الفرق بين عقد العمل وعقد المقاولة

الفرق بين عقد العمل وعقد المقاولة

عقد العمل وعقد المقاولة من العقود المهمة التي لا غنى عنها سواء في حياة الأفراد أو المؤسسات والشركات، ونظرًا لوجود تشابه  كبير بين عقد العمل وعقد المقاولة فنجد أنه يصعب على الكثير التفرقة بينهما،  فقد يتم توقيع عقد عمل بين طرفين ومن ثم يتبين أن هذا العمل الذي تم التعاقد عليه يعد من أعمال المقاولة وليس عقد عمل والعكس صحيح ،وضح ذلك جليًا كما جاء في أحد أحكام محكمة التمييز الأردنية  والذي جاء فيه : ” وحيث نجد أنه كثيراً ما يقع الخلط بين عقد العمل وعقد المقاولة نظراً للتقارب الكبير في عناصرهما ففي كلا العقدين يلتزم أحد طرفيه بأن يعمل أو يقدم عمله لقاء عوض أو مقابل.” ، وعليه سنحاول في هذا المقال الفرق بين عقد العمل وعقد المقاولة ليسهل فهم طبيعة هذه العقود وتطبيقها على الأعمال بشكل صحيح .

مفهوم عقد العمل وعقد المقاولة

لتمييز كلا من عقد العمل وعقد المقاولة فلا بد من تعريف كل واحد منهما :

عقد العمل

عرف القانون المدني الأردني عقد العمل في الفقرة الأولى من المادة (805) بأنه عقد العمل عقد يلتزم أحد طرفيه بأن يقوم بعمل لمصلحة الآخر تحت إشرافه أو إدارته لقاء اجر .

وفي المادة الثانية من قانون العمل الأردني جاء تعريف عقد العمل بأنه: اتفاق شفهي أو كتابي صريح أو ضمني يتعهد العامل بمقتضاه أن يعمل لدى صاحب العمل وتحت إشرافه أو إدارته مقابل أجر، ويكون عقد العمل لمدة محدودة، أو غير محدودة ،أو لعمل معين ،أو غير معين.

مدلول تعريف عقد العمل

أن عقد العمل ما هو إلا اتفاق يُقصد به أن يقوم شخص بأداء عمل لحساب شخص آخر تحت إشرافه وإدارته نظير أجر، وأن عقد العمل يحوي ثلاثة عناصر رئيسية أولها العمل وهو محل التزام العامل وسبب التزام صاحب العمل، والعنصر الثاني الأجر وهو محل التزام صاحب العمل وسبب التزام العامل، والعنصر الثالث وهو التبعية وتتمثل في خضوع العامل لإدارة وإشراف صاحب العمل.

ويُقصد بعبارة ” تحت قيادته وإشراقه “

أي التبعية القانونية وهي نوع من السلطة لأحد المتعاقدين على الآخر، أو هيمنة صاحب العمل أثناء تنفيذ العقد على نشاط العامل، أي الإشراف على آلية تنفيذ العامل لعمله والتزام العامل بأوامر وتوجيهات صاحب العمل، والتبعية تتفاوت بتفاوت قدرات وإمكانيات صاحب العمل في استعمال سلطته، كما أنها تختلف باختلاف أوجه نشاط العامل، ويتضح ذلك في العقوبات التي يُمكن لصاحب العمل توقيعها على العامل عند مخالفته لتعليمات العمل.

ويقترح البعض تعريفًا أخر لعقد العمل بأنه يعني: المعاوضة على منافع الأشخاص مدة معينة.

ويُستخلص من هذا التعريف المختصر أن عقد العمل هو عقد يأخذ فيه كل من المتعاقدين مقابلًا لما أعطاه، كما أن التعريف يشتمل على مقومات ثلاثة لعقد العمل وهي رضاء الشخصين المتعاقدين، والمنفعة، والأجرة، كما أن العقد يتعين أن يُحدد لمدة معينة.

من حيث مدة التقادم فالحقوق العمالية تقادمها سنتين أي أنه يجب على العامل المطالبة بحقوقه العمالية خلال سنتين من تاريخ استحقاقها وإلا فإن الحق يسقط بالتقادم.

عقد المقاولة:

جاء في المادة (780) من القانون المدني الأردني في تعريف عقد المقاولة أنه عقد يتعهد أحد طرفيه بمقتضاه بأن يصنع شيئًا أو يؤدي عملًا لقاء بدل يتعهد به الطرف الآخر.

يعرف عقد المقاولة أو عقد الاستصناع بأنه : ” عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئًا أو أن يؤدي عملًا لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآخر، ويجوز أن يقتصر المقاول على التعهد بتقديم عمله على أن يقدم رب العمل المادة التي يستخدمها أو يستعين بها في القيام بعمله، كما يجوز أن يتعهد المقاول بتقديم المادة والعمل معًا “. العقود المسماة هي عقود كثيرة التداول في الحياة العملية، فكانت لها أسمائها الخاصة، كالبيع والشركة والإيجار والهبة والوكالة والمقاولة، والعقد النموذجي ويسمى أيضا العقد المعياري عبارة عن مسودة لعقد معد من قبل أشخاص محترفين ومعتمدين تستخدم للتعاقد بها ، ولا بد من التمييز بين عقد العمل و عقد المقاولة ، في هذا الموضوع سنقوم بعرض نموذج عقد مقاولة.

