الفائدة المصرفية في القانون الأردني

الفائدة المصرفية في القانون الأردني

تناول كلٌ من القانونين المدني والتجارة الأردنيين حكمًا مغايرًا للآخر فيما يتعلق بجواز استحقاق الفائدة. ففي حين لم يجز القانون الأول تقاضي الفوائد على الدين المدني أيًا كان شكلها أو نوعها، فقد أجاز الثاني تقاضي الفوائد في ظل النص على مجموعة من الضوابط والشروط. وبالنظر إلى التطور الملحوظ الذي يشهده قطاع التجارة الأردني بشكل عام، والقطاع المصرفي بشكل خاص، وزيادة حجم التجارة الخارجية والتبادل التجاري، وزيادة اللجوء إلى البنوك لتمويل المشاريع المختلفة، ولإتمام الصفقات التجارية من خلال الحصول على القروض، وفتح الاعتمادات المالية، وما إلى ذلك من خدمات تقدمها البنوك لعملائها مقابل استيفاء الفائدة المصرفية عليها، والتي تمثل مصدر دخلها الأساس. وفي ظل المعالجة المتداخلة وغير المتسقة لأحكام الفائدة المصرفية من جانب المشرع الأردني، فقد كان واجبًا علينا تناول هذا الموضوع بالبحث والدراسة، وذلك من خلال العناصر الرئيسية الآتية:

أولًا: ماهية الفائدة المصرفية

ثانيًا: أنواع الفائدة المصرفية

ثالثًا: خصائص الفائدة المصرفية

رابعًا: الأساس القانوني للفائدة المصرفية في القانون الأردني

خامسًا: أوجه الفائدة المصرفية في التطبيقات المصرفية المسماة وفقًا للقانون الأردني

سادسًا: شروط سريان الفائدة المصرفية في القانون الأردني

سابعًا: وقف سريان الفائدة المصرفية

ثامنًا: قطع (تقادم) الفائدة المصرفية في القانون الأردني

تاسعًا: السوابق القضائية الخاصة بالفائدة المصرفية في القانون الأردني

ونقدم شرح تفصيلي لكل عنصر من العناصر الرئيسية السابقة فيما يلي:

أولًا: ماهية الفائدة المصرفية

بالرجوع إلى كافة القوانين الأردنية ذات الصلة بموضوع بحثنا كالقانون المدني نجد أن المشرع الأردني لم يأتِ من خلال ما شرعه بتعريف للفائدة المصرفية، على الرغم من أن هذه القوانين نظمت الأحكام المختلفة لهذا النوع من الفائدة، والحال نفسه بالنسبة للتطبيقات القضائية الأردنية.

وقد عرف البعض الفائدة المصرفية بأنها: “العائد من استعمال رأسمال أو هي ناتج استثمار رأس المال المستغل في القروض والودائع والسندات والديون على اختلاف أنواعها”([1])، “أو الزيادة التي يتقاضاها البنك من العميل، أو يدفعها له بموجب أحكام القانون والتي تستحق على المبلغ النقدي محل أي من التطبيقات المصرفية التي تقدمها البنوك لعملائها، والتي يكون فيها البنك دائنًا أو مدينًا وبنسبة مئوية من رأس المال تُحدد أما بنص القانون أو بالاتفاق بين الطرفين عند إبرام العقد، وتكون محكومةً بالزمن من حيث السريان والتوقف، وتجب لمن يستحقها لقاء الأجل والانتفاع برأس المال سواء أكان هناك ضرر لحق به أو لم يكن”([2]).

ثانيًا: أنواع الفائدة المصرفية

تُقسم الفائدة المصرفية إل نوعين: الفائدة البسيطة والفائدة المركبة، وذلك على النحو التالي:

1.     الفائدة البسيطة (Simple interest):

“هي الفائدة التي يقبضها المصرف أو العميل لقاء إقراض مبلغًا معينًا من المال فالمصرف يستحق فائدة في عملية الائتمان لقاء الأموال التي يقرضها للغير والعميل أيضًا له حق (فائدة) لقاء إيداع أمواله لدى المصارف بأنواعها المعروفة”([3]).

تسدد الفائدة البسيطة بتاريخ استحقاقها، ولا تضاف إلى المبلغ الأصلي وتحسب عليها فائدة ويتحدد سعرها وفقًا للاتفاق المبرم فيما بين البنك وبين العميل أو وفقًا لما يحدده القانون خلال وحدة زمنية إذا لم يكن متفقًا على سعرها، وهي فائدة صحيحة تحسب على أساس أن عدد أيام السنة (365) يومًا.

2.     الفائدة المركبة (Interest compound):

“وهي الفائدة التي تُحسب على أصل المبلغ مضافًا إليه قيمة فائدة الفترة السابقة، وبالتالي فإن قيمة الفائدة تتغير في كل فترة من فترات الاستثمار”([4]).

يتم تحديد سعر الفائدة غالبًا بناءً على اتفاق بين البنك وعميله ووفقًا للتعليمات الصادرة عن البنك المركزي إذا كان قانونه يستلزم أن يتم تحديد سعر الفائدة بموجب قرار منه أو أن البنك المركزي يقوم بتعويم سعر الفائدة وفقًا لسوق العرض والطلب تاركًا أمر تحديد سعرها للبنوك حسب معادلات السوق. وإذا لم تكن الفائدة محددةً بموجب اتفاق فيتم تحديدها عندئذٍ استنادًا لأحكام القانون والأنظمة والتعليمات الصادرة بمقتضاه.

