أحكام إنهاء عقد العمل لانتهاء مدته

أحكام إنهاء عقد العمل لانتهاء مدته

لما كانت عقود العمل في غالبيتها ما هي إلا عقود زمنية يتم الالتزام بها وتنفيذ بنودها  خلال المدة المحددة بالعقد، من أجل ذلك سعي المشرع الأردني لإصدار قانون عمل موحد لينظم هذه العقود والعلاقات بين العمال وأصحاب العمل وهو قانون العمل الأردني رقم (8) لسنة 1996 وتعديلاته والذي يعد بمثابة المنظم الأساسي لكافة علاقات العمل داخل الأردن، ولعل من أهم الأمور التي عالجها المشرع الأردني هي عدم جواز إنهاء عقود العمل إلا وفق شروط وضوابط معينة وعند انتهاء مدته مالم ينص القانون على غير ذلك، وهو ما سوف نحاول من بيانه في هذا المقال على النحو الآتي :

أولا: التعرف على عقود العمل وأنواعها

ثانيا: انتهاء عقد العمل المحدد المدة

ثالثا: الآثار المترتبة على انتهاء عقد العمل

رابعا: بعض التطبيقات القضائية بشأن انتهاء عقد العمل

 

أولا: التعرف على عقود العمل وأنواعها

يعتبر عقد العمل من العقود الرضائية التي تتم وتنعقد بمجرد التقاء كل من إرادة صاحب العمل والعامل في الإيجاب والقبول بقبول الأخير العمل لدي صاحب العمل وتحت إرادته وإشرافه مقابل أجر متفق عليه في عقد العمل، ويترتب على إبرام عقد العمل مجموعة من الحقوق والواجبات بحق كل من العامل وصاحب العمل.

ـ ولما كانت عقود العمل من العقود التي تخدم وتنظم علاقات العمل التي تشمل قطاع كبير جداً من الأفراد، وما ينعكس تنظيمه على المجتمع كلل من أجل ذلك لم يترك المشرع الأردني الباب مفتوح أمام الاجتهادات الفقهية لوضع تعريف لعقد العمل، وإنما قام بوضع تعريف محدد وصريح له، حيث نصت  المادة الثانية من قانون العمل الأردني رقم (8) لسنة 1996 وتعديلاته على :” اتفاق شفهي أو كتابي صريح أو ضمني يتعهد العامل بمقتضاه أن يعمل لدي صاحب العمل وتحت إشرافه أو إدارته مقابل أجر، ويكون عقد العمل لمدة محددة أو غير محددة أو لعمل معين أو غير معين”.

ـ كما عرفته المادة (805) من القانون المدني الأردني  أنه ” 1ـ عقد العمل عقد يلتزم أحد طرفيه بأن يقوم بعمل لمصلحة الأخر تحت إشرافه أو إدارته لقاء أجر.

2ـ أما إذا كان العامل غير مقيد بأن لا يعمل لغير صاحب العمل أو لم يوقت لعمله وقت فلا ينطبق عليه عقد العمل ولا يستحق به أجره إلا بالعمل حسب الاتفاق”.

ـ وقد أوجب المشرع الأردني عند إبرام عقد العمل أن يكون من نسختين باللغة العربية تسلم واحده للعمال والأخرى لصاحب العمل ، وقد أكدت على ذلك المادة (15/أ) من قانون العمل الأردني والتي نصت على ” أ ـ ينظم عقد العمل باللغة العربية وعلى نسختين على الأقل يحتفظ كل من الطرفين بنسخة منه، ويجوز للعامل إثبات حقوقه بجميع طرق الإثبات القانونية اذا لم يحرر العقد كتابة “.

 

ـ وعقد العمل قد يكون عقد محدد المدة، وقد يكون عقد غير محدد المدة والأصل العام هو أن عقد العمل عقد محدد المدة، وأن الاستثناء على هذا الأصل العام هو أن يكون عقد العمل غير محدد المدة، وعلى الرغم من أهمية عنصر الزمن أو الوقت في عقد العمل إلا أنه لا يمكن اعتباره عنصراً جوهرياً به، ففي بعض الحالات يكون عقد العمل لقاء عمل معين كبناء منزل أو ترميمه، أو العمل بالقطعة، ويكون الأجر فيها مقابل ما يتم إنجازه من أعمال، ولكن في الغالب الأعم يكون الوقت عنصر أساسياً فيما لو تم تحديد عقد العمل لمدة محددة لقاء أجر محدد.[1]

ـ هذا وقد أكد المشرع على نوعي عقد العمل سواء محدد المدة أو غير محدد المدة في المادة (806) من القانون المدني والتي نصت على: ” 1ـ يجوز أن يكون عقد العمل لمدة محدودة أو غير محدودة ولعمل معين.

