الحق في العلامة التجارية والحق باستعمالها
لا ريب من وجود فرق بين الحق بالعلامة التجارية والحق باستعمالها، مما يستدعي الحديث حول التكييف القانوني للعلامة وللحق باستعمالها، فقد قسم كل من الفقه والمشرع الأردني الحق المالي لثلاثة أقسام رئيسية، وهي : الحق الشخصي، والحق العيني، والحق المعنوي.
وسنحاول في مقالنا توضيح موضع الحق بالعلامة التجارية والحق باستعمالها في ظل هذا التقسيم.
انبثاق الحقوق المعنوية عن الحقوق المالية :
هل يمكن إدراج الحق بالعلامة التجارية ضمن الحق الشخصي ؟
هل يمكن وصف الحق بالعلامة التجارية بأنها حق عيني ؟
هل يُمكن إدراج الحق باستعمال العلامة التجارية تحت قسم الحقوق العينية ؟
هل يمكن إدراج الحق باستعمال العلامة التجارية تحت قسم الحقوق المعنوية ؟
التمييز بين الحقين :
انبثاق الحقوق المعنوية عن الحقوق المالية :
بحسب المادة (67) من القانون المدني الأردني فالحق الشخصي هو رابطة قانونية بين دائن ومدين يطالب بمقتضاها الدائن مدينه بنقل حق عيني أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل، وذلك يستلزم توافر عناصر ثلاثة تتمثل فيما يلي : الدائن والمدين، وموضوع الالتزام، والإقرار القانوني لهذا الالتزام، ومثاله التزام المستأجر بدفع الأجرة للمؤجر في عقد الإيجار.
وبالرجوع للمادة (69) من القانون المدني الأردني نجد أن الحق العيني عبارة عن سلطة مباشرة على شيء معين يعطيها القانون لشخص معين، وهذا الحق يتضمن عنصرين، هما : الشخص صاحب المال، والشخص الواقع عليه الحق، بحيث يستطيع صاحب الحق أن يستعمل حقه دون وسيط، ومثاله حق ملكية الأرض الزراعية.
والإشكالية هنا أن العديد من صور الحقوق المالية يصعب أدراجها تحت أيًا من الحق العيني أو الحق الشخصي، ومنها على سبيل المثال حقوق الملكية الفكرية، أي تلك التي تُعد نتاجًا للذهن، والتي بحسب المادة (71) من القانون المدني الأردني تم أدراجها تحت الحق المعنوي الذي يرد على شيء غير مادي، بحيث نصت المادة سالفة الذكر على الآتي : يتبع في شأن حقوق المؤلف والمخترع والفنان والعلامات التجارية وسائر الحقوق المعنوية الأخرى أحكام القوانين الخاصة “.
والحق المعنوي يوصف بأنه يتوسط كل من الحق الشخصي والحق العيني ويأخذ منهما، فهو يتميز عن الحقوق الشخصية بعدم وجود وسيط في علاقاتها، على خلاف الحال في الحقوق الشخصية حيث يوجد وسيط، والحق المعنوي يقارب الحقوق العينية بعدم وجود وسيط في علاقاتها، فالعلاقة مباشرة بين الشخص صاحب الإنتاج الذهني وبين حقه، إلا أن الحق العيني لا يرد إلا على شيء مادي، وأهم ما يميز الحقوق المعنوية عن الحقين الشخصي والمعنوي هو ذلك النتاج الفكري الذي ظهر نتيجة لما نتج عن الذهن من ابتكار ظهر إلى حيز الوجود.
ونستنتج مما سبق أن تقسيم الحقوق المالية لثلاثة أقسام جاء ليمنح الحقوق المتولدة من أفكار الآخرين وعقولهم تقسيمًا منفردًا تحت مسمى الحقوق المعنوية.
وتثور عدة تساؤلات سنتناولها فيما يلي :
هل يمكن إدراج الحق بالعلامة التجارية ضمن الحق الشخصي ؟
من غير الممكن أن يتم إدراج الحق بالعلامة التجارية ضمن الحق الشخصي بسبب عدم وجود رابطة بين طرفين يطالب أحدهما الآخر بعمل أو الامتناع عن عمل أو نقل حق عيني، بل هي رابطة بين شخص وشيء.
هل يمكن وصف الحق بالعلامة التجارية بأنها حق عيني ؟
لا يمكن وصف الحق بالعلامة التجارية بالحق العيني رغم أن الحق بالعلامة التجارية هو استئثار مباشر من شخص يدعى مالك العلامة التجارية على مال يدعي العلامة التجارية، فالحقوق العينية ترد على الأشياء المادية، أما حقوق الملكية الفكرية – ومنها العلامات التجارية- هي أشياء معنوية تمثل حصاد الذهن والفكر، ومن ثم فالحق في العلامة التجارية يُدرج ضمن الحقوق المعنوية وذلك لأنها ترد على أشياء غير مادية، قامت بتنظيمها قوانين خاصة كقانون العلامات التجارية.
وفي القرار رقم 185/2008 أكدت محكمة العدل العليا على اعتبار العلامة التجارية حقًا معنويًا، حيث تضمن قراراها ما يلي : ” تُعتبر العلامة التجارية أحد الحقوق المعنوية المتصلة دائمًا بنشاط التاجر باعتباره مالًا منقولًا معنويًا مستقلًا على عناصره المكونة له”.
هل يُمكن إدراج الحق باستعمال العلامة التجارية تحت قسم الحقوق العينية ؟
فيما يتعلق بالحق باستعمال العلامة التجارية فلا يُمكن أدراجه تحت قسم الحقوق العينية بسبب وجود طرفين في العلاقة كما أن العلامة التجارية تُعتبر شيئًا معنويًا، وهو يشابه أو قريب من الحق الشخصي بحيث أنه تتوفر فيه العناصر الثلاثة : طرفا العلاقة وهما المرخص والمرخص له، وموضوع الالتزام وهو حق المرخص له باستعمال العلامة التجارية العائدة للمرخص، وأخيرًا الإقرار القانوني لهذه العلاقة القانونية.
هل يمكن إدراج الحق باستعمال العلامة التجارية تحت قسم الحقوق المعنوية ؟
يمكن إدراج الحق باستعمال العلامة التجارية ضمن الحقوق المعنوية وذلك لوروده على شيء غير مادي.
التمييز بين الحقين :
ونؤكد وجود ما يميز كلا الحقين عن بعضها، ذلك أن الحق في العلامة التجارية يتمثل بوجود سلطة يملكها مالك العلامة التجارية على علامته، ويستطيع من خلال تلك السلطة أن يقوم بكافة التصرفات الجائزة على العلامة التجارية مثل الترخيص بالاستعمال والتنازل والرهن.
أما الحق باستعمال العلامة التجارية بموجب عقد الترخيص فإن ذلك يخضع لشروط العقد ، فالعقد هو الذي يحدد نطاق الاستعمال، فمثلا لا يستطيع المرخص له أن يقيم دعوى التعدي على العلامة ما لم يجز له عقد الترخيص ذلك ، فحق المرخص له محصور بقدر ما يجيز له الاتفاق من حقوق ومزايا.