ثالثًا: خصائص الفائدة المصرفية

يمكن استخلاص الخصائص القانونية للفائدة المصرفية من خلال تعريفاتها، وذلك على النحو التالي:

1.     الفائدة المصرفية مبلغ مُحدد من النقود:

بشكل عام يتم استيفاء الفائدة بنسبة مئوية محددة من أصل رأس المال طبقًا لأحكام القانون. وفي التشريع الأردني هناك العديد من النصوص القانونية التي حددت الفائدة بنسبة مئوية لا يجوز تجاوزها. من ذلك قانون البنك المركزي الأردني، ونص المادة رقم (167/4) من قانون أصول المحاكمات المدنية وتعديلاته على أنه: “مع مراعاة ما ورد في أي قانون خاص تُحسب الفائدة القانونية بنسبة (9%) سنويًا ولا يجوز الاتفاق على تجاوز هذه النسبة”.

2.     الفائدة المصرفية حتمية وجوبية:

وذلك نظرًا لكونها تترتب بحكم وقوة القانون، فقد جعل قانون التجارة الأردني الفائدة المصرفية من مقتضيات الحساب الجاري، وأثرًا من الآثار الناجمة عن دخول المبلغ في هذا الحساب، وجعلها تترتب حتمًا لصالح العميل. وذلك وفقًا لنص (المادة 110) من القانون المذكور التي نصت على: “أن الدفعات تنتج حتمًا لمصلحة المُسلِّم على المستلم فائدة تُحسب على المعدل القانوني إذا لم تكن معينة بمقتضى العقد أو العرف”.

“وتعد هذه الحتمية ترسيخًا وتطبيقًا لمبدأ سلطان الإرادة بالنسبة لطرفي العقد (الحساب الجاري)، حيث إن مجرد انعقاد العقد بينهما ينطوي على تنازل كل واحد منهما عن الاستحقاق الآني والفوري للمفردات المدفوعة بالحساب، وأن أيًا منهما لا يستحق هذه المفردات إلا بعد قفل الحساب واستخراج الرصيد النهائي، لذلك كان لابد من أن تكون هناك فائدةً يتم استيفاؤها بحكم وقوة القانون دون أن تكون هناك حاجة للاتفاق عليها، كما أنه جعلها واجبة عند الاقتضاء بالنسبة لوديعة النقود”([5]).

3.     الفائدة المصرفية اندماجية:

“تظهر هذه الخصيصة بصورة فاعلة وبحكم القانون في الحساب الجاري، ويقصد بذلك أن الفائدة تندمج وتتحد مع المفردات الموجودة في الحساب وتنصهر معها، ولا تتمتع بأية استقلالية تُذكر، ولا يجوز المطالبة بها بصورة مستقلة عن المدفوعات في الحساب، كما يلا يجوز المطالبة بها طالما ظل الحساب عاملًا، وإنما تتم المطالبة بالمفردات والفائدة المستحقة عليها ككل متكامل، وكوحدة واحدة بعد أن يتم إقفال الحساب”([6]).

“كما تظهر هذه الخصيصة عمليًا في حساب وديعة النقود في ظل أحكام قانون التجارة الأردني على اعتبار أنه منتج للفائدة بقوة القانون إذ إنه وبمجرد دخول الدين في مثل هذا الحساب فإنه يصبح عنصرًا من عناصره ويشترك مع باقي المفردات الموجود فيه، والأمر نفسه بالنسبة للفائدة المترتبة على الدين الداخل في الحساب”([7]).

4.     الفائدة المصرفية مرتبطة بالزمن:

التطبيقات المصرفية المختلفة كالحساب الجاري، ووديعة النقود، وفتح الاعتماد، والقرض المصرفي عبارة عن عقود تُبرم بين البنك وبين العميل، وهذه العقود ترتبط بالزمن الذي ينظم أحكامها، والفائدة المصرفية تنشأ من خلال هذه العقود، وتدور مع العقود الناشئة عنه وجودًا وعدمًا، فإذا قام العقد صحيحًا بأركانه وشروطه كانت الفائدة كذلك، وإذا كان باطلًا بتخلف أحد أركانه بطلت الفائدة تبعًا لذلك على اعتبار أنه: “إذا بطل الشيء بطل ما في ضمنه”.

والملاحظ أن لكل عقد من عقود العمليات المصرفية أحكامًا خاصة تختلف عن غيره من العقود ففي عقد القرض المصرفي تبدأ فترة السريان بمجرد انعقاد العقد، وتنتهي من اليوم الذي ينتهي فيه العقد أو من اليوم الذي يتوجب على المقترض رد مبلغ القرض إلى المقترض.

وفي عقد القرض البحري الذي من الممكن أن يكون قرضًا مصرفيًا إذا كان أحد طرفيه بنكًا فإنه يشترط في الصك المثبت للقرض أن يبين التاريخ والفائدة المشترطة ومدة القرض، وأن الفائدة لا تستحق إلا من تاريخ وصول الأشياء المخصصة بالدين سالمة.

أما في الحساب الجاري فتبدأ من وقت دخول الدفعات في الحساب، أي من الوقت الذي يملك فيه المستلم لهذه الدفعات سلطة التصرف فيها، وتتوقف عند قفل (غلق) الحساب الجاري ولأي سبب من الأسباب التي أجاز فيها القانون مثل هذا الإجراء والتي تتمثل باتفاق الطرفين على ذلك، أو بإرادة أحدهما، أو وفاته، أو فقدانه لأهليته القانونية، أو إشهار إفلاسه.

وفي وديعة النقود، فتبدأ بالسريان في هذا العقد طبقًا لأحكام قانون التجارة الأردني من اليوم الذي يلي كل إيداع ولغاية النهار الذي يسبق رد كل المبلغ المودع ما لم يكن هناك اتفاق مخالف.

أما في الاعتماد المالي، فإن الفائدة تبدأ بالسريان في مثل هذه العملية ببدء العميل باستعمال المبلغ، أي من اليوم الذي يبدأ فيه العميل باستعمال المبلغ محل الاعتماد، وأن سريان الفائدة المستحقة للبنك على العميل مقابل استعماله المبلغ محل الاعتماد يتوقف عند انتهاء العقد لأي سبب من أسباب الانتهاء كحلول الأجل المحدد له، أو انتهاء الغاية التي تم فتح الاعتماد لأجلها.