  1. ولا يجوز أن تتجاوز مدته خمس سنوات فاذا عقد لمدة أطول ردت الى خمس “.

ـ وعن بدابة عقد العمل فد أكد المشرع الأردني أنها تبدأ من التاريخ المنصوص فيه على العقد على بداية العمل، وحال لم يتم تحديده فإنها تبدأ من تاريخ إبرام العقد، وهو ما أكدت عليه المادة (808) من ذات القانون بالنص على:” تبدأ مدة العمل من الوقت الذي عين في العقد فان لم يعين وقت بدئه فمن تاريخ العقد ما لم يقض العرف أو ظروف العقد بغير ذلك ”

ـ غير أن المشرع الأردني وعلى الرغم من قيامه بوضع تعريف صريح لعقد العمل بصفه عامة إلا أنه لم يقم بوضع تعريف صريح لعقد العمل المحدد المدة وعقد العمل غير المحدد المدة حيث اكتفي بالنص عليهما في طبيعة عقد العمل دون النظر في وضع تعريف صريح لهما، وهو ما يمكن معه القول بأن عقد العمل المحدد المدة ما هو إلا عقد بموجبه تتوافق إرادة كل من صاحب العمل والعامل على أن يقوم الأخير بالعمل  تحت إشراف وإدارة صاحب العمل وذلك للعمل على إنجاز عمل معين أو غير معين لمدة محددة وذلك مقابل أجر، فهو عقد محدد إما بوقت معين كأن ينص في العقد على أنه يبدأ بتاريخ وينتهي بتاريخ، أو لقاء إنجاز عمل معين كأن ينص في العقد على أن تنتهي مدة العقد بإنجاز العمل المدد، وهذه العقود لا يحق لأي طرف إنهاؤها في أي وقت، وفي حالة تقديم العامل استقالته أو تم إنهاء العقد من قبل صاحب العمل لأي سبب فمن حق الشخص المتضرر المطالبة بالتعويض، كون هذا العقد ينتهي بانتهاء مدته، ويمكن تجديده لمدة أخرى محددة، أو مدة مماثلة، فهذا العقد يتم تحديد بداية سريانه ونهايته وقت إبرام العقد، ومن ثم فإن نهاية هذا العقد لا تتوقف على إرادة أحد أطرافه، بل تتوقف على الوقت أو العمل المحدد بالعقد وفق مضمون العقد وما جاء به.[2]

ـ أما بشأن العقد الغير محددة المدة فهي تلك العقود التي لا يكون الوقت عنصر فيها وهي ما يطلق عليها بالعقود المفتوحة بين كل من صاحب العمل والعامل، سواء كانت مفتوحة من حيث المدة أو من حيث الأعمال أو كليهما معا، وقد تكون مفتوحة المدة ولكنها محددة بعمل معين، فعقد العمل غير محدد المدة يتم إبرامه دون تحديد ميعاد لإنهائه، وقد أثبت الواقع العملي أن هذا النوع الأخير من العقود (غير محدد المدة) هو الأكثر شيوعاً وانتشاراً، وقد يكون العقد محدد المدة ويتحول بعد ذلك لعقد غير محدد المدة، وذلك حال انتهاء مدة العقد واستمرار العامل وصاحب العمل على تنفيذ العقد، وهو ما أكدت عليه المادة (15/ج) من قانون العمل والتي نصت على: ” ج. اذا كان عقد العمل لمدة محدودة فانه ينتهي من تلقاء نفسه بانتهاء مدته فاذا استمر طرفاه في تنفيذه بعد انقضاء مدته اعتبر ذلك تجديداً له لمدة غير محدودة وذلك من بداية الاستخدام “.

