جريمة إتلاف موقع إلكتروني

جريمة إتلاف موقع إلكتروني

لا تقتصر عمليات التخريب على الحياة الواقعية وإنما طالت إيضاً العالم الافتراضي ، فتجد هناك من يسعى لإتلاف مواقع داخل الشبكة المعلوماتية ، وتتعدد الأفعال التي تدخل ضمن دائرة الإتلاف ، وبغض النظر عن السبب الكامن وراء هذه الأفعال ، فهي تعد جريمة إلكترونية ، يعاقب عليها قانون الجرائم الإلكترونية ، فما المقصود بجريمة إتلاف موقع إلكتروني ؟ ، وما هي طرق الإتلاف التي من الممكن أن يلجأ إليها الجاني ، وما هي عقوبة هذه الجريمة في ظل قانون الجرائم الإلكترونية  وحسبما ورد في التشريعات الأردنية الأخرى ؟.

ما هو المقصود جريمة إتلاف المواقع الإلكترونية؟

لقد سبق وأن تحدثنا في مقال سابق عن الجريمة الإلكترونية والكشف عن مرتكبيها، وجريمة إتلاف المواقع الإلكترونية هي إحدى الجرائم الإلكترونية التي نص عليها قانون الجرائم الإلكترونية في المادة 4 منه، وهي جريمة يهدف من خلالها الجاني إلى إتلاف إحدى المواقع الإلكترونية من خلال نشر برنامج يعمل على إلغاء أو حذف هذه الموقع، والمقصود بالموقع الإلكتروني هو حيز لإتاحة المعلومات على الشبكة المعلوماتية من خلال عنوان محدد ،   ففي حال كنت تملك موقع إلكتروني على الشبكة العنكبوتية فلا تتردد بإبلاغ الجهات المختصة، لكي تتمكن من الكشف عن المتسبب بهذه الفعل المجرم ومعاقبته.

الجهات المختصة في حال تعرضت لجريمة إتلاف موقع إلكتروني

إن كنت أحد ضحايا جريمة إتلاف موقع إلكتروني مملوك من قبلك، فليس عليك الاستسلام والتسليم بخسارة الموقع، عليك أولاً التواصل مع وحدة إدارة الجرائم الإلكترونية والتوجه إلى محامي مختص بالجرائم الإلكترونية لكي يقوم باتخاذ الإجراءات المناسبة ومتابعتها في هذه الوحدة، للوصول إلى الجاني واتخاذ الإجراءات التي تضمن إيقاع العقوبة عليه، واستعادة الموقع المتلف إن أمكن.

القصد الجرمي والجريمة

يعتمد القول بوقوع جريمة إتلاف موقع إلكتروني من عدمه على وجود تصريح من عدمه ، ففي حال كان هناك تصريح تنتفي أركان الجريمة ، وبتالي لا يعتبر المتسبب بالإتلاف مجرم لانتفاء القصد الجرمي ، وإنما هو شخص مخول له القيام بهذه المهمة من مالك الموقع ، فالتصريح هو لاذن الممنوح من صاحب العلاقة الى شخص أو اكثر أو للجمهور للدخول الى أو استخدام نظام المعلومات أو الشبكة المعلوماتية بقصد الاطلاع أو الغاء أو حذف أو إضافة أو تغيير و إعادة نشر بيانات أو معلومات أو حجب الوصول اليها أو ايقاف عمل الاجهزة أو تغيير موقع الكتروني أو الغائه أو تعديل محتوياته  .

طرق ارتكاب جريمة إتلاف موقع إلكتروني

نشر برنامج إلغاء

تتعدد الطرق التي تدخل ضمن مفهوم إتلاف موقع إلكتروني، وأساسها العمل على نشر برنامج يعمل على إحداث الإلغاء أو الحذف لهذه الموقع، والمقصود بالبرنامج هو مجموعة من الاوامر والتعليمات الفنية المعدة لانجاز مهمة قابلة للتنفيذ باستخدام انظمة المعلومات، وهذه المهمة في هذه الحالة هي الإلغاء.