أخيرًا نذكر أن الزمن وكما أنه يحكم بدء وتوقف سريان الفائدة بالنسبة للتطبيقات المصرفية المختلفة، فإنه يحكم بالإضافة إلى ذلك آلية الاحتساب، حيث إن النسبة المئوية للفائدة تحتسب سنويًا من أصل الدين أو رأس المال أو المبلغ محل العملية المصرفية أيًا كان نوعها.

5.     الفائدة المصرفية تقوم على الضرر المفترض:

حيث تُستحق الفائدة بالمعدل القانوني، أو المعدل المتفق عليه مع المدين عند العقد دون أن يُكلف بإثبات الضرر، وذلك وفقًا لأحكام المادة (167/1) من قانون أصول المحاكمات المدنية التي نصت على أنه: “إذا كان الدين قد تعهد بتأدية مبلغ من النقود في وقت معين وامتنع المدين عن أدائها عند حلول الأجل يُحكم بالفائدة دون أن يُكلف الدائن إثبات تضرره من عدم الدفع”. حيث يفترض أن الدائن متضرر، وأن الضرر قد أصابه من جراء تأخر المدين بالوفاء بالدين أو امتناعه عن الوفاء به، وأن الدائن يستحق الفائدة كتعويض عن هذا الضرر.

رابعًا: الأساس القانوني للفائدة المصرفية في القانون الأردني

يمنع القانون المدني الأردني تقاضي الفوائد ويستفاد هذا المنع بصفة خاصة من نص (المادة 640) من القانون المدني والتي نصت على أنه: “إذا اشترط في عقد القرض منفعة زائدة على مقتضى العقد سوى توثيق حق المقرض لغيَّ الشرط وصح العقد”. والمقصود بالمنفعة هنا يشمل الفائدة وكل فائدة أخرى يحصل عليها المُقرض بسبب القرض إلا ما يوثق حقه.

“وخلافًا لأحكام القانون المدني الأردني فقد أجاز قانون التجارة الأردني من حيث المبدأ تقاضي الفوائد؛ ذلك أن الحسابات المصرفية نادرًا ما تكون قائمةً على عمليات قانونية بسيطة، بل إنها غالبًا ما تكون عبارةً عن مجموعة عمليات قانونية مركبة تتطلب تطبيق نصوص مختلفة من ذات القانون أو من قوانين مختلفة ومتفرقة”([8]).

والفوائد بجميع أنواعها غالبًا ما تكون متولدةً وناشئةً عن عقود يتم إبرامها بين البنك وبين عمليه؛ وإما أن تندرج تحت مظلة عمليات الإيداع أو تحت مظلة الائتمان والتي تستند إلى أحكام قانون التجارة أو قانون البنك المركزي أو القانون المدني، وأن هذه العقود تنطبق عليها الشروط الأساسية الواجب توافرها في أي عقد ألا وهي الرضا، والأهلية، والمحل، والسبب.

وبالتالي تعتبر الفائدة من ملحقات العقد التي نشأت عنه وتتبعه وترتبط به وجودًا وعدمًا، ولا يجوز التعامل مع الفائدة بمعزل عن العقد الذي يشكل أساس الالتزام فإن صح العقد صح شرط الفائدة فيه، وإن بطل العقد انصرف هذا البطلان على شرط الفائدة؛ لأنها تابعةٌ له والتابع لا ينفرد بحكم. وأما في حالة خلو العقد من النص على الفوائد فإن هذا يعني انصراف المطالبة إلى الفوائد القانونية التجارية.

خامسًا: أوجه الفائدة المصرفية في التطبيقات المصرفية المسماة وفقًا للقانون الأردني

بدايةً نُعرف التطبيقات المسماة على أنها: “تلك التي أورد لها المشرع تسمية خاصة في قانون التجارة، وبيّن أحكامها المختلفة في هذا القانون، مثل الحساب الجاري، ووديعة النقود، ووديعة الأوراق المالية، وفتح الاعتماد، أو تلك التي أورد لها المشرع تسمية خاصة في القانون نفسه دون أن يبين أحكامها، وجعلها خاضعة للقانون المدني والعرف، ومن أمثلة هذه التطبيقات عقد القرض المصرفي، وأن السبب وراء التسمية الخاصة لهذه التطبيقات إنما يرجع لأهميتها في مجال التجارة والأعمال المصرفية”([9]).

ونتناول فيما يلي الفائدة المصرفية في عدد من التطبيقات المصرفية المسماة وفقًا للترتيب الموجود في قانون التجارة الأردني، وذلك على النحو التالي:

1.     الفائدة في عقد القرض المصرفي:

على الرغم من تناول المشرع الأردني العقود التجارية من خلال الكتاب الثاني “العقود التجارية” من قانون التجارة الأردني إلا أنه لم يتناول أحكام عقد القرض المصرفي في أي من أبواب هذا الكتاب، ونص صراحةً على إخضاع قواعده لأحكام القانون المدني والعرف. فنصت (المادة 59/1) من قانون التجارة الأردني على: “إن عقود البيع والقروض والتأمين وجميع العقود التي لم تحدد قواعدها في هذا القانون تخضع للقانون المدني والعرف”.

كما نصت (المادة 122) من القانون ذاته على: “إن العمليات المصرفية غير المذكورة في هذا الباب تخضع لأحكام القانون المدني المختصة بالعقود المختلفة الناجمة عن العمليات المذكورة أو العقود التي تتصف بها هذه العمليات”.

“وهناك من يرى أن السبب وراء ذلك إنما يرجع إلى عدم وجود اختلاف بين عقد القرض المصرفي وبين عقد القرض بوجه عام سوى في كون البنك هو الطرف المقرض، ويكون العميل هو الطرف المقترض”([10]).