ـ كما أكدت على ذات المعني المادة (809) من القانون المدني بالنص على ” 1ـ إذا كان عقد العمل لمدة معينة انتهى من تلقاء نفسه بانتهاء مدته فاذا استمر طرفاه في تنفيذه بعد انقضاء مدته اعتبر ذلك تجديدا له لمدة غير معينة.

2ـ فاذا كان العمل محل العقد معينا وقابلاً بطبيعته للتجدد فإن العقد يتجدد للمدة اللازمة “.

ـ كما أن ما يجدر بنا ذكره في هذا المقام هو أن عقد العمل يرتب مجموعة من الحقوق والواجبات على كل من العامل وصاحب العمل على السواء، حيث يجب على العامل الالتزام ببعض الواجبات الأساسية كالتزامه بتنفيذ أوامر وتعليمات صاحب العمل، وعدم منافسة صاحب العمل والحفاظ على أسراره، وعدم إفشاءها، وهو ما أكدت عليه المادة (19) من قانون العمل بالنص على العامل  ” أ ـ  تأدية العمل بنفسه وأن يبذل في تأديته عناية الشخص العادي وأن يلتزم بأوامر صاحب العمل المتعلقة بتنفيذ العمل المتفق عليه وذلك ضمن الحدود التي لا تعرضه للخطر أو تخالف أحكام القوانين المعمول بها أو الآداب العامة.

ب ـ المحافظة على أسرار صاحب العمل الصناعية والتجارية وأن لا يفشيها بأي صورة من الصور ولو بعد انقضاء عقد العمل وفقا لما يقتضيه الاتفاق أو العرف.

ج ـ الحرص على حفظ الأشياء المسلمة إليه لتأدية العمل ومنها أدوات العمل والمواد وسائر اللوازم الخاصة بعمله.

د ـ الخضوع للفحوصات الطبية اللازمة التي تقتضي طبيعة العمل ضرورة إجرائها قبل الالتحاق بالعمل أو بعد ذلك للتحقق من خلوه من الأمراض المهنية والسارية “.

ثانيا: انتهاء عقد العمل المحدد المدة

يقوم العامل في عقود العمل محدده المدة بالعمل لدى صاحب العمل خلال فترة زمنية محددة يتم الاتفاق عليها عند إبرام عقد العمل، أو لقاء عمل محدد يتم الاتفاق عليه كذلك عن إبرام العقد، وشرط المدة ليس شرطاً لصحة العقد بل إن عقد العمل يكون صحيحاً ومنتج لآثاره حتي وإن لم يتم النص فيه على مدة محددة. [3]

ـ هذا وقد وضع قانون العمل الأردني العديد من الحالات التي ينتهي بها عقد العمل سواء من جانب العامل أو من قبل صاحب العمل، غير أن هذا المقال يتناول بالتحديد حالة إنهاء عقد العمل بانتهاء مدته، وهي في أدق الأقوال يمكن أن نستخدم مسمي انتهاء علاقة العمل بانتهاء مده العقد أو العمل المكلف به، فالعقد المحدد المدة ينتهي بنهاية المدة المتفق عليها في العقد أي بنهاية الفترة الزمنية المحددة لقيام العامل بالعمل لدى صاحب العمل، وقد يكون انتهاء العقد بانتهاء العمل المكلف به العامل لدي صاحب العمل متي كان العمل عبارة عن مشروع معين أو عمل محدد ينتهي العقد بنهايته وقيام العامل بإنجازه، وقد أكدت على ذات المعني المادة (21/ب) من قانون العمل بالنص على: ” ينتهي عقد العمل في أي من الحالات التالية : ب ـ اذا انتهت مدة عقد العمل أو انتهى العمل نفسه “.

ـ فعقد العمل المحدد المدة ينتهي من تلقاء نفسه بنهاية المدة المحددة له دون الحاجة لإنهائه من قبل أي من أطرافه، فإن كان العقد مبرم لمدة زمنية محددة أو لإنهاء عمل محدد فإن العقد ينتهي بانتهاء هذه المدة أو بانتهاء هذا العمل، وقد جاءت المادة (828) من القانون المدني بالنص على أن: ” انتهاء عقد العمل:1ـ  ينتهي عقد العمل بانقضاء المدة المحددة له ما لم يشترط تجديده كما ينتهي بإنجاز العمل المتفق عليه “.

