محكمة الجنايات

محكمة الجنايات

لما كانت الجنايات هي أشد الجرائم خطورة وأكثرها قسوة في العقوبات المقررة لها، فقد فرضت لها التشريعات إجراءات خاصة لإثباتها وجعلت الاختصاص فيها لمحاكم تسمي بمحاكم الجنايات، والتي يغلب على تشكيلها خبرة قضاتها وزيادة عددهم عن عدد القضاة في تشكيل غيرها من المحاكم الخاصة بجرائم الجنح والمخالفات، وذلك لتحقيق أقصى الضمانات اللازمة لمحاكمة عادلة وناجزة، فسوف نتناول في مقالنا هذا المحاكم التي اختصها القانون بالفصل في الجنايات، مبينا تشكيلها وطبيعة أحكامها وطرق الطعن عليها.

جدول المحتويات 

أولاً: تعريف الجناية وتمييزها عن غيرها من الجرائم

ثانياً: اختصاص محكمة البداية بصفتها الجنائية

ثالثاً: محاكمة المتهم غيابيا أمام محكمة الجنايات وشروط المحاكمة

رابعاً: الطعن على أحكام محكمة البداية بصفتها الجنائية

خامساً: الطعن على الأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف في قضايا الجنايات

سادساً: محكمة الجنايات الكبرى

سابعاً: المحكمة المختصة بنظر جرائم جنايات الأحداث

ثامناً: محكمة جنايات أمن الدولة

تاسعاً: أحكام محكمة التمييز ذات العلاقة

عاشراً: الخاتمة

أولاً: تعريف الجناية وتمييزها عن غيرها من الجرائم

1- تعريف الجناية

هي الجريمة التي يعاقب فاعلها بالسجن لمدة تزيد عن ثلاث سنوات مع ما يقرره القانون من عقوبات تكميلية في بعض الجنايات.

والجنايات هي أشد الجرائم خطورة وأكثرها ضررا على المجتمع وعلى أفراده، لذا فقد عنى المشرع الأردني بها وفرض على مرتكبيها عقوبات أشد من العقوبات المقررة لغيرها من الجرائم، ووضع لها ضوابط تحكم عمليات تحديد وضبط مرتكبيها، وتنظم وسائل إثبات الجرائم المصنفة كجنايات، وحدد للجنايات محاكم مختصة بها تتميز عن غيرها من المحاكم من حيث التشكيل، والخبرة التي يتمتع بها قضاتها، وطرق الطعن على الأحكام الصادر فيها، ويرجع ذلك إلى خطورة جرائم الجنايات وشدة عقوباتها، فكان لزاما على المشرع أن يضع الضمانات الكافية التي تجعل من الأحكام الصادرة عادلة ومتوافقة مع صحيح القانون، ودون تعسف في استنتاج الدليل أو تساهل فيه، ولا شك أن خبرة قاضي الجنايات تساعد في ذلك.

2- الفرق بين الجنايات والجنح

فرق القانون بين الجنايات والجنح وجعل لكل طائفة منهما عقوبات تختلف في شدتها عن نظيرتها في الأخرى، كما جعل لكل منهما محكمة مختصة بنظر هذا النوع من الجرائم.

أ- جرائم الجنايات

هي الجرائم التي أوكل المشرع الاختصاص بنظرها والفصل فيها إلى محكمة البداية بصفتها الجنائية والتي لم يحدد القانون محكمة أخرى تكون مختصة بها، ومحكمة الجنايات الكبرى وهي محكمة جنايات خاصة لها تنظيم خاص بها.