وبالرجوع لأحكام القانون المدني الأردني يتبين لنا منعه تقاضي الفوائد، ويتضح هذا المنع بصفة خاصة من نص (المادة 460) من القانون المدني سالفة الذكر.

“وخلافًا لأحكام القانون المدني فقد أجاز قانون التجارة الأردني من حيث المبدأ تقاضي الفوائد، ذلك أن الحسابات المصرفية نادرًا ما تكون قائمةً على عمليات قانونية بسيطة، بل إنها غالبًا ما تكون عبارة عن مجموعة عمليات قانونية مركبة تتطلب تطبيق نصوص مختلفة من القانون ذاته أو من قوانين مختلفة ومتفرقة”([11]).

وتُحدد الفائدة المصرفية في عقد القرض بنسبة مئوية من مبلغ القرض قد تحدد بالاتفاق أو بنص القانون. وبالنسبة لسريانها فإنها تبدأ في السريان بمجرد انعقاد العقد. ويتوقف سريانها من اليوم الذي ينتهي فيه العقد، أو بعبارة أخرى من اليوم الذي يتعين فيه على العميل (المقترض) رد المبلغ والفوائد المستحقة عليه إلى البنك (المقرض) أي بحلول أجل القرض إلا إذا تضمن العقد شرطًا يقضي باستمرارية سريان الفائدة لحين الانتهاء من تسديد المبلغ محل القرض، والحال نفسها عند سقوط الأجل كما لوحُكم بشهر إفلاس المقترض.

2.     الفائدة في عقد الحساب الجاري:

يعتبر عقد الحساب الجاري من العقود المنتجة للفائدة المصرفية وفقًا للقانون الأردني. فبالرجوع إلى نصوص قانون التجارة الأردني نجد أن (المادة 110) نصت على: “إن الدفعات في الحساب الجاري تنتج حتمًا لمصلحة المُسلِّم على المستلم فائدة تُحسب على (المعدل) القانوني إذا لم تكن معينة بمقتضى العقد أو العرف”.

وعليه فإن الفائدة المصرفية والحال هذه تعتبر أثر من آثار دخول الدين في مثل هذا الحساب، والفائدة فيه وجوبية وحتمية تترتب بحكم وقوة القانون، بمعنى عدم وجود أي داع لاشتراطها في العقد، حيث إن الدين يرتب الفائدة بمجرد دخوله في الحساب. وهذا الحساب وكما أنه ينتج الفائدة البسيطة التي تستحق على أصل الدين الداخل في الحساب، فإنه ينتج الفائدة المركبة أيضًا وفقًا لأحكام القانون، وهو ما استقرت عليه التطبيقات القضائية في هذا الشأن.

وتبدأ الفائدة بالسريان في هذا العقد من الوقت الذي تدخل فيه الدفعات بالحساب، أي من الوقت الذي يملك فيه المستلم (القابض) لهذه الدفعات سلطة التصرف بها. ويستحق المُسلِّم لهذه الدفعات الفائدة حسب المعدل القانوني إذا لم تكن معينةً بمقتضى العقد أو العرف. ووفقًا للقانون الأردني فإن الاتفاق المبرم بين البنك وبين العميل على معدل الفائدة لا يتقيد إلا بالسعر المحدد من قِبل البنك المركزي الأردني إذا ما أصدر أوامر تحدد مثل هذا السعر، فإذا لم يقم البنك المركزي بتحديد سعر؛ كان للطرفين الحرية المطلقة بالاتفاق على أي سعر.

3.     الفائدة في عقد وديعة النقود:

بالنسبة للفائدة المصرفية في هذا العقد فإنها تُعد حتميةً على اعتبار أن هذا الحساب وفقًا لأحكام قانون التجارة الأردني من الحسابات المنتجة للفائدة ما لم يكون هناك اتفاق يقضي بخلاف ذلك. وترتبط الفائدة المصرفية في هذا العقد بالأثر المتمثل بالتزام البنك برد النقود المودعة من قِبل العميل في الحساب. فيلتزم البنك برد قدر من النقود مساوي للمبلغ المودع، ويزداد هذا القدر بصورة مطردة تبعًا للفائدة المستحقة للعميل.

أما بالنسبة لآلية سريان الفائدة في مثل هذا العقد، فوفقًا لأحكام قانون التجارة الأردني فقد نصت (المادة 115/3) من قانون التجارة الأردني على أنه: “وتجب الفائدة عند الاقتضاء ابتداءً من اليوم الذي يلي كل إيداع إن لم يكن يوم عطلة ولغاية النهار الذي يسبق إعادة كل مبلغ ما لم يكن هناك اتفاق مخالف”.

ويستفاد من هذا النص أن سريان الفائدة يبدأ من اليوم الذي يلي كل عملية إيداع، وحتى النهار الذي يسبق عملية رد المبلغ المودع (المُسلِّم) ما لم يكن هناك اتفاقًا مخالفًا، وفي حالة كون اليوم التالي لعملية الإيداع عطلة رسمية يُمد إلى أول يوم دوام رسمي.

4.     الفائدة في عقد الاعتماد المالي:

تناول قانون التجارة الأردني عقد الاعتماد المالي تحت عنوان الحساب الجاري ولعل ما يفسر ذلك أن مثل هذا العقد قد يصاحبه فتح حساب جارٍ أو عادي للعميل من قِبل البنك فاتح الاعتماد غير أن القانون الأردني جعله مقترنًا بالحساب الجاري فقط.

وبالنسبة للفائدة في هذا العقد فقد نصت المادة (121/2) على أنه: “ويحق للمصرف أن يسترد المبالغ التي دفعها أو المصاريف التي أنفقها لإنفاذ ما وكل به مع الفائدة المتفق عليها أو الفائدة القانونية إن لم يكن اتفاق ابتداء من يوم الدفع”.