ـ وفي جميع الأحوال قد أوجب المشرع الأردني ألا تتجاوز المدة المحددة في عقد العمل المحدد المدة عن خمس سنوات، وذلك وفقاً لما قررته الفقرة الثانية من المادة ( 806 ) من القانون المدني الأردني، غير أن ذلك لا يمنع من أن يتم تجديد العقد المحدد المدة لمدد أخرى وفق نصوص القانون، كما أنه وبخصوص عقود العمل المحددة بعمل معين فإنها لا تنتهي إلا بانتهاء هذا العمل، حتى ولو جاوزت هذه العقود مدة الخمس سنوات المنصوص عليها قانوناً.

ـ  ومن هذا المنطلق يمكننا القول بأن العامل وصاحب العمل مقيدان بمدة العقد المتفق عليها، سواء كانت هذه المدة زمن معين أو إنجاز عمل محدد، فإن انتهت هذه المدة تبعها تلقائياً انتهاء علاقة العمل بينهما ما لم يستمرا في العمل وبالتالي يتم تجديد العقد، فالأصل والطبيعي أن العقد ينتهي تلقائياً دون الحاجة إلى إشعار متي انتهت مدته.

ـ أما الإنهاء الواقع من قبل صاحب العمل أو العامل لعقد العمل قبل انتهاء مدته فهذا الإنهاء قد أجازه المشرع الأردني في بعض الحالات الواردة على سبيل الحصر في المادتين (28) و (29) من قانون العمل، وهي ليست مجال للحديث عنها في هذا المقال، وعلى الرغم من أن العقد ينتهي تلقائياً بنهاية مدته دون الحاجة لإشعار إلا أن المشرع أجاز أنه متي كان هناك حاجة لبقاء العامل في عمله بعد انتهاء عقد العمل فإنه يجوز إبقاء العامل في عمله واستمرار العقد بقدر الحاجة إليه في العمل، على أن يلتزم صاحب العمل بدفع أجر عن هذه المدة للعامل.

ـ وقد أكدت على ذات المعني المادة (825) من القانون المدني بالنص على أنه ” إذا انقضت المدة المعينة للعمل ووجد عذر يقتضي مد أجلها يستمر العقد بقدر الحاجة ويلزم صاحب العمل أجر مثل المدة المضافة “.

 

ثالثا: الآثار المترتبة على انتهاء عقد العمل

 ذكرنا فيما سبق أن عقد العمل يرتب مجموعة من الحقوق والواجبات لكل من العامل وصاحب العمل وذلك خلال فترة سريان هذا العقد، إلا أنه وبانتهاء العلاقة التعاقدية وانتهاء عقد العمل بينهما فإن ذلك لا يمنع من وجود بعض الحقوق والالتزامات عليهما سواء كانت هذه الحقوق والالتزامات ناشئة من قبل عقد العمل أو فرضها المشرع الأردني عليهما، فهذا الانتهاء هو انتهاء طبيعي لعقد العمل بانتهاء مدته أو الانتهاء من العمل المحدد بالعقد، ومن ثم فلا يستحق العامل أو صاحب العمل المطالبة بأية تعويضات عن هذا الانتهاء الطبيعي والمشروع لعقد العمل، ومن ثم فإن كل ما ينتج عن هذا الانتهاء هو أحقية العامل في الحصول على المستحقات المالية الخاصة به من بدل الإجازات وبد العمل الإضافي ومكافأة نهاية الخدمة وغيرها من الاستحقاقات التي قد يتم ذكرها أو النص عليها في عقد العمل المبرم بينهما وفق الشروط التي ارتضاها الطرفات وقت الإبرام، ولا يجوز إجبار العامل على التنازل عن الحقوق التي منحت له بموجب قانون العمل أو أي قانون أو اتفاق آخر، وقد أكدت المادة الرابعة من قانون العمل الأردني على ذلك بقولها : ” أ ـ لا تؤثر أحكام هذا القانون على أي حق من الحقوق التي يمنحها للعامل أي قانون آخر أو عقد عمل أو اتفاق أو قرار إذا كان أي منها يرتب للعامل حقوقاً أفضل من الحقوق المقررة له بموجب أحكام هذا القانون.

ب ـ يعتبر باطلاً كل شرط في عقد أو اتفاق سواء ابرم قبل هذا القانون أو بعده يتنازل بموجبه أي عامل عن أي حق من الحقوق التي يمنحها إياه هذا القانون “.