ب- جرائم الجنح (الجرائم الجنحية)

هي الجرائم التي تختص بنظرها والفصل فيها محكمة الصلح متى لم يحدد القانون محكمة أخرى تختص بنظرها، أو محكمة البداية متى نص القانون على اختصاصها بها أو أحيلت إليها من المدعي العام، أو الجنح التي ترتبط بجناية محالة إليها بموجب قرار اتهام، ولا تزيد العقوبة الصادرة منها على ثلاث سنوات، وبالتالي فالعبرة بتقسيم الجرائم إلى جنايات وجنح ومخالفات هو الحد الأقصى للعقوبة، بعيداً عن الحد الأدنى للعقوبة نوعاً ومقداراً[1].

– وقد نصت (المادة 140) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أنه (1- تنظر محاكم الصلح بحسب اختصاصها في جميع المخالفات والجنح التي لم يعين القانون محكمة أخرى لنظره. 2- تنظر محاكم البداية في كل من: أ- الجنح الداخلة ضمن اختصاصها بمقتضى نص في القانون والتي يحيلها إليها المدعي العام أو من يقوم مقامه. ب- جميع الجرائم التي هي من نوع الجناية والتي لم يعين القانون محكمة أخرى لنظرها.
ج- جرائم الجنحة المتلازمة مع الجناية المحالة إليها بموجب قرار اتهام).

 –  ولما كانت هناك بعض جرائم الجنايات التي تختص بنظرها محكمة البداية، والبعض الآخر تختص به محكمة الجنايات الكبرى، فلذلك سنتعرض لكل منهما من حيث تشكيل كل منهما، والجرائم التي تختص بها، وطرق الطعن على أحكامها.

ثانياً: اختصاص محكمة البداية بصفتها الجنائية

تختص محكمة البداية بجميع الجرائم التي يتم تكييفها على أنها جنايات، باستثناء الجرائم التي تندرج تحت اختصاص محكمة الجنايات الكبرى، والمتمثلة في الجرائم الواردة بنص المواد (326) و(327) و(328) و(330) و(338) من قانون العقوبات المعمول به، وجرائم الاغتصاب وهتك العرض والخطف الجنائي المنصوص عليها في المواد من (292) إلى (302) من قانون العقوبات المعمول به، والشروع في الجرائم المبينة في المواد سالفة البيان، وذلك حسبما نصت (المادة 4/1) من قانون المحكمة الجنائية الكبرى، ومفهوم ذلك أن المشرع قد اختص محكمة البداية ببعض جرائم الجنايات والتي تختلف في خصائصها عن الجرائم المسندة إلى محكمة الجنايات الكبرى.

ويختلف تشكيل محكمة البداية عند نظرها للجرائم الجنائية باختلاف العقوبة الموقعة على المتهم، فإذا كانت العقوبة المقدرة للجريمة هي الإعدام، أو الأشغال المؤبدة، أو الأشغال المؤقتة، أو الاعتقال المؤبد، أو الاعتقال المؤقت، ففي تلك الحالات تتشكل محكمة البداية من ثلاث قضاة لنظر الجريمة والفصل فيها، وإذا كانت الجريمة عقابها غير ذلك وكات خارجة عن الجرائم الموكل اختصاصها لمحكمة الجنايات الكبرى، فتتشكل محكمة البداية من قاضيين إثنين فقط لنظر الجناية والفصل فيها، وذلك وفقاً لما نصت عليه (المادة 5/ب/2 و3) من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 17 لسنة 2001 وتعديلاته.

ولا شك أن الغرض من زيادة عدد القضاة في تشكيل محكمة البداية وهي تنظر الجرائم ذات العقوبات المشددة هو توفير الحد الأقصى من العدالة للمتهم، وهو أيضاً ضمانة للمتهم بأن الحكم صدر من عدد كافي من القضاة وبإجماع رأيهم، مما يعطي شعورا للمتهم بصحة الحكم وتسليمه له من جهة، ومن جهة أخرى يجعل العامة أكثر ثقة في أحكام القانون وقضاته.