إتلاف نظام المعلومات

ويستخدم الجاني نظام المعلومات في سبيل حدوث الإلغاء وهو مجموعة البرامج والادوات المعدة لإنشاء البيانات أو المعلومات الكترونيا، أو ارسالها أو تسلمها أو معالجتها أو تخزينها أو ادارتها أو عرضها بالوسائل الالكترونية، فيعمل الجاني على الغاء او حذف او اضافة او تدمير او افشاء او اتلاف او حجب او تعديل او تغيير او نقل او نسخ او التقاط أو تعطيل عمل نظام المعلومات أو الوصول إليه، أو إعاقة عمله أو التشويش عليه.

الاطلاع على معلومات غير مصرح له بالإطلاع عليها

قد يقصد الجاني من خلال البرنامج الذي نشره الوصول إلى نظام المعلومات الخاص بالموقع الإلكتروني المقصود والاطلاع على ما فيه أو تمكين الأخرين من الاطلاع على المعلومات أو البيانات، وبهذه يعد مرتكب لجريمة إتلاف موقع إلكتروني.

إتلاف الموقع الإلكتروني

يحدث إتلاف للموقع الإلكتروني من خلال نشر برنامج أو استخدام نظام المعلومات لتغيير الموقع الكتروني أو الغائه أو اتلافه أو تعديل محتوياته أو اشغاله أو انتحال صفته أو انتحال شخصية مالكه دون تصريح أو بما يجاوز او يخالف التصريح.

مدى ارتباط جريمة إتلاف موقع إلكتروني بالجرائم الإلكترونية الأخرى

قد يسبق ارتكاب جريمة إتلاف موقع إلكتروني جريمة اختراق لهذه الموقع، فقد يكون الجاني غير مصرح له بدخول الموقع ويقوم باختراقه ومن ثم نشر برنامج الإتلاف أو استخدام نظام المعلومات الخاص بالموقع، ففي هذه الحالة يعد مرتكب لجرمتي وهما الاختراق والإتلاف، وقد نص قانون الجرائم الإلكترونية على عقوبة الدخول للشبكة المعلوماتية في المادة 3 منه، حيث جاء فيها:

أ‌. يعاقب كل من دخل قصدا الى الشبكة المعلوماتية او نظام معلومات باي وسيلة دون تصريح او بما يخالف او يجاوز التصريح، بالحبس مدة لا تقل عن اسبوع ولا تزيد على ثلاثة أشهر او بغرامة لا تقل عن (100) مائة دينار ولا تزيد على (200) مائتي دينار او بكلتا هاتين العقوبتين.

عقوبة اختراق موقع إلكتروني بقصد إتلافه

نصت المادة 3 من قانون الجرائم الإلكترونية على عقوبة دخول موقع إلكتروني دون تصريح بقصد إتلافه، فجاء فيها: –

ج. يعاقب كل من دخل قصدا الى موقع الكتروني لتغييره او الغائه او اتلافه او تعديل محتوياته او اشغاله او انتحال صفته او انتحال شخصية مالكه بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن (200) مائتي دينار ولا تزيد على (1000) ألف دينار.

كما نصت على عقوبة اختراق نظام المعلومات بقصد إتلافه، أو لإلغاء او حذف او اضافة او تدمير او افشاء او اتلاف او حجب او تعديل او تغيير او نقل او نسخ بيانات او معلومات او توقيف او تعطيل عمل الشبكة المعلوماتية او نظام معلومات الشبكة المعلوماتية فيعاقب الفاعل بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن (200) مائتي دينار ولا تزيد على (1000) ألف دينار.

عقوبة ارتكاب جريمة اتلاف موقع إلكتروني مصرح بدخوله

أما المادة 4 من قانون الجرائم الإلكترونية جاءت للحديث عن عقوبة مرتكبي جريمة إتلاف موقع إلكتروني مصرح للجاني بدخوله، وقد نصت على عقوبة هذه الجريمة بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن (200) مائتي دينار ولا تزيد على (1000) ألف دينار.