ـ ومتي انتهت خدمة العامل دون حصوله على أجازته السنوية فإنه يستحق المقابل عنها، وهو ما أكدت عليه المادة (63) من قانون العمل والتي نصت على: ” إذا انتهت خدمة العامل لأي سبب من الأسباب قبل أن يستعمل أجازته السنوية فيحق له تقاضي الأجر عن الأيام التي لم يستعملها من تلك الإجازة “.

ـ كما أن صاحب العمل ملزم بمنح العامل شهادة خبره أو شهادة خدمة، وكذلك تسليم العامل كافة المتعلقات الشخصية الخاصة به، وقد أكدت على ذلك المادة (30) من ذات القانون بالنص على: ” على صاحب العمل أن يعطي للعامل عند انتهاء خدمته بناء على طلبه ذلك شهادة خدمة يذكر فيها اسم العامل ونوع عمله وتاريخ التحاقه بالخدمة وتاريخ انتهاء الخدمة كما ويلزم صاحب العمل برد ما أودعه العامل لديه من أوراق شهادات أو أدوات “، وقد أكدت على ذات المعني الفقرة الرابعة والخامسة من المادة(822) من القانون المدني الأردني.

ـ كما يستحق العامل حال انتهاء عقده الحصول على مكافأة نهاية الخدم، وفق ما جاء بنص المادة(33) من قانون العمل والتي نصت على:  ” أ ـ بالإضافة إلى مكافاة نهاية الخدمة يحق للعامل الخاضع لأنظمة خاصة للمؤسسة التي يعمل فيها تتعلق بصناديق الادخار أو التوفير أو التقاعد أو أي صندوق آخر مماثل الحصول على جميع الاستحقاقات الممنوحة له بموجب هذه الأنظمة في حالة انتهاء الخدمة “.

ـ كما أن على العامل بعض الالتزامات التي أوجبها المشرع بعد انتهاء عقد العمل، كعدم قيام العامل بإفشاء أسرار صاحب العمل التي أطلع عليها بسبب علاقة العمل، فلولا علاقة العمل لما اطلع العامل على هذه الأسرار فمن ثم وحرصاً من المشرع على الاستقرار التجاري والصناعي وتطوره واتباع أسلوب المنافسة المشروعة، فقد أوجب المشرع على العامل المحافظة على هذا الأسرار وعدم إفشاءها، وقد أكدت على ذلك المادة (19/ب) من ذات القانون بالنص على العامل: ” ب ـ المحافظة على أسرار صاحب العمل الصناعية والتجارية وأن لا يفشيها بأي صورة من الصور ولو بعد انقضاء عقد العمل وفقاً لما يقتضيه الاتفاق أو العرف “، وهو ما أكدت عليه أيضاً المادة (814/5) من القانون المدني.

ـ كما أكدت على ذلك المادة (818) من القانون المدني الأردني رقم (43) لسنة 1976 وتعديلاته بالنص على أنه ” 1ـ إذا كان العامل يقوم بعمل يسمح له بالاطلاع على أسرار العمل ومعرفة عملاء المنشاة جاز للطرفين أن يتفقا على ألا يجوز للعامل أن ينافس صاحب العمل أو يشترك في عمل ينافسه بعد انتهاء العقد.

2ـ على أن الاتفاق لا يكون مقبولا إلا إذا كان مقيدا بالزمان والمكان ونوع العمل بالقدر الضروري لحماية المصالح المشروعة لصاحب العمل “.

رابعا: بعض التطبيقات القضائية بشأن انتهاء عقد العمل

1-  عن المدة الزمنية في عقد العمل فقد ورد في الحكم رقم  1621 لسنة 2020، الصادر من محكمة التمييز بصفتها الحقوقية ” ورداً على ذلك فإن من خصائص عقد العمل أنه من العقود الرضائية ومن العقود الزمنية أو المستمرة والزمن عنصر أساسي في عقد العمل. وقد تناول المشرع في القواعد العامة لعقد العمل في المادتين (806 و 807) من القانون المدني عنصر الزمن حيث نصت المادة (806/1) على: ( يجوز أن يكون عقد العمل لمدة محددة لعمل معين ). 2ـ (لا يجوز أن تتجاوز مدته خمس سنوات فإذا عقد لمدة أطول ردت إلى خمس).

