جريمة خرق حرمة الحياة الخاصة

جريمة خرق حرمة الحياة الخاصة

إن لكل فرد من أفراد المجتمع حقوق كلفها الدستور الأردني ،  ومن هذه الحقوق الحق في عدم التعرض لخصوصياته ، فكل إنسان له خصوصيات مختلفة لا يحب أن يطلع عليها أحد ، وليس لأحد الحق في الاطلاع عليها إلا بموافقة صاحبها  ، فقد جاء بنص المادة (7 ) و (8) من الدستور الأردني ( الحرية الشخصية مصونة ) ، ( لا يجوز أن يقبض على أحد أو يوقف أو يحبس أو تقيد حرية إلا وفق أحكام القانون) ، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :- متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا….. ، فما هي جريمة خرق حرمة الحياة الخاصة ، وعقوبة خرق الخصوصية و انتهاك الخصوصية و التعدي على الخصوصية، و أحكامها القانونية فما المقصود بالحرية الشخصية ؟ ، وما هي الحياة الخاصة للإنسان التي لا يجوز الاعتداء عليها ؟،  وما المقصود بخرق حرمة الحياة الخاصة ؟ ، وما عقوبة الاعتداء عليها في القانون الأردني ؟.

المقصود بالحياة الخاصة

هي حرية الإنسان في تكوين وتشكيل وممارسة حياته الشخصية وفق منظوره وتطلعاته دون تدخل من الغير، ودون أن يكون في استطاعة الآخرين الاطلاع على أسرار حياته أو نشر هذه الأسرار بغير رضاه.

نطاق الحياة الخاصة للإنسان

مفهوم الحياة الخاصة واسع ولا يمكن حصره بنطاق معين، إلا أن حرية الفرد تنتهي عند بداية حرية الآخرين ، وهذا لا يعني تقيد الحرية الشخصية وإنما ضبطها ومعرفة حدودها ، فكما تحب ألا يطلع أحد على حياتك الشخصية فلا  يمكنك الاطلاع على خصوصيات الآخرين ، فلا يمكنك التعدي على حرية الآخرين لا بأفكارهم ولا بآرائهم ومن الضروري احترام الفكر والرأي الأخر ،و الحياة الخاصة تمتد إلى كل ما يتعلق بحياة الشخص العائلية والمهنية و الصحية والغرامية ودخله ومعتقداته الدينية و الفكرية و السياسية ومراسلاته ومحادثاته وجميع المظاهر غير العلنية في الحياة العملية للفرد ، فجميعها شكل من أشكال الحياة الخاصة غير المباحة للغير .

ماذا لو لم تكن هناك ضوابط للحياة الخاصة وأصبحت عامة مباحه للغير؟

إن غياب الضوابط الخاصة بالحياة الشخصية، تؤدي إلى الانفلات المجتمعي، ونشوء نزاعات فردية أو جماعية، والتسبب بحدوث الجرائم، فمثلاً ليس لأحد الاطلاع على الصور الشخصية للغير دون رضاه، فإن أصبح ذلك مباح سيؤدي إلى انتشار الجرائم وتفشي الفساد في المجتمع. لذلك عاقب المشرع على جريمة خرق حرمة الحياة الخاصة، وخرق الخصوصية وانتهاك الخصوصية والتعدي على الخصوصية.

صور أو أشكال خرق حرمة الحياة الخاصة

من صور خرق حرمة الحياة الخاصة، استراق السمع أو البصر بأي وسيلة كانت، بما في ذلك التسجيل الصوتي، أو التقاط الصور، أو استخدام المنظار، أو غير ذلك من الوسائل.

موقف المشرع الأردني من حرمة الحياة الخاصة

كما ذكرنا أن الدستور الأردني كفل حق الحياة الخاصة للفرد في المجتمع الأردني، فجعلها مصونة لا يجوز الاعتداء عليه، وجعل الاعتداء عليها جرم يعاقب عليه القانون العقوبات الأردني، فنص قانون العقوبات الأردني على جريمة خرق حرمة الحياة الخاصة، والمتمثلة بالاعتداء على كل ما هو سري بالنسبة للفرد أو العائلة، كما جرم الأشكال الأخرى للاعتداء على الحياة الشخصية، فنص على عقوبة خرق حرمة المنازل والأماكن الخاصة، وعقوبة الحرمان من الحرية، فقد جعل كل منها جريمة مستقلة يعاقب عليها بعقوبة خاصة.

ما هي جريمة خرق حرمة الحياة الخاصة

هي جريمة من نوع جُنحة وكأي جريمة جزائية، لا بد من توافر أركانها لتعد جريمة يعاقب عليها القانون، وقد عالجها قانون العقوبات الأردني في نص المادة 348 من قانون العقوبات.

وأركان جريمة خرق حرمة الحياة الخاصة: –

1_ الركن المادي: وهو السلوك الجرمي المعاقب عليه، والمتمثل بإتيان الجاني شكل من أشكال التعدي على أسرار المجني عليه سواءً كان باستراق السمع أي التنصت أو استراق البصر المشاهدة، وبعض النظر عن الوسيلة المستخدمة في استراق البصر أو السمع.