ثالثاً: محاكمة المتهم غيابيا أمام محكمة الجنايات وشروط المحاكمة

الأصل في المحاكمة الجنائية أن تكون وجاهية أي بحضور المتهم، لكن إذا لم يقم المتهم بتسليم نفسه أو لم يتم القبض عليه، فعلى النائب العام تجهيز قرار الاتهام – قرار الظن وفقاً لقانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني – مع مذكرة أخذ وقبض، ويجب على كل أفراد الأمن القبض على المتهم وتسليمه للنيابة على وجه السرعة، ويقوم المدعي العام بتنظيم لائحة الاتهام وإرفاق قائمة تحمل كافة أسماء الشهود مع قرار الاتهام، ويتم إعلان المتهم بصورة منها في موطنه.

ومن ثم يرسل النائب العام – بعد التبليغ – أوراق الدعوى إلى المحكمة لمحاكمة المتهم،
ويجب على رئيس المحكمة أن يمهل المتهم مدة عشر أيام ليقوم بتسليم نفسه للعدالة، وإلا أعتبر فارا من العدالة ويترتب على ذلك أنه لا يحق له التصرف في أمواله، وتوضع املاكه تحت إدارة الدولة ويعتبر أي تصرف فيها باطلا، ويجب نشر قرار إمهال المتهم في الجريدة الرسمية وتعليقه على منزله إذا مرت مدة العشر أيام دون ان يسلم المتهم نفسه للعدالة، وتشرع محكمة الجنايات في محاكمته غيابيا ولا يجوز حضور محامي وكيلاً عنه، لكن يجوز لأقرباء المتهم وكذلك أصدقائه أن يقدموا أعذارا عن عدم حضور المتهم إذا كان خارج البلاد ، وللمحكمة سلطة تقديريه في تقدير هذه الأعذار، فإن قبلتها تقرر تأجيل المحاكمة لمدة مناسبة.

وإذا تمت الإجراءات السابق ذكرها ولم يقم المتهم بتسليم نفسه للعدالة، في هذه الحالة يجوز للمحكمة أن تشرع في محاكمته غيابيا، وتبدأ محاكمة المتهم أمام محكمة الجنايات غيابيا باستعراض قرار الاتهام، وأقوال الشهود على الواقعة محل المحاكمة، وقرار الظن الصادر من المدعي العام، وتستمع محكمة الجنايات إلى مرافعة النيابة العامة، والمدعي الشخصي في حدود طلباته المدنية، وتصدر المحكمة حكمها الذي تراها موافقا لما تقتضيه العدالة، وإذا كانت الجناية قد ارتكبت من عدة متهمين بعضهم فار من العدالة وبعضهم تحت قبضتها، فإن الحكم يكون غيابيا فقط بالنسبة للفار من العدالة ووجاهياً للباقين.

ويترتب على صدور حكم غيابي بإدانة المتهم في الجناية محل التقاضي، خضوع أمواله مباشرة إلى الأصول المتبعة في إدارة أموال الغائب، ولا يجوز تسليم أمواله إليه أو إلى مستحقيها من بعده إلا بعد سقوط العقوبة، أو أن يقوم المحكوم ضده غيابا بتسليم نفسه للعدالة لتعاد محاكمته مرة ثانية، ويعتبر الحكم نافذا من اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية.