ويتضح من نص المادة أن الفائدة تعتبر أثرًا من آثاره، فهذا العقد يُنشئ التزامًا رئيسيًا على البنك فاتح الاعتماد ينطوي على وضع المبلغ النقدي محل العقد تحت تصرف العميل خلال المدة المتفق عليها في العقد، ويكون لهذا الأخير الحق والحرية في استخدام أو عدم استخدام هذا المبلغ خلال مدة الاعتماد المتفق عليها، وليس للبنك في هذا الصدد أن يقوم بإجباره على استخدامه. وفي المقابل فإنه يُنشئ أيضًا التزامًا على عاتق العميل يتمثل في رد المبلغ محل العقد الذي قام بسحبه واستخدامه، بالإضافة إلى الفائدة المستحقة عليه، وذلك خلال مدة الاعتماد المتفق عليها.

كما يتضح من النص سالف الذكر التزام العميل بدفع الفائدة بالسعر المتفق عليه في العقد، وفي حالة خلو العقد من مثل هذا الاتفاق فإن العميل يلتزم بدفع الفائدة بالسعر القانوني. والفائدة لا تستحق والعقد هذا اللهم إلا إذا استخدم العميل المبلغ الموضوع تحت تصرفه من قِبل البنك فاتح الاعتماد، أي أن مجرد انعقاد العقد لا يكون له أي أثر بشأن استحقاق الفائدة أو البدء في سريانها.

أما بالنسبة لوقف سريان الفائدة في عقد الاعتماد فإنها تتوقف عند انتهاء العقد لأي سبب من أسباب الانتهاء سواء تلك المتعقلة بالعقد مثل حلول الأجل المحدد له، أو تلك المتعلقة بشخص العميل كوفاته، أو تلك المتعلقة بالبنك فاتح الاعتماد كأن يتم وضع البنك تحت التصفية.

5.     الفائدة في عقد وديعة الأوراق المالية:

لم يتضمن قانون التجارة الأردني أية إشارة للفائدة المصرفية في عقد وديعة الأوراق المالية، مكتفيًا في هذا الصدد بالإشارة إلى استحقاق البنك للعمولة، وذلك في حالة قيامه بإدارة الأوراق المالية المودعة لديه بناءً على توكيل من العميل. فنصت المادة (116/3) على أنه: “وتطبق قواعد الوكالة على الودائع المصرفية إذا أخذ المصرف على نفسه إدارة الأوراق المالية المودعة مقابل عمولة”.

6.     عقد الإيداع في الصناديق الحديدية:

وفقًا لأحكام القانون الأردني فإن الطبيعة القانونية لهذا العقد تتمثل في اعتباره عقد إيجار، وعليه فإن ما يدفعه العميل للبنك لقاء انتفاعه بالصندوق الحديدي الموضوع تحت تصرفه إنما يمثل الأجرة التي يجب على المستأجر دفعها للمؤجر لقاء انتفاعه بالعين المؤجرة؛ لذلك فإنه من غير الممكن تصور وجود الفائدة المصرفية في مثل هذا العقد.

سادسًا: شروط سريان الفائدة المصرفية في القانون الأردني

نتناول فيما يلي شروط سريان الفائدة المصرفية طبقًا للقواعد العامة والخاصة، وذلك على النحو التالي:

1.     شروط سريان الفائدة المصرفية طبقًا للقواعد العامة:

يتطلب سريان الفائدة المصرفية جملة من الشروط التي تحددها القواعد العامة تتمثل في ضرورة أن يظل العميل على قيد الحياة، وأن يظل متمتعًا بالأهلية القانونية الكاملة، وألا يتعرض للإفلاس.

2.     شروط سريان الفائدة المصرفية طبقًا للقواعد الخاصة:

وتتمثل في الشروط المنصوص عليها في القوانين والأنظمة الخاصة التي تحكم سريان الفائدة، وتتمثل هذه الشروط وفقًا للقانون الأردني في:

  • عدم تجاوز السقف الأعلى للفائدة:

يستفاد هذا الشرط من نظام المرابحة، ومن قانون أصول المحاكمات المدنية، ومن قانون الربا الفاحش.

فوفقًا لنظام المرابحة العثماني فقد نصت المادة (1) منه على أنه: “اعتبارًا من تاريخ نشر هذا النظام تُعين (9%) فائدة سنوية حدًا أعظمًا لكل أنواع المدينات العادية والتجارية”.

وما نصت عليه المادة (167/4) من قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني من حيث إنه: “مع مراعاة ما ورد في أي قانون خاص تحسب الفائدة القانونية بنسبة (9%) سنويًا ولا يجوز الاتفاق على تجاوز هذه النسبة”.

والمادة رقم (2/1) من قانون الربا الفاحش التي تنص على أنه: “إذا أقيمت إجراءات أمام أية محكمة لتحصيل دين ووجدت بينة تقنع المحكمة بأن الفائدة المستوفاة… تزيد عن المعدل الذي يجيزه القانون فيجوز للمحكمة أن تعفي المدعي عليه من دفع أي مبلغ يزيد على المبلغ الذي تحكم المحكمة باستحقاقه، وإذا كان المدين قد دفع مبلغًا يزيد عما يجب دفعه أو أجاز ذلك في الحساب فيجوز أن تأمر الدائن بإعادة ذلك المبلغ الزائد إليه”.