وفي تفسير مصطلحات التعريف فكلمة “عقد ” قُصد بها العقد بمعناه الخاص الذي يكون بين طرفين وغالبًا ما يكون عقد المقاولة بين مؤسستين، وهو المقاول أو المورد أو المتعهد وبين صاحب العمل.

وقُصد بعبارة ” أحد طرفيه “

أي الشخص أو الشركة التي قبل صاحب العمل التعاقد معها، وهو المقاول أو المورد أو المتعهد.

وقُصد بعبارة ” بمقتضاه بأن يصنع شيئًا أو يؤدي عملًا ” أي ما يوجبه عقد المقاولة كالتزام المقاول بأداء شيء أو أداء عمل، فالعمل هو العنصر الجوهري في عقد المقاولة ويكون العامل أو المتعهد مستقلاً عن صاحب العمل وليس تابعًا له كما هو الحال في عقد العمل.

وأخيرًا قُصد بعبارة ” لقاء بدل يتعهد به الطرف الآخر “

فمقابل التزام المقاول فإن صاحب العمل يقع عليه التزام بتقديم بدل متفق عليه، وكلمة بدل تشمل الثمن والأجرة.

التمييز بين عقد المقاولة وعقد العمل

يختلف عقد العمل عن عقد المقاولة في عدة أمور نذكر منها

عنصر التبعية والإشراف

عنصر التبعية موجود في عقد العمل، وينتفي هذا العنصر في عقد المقاولة، فيعمل العامل في عقد العمل تحت إدارة وإشراف صاحب العمل أما المقاول فيعمل عمله مستقلًا عن غيره وملزمًا بمقتضى عقد المقاولة، ولا يكون صاحب العمل مسؤول عن المقاول مسؤولية المتبوع عن التابع.

أما العامل في عقد العمل فيتلقى تعليمات من صاحب العمل عليه تنفيذها في حدود العقد المُبرم بينهما، ويكون صاحب العمل مسؤول عن العامل مسؤولية المتبوع عن التابع.

وجاء في أحد أحكام محكمة التمييز الأردنية بخصوص ذلك ما يلي: “وحيث إن البينات المقدمة في الدعوى تؤدي إلى هذه النتيجة فإن ما انتهت إليه محكمة الاستئناف بتكييف العلاقة ما بين المدعي والمدعى عليها أنها علاقة تحكمها أسس وقواعد قانون العمل وليست أسس وقواعد عقد المقاولة هو في محله وذلك لتحقق رابطة التبعية والخضوع بين العامل (المدعي) وبين صاحب العمل (المدعى عليها)”.

استحقاق العامل للعمل

يستحق العامل أجره إذا كان متهيئًا وحاضرًا للعمل حتى وإن لم يعمل فليس شرطًا أن يقوم بمباشرة عمله بالفعل، ولكن إذا امتنع عن العمل فلا يستحق الأجرة، فليس من حقه الامتناع عن العمل، أما المقاول فلا يستحق أجرة إلا بعد أن ينفذ العمل المتفق عليه.

ضمان العمل

  • العامل لا يتحمل ضمان الشيء الذي يقوم بعمله، فلا يضمن المال الذي تلف بعمله بشرط ألا يكون هناك تعد منه أو تقصير، كما أنه لا يضمن الشيء الذي تلف بيده بغير صنعه، وإذا هلك الشيء الذي قام بصنعه فإنه رغم ذلك يكون مستحقًا لأجره المتفق عليه.

 أما المقاول

فإن قام هو بصناعة المادة أو قدمها يكون العقد معه بمثابة استصناع، ولأن الإستصناع نوع من البيع فهو بذلك يُعتبر بائعًا، وبالتالي إذا هلك الشيء المصنوع قبل تسليمه فإن تبعه هلاكه تقع عليه، أما في حال أن قُدمت المادة إلى المقاول فإنه بذلك يُصبح أجيرًا مشتركًا يقع عليه عبء ضمان الضرر الذي نتج عن فعله بتعديه أو بتقصيره أو لا، وذلك حسب ما نصت عليه المادة (785) من القانون المدني الأردني.

شخصية العامل أو المقاول

  • يجوز أن يكون المقاول شخصًا طبيعيًا أو معنويًا، بينما يتوجب أن يكون العامل شخصًا طبيعيًا، وسبب ذلك أن شخص العامل وتنفيذه الشخصي للعمل أساسي من عقد العمل، بينما هو ليس كذلك في عقد المقاولة، فشخصية العامل في عقد العمل محل اعتبار.