– وإذا قام المتهم بتسليم نفسه للعدالة وقبل سقوط الحكم الغيابي الصادر ضده أو تم القبض عليه، فلا يعتد بالحكم السابق صدوره ضده وتعاد محاكمته، ويرجع ذلك إلى أن المحاكمة في غيبة المتهم تغل يد دفاعه عن تقديم أي دفوع نيابة عنه لعدم حضوره أثناء المحاكمة، ويصدر الحكم بأٌقصى عقوبة ردعا للمتهم الغائب، لعدم احترامه وتوقيره للقضاء، لذلك تلجأ التشريعات القانونية في زيادة القيود والعقبات أمام المتهم الفار من العدالة، وتضييق الخناق عليه حتى يستسلم للعدالة وأحكامها، فإذا ما سلم المتهم نفسه إلى العدالة وجبت إعادة محاكمته في حضوره، حتى يستطيع إبداء دفاعه ودفوعه سواء بنفسه أو عن طريق محاميه ،كما أنه لا يجوز محاكمته وجاهيا في جناية دون أن يكون له محامي موكل بالدفاع عنه، فإن لم يكن له محامي، عينت المحكمة له محاميا يقوم بدوره في الدفاع عنه، والغرض الأساسي من ذلك أن يكون الحكم الصادر في مواجهة المتهم متسم بالعدالة ومتوافقا مع ما نص عليه قانون المحاكمات الجزائية، وأيضاً نظرا لخطورة وشدة الأحكام التي تصدر من محكمة الجنايات والتي يجب أن تكن صادرة عن قناعة ولها أساسها من أدلة ثبوت وبينات، ويكون قد سبقها دفاعا موضوعيا غير هزيل من دفاع المتهم.

رابعاً: الطعن على أحكام محكمة البداية بصفتها الجنائية

أخذ المشرع الأردني بمبدأ التقاضي على درجتين، مما يمكن معه للمتهم في جناية من أن يستأنف الحكم الصادر بإدانته إذا شعر أن هناك سببا وجيها قد يغير من وجهة نظر محكمة الاستئناف وهي تنظر حكم محكمة الدرجة الأولى[2]، كما يجوز للمدعي العام استئناف الحكم الصادر من محكمة البداية بصفتها الجنائية، وكذلك من حق المدعي بالحقوق الشخصية استئناف الحكم، إلا أن المدعي الشخصي يقتصر حقه في الاستئناف على ما يتعلق بحقه في التعويض الجابر للضرر فقط.

وإذا أراد المتهم أن يستأنف الحكم فله أن يستأنفه، ويكون ذلك خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدوره متى كان وجاهياً، أو من تاريخ تبليغه للمتهم متى كان حكماً غيابياً أو بمثابة الوجاهي، أما إذا كان الاستئناف سيقام من قبل المدعي العام فيكون عندئذ خلال مدة قدرها ثلاثون يوماً من تاريخ الحكم، وفي حالة أن يكون المستأنف هو النائب العام بصفته فيمتد الميعاد ليصبح ستون يوما وتحتسب المدة من تاريخ صدور الحكم.

خامساً: الطعن على الأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف في قضايا الجنايات

يجوز الطعن على الأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف في قضايا الجنايات، ويكون ذلك أمام محكمة التمييز بصفتها الجزائية، وهو طريق من طرق الطعن غير العادية.

1- ميعاد الطعن بالتمييز

تختلف مواعيد الطعن بالتمييز في الأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف في جرائم الجنايات باختلاف نوع العقوبة التي يتضمنها الحكم، وكنه الطاعن على هذا الحكم.

– فإذا كانت العقوبة الموقعة على المتهم هي الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة، أو الاعتقال المؤبد، فتلك الأحكام يتم إحالتها تلقائياً إلى النائب العام الذي يحيلها بدوره إلى محكمة التمييز، ولا يتوقف الأمر على رغبة المحكوم عليه في الطعن عليها أمام محكمة التمييز، نظرا لخطورة هذه العقوبات وشدتها ورغبة في التيقن من أن الحكم الصادر فيها موافقا لأصول القانون.

– أما إذا كان الطعن قد أقيم على حكم في جناية ليست عقوبتها أحد العقوبات المذكورة آنفا، وكان الطاعن هو المحكوم عليه أو المسؤول بالمال أو المدعي الشخصي، فإن ميعاد الطعن على الحكم أمام محكمة التمييز يجب أن يكون خلال خمسة عشر يوما من اليوم التالي لصدور الحكم إذا كان الحكم وجاهياً (حضورياً) أو من تاريخ إعلانه بالحكم إذا كان الحكم غيابيا أو بمثابة الوجاهي، ويترتب على مرور مدة الخمسة عشر يوما دون الطعن بالتمييز على الحكم سقوط الحق لهم في الطعن.