وعن انتهاء عقد العمل المحدد المدة فقد جاء في الحكم رقم 4136 لسنة 2020، الصادر من محكمة التمييز بصفتها الحقوقية ” ورداً على ذلك نجد أن المادة 809 من القانون المدني تنص على ( إذا كان عقد العمل لمدة معينة انتهى من تلقاء نفسه بانتهاء مدته فإذا استمر طرفاه في تنفيذه بعد انقضاء مدته اعتبر ذلك تجديداً له لمدة غير معينة( .

والمادة 15/ج من قانون العمل تنص على ( إذا كان عقد العمل لمدة محدودة فإنه ينتهي من تلقاء نفسه بانتهاء مدته ، فإذا استمر طرفاه في تنفيذه بعد انقضاء مدته اعتبر ذلك تجديداً له لمدة غير محدودة وذلك من بداية الاستخدام).

وإنه من المقرر والمستفاد من نص المادتين 2و15 من قانون العمل أن عقد العمل يكون شفهي أو كتابي صريح أو ضمني لمدة محدودة يبين فيه تاريخ بدايته ونهايته وينتهي بانتهاء مدة أو لمدة غير محدودة ويعتبر العامل مستمراً في العمل إلى أن تنتهي خدمته حسب أحكام القانون .وإن جوهر النزاع في هذه الدعوى هو الفصل فيما إذا كان عقد العمل موضوع الدعوى عقد محدد المدة أو غير محدد المدة وترتيب الآثار القانونية على ذلك على ضوء وقائع الدعوى والبينات المقدمة فيها وما انصرفت إليه إرادة الطرفين عند تفسير العقد عملاً بالمادتين 87 و 213 من القانون المدني .فعقد العمل يكون محدد المدة إذا انعقد لمدة محدودة ثم جدده الطرفان بعد انتهاء مدته أو اتفقا في العقد على تجديده المرة تلو الأخرى اتفاقياً فيبقى العقد محدد المدة ولا ينقلب إلى عقد غير محدد المدة لأن العقد شريطة المتعاقدين وقانونهما الخاص وما انصرفت إليه إرادتهما. ويكون العقد غير محدد المدة إذا اتفقا على ذلك في العقد ، أو انعقد لمدة محدودة وانتهت مدته أو المدة المجدد لها واستمرا في تنفيذه ضمنياً أو بالتعاطي دون تدخل إرادتهما في تجديده ينقلب العقد إلى عقد غير محدد المدة “.

3ـ وعن انتهاء عقد العمل بانتهاء العمل المحدد به فقد ورد بالحكم رقم 1646 لسنة 2021، والصادر من محكمة بداية عمان بصفتها الاستئنافية ” وبالرد على السبب الثاني من أسباب الاستئناف والمنصب على تخطئة محكمة الدرجة الأولى من حيث النتيجة التي توصلت حيث أن المدعي كان يعمل بالمشروع لمدة محددة وهي نهاية العمل بالمشروع وهذا العقد يعتبر من العقود المحددة بانتهاء العمل سندا لنص المدة (21) من قانون العمل والمادة ( 828/1 ) من القانون المدني وحيث أن العمل بالمشروع قد انتهى كليا في نهاية شهر 10/2018 وهذا ما ورد على لسان الشهود وعليه فانه والحالة هذه لا مجال للحديث عن الفصل التعسفي أو شهر الإنذار وأية حقوق عمالية أخرى حيث أن المدعي يعلم انه سينتهي عمله بانتهاء العمل بالمشروع “.

إعداد: د. محمد سعيد

 

 

 

[1] بشار عدنان ملكاوي، أهم المبادئ التي تحكم عقد العمل الفردي في قانون العمل الأردني، دار وائل للنشر، الطبعة الأولي، الإصدار السابع، عمان، 2012،صـ 38.

[2] عبد الودود يحيى، شرح قانون العمل، دار الفكر العربي، القاهرة، الطبعة الأولي، 1987، صـ 321.

[3] بشير هدفي، الوجيز في شرح قانون العمل ـ علاقات العمل الفردية والجماعية، جسور للنشر والتوزيع، الطبعة الثانية، الجزائر، 2003، صـ 60.