الالتزام بعدة أعمال في وقت واحد

  • للمقاول أن يتقبل عدة أعمال لأشخاص مختلفين في وقت واحد، فيسمى أجيرًا مشتركًا، ولذلك فالمقاول نفعه مقدر بالعمل الذي يقوم به، أما العامل فليس من حقه أن يعمل في الوقت عقد العمل في عمل آخر ، وذلك لأن المنفعة المقدرة في زمن العقد هي ملك لرب العمل وحده وليس من حق أحد مشاركته فيها، وذلك لأنه يفوت عليه ما أستحقه بالعقد ، وله أن يعمل بعمل آخر بعد انتهاء المدة الزمنية للعمل الأول

المدة الزمنية للعقد

  • عقد المقاولة يكون دومًا محدد المدة وينتهي بانتهاء العمل المتفق عليه، بينما عقد العمل قد يكون محدد المدة أو غير محدد المدة.

الأجر

  • يُحدد أجر المقاول بحسب أهمية العمل، بينما يُقدر أجر العامل بحسب الزمن كالسنة، أو الشهر، أو الأسبوع، أو أكثر، أو أقل.

القواعد القانونية التي يخضع لها العقد

  • عقد العمل يحكمه قانون العمل، بينما عقد المقاولة يحكمه القانون المدني.

التقادم

إن المطالبة الناتجة عن عقد المقاولة تخضع للقانون المدني التقادم عشر سنوات إذا كان عقد المقاولة قائماً على تقبل بناء يضع المهندس تصميمه على أن ينفذه المقاول تحت إشرافه ويكون المهندس والمقاول متضامنين في التعويض عما يحدث لصاحب العمل في خلال عشر سنوات من تهدم كلي أو جزئي فيما شيداه من مباني أو أقاماه من منشآت وعن كل عيب يهدد متانة البناء وسلامته إذا لم يتضمن العقد مدة أطول.

أن الفيصل النهائي والأساسي في التفرقة بين عقد العمل وعقد المقاولة هو وجود عنصر التبعية والأشراف وخضوع العامل لإدارة صاحب العمل.

قرار محكمة تمييز في الفرق بين عقد العمل عن عقد المقاولة ؟


ما قد قضت محكمة التمييز الموقرة في قرارها رقم (1931/2001)، تاريخ 16/9/2001، بانه:- “… ان ما يميز عقد العمل عن عقد المقاولة هي علاقة التبعية في عقد العمل بين العامل ورب العمل وذلك بالإشراف عليه وإصدار التعليمات له ومجازاته اذا خالف التعليمات، إذ ان عقد العمل وكما ورد في تعريف المادة الثانية من قانون العمل والمادة 805/1 من القانون المدني بانه عقد يتعهد العامل بمقتضاه ان يعمل لدى صاحب العمل وتحت إشرافه وإدارته مقابل اجر في حين ان عقد المقاولة لا يتوفر فيه عنصر التبعية لرب العمل وإنما تتوافر فيه الاستقلالية عنه ..”.

وقضت أيضا في قرارها رقم (2143/2007)، هيئة خماسية، تاريخ 2/1/2008

على انه:- “يستفاد من المادة 780 من القانون المدني أنها تعرف عقد المقاولة بانه “عقد يتعهد أحد طرفيه بمقتضاه بان يصنع شيئا أو يؤدي عملا لقاء بدل يتعهد به الطرف الآخر”. وان المادة الثانية من قانون العمل عرفت عقد العمل بانه “اتفاق شفهي أو كتابي صريح أو ضمني يتعهد العامل بمقتضاه ان يعمل لدى صاحب العمل وتحت إشرافه أو أدارته مقابل اجر، ويكون عقد العمل لمدة محدودة، أو غير محدودة ،أو لعمل معين ،أو غير معين”.

وحيث ان محكمة الاستئناف- محكمة الموضوع- توصلت من خلال البينة المقدمة الى ان الطاعن لم يكن يعمل تحت أشراف المطعون ضده ورقابته بل انه كان يقوم بإحضار العمال الذين يعملون معه- اي مع الطاعن- وكان يشرف عليهم ويحاسبهم لقاء عملهم وانه كان يقوم على انتتاج الخبز “الإفرنجي والحمام” وتامين الطحين والمواد اللازمة لإنتاجهما والماكنات الخاصة بهما، وانه لا زمن معين لأنهاء مهمته التي تنتهي بانتهاء الكمية المتفق عليها، وان أشراف المطعون ضده عليه كان ينحصر في الإشراف على نوعية الإنتاج والنظافة الخاصة بالطاعن وعماله والمكان الذي يعملون فيه، وان الطاعن كان يتقاضى (25-30) دينارا من المطعون ضده وحسب الكمية التي ينجزها، وان الطاعن كان يقوم بدفع أجور عماله من هذا المبلغ. فان مسالة الرقابة والإشراف التي تعتبر معيارا للتفرقة ما بين عقد العمل وعقد المقاولة (حيث تعتبر من مستلزمات عقد العمل) غير متوافرة من جانب المطعون ضده على الطاعن”.

error: Alert: Content is protected !!