– أما إذا كان الطعن من قبل النائب العام فقد قرر القانون مدة ثلاثون يوما لإيداع الطعن والتقرير به، وإذا كان من قبل رئيس النيابات العامة فتمتد المدة لتصبح ستون يوما.

2- شروط قبول الطعن بالتمييز

يجب أن يتضمن الطعن بالتمييز على أسباب الطعن في الحكم الصادر من محكمة الاستئناف، وتنحصر أسباب قبول الطعن بالتمييز في عدة أسباب، بحيث إذا لم تتوافر إحداها في الطعن بالتمييز كان مآله الرد، ويمكن حصر هذه الأسباب فيما يلي:

* أن يكون الحكم المطعون فيه قد خالف الإجراءات التي أستلزم القانون اتباعها تحت طائلة البطلان، أو غيرها من إجراءات متى طلب الخصم مراعاتها ولم تجبه المحكمة ولم يتم تصحيحها أثناء أدوار المحكمة التي جاءت بعدها.

* أن يكون الحكم المطعون فيه قد شابه عيب مخالفة القانون، أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله.

* أن يكون الحكم المطعون فيه مخالفاً لقواعد الاختصاص، أو تجاوزت فيه المحكمة سلطتها القانونية.

* أن يكون قد صدر حكمين متعارضين في ذات الواقعة.

* أن يكون الحكم المطعون فيه قد أغفل الفصل في طلب من الطلبات أو قضى بما يتجاوز ما طلبه الخصوم.

* خلو الحكم من أسبابه الموجبة، أو عدم كفايتها، أو غموضه

3- ما يترتب على نقض محكمة التمييز للحكم

يترتب على نقض محكمة التمييز للحكم الجنائي إعادة الدعوى الجنائية لمحكمة الاستئناف التي فصلت فيها لتفصل فيها على ضوء ما ورد في حكم النقض، فإن خالفت ذلك وطعن على الحكم بالتمييز مرة أخرى ورات محكمة التمييز أن محكمة الاستئناف لم تلتزم بماورد بحكم النقض، جاز لها في هذه الحالة أن تقوم بأحد أمرين:

الأول: هو أن تعيد الدعوى إلى المحكمة مصدرة الحكم، والتي يجب عليها عندئذ الانصياع لقرار التمييز. الثاني: أن تقرر محكمة التمييز التصدي لموضوع الدعوى الجنائية وتفصل فيه مباشرة.

سادساً: محكمة الجنايات الكبرى

تختص محكمة الجنايات الكبرى بعدد من الجرائم على سبيل الحصر، ولا يجوز لغيرها من المحاكم النظر فيها والفصل فيها، خاصة وأن القانون هو من حدد لها تلك الاختصاصات بشكل حصري وواضح وصريح، وكما يتضح من الاسم فقد أوكل المشرع إلى محكمة الجنايات الكبرى الجرائم التي يرى المشرع أنها أكبر خطر على المجتمع من غيرها، وهي أيضاً أشدها عقوبة، فكان لزاما أن يخصص لها محكمة خاصة يتمتع قضاتها بالخبرة حتى تكون أحكامها أقرب للعدالة.

1- تشكيلها

تتشكل محكمة الجنايات الكبرى من ثلاث قضاة ويكون رئيسها قاض لا تقل درجته عن الدرجة الثانية، وقاضيين كأعضاء بحيث لا تقل درجة كل منهما عن الدرجة الثالثة.

– ويكون لمحكمة الجنايات الكبرى نائبا عام وعدد من النواب المساعدين له، وعدد كاف من المدعيين العموم، ويتولون دور أعمال النيابة من حيث تجهيز الدعوى الجنائية وإعداد قائمة أدلة ثبوتها، ومباشرة التحقيقات فيها.