وبالمقارنة بين عقوبة جريمة اتلاف الموقع الإلكتروني أو نظام المعلومات في حال وجود تصريح بالدخول وعقوبة اختراق الموقع الإلكتروني أو نظام المعلومات ومن ثم اتلاف الموقع أو نظام، نجد أن العقوبة واحدة، وكان أولى على المشرع تشديد العقوبة في الحالة الثانية.

النصوص القانونية المتعلقة بجريمة إتلاف موقع إلكتروني

قانون الجرائم الإلكترونية

المادة 4

يعاقب كل من ادخل او نشر او استخدم قصدا برنامجا عن طريق الشبكة المعلوماتية او باستخدام نظام معلومات لإلغاء او حذف او اضافة او تدمير او افشاء او اتلاف او حجب او تعديل او تغيير او نقل او نسخ او التقاط او تمكين الاخرين من الاطلاع على بيانات او معلومات او اعاقة او تشويش او ايقاف او تعطيل عمل نظام معلومات او الوصول اليه او تغيير موقع الكتروني او الغائه او اتلافه او تعديل محتوياته او اشغاله او انتحال صفته او انتحال شخصية مالكه دون تصريح او بما يجاوز او يخالف التصريح يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة اشهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن (200) مائتي دينار ولا تزيد على (1000) الف دينار  .

المادة 3

أ‌. يعاقب كل من دخل قصدا الى الشبكة المعلوماتية او نظام معلومات باي وسيلة دون تصريح او بما يخالف او يجاوز التصريح، بالحبس مدة لا تقل عن اسبوع ولا تزيد على ثلاثة أشهر او بغرامة لا تقل عن (100) مائة دينار ولا تزيد على (200) مائتي دينار او بكلتا هاتين العقوبتين.

ب‌. إذا كان الدخول المنصوص عليه في الفقرة (أ) من هذه المادة لإلغاء او حذف او اضافة او تدمير او افشاء او اتلاف او حجب او تعديل او تغيير او نقل او نسخ بيانات او معلومات او توقيف او تعطيل عمل الشبكة المعلوماتية او نظام معلومات الشبكة المعلوماتية فيعاقب الفاعل بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن (200) مائتي دينار ولا تزيد على (1000) ألف دينار.

ج. يعاقب كل من دخل قصدا الى موقع الكتروني لتغييره او الغائه او اتلافه او تعديل محتوياته او اشغاله او انتحال صفته او انتحال شخصية مالكه بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن (200) مائتي دينار ولا تزيد على (1000) ألف دينار.

قرار لمحكمة الجنايات الصغرى عمان الحكم رقم 389 لسنة 2020 – بداية جزاء – جنايات (جنايات صغرى) عمان: – قيام المسؤولية الجزائية عن جريمة إتلاف موقع إلكتروني أو نظام معلومات.

التهم المسنـــدة:

جناية استخدام معلومات تتعلق بالتعامل بعملة محظورة (عملة الكترونية مشفرة تدى داج كوين) بحدود المادة (7) من قانون الجرائم الالكترونية رقم (27) لسنة (2015) بدلالة المادة (4) منه.

الوقائــــع : وتتلخص وقائع هذه القضية وكما وردت بإسناد النيابـــة العامـــة: ان المتهم س قام بفتح محفظة الكترونية لشراء عمله الكترونية مشفرة محظور التعامل فيها بحسب تعاميم البنك المركزي الأردني وذلك عن طريق الانترنت وقد قام بفتح تلك المحفظة على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك وتدعى تلك العملة (داج كوين) وكان ذلك في الشهر الثالث من هذا العام (2020) حيث قام بشراء عمله بهدف بيعها والربح واثر ذلك وفي ضوء ورود معلومات لرجال الضابطة العدلية من فريق الأمن الوقائي تم ضبط المشتكى عليه وتكونت هذه القضية.