2_ الركن المعنوي: وهو القصد الجرمي للجاني، والمتمثل بالعلم والإرادة في ارتكاب النشاط الجرمي، أي أن يعلم الجاني أنه يقوم بفعل يشكل جريمة واعتداء على أسرار الأخرين الذي لا يجب له الاطلاع عليها، وأن تتجه إرادته إلى ارتكاب السلوك الجرمي في سبيل الاطلاع على هذه الأسرار.

فجريمة خرق حرمة الحياة الخاصة والتي تسمى خرق الخصوصية وانتهاك الخصوصية والتعدي على الخصوصية، وأحكامها القانونية هي من الجرائم القصدية، فإذا كان المتهم بهذه الجريمة غير قاصد استراق السمع أو البصر، فلا تقوم الجريمة لانتفاء الركن المادي المتمثل بالقصد الجرمي

مثال على جريمة خرق حرمة الحياة الخاصة

1_ فمثلاً وجود شخص في منزل أحد أصحابه ونشوء خلاف بين الزوج وزوجته وتبادل الحوار فيما بينهم بصوت عالي والتحدث بأمور خاصة، مما أجبر الزائر على الاستماع بسبب الصوت العالي، لا يعد هذا خرق من الضيف لحرمة الحياة الخاصة للمستضيف، فالصوت كان عالي وهو من وصل لأذن الضيف، أما إذا قام الضيف من مكانه وطلب مغادرة المكان تاركاً هاتفه وعاد بعد مدة يدعي أنه ترك هاتفه بالخطأ ووقد كان قد استخدام التسجيل الصوتي للاطلاع على سبب الخلاف بين الزوجين وما دار بينهما، هنا يعد مرتكب لجريمة خرق حرمة الحياة الخاصة.

هل يشترط استخدام وسائل معينة لاستراق السمع أو البصر؟

لا يشترط في جريمة خرق حرمة الحياة الخاصة استخدام وسائل معينة، بل يكفي القيام بالسلوك نفسه، فمثلاً في المثال السابق لو لم يغادر الضيف المكان وكان صوت الزوجين خافت لم يصل إليه وقام وتوجه إلى مكان تواجدهم وحاول التنصت على ما يدور بينهم يعود مرتكب لجريمة خرق حرمة الحياة الخاصة.

عقوبة خرق حرمة الحياة الخاصة

ان عقوبة جريمة خرق الحياة الخاصة وهي الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبالغرامة مائتي دينار، وقد ورد ذلك في نص المادة (348) مكررة: –

(يعاقب بناءً على شكوى المُتضرر بالحبس مُدة لا تقل عن ستة أشهر وبالغرامة مائتي دينار كل من خرق الحياة الخاصة للآخرين باستراق السمع أو البصر بأي وسيلة كانت بما في ذلك التسجيل الصوتي أو التقاط الصور أو استخدام المنظار، وتُضاعف العقوبة في حال التكرار).

نصت المادة السابقة على عقوبة جريمة خرق الحياة الخاصة وهي الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبالغرامة مائتي دينار، وأن الجريمة تقع من المرة الأولى التي يتم فيها التعدي على أسرار الشخص، وأن تكرار الجريمة ظرف مشدد للعقوبة، كما يجدر الإشارة إلى أن جريمة خرق حرمة الحياة الخاصة من الجرائم التي يتوقف تحرك دعوى الحق العام على تقديم شكوى من المجني عليه، وأن الجريمة تقوم إذا توافرت أركانها بغض النظر عن الدافع من وراء ارتكابها.

هل يستطيع المجني عليه المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحقه عن جريمة خرق حرمة الحياة الخاصة أو انتهاك الخصوصية؟

نعم، يستطيع المطالبة بالتعويض المادي والمعنوي كما لحقه من ضرر نتيجة ارتكاب الجريمة التي تتمثل بالتعدي على الخصوصية.

مبدأ قانوني (جريمة خرق حرمة الحياة الخاصة بالتصوير بواسطة الهاتف الخلوي).

وحيث أن قيام المتهم بالدخول إلى الحمام الخاص بالنساء والكائن في مركز عمل المجني عليها أثناء أن كانت داخل الحمام وكانت مكشوفة الصدر وثدياها ظاهرين وفخذاها ظاهرين وقيامه بتصويرها على هذه الحالة بواسطة هاتفه الخلوي وبعد ذلك ابتزازها بفضح أمرها من خلال الصور التي قام بالتقاطها إنما جاءت لتشكل كافة أركان وعناصر جناية هتك العرض خلافاً لأحكام المادة 296/1 من قانون العقوبات وجنحة التهديد بفضح أمر المجني عليها خلافاً لأحكام المادة 415 من قانون العقوبات وجنحة خرق حرمة الحياة الخاصة ( التي تسمى جريمة خرق حرمة الحياة الخاصة ، خرق الخصوصية و انتهاك الخصوصية و التعدي على الخصوصية) بالنساء خلافاً لأحكام المادة 248 من قانون العقوبات مكررة .

راجع بذلك قرار محكمة التمييز الصادر عن الهيئة العادية رقم (799/2015فصل9/6/2015