2- الجرائم التي تختص بنظرها محكمة الجنايات الكبرى

تختص محكمة الجنايات الكبرى بنظر الجرائم المنصوص عليها في المواد (326)، (327)، (328)، (330)، (332)، والمواد من (292) إلى (302) من قانون العقوبات الأردني، بالإضافة إلى الشروع في ارتكاب الجرائم المذكورة.

سابعاً: المحكمة المختصة بنظر جرائم جنايات الأحداث

عرف قانون الأحداث الأردني رقم 32 لسنة 2014 في (المادة 2) منه الحدث بأنه كل من لم يتم الثامنة عشرة من عمره، كما يعرف الفقه القانوني الحدث بأنه الصغير بين سن التمييز وسن الرشد الجنائي، والذي يمثل أمام السلطة القضائية أو أي سلطة أخرى مختصة لمحاكمته على ارتكاب جريمة، أو لضبطه في إحدى حالات الانحراف[3]، وإذا ارتكب الحدث جناية فيجب أن تتم محاكمته وفقا لقانون الأحداث، وتكون محكمة البداية هي المحكمة المختصة بنظر جنايات الأحداث بصفتها محكمة أحداث، وهي قضايا مستعجل يستوجب الفصل فيها إذا كانت جناية خلال ستة أشهر من تاريخ ورودها إلى قلم المحكمة، مالم يكون تأخيرها عن ذلك الوقت لسماع شهادة شهود او لتقرير طبي، حيث تنص (المادة 20) من قانون الأحداث الأردني على أنه (أ-. تباشر المحكمة النظر في القضية ولا يجوز تأجيل الجلسات لأكثر من سبعة أيام إلا إذا اقتضت الضرورة غير ذلك على أن يبين ذلك في محضر المحاكمة ب‌. يجب أن تفصل المحكمة في قضايا الجنح خلال ثلاثة أشهر من تاريخ ورودها إلى قلم المحكمة، وأن تفصل في قضايا الجنايات خلال ستة أشهر من تاريخ ورودها إلى قلم المحكمة، وذلك باستثناء الحالات التي يتوقف فيها الفصل في القضية على ورود تقرير طبي قطعي، أو سماع شهادة شاهد).

وإذا ما كان الحدث قد شارك مع بالغين في ارتكاب جناية، فيجب التفريق بين الحدث والبالغين سواء في مراكز التوقيف أو الحجز القانوني على ذمة التحقيق، ويحاكم الحدث امام محكمة الأحداث بالتشكيل الذي أوجبه القانون، ويعد ذلك نفاذاً لما نصت عليه (المادة 16) من قانون الأحداث الأردني من أنه (إذا اشترك في الجريمة الواحدة أو في جرائم متلازمة أحداث وبالغون فيفرق بينهم بقرار من النيابة العامة وينظم ملف خاص بالأحداث ليحاكموا أمام قضاء الأحداث وفقاً لأحكام هذا القانون).

ثامناً: محكمة جنايات أمن الدولة

1- تشكيلها واختصاصها

وهي محكمة تم إنشائها بموجب قانون محكمة أمن الدولة رقم 17 لسنة 1959، وتتشكل من ثلاث قضاة مدنيين، أو عسكرين، أو مدنيين وعسكريين معاً، ويتم ترشيح القضاة المدنيين عن طريق المجلس القضائي، والعسكريين من قبل رئيس الوزراء بناء على ترشيح من رئيس هيئة الأركان المشتركة.

وتختص بالجنايات التي تمس أمن الدولة الداخلي، أو الخارجي، وجناية تزوير البنكنوت، وجرائم التجسس، وحماية أسرار الدولة، وغيرها من الجرائم التي حددتها المواد الثالثة والرابعة من قانون محكمة أمن الدولة، وتبدأ المحاكمة في مدة أقصاها عشرة أيام من وقت وصول القضية الجنائية إلى محكمة امن الدولة، ولا يجوز تأجيلها لأكثر من 48 ساعة وبقرار مسبب يوضح فيه سبب التأجيل.