وبتطبيق القانون على واقعة الدعوى الثابتة والبينات المقدمة والمستمعة فيها تجد المحكمة من خلال استعراضها لأحكام المادة الرابعة من قانون الجرائم الالكترونية تجد انها قد تضمنت النشاط الجرمي للفاعل وهو ادخال أو نشر أو استخدام برنامج عن طريق الشبكة المعلوماتية أو استخدام نظام المعلومات كما نصت على النتيجة الجرمية لتلك الأفعال وهي الألغاء أو الحذف أو الإضافة أو تدمير أو افشاء او اتلاف او حجب او تعديل او تغيير او نقل او نسخ او التقاط او تمكين الاخرين من الاطلاع على بيانات او معلومات او اعاقة او تشويش او ايقاف او تعطيل عمل نظام معلومات او الوصول اليه او تغيير موقع الكتروني او الغائه او اتلافه او تعديل محتوياته او اشغاله او انتحال صفته او انتحال شخصية مالكه دون تصريح او بما يجاوز او يخالف التصريح ولابد لاكتمال الركن المادي للجريمة من توافر علاقة السببية بين النشاط الجرمي والنتيجة الجرمية .

كما تجد المحكمة ومن خلال استعراضها لأحكام المادة السابعة من قانون الجرائم الالكترونية بأن المشرع قد حدد الأفعال التي يقوم بها الفاعل في المواد (3 و4 و5 و6) من ذات القانون والمتمثلة بالدخول المقصود بهدف النقل أو التعديل أو الحذف أو نسخ المعلومات أو الدخول المقصود للمواقع الإلكترونية بانتحال صفة أو شخصية صاحب الموقع بهدف التغيير أو التعديل أو تمكين الآخرين من الاطلاع على البيانات أو المعلومات أو كان القصد من الدخول تحوير أو شطب المحتويات أو الأفعال التي قارفها الفاعل للحصول على بيانات أو معلومات تتعلق بالبطاقة الائتمانية أو المعاملات المالية أو المصرفية بدون تصريح فاذا قام الفاعل بأي من النشاطات المذكورة في المواد التي سلف ذكرها بهدف تحويل الأموال أو تقديم خدمات الدفع أو التقاص أو بأي من الخدمات المصرفية المقدمة من البنوك أو الشركات المالية فأنه يكون مركباً لجريمة يعاقب عليها قانون الجرائم الإلكترونية .

ولابد لتطبيق أحكام هذه المادة من توافر ثلاثة شروط وهي: –

  1. أن يقوم الفاعل بالركن المادي المتمثل بالنشاط الجرمي الوارد بالمواد 3و4و5و6 والنتيجة وعلاقة السببية.
  2. أن يوجه الفاعل نشاطه على نظام المعلومات أو الموقع الإلكتروني أو شبكة المعلومات.
  3. أن يكون الهدف من ذلك وهي النتيجة الجرمية تحويل الأموال أو تقديم خدمات الدفع أو التقاص أو الخدمات المصرفية.

وعليه فأن الأفعال التي ارتكبها المتهم ,المتمثلة بفتح محفظة الكترونية لشراء عمله الكترونية مشفرة محظور التعامل فيها بحسب تعاميم البنك المركزي الأردني وذلك عن طريق الانترنت وقد قام بفتح تلك المحفظة على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك وتدعى تلك العملة (داج كوين) لا تشكل أي فعل من الأفعال المجرمة في المادة الرابعة من قانون الجرائم الإلكترونية أعمالاً لمبدأ الشرعية الجزائية الذي يقضي بأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، وعليه وحيث أن هذه الأفعال من جانب المتهم لا تشكل جرماً ولا تستوجب عقاباً الأمر الذي يستوجب إعلان عدم مسؤوليته من الجناية المسندة إليه.

وانظر  مقال للمحامي سامي العوض محامي جرائم  إنترنت، منشور على موقع حماة الحق – محامي الأردن – .