وإزاء تحديد نظام المرابحة العثماني وقانون أصول المحاكمات المدنية الأردني للحد الأعلى للفائدة ب (9%) الأمر لا يتماشى مع حركة الاقتصاد التي لا تعرف الثبات، فقد جاء قانون البنك المركزي ليمنح للبنك المركزي صلاحية تحديد الحد الأعلى والأدنى لمعدلات الفوائد التي تتقاضاها البنوك ومؤسسات الإقراض المتخصصة باستثناء البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية على تسهيلات الائتمان التي تمنحها للعملاء، والحد الأعلى والأدنى لمعدلات الفوائد التي تدفعها البنوك ومؤسسات الإقراض المتخصصة على الودائع لديها، وذلك دون التقيد بأحكام أي تشريع أو نظام آخر للفوائد أو المرابحة. وإذا لم يحدد البنك المركزي معدلات الفوائد أو قام بإلغاء أي أمر قد أصدره سابقًا في هذا الشأن، فيمكن للبنوك عندئذٍ أن تتقاضى من عملائها الفوائد، وتدفع لعملائها الفوائد دون التقيد بالحدود التي ينص عليها أي قانون أو نظام للمرابحة أو الفوائد، وذلك سندًا لتعليمات البنك المركزي.

ويجب التنويه على أن البنك المركزي قد قرر إلغاء جميع الأوامر والتعليمات السابق إصدارها بشأن تحديد الحد الأدنى والحد الأعلى لسعر الفائدة المصرفية، وأصبح سعر الفائدة تبعًا لذلك معلومًا ومحررًا من كل قيد. ومن ثَم، فإن تحديد الحد الأعلى لسعر الفائدة المصرفية يرجع إلى إرادة الطرفين (البنك والعميل) دون التقيد بالشرط القاضي بعدم تجاوز الحد الأعلى المحددة بنصوص القانون. غير أنه في حال قرر البنك المركزي إلغاء التعويم، والعودة مرة أخرى إلى تحديد حد أعلى، فإن الاتفاق المبرم بين الطرفين بشأن تحديد سعر الفائدة يُصبح مقيدًا بهذا الحد.

  • لا يُسمح بتجاوز الفائدة لرأس المال:

يُستخلص هذا الشرط من نص (المادة 4) من نظام المرابحة العثماني التي لا تزال سارية المفعول على أساس أن أيًا من أحكام قانون البنك المركزي الأردني وتعديلاته لم يتضمن ما يفيد إلغاء العمل بأحكام هذه المادة، وأن التعطيل المترتب على قانون البنك المركزي ينصرف أثره إلى (المادة 1) المتعلقة بتحديد الحد الأدنى والحد الأعلى للفائدة المصرفية، ولا يتعداه إلى نص (المادة 4) من النظام المذكور التي تنص على أنه: “يجب أن لا تتجاوز فوائد الافتراضات مقدار رأس المال مهما كان عدد السنين التي تمر عليها وإن كافة الحكام ممنوعون من الحكم بالفوائد التي تتجاوز رأس المال”. ومن ثَم فإن هذه المادة تتعلق بمسألة أخرى متمثلة في منع جواز تجاوز الفائدة المستحقة لمقدار رأس المال مهما مر من الزمن. وقد استقر قضاء محكمة التمييز الأردنية على استمرارية سريان هذه المادة، وعدّها من النظام العام، ومن القواعد الآمرة التي تشمل في أحكامها المعاملات التجارية وغير التجارية.

  • عدم جواز استيفاء الفائدة المركبة (متجمد الفوائد):

يُستخلص هذا الشرط من نص (المادة 5) من نظام المرابحة العثماني التي لم تُجِز استيفاء الفائدة المركبة في الافتراضات إلا على سبيل الاستثناء في حالتين وردتا على سبيل الحصر: أولًا- إذا تبين أن المدين لم يُسلم نقدية على حساب الدائن في خلال ثلاث سنوات، وثانيًا: إذا حدث اتفاق بين الدائن والمدين بضم الفوائد لرأس المال. ولم يطلق المشرع الأردني الاستثناء على إطلاقه فقد أجاز الفائدة المركبة في هاتين الحالتين لثلاث سنوات فحسب. ومع ذلك فقد أجازت نفس المادة استيفاء الفائدة المركبة الناشئة عن عقد الحساب الجاري بين التجار بموجب قانون التجار بصورة مطلقة.

وظلت (المادة 5) من النظام المذكور سارية المفعول طوال الفترة السابقة على صدور قانون البنك المركزي وتعديلاته إلا أنه ووفقًا لأحكام (المادة 43) من قانون البنك المركزي الأردني فقد تم منح البنك المركزي الصلاحية بشأن تحديد ما ذُكر اختصاصًا مطلقًا لا يقيده في ذلك أحكام أي تشريع أو نظام آخر يتعلق بالفائدة أو المرابحة، مما يستفاد منه تعطيل نص (المادة 5) من النظام واستبعاده من حيز التنفيذ، الأمر الذي يعني بالضرورة أن سريان الفائدة المركبة بالنسبة لسائر التطبيقات المصرفية أصبح محكومًا بالأوامر والتعليمات الصادرة عن البنك المركزي الأردني.

سابعًا: وقف سريان الفائدة المصرفية

سبق الإشارة إلى أن الفائدة تنشأ وتتولد من العقد المبرم بين البنك وبين العميل، وأنها ترتبط بالعقد الناشئة عنه وجودًا وعدمًا؛ وبالتالي إذا انتهى العقد بأي حالة من الحالات التي تؤدي إلى انتهائه فإن الفائدة تتوقف عن السريان. وتتمثل الحالات الي تؤدي إلى انتهاء العقد المبرم بين البنك وبين العميل فيما يلي:

