الصفح عن مرتكب الجريمة

الصفح عن مرتكب الجريمة

عند ارتكاب أي جريمة ينشأ للمجني عليه حق شخصي في المطالبة بالاقتصاص ومجازاة المجني عليه والمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحقه من الجريمة المرتكبة، ومن حق أي شخص وقع ضحية لجريمة جزائية أن يختار إما أن يشتكي على الجاني والمطالبة بحقه، أو أن يختار الصفح عنه، وقد يلجأ لخيار الصفح بعد أن يتقدم بشكوى ضد الجاني، فحقه بالصفح عن الجاني لا يزول بتقديم الشكوى قال تعالى (فأعفوا وأصفحوا) صدق الله العظيم، فما المقصود بالصفح؟ وما أثره على الجاني وعلى الدعوى وعلى الحق العام؟، وهل يبقى للمجني عليه الحق في المطالبة بالتعويض عن الضرر الناتج عن الجريمة المرتكبة؟

المقصود بالصفح

هو الإعراض عن المسيء وتركه، والصفح أبلغ من العفو، والمقصود بالصفح عن مرتكب الجريمة هو

تنازل المضرور واسقاط حقه في المطالبة بمجازاة الجاني ومعاقبته وذلك في الدعاوى التي يتوقف تحريك الحق العام بها على إتخاذ المشتكي صفة الادعاء بالحق الشخصي.

رأي المشرع الأردني في صفح عن مرتكب الجريمة

نصت المادة (47) من قانون العقوبات الأردني على الأسباب التي تسقط الأحكام الجزائية أو تمنع تنفيذها أو تؤجل صدورها، ومن هذه الأسباب صفح الفريق المتضرر.

 أثر الصفح عن مرتكب الجريمة على الأحكام الجزائية

نصت المادة (52) من قانون العقوبات الأردني وحسب التعديل الأخير على قانون العقوبات لعام 2022، حيث شملت التعديل الجديد في الفرع ب من ذات المادة، نصوصا متعلقة بجرائم أخرى، على أن صفح المجني عليه يُسقط دعوى الحق العام والعقوبات المحكوم بها التي لم تكتسب الدرجة القطعية، إذا كانت إقامة الدعوى تتوقف على اتخاذ صفة الادعاء بالحق الشخصي أو تقديم شكوى أو إذا كان موضوع الدعوى هو إحدى الجنح المنصوص عليها في المواد التالية: –

إن صفح المجني عليه يسقط دعوى الحق العام والعقوبات المحكوم بها التي لم تكتسب الدرجة القطعية في أي من الحالات التالية:

  1. اذا كانت إقامة الدعوى تتوقف على اتخاذ صفة الادعاء بالحق الشخصي أو تقديم شكوى.
  2. إذا كان موضوع الدعوى هو إحدى الجنح المنصوص عليها في المواد (83) و(221) و(227) و(271) و(272) و(281) و(333) و(349) و(350) و(374) و(382) و(408) و(409) و(410/1) و(412/2،1) و(417) و(418) و(444) و(446) و(447) و(448) و(449) و(450) و(451) و(452) و(453) و(465) من هذا القانون ما لم تتحقق إحدى حالات التكرار.

أثر الصفح على الجاني

وضعت المادة 52 من قانون العقوبات شروطا محددة لاستفادة الجاني من صفح الفريق المتضرر، وهو الا يكون مكرر لأحد الجرائم التي نصت عليها المادة (52) من قانون العقوبات الأردني سابقة الذكر، وان لا يكون قد صدر بحقه حُكم اكتسب الدرجة القطعية، أن تكون الجريمة المرتكبة من الجاني إحدى الجرائم التي تتطلب إتخاذ صفة الادعاء بالحق الشخصي في الشكوى.

الصفح عن الجرائم التي ترتكب بالاشتراك بين عدة أشخاص 

إذا قام المجني عليه بالصفح عن أحد الجناة المرتكبين للجريمة بالاشتراك فيما بينهم، فإن الصفح عن أحد المشتكى عليهم لا يشمل الباقيين، حيث يبقى حق المشتكي قائماً في مواجهتهم، وذلك قبل صدور حكم بالقضية، أما بعد صدور حكم فالإسقاط عن أحد الجناة يشمل الباقين حُكماً.

أثر صفح الفريق المتضرر على دعوