددة.

1- الحالة المخففة:

الحالة المخففة هو قيام شخص أو اثنان بالاعتداء أو منع رجل الأمن من ممارسة عمله المنوط به القيام به، وقد فرق المشرع الأردني في حال كون الشخص أو الأثنان يحمل أو يحملا سلاحًا، ففي حالة عدم حمل السلاح تكون العقوبة من ثلاثة أشهر إلى سنة.

2- الحالة المشددة لحمل سلاح

في هذا الحالة من التشديد رفع المشرع الأردني من الحد الأدنى العقوبة من ثلاثة أشهر إلى ستة أشهر، وذلك مع بقاء الحد الأقصى كما هو سنة.

3- الحالة المشددة للتعدد

في حالة تعدد الفاعلون في جريمة الاعتداء بحيث كانوا ثلاثة فأكثر فإن المشرع الأردني قد شدد العقوبة فمضاعفتها.

سادسًا: ما قد يتشابه مع جريمة مقاومة رجال الأمن

في ممارسة رجل الأمن لعمل قد تظهر العديد من ردود الأفعال التي قد يختلط على رجال القانون كونها من سبل المقاومة أم لا ذلك لما بينا أن المقاومة قد تكون معنوية مثل التهديد بإيذاء الأقارب، وفي السطور القادمة سنتعرف على الأفعال التي تكون مزامنة لعمل رجل الأمن في ممارسته لعمله لكنها لا تعد مقاومة لتفريد المشرع الأردني نصوصًا قانونية خاصة بها.

1- الاعتداء

نصت المادة (187/1/أ) من قانون العقوبات على ( من ضرب موظفا أو اعتدى عليه بفعل مؤثر آخر أو شهر السلاح عليه أثناء ممارسته وظيفته أو من اجل ما أجراه بحكم الوظيفة ، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة اشهر.)

ونجد أن المشرع الأردني فرق بين المقاومة وبين الاعتداء والضرب حيث إن الاعتداء أو الضرب كفعل يفوق المقاومة في درجة الخطورة، والفيصل بين المقاومة والاعتداء أو الضرب هو الغاية حيث إن غاية المقاومة إعاقة عمل رجل الأمن فقط أما الاعتداء أو الضرب فقصد المتهم يذهب إلى إلحاق الأذى برجل الأمن.

– تطبيق يبين الفرق بين المقاومة العادية والاعتداء على رجل الأمن: الحكم رقم 152لسنة2020 – بداية جزاء – جنح عمان الصادر بتاريخ 31/3/2021والذي جاء فيه:

أما فيما يتعلق ب(190) التحقير فإن المحكمة تجد أن التقارير كانت عبارة عن رضوض وهو امر لا يمكن استبعاده في مثل واقعة الدعوى عندما يقوم رجل امن بمحاولة السيطرة على المقاوم وهو امر لا يعني بالضرورة اتجاه إرادة المقاوم للاعتداء على رجل الأمن العام. الأمر الذي يتعين معه استبعاد هذه التقارير هي الأخرى.

– تطبيق يبين شكل الاعتداء على رجل الأمن الحكم رقم 2438لسنة2020 – صلح جزاء الزرقاء الصادر بتاريخ 12/1/2021والذي جاء فيه:

فيما يتعلق بجرم الاعتداء على الموظفين: فتجد المحكمة أن الأفعال المرتكبة من قبل المشتكى عليه محمود المتمثلة بالاعتداء على رجل الأمن وضربه بواسطة يديه وبواسطة الهاتف الأرضي مما أدى ذلك إصابة المشتكي واحتصاله على تقرير طبي يشعر بحالته يمثل كافة أركان جرم الاعتداء على الموظفين المسند اليه مما يستدعي إدانته به.

2- التحقير

لقد عرفت المادة (190) التحقير حيث نصت على ( هو كل تحقير أو سباب – غير الذم والقدح – يوجه إلى المعتدى عليه وجها لوجه بالكلام، أو الحركات، أو بكتابة، أو رسم لم يجعلا علنيين، أو بمخابرة برقية ،أو هاتفية، أو بمعاملة غليظة.)

وورد العقاب على التحقير بالمادة (196/2) من قانون العقوبات الأردني حيث نصت على (يعاقب على التحقير : واذا كان الموظف المعتدى عليه بالتحقير أثناء قيامه بوظيفته أو من اجل ما إجراءه بحكم الوظيفة ممن يمارسون السلطة العامة كانت العقوبة من ثلاثة أشهر إلى سنة.)

– تطبيق للتفريق بين مقاومة رجال الأمن والتحقير: الحكم رقم 2750 لسنة 2021 – محكمة التمييز بصفتها الجزائية الصادر بتاريخ 3/11/2021 والذي جاء فيه:

جاء بالوقائع: وعندما شعر المتهم بحضور الشرطة قام بتشليح المجني عليها بلوزتها وبقيت ترتدي حمالة الصدر فقط من الأعلى وتهجم على زوجته وقام بخنقها بأن قام بالضغط على رقبتها بواسطة قبضة يده حتى أصبحت بحالة إغماء وفي الأثناء دخلت الشاهدة ياسمين إلى المنزل كونها تملك مفتاح له ولدى مشاهدتها للمتهم يخنق شقيقتها فقد استنجدت بالشرطة والذين دخلوا إلى الشقة وشاهدوا المتهم أثناء محاولة خنق المجني عليها والتي كانت شبه عارية واستطاعوا تخليص المجني عليها من يديه وهو يقوم بمقاومتهم وشتمهم وبعدها تم اقتياد المتهم إلى المركز الأمني وجرت الملاحقة.

جاء بتطبيق القانون من قبل محكمة الجنايات الكبرى: أما قيام المتهم بتحقير رجال الأمن أثناء محاولة إلقاء القبض عليه فإن هذه الأفعال تشكل جرم مخالفة أحكام المادة (196/2) عقوبات.

جاء حكم محكمة الجنايات الكبرى: عملاً بأحكام المادة (178) من قانون أصول المحاكمات الجزائية ونظراً لثبوت عدم قيام المتهم بأي فعل تجاه الشرطة إعلان براءة المتهم رشدي محمد سليم جردلي عن جرم مقاومة رجال الأمن العام وفقاً لأحكام المادة (186) عقوبات لعدم قيام الدليل القانوني والمقنع بحقه.

وجاء قرار محكمة التمييز في القضية: لذلك نقرر رد التمييز موضوعاً وتأييد القرار المميز وإعادة الأوراق إلى مصدرها.)

3- الذم والقدح

عرفت المادة (188) من قانون العقوبات الذم والقدح إذ نصت على (1-الذم: هو إسناد مادة معينة إلى شخص – ولو في معرض الشك والاستفهام – من شانها أن تنال من شرفه وكرامته أو تعرضه إلى بغض الناس واحتقارهم سواء أكانت تلك المادة جريمة تستلزم العقاب أم لا.2-القدح: هو الاعتداء على كرامة الغير أو شرفه أو اعتباره – ولو في معرض الشك والاستفهام – من دون بيان مادة معينة.)

وورد العقاب على الذم بالمادة (191) من قانون العقوبات إذ نصت على ( يعاقب على الذم بالحبس من ثلاثة اشهر إلى سنتين اذا كان موجها إلى مجلس الأمة أو احد أعضائه أثناء عمله أو بسبب ما أجراه بحكم عمله أو إلى احدى الهيئات الرسمية، أو المحاكم، أو الإدارات العامة ،أو الجيش أو إلى أي موظف أثناء قيامه بوظيفته أو بسبب ما أجراه بحكمها.)

وورد العقاب على القدح بالمادة (193) إذ نصت على (يعاقب على القدح بالحبس من شهر إلى ستة اشهر أو بغرامة من عشرة دنانير إلى خمسين دينارا اذا كان موجها إلى من ذكروا في المادة (191))

– تطبيق للتفريق بين مقاومة رجال الأمن والذم والقدح: الحكم رقم 444 لسنة 2017 – بداية جزاء – جنح السلط الصادر بتاريخ 15/1/2019 والذي جاء فيه:

ورد بوقائع الدعوى: ولدى محاولة منظمي الضبط ضبطهم والسيطرة عليهم قاموا بسبهم وشتمهم بألفاظ بذيئة (الله يفضح عرضك والله غير العن شرفكو وقاموا بالاعتداء علينا وسب الذات الإلهية والله غير العن ربكو ) والتهجم على منظمي الضبط وقاموا جميعا بسب الذات الإلهية وقاموا بالاعتداء بالضرب على منظمي الضبط حيث تم السيطرة عليهم واقتيادهم للمركز الأمني وتبين بانه نفوح منهم رائحة المشروبات الكحولية .