  1. انتهاء مدة العقد إذا كان محددًا بمدة معينة: وهذه الحالة تنطبق على سائر التطبيقات المصرفية مثل عقد القرض المصرفي، وعقد الحساب الجاري، وعقد الاعتماد المالي، فمن غير الجائر لأي طرف المطالبة بإنهاء العقد قبل انتهاء المدة المتفق عليها ابتداء.
  2. اتفاق الطرفين على إنهاء العقد قبل مدته: يجوز للطرفين الاتفاق في أي وقت على إنهاء العقد قبل المدة المتفق عليها. فعقد الحساب الجاري على سبيل المثال يظل مفتوحًا طالما أن المدة المتفق عليها بين طرفيه لم تنتهِ بعد، ومن غير الجائز إنهاء العقد إلا بموافقة طرفيه وهذا ينطبق على عقد الاعتماد المالي، وغيره من التطبيقات المصرفية الأخرى.
  3. الإرادة المنفردة: وذلك بأن يمنح بموجب القانون لأحد طرفي العقد الحق في إنهائه، ومثل هذا الحق من غير المتصور وجوده اللهم إلا بالنسبة للتطبيقات المصرفية الناشئة عن عقد غير محدد المدة، على أساس أن العقد محدد المدة لا ينتهي إلا بانتهاء مدته، أو اتفاق طرفيه على إنهائه قبل انتهاء مدته. ومن أمثلة العقود التي يجوز فيها لأحد طرفيها إنهاء العقد بإرادته المنفردة مثل عقد الحساب الجاري، وعقد الاعتماد المالي.
  4. انتهاء العمل المبرم العقد من أجله: تظهر هذه الحالة بوضوح في عقد الاعتماد المالي حيث يلتزم فيه البنك بوضع مبلغًا من النقود تحت تصرف العميل؛ ليقوم الأخير بإنجاز عمل ما، ومن ثَم باستخدام العميل المبلغ محل الاعتماد الموضوع تحت تصرفه لإنجاز هذا العمل الذي تم فتح الاعتماد لأجله فإن العقد ينتهي تبعًا لذلك.
  5. الحالات المتعلقة بالاعتبار الشخصي للعميل: تتمثل هذه الحالات في: وفاة العميل، وفقدان أهليته القانونية، والحكم بشهر إفلاسه.

ثامنًا: قطع (تقادم) الفائدة المصرفية في القانون الأردني

يتصور التقادم في التطبيقات المصرفية الدائنة لمصلحة العميل بمعنى أن يكون للعميل رصيد في الحساب وتستحق الفائدة المصرفية على هذا الرصيد إلا أنه يتقادم بمضي المدة، ولكن عمليًا من غير المتصور حدوث التقادم في التطبيقات المصرفية التي يكون العميل فيها مدينًا للبنك؛ نظرًا لكون الأخير تاجرًا يسعى إلى تحقيق الربح، وبالتالي لا يفرط بأي دين مستحق له في ذمة العميل.

ويُلاحظ أن التقادم في التطبيقات المصرفية الدائنة يخضع لأحكام التقادم المتعلقة بأصل الدين محل التطبيق المصرفي على اعتبار أن الفائدة التي يقوم البنك باحتسابها خلال فترة زمنية معينة تضاف إلى المبلغ محل التطبيق المصرفي وتندمج معه. واستنادًا إلى أحكام (المادة 6/1) من قانون التجارة الأردني؛ فإن معاملات البنوك العامة والخاصة تعد تجاريةً بحكم ماهيتها الذاتية الأمر الذي يترتب عليه خضوعها للتقادم المنصوص عليه في هذا القانون والبالغة مدته عشر سنوات، وقد استقر التطبيق القضائي لمحكمة التمييز الأردنية على ذلك.

وبالرغم من ذلك فقد أتى المشرع الأردني بقواعد خاصة تتعلق بتقادم الأرصدة محل التطبيقات المصرفية الدائنة والفائدة لمحتسبة عليها، فوفقًا لقانون تملك الحكومة للأموال التي يلحقها التقادم رقم (35) لسنة 1985 وتعديلاته فإن مدة تقادم الأرصدة الدائنة هي خمسة عشرة سنة، تبدأ بعد مرور سنتين من تاريخ آخر حركة على الحساب، أي أن مدة التقادم الفعلية هي سبع عشرة سنة، وأن خصوصية أحكام التقادم المتأتية من هذا القانون تتمثل بأن ملكية الأرصدة محل التطبيقات المصرفية الدائنة والفائدة المستحقة عليها لا تؤول بمضي التقادم للبنك المدين بها، وإنما تؤول إلى خزينة الدولة، بمعنى أن البنك يظل مدينًا على الرغم من تقادم الأرصدة والفائدة المحتسبة عليها ولكن ليس للعميل، بل لخزينة الدولة.

ويُذكر هذا القانون الأخير بموجب نص (المادة 3/ ب) قد أجاز لوزير المالية أن يُقرر إعادة الأرصدة والفائدة المحتسبة عليها التي آلت لخزينة الدولة إذا تبين له أن هناك أسباب مبررة حالت ومطالبة مستحقيها بها خلال مدة التقادم إلى أصحابها الشرعيين كليًا أو جزئيًا شريطةً أن يتقدم هؤلاء بطلب لهذه الغاية، دون أن تتحمل الخزانة أية فوائد عليها.

وتستمر الفائدة المصرفية بالسريان خلال مدة التقادم، ويستمر البنك باحتسابها لمصلحة العميل وفقًا لما هو متفق عليه في العقد، أو طبقًا لأحكام القانون، ولا يعد قيام البنك بقيد الفائدة المستحقة لمصلحة العميل من قبيل الحركة على هذا الحساب والتي من شأنها أن تؤدي إلى قطع المدة السابقة للتقادم، والبدء بحساب مدة جديدة.

ولا يؤدي وقف مدة التقادم إلى وقف سريان الفائدة المصرفية، وبالتالي عدم قيام البنك باحتسابها، وذلك لأن الحساب الذي تم وقف مدة التقادم بمناسبته يظل قائمًا ومستمرًا لدى البنك خلال مدة الوقف؛ وبالتالي فإن الفائدة تستمر في السريان، ويلتزم البنك باحتسابها لمصلحة العميل تبعًا لذلك، والحال نفسه بالنسبة لقطع مدة التقادم، ذلك أن قطع التقادم لا يؤثر على سريان الفائدة المصرفية التي يتم قطع مدة التقادم بخصوصها.