2- الطعن على أحكامها

يجوز لكل من المحكوم ضده والنائب العام الطعن على الحكم الصادر من محكمة أمن الدولة في جناية، ويجب أن يتم الطعن على الحكم في مدة أقصاها ثلاثون يوما من تاريخ تفهيم الحكم إذا كان وجاهيا، أو خلال ثلاثين يوما من تبليغ المتهم به متى كان غيابياً.

ويجب أن تتشكل محكمة التمييز وهي تنظر الطعن بالتمييز في حكم صادر من محكمة أمن الدولة من خمسة قضاة على أقل تقدير، ولها الفصل في موضوع الجناية سواء بتأييد الحكم الصادر، أو تعديله، أو رده والقضاء ببراءة المتهم، لكن إذا تراءى لمحكمة التمييز أن هناك خطأ في إجراءات المحاكمة أو مخالفة للقانون كان لها نقض الحكم، وإعادة الدعوى الجنائية إلى محكمة أمن الدولة للفصل فيها مجددا بعد تصويب الإجراء المعيب، وإذا كان الحكم الصادر من محكمة أمن الدولة بالبراءة وطعن عليه النائب العام أمام محكمة التمييز، فلا يجوز لمحكمة التمييز أن تلغي الحكم بالبراءة إلا بعد سماع البينة وأدلة الثبوت.

والحكم الصادر من محكمة التمييز هنا هو حكم قطعي، بصدوره يكون طرفي الدعوى الجنائية قد استنفذا كل طرق الطعن ولا يجوز الطعن عليه مجددا.

تاسعاً: أحكام محكمة التمييز ذات العلاقة

– حكم محكمة التمييز بصفتها الجزائية رقم 1672 لسنة 2021 تمييز جزائي، والصادر بجلسة 4/8/2021، والقاضي بأنه (من حيث الشكل: فبالتدقيق نجد أن المادة (13/ج) من قانون محكمة الجنايات الكبرى قد حددت مدة الطعن بالقرار الصادر عن محكمة الجنايات الكبرى خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدور الحكم إذا كان وجاهياً، وحيث أن القرار المميز قد صدر وجاهياً بحق المميز بتاريخ 27/4/2021 وتقدم المميز بلائحة تمييزه بتاريخ 16/5/2021 بعد فوات المدة المشار إليها مما يجعل التمييز مردود شكلاً، لذلك نقرر رد التمييز شكلاً وإعادة الأوراق إلى مصدرها).

عاشراً: الخاتمة

ختاماً يتضح جلياً مدى اهتمام المشرع الأردني بالجنايات، وإفراده محاكم لها لتختص بالنظر فيها، بل قسمها إلى جنايات تختص بها محكمة البداية، وجنايات تختص بها محكمة الجنايات الكبرى، وجنايات تختص بها محكمة أمن الدولة، ولا شك أن الغرض من ذلك هو توفير كل الضمانات للمتهم، حتى يلقى محاكمة عادلة وناجزة، واعتمد المشرع في تحقيق ذلك على تولي القضاة ذوي الخبرة والدرجات العالية الفصل في الجرائم المصنفة جنايات.

كتابة: محمد إسماعيل حنفي

[1] – محمد زكي أبو عامر – قانون العقوبات: القسم العام – مطبعة التوني – مصر – ص364 وما يليها.

[2] – محمود نجيب حسني – شرح قانون الإجراءات الجنائية – ط3 – دار النهضة العربية – مصر – 1998 – ص 1091.

[3] – منير المعصره – انحراف الأحداث ومشكلة التقويم – المكتب المصري الحديث – مصر – 1984 – ص 37.