وورد بتطبيق المحكمة للقانون: ركن محل الجريمة ومفاد هذا الركن أن يكون الشخص الذي تم تحقيره وذمه وشتمه وقدحه هو موظف عام وهذا الركن قام بحق الأظناء لان الموظف الذي تم تحقيره وشتمه وذمه وقدحه من قبل الأظناء هو رجل امن عام أي موظف عام وأثناء قيامه بوظيفته الرسمية .

الركن المعنوي وهذا الركن قام بعنصري العلم والإرادة بحق الأظناء فهم على علم أن فعلهم مجرم وغير مشروع ومعاقب عليه ولا يجوز لهم أن يقوموا بشتم وذم وقدح وتحقير رجال الأمن العام، وهذا العلم مفترض لان العلم بالقانون مفترض ومع ذلك اقدم الأظناء وبإرادة حره سليمه مدركه ومميزه على ارتكاب هذا الفعل . وعليه تجد المحكمة أن أركان وعناصر جرم سب وشتم وقدح وتحقير موظف عام قامت بحق الأظناء على النحو المشار اليه أنفًا.

سابعًا: تطبيقات على جريمة مقاومة رجال الأمن

– جاء بالحكم الحكم رقم 1474 لسنة 2021 – محكمة التمييز بصفتها الجزائية الصادر بتاريخ1/9/2021 (كما أن قيام المتهم أحمد بمقاومة رجال الأمن وسبهم وتهديهم أثناء محاولة إلقاء القبض عليه يشكل من جانبه كافة أركان وعناصر جرمي مقاومة رجال الأمن خلافاً لأحكام المادة (187/2) من قانون العقوبات.)

– جاء بالحكم رقم 1911 لسنة 2020 – محكمة التمييز بصفتها الجزائية الصادر بتاريخ9/9/2020 وأما بالنسبة لجنحة مقاومة رجال الأمن العام خلافاً للمادة (187/2) من قانون العقوبات المسندة للمتهم عبد العزيز العزام وفي التطبيق القانوني على واقعة هذه الدعوى الثابتة والبينات المقدمة والمستمعة فيها وجدت المحكمة أن الأفعال المادية التي ارتكبها المتهم عبد العزيز العزام المتمثلة بقيامه بإطلاق عيارات ناري من مسدس كان بحوزته حيث أطلق النار باتجاه رجال الأمن العام طاقم دورية النجدة كل من الوكيل فخري الربيع والوكيل محمد القضاة حتى لا يمكنهما من إلقاء القبض عليه حيث تعرض الوكيل فخري لعدة إصابات وأشهر السلاح وأصاب أحد العيارات الناري باب سيارة النجدة دون إصابة من بداخلها وتمكن من الفرار حتى تمكنوا بالنهاية من إلقاء القبض عليه .

ثامنًا: خاتمة

في هذا المقال تحدثنا عن حماية المشرع الأردني لرجال الأمن أثناء تأديتهم وظائفهم من خلال تجريم فعل المقاومة من المطالب منه الانصياع لما فرضه القانون ويقوم بتطبيقه رجل الأمن، ولقد فرق المشرع الأردني بين عدة أفعال قد تظهر في ذات الوقت (وقت ممارسة رجل الأمن لعمله) وهذه الأفعال عددت ما بين المقاومة والتعدي والتحقير والذم والقدح، ولقد بينا في هذا المقال ما قد يختلط مع فعل المقاومة، وفي النهاية نجد أن حسن فعل المشرع الأردني في هذا التعدد إرساء للمشروعية الجنائية ولإطفاء مزيد من الحماية لرجل الأمن أثناء تأدية وظيفته.

كتابة: محمد السعيد عبد المولى

المراجع 

موقع حماة الحق Jordan-lawyer.com

قانون العقوبات الأردني

أحكام محكمة التمييز  الأردنية