أما بالنسبة للخطأ أو الإغفال أو التكرار أو غير ذلك من التصحيحات، والتي من بينها ما يتعلق بسعر الفائدة، أو سريانها، أو قيمتها، أو كيفية احتسابها، فإنه يتقادم بمضي ستة أشهر فقط، وذلك بالنسبة للحساب الجاري دون غيره من التطبيقات المصرفية الأخرى طبقًا لأحكام قانون التجارة الأردني.

تاسعًا: السوابق القضائية الخاصة بالفائدة المصرفية في القانون الأردني

لقد ورد في الحكم رقم (3634) لسنة 2021م الصادر من محكمة التمييز بصفتها الحقوقية بتاريخ 12/8/2021م بما نصه: “أن الأعمال المصرفية لا تخضع لأحكام نظام المرابحة العثماني بصريح نص (المادة 92/هـ) من قانون البنوك (والمادة 43) من قانون البنك المركزي، وأن الأصل في استحقاق الفوائد هو اتفاق الفريقين بالعقد المبرم بينهما وعند اتفاقهما على نسبة فائدة معينة لا يجوز للدائن أن يستقل برفع تلك النسبة المتفق عليها بينهما وأنه وفقًا (للمادة 43) من قانون البنك المركزي سلطة إصدار الأوامر في تحديد الحد الأدنى والأعلى لمعدلات الفوائد دون التقيد بأحكام أي تشريع أخر بحدود مقدار الفوائد”.

وما ورد في الحكم رقم (4900) لسنة 2021م الصادر من محكمة التمييز بصفتها الحقوقية بتاريخ 31/10/2021م بما نصه: “إذا كانت الدعوى تتعلق بقروض وتسهيلات مصرفية وما ترتب عليها من فوائد وعمولات وغرامات وأن المميزين طعنوا في صحة الأرقام المطالب بها في الدعوى وأنه تم احتساب المبلغ المدعى به بصورة مخالفة لتعليمات البنك المركزي فإن ذلك يستوجب بالضرورة إجراء خبرة محاسبية للوقوف على حقيقة المبلغ المدعى بها في الدعوى وفيما إذا كان حساب الفوائد والعمولات موافقًا للعقود وتعليمات البنك المركزي من عدمه لما لمحكمة الاستئناف باعتبارها محكمة موضوع من صلاحية وإجراء هذه الخبرة وفق أحكام (المادة 83) من قانون أصول المحاكمات المدنية، وفقاً لقرار تمييز حقوق (3447/2019)”.

وما جاء في الحكم رقم (1340) لسنة 2021م الصادر من محكمة التمييز بصفتها الحقوقية بتاريخ 29/4/2021م بما نصه: “إن أمر احتساب الفائدة الاتفاقية أو القانونية منوط بما يفرضه القانون وشروط العقد وليس منح العميل أية امتيازات. وأن المدعي إذا طالب بالحكم له بالفائدة القانونية فإن الحكم له بهذه الفائدة من تاريخ إغلاق الحساب وحتى السداد التام يتفق وأحكام (المادة 113) من قانون التجارة”.

وكذلك ما ورد في الحكم رقم (1171) لسنة 2021م الصادر من محكمة التمييز بصفتها الحقوقية بتاريخ 1/4/2021م بما نصه: “إن (المادة 43/أ) من قانون البنك المركزي أجازت للبنك المركزي أن يصدر للبنوك المرخصة ومؤسسات الإقراض المتخصصة أوامر تنشر في الجريدة الرسمية يُحدد فيها الحد الأدنى والحد الأعلى لمعدلات الفائدة التي تتقاضاها البنوك المرخصة ومؤسسات الإقراض على التسهيلات الائتمانية التي تمنحها للعملاء وذلك دون التقيد بأحكام أي تشريع أو نظام آخر للفوائد أو المرابحة. وأن مصدر الالتزام الذي استندت له الدعوى هو عقد القرض الذي يعتبر عملًا مصرفيًا لا يخضع لأحكام نظام المرابحة العثماني وفقًا لما تنص عليه (المادة 92/هـ) من قانون البنوك فتكون الفوائد الاتفاقية التي استوفاها البنك المدعي من المدعى عليه استنادًا الى عقد القرض المبرم بين الطرفين”.

إعداد: محمد محمود

([1]) غازي المومني، مبادئ الرياضيات المالية، ص127.

([2]) مهند ناصر طلاق الزعبي، “الفائدة المصرفية في القانون الأردني”، ص23-24.

([3]) مناضل الجواري، مقدمة في الرياضيات المالية، ص7.

([4]) تركي مصلح حمدان، الجوانب القانونية للفوائد المصرفية في التشريع الأردني”، ص174.

([5]) مهند ناصر طلاق الزعبي، “الفائدة المصرفية في القانون الأردني”، ص30.

([6]) جدوت محمد عبد الكريم مساعدة، الفائدة في الحسابات المصرفية في القانون التجاري الأردني، ص44.

([7]) مهند ناصر طلاق الزعبي، و محامي في الأردن ، “الفائدة المصرفية في القانون الأردني”، ص33-34.

([8]) تركي مصلح حمدان، الجوانب القانونية للفوائد المصرفية في التشريع الأردني”، ص177-178.

([9])  مهند ناصر طلاق الزعبي، “الفائدة المصرفية في القانون الأردني”، ص77.

([10]) د. محمد علي محمد أحمد البنا، “القرض المصرفي – دراسة تاريخية مقارنة بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي”، ص13.

([11]) تركي مصلح حمدان، الجوانب القانونية للفوائد المصرفية في التشريع الأردني”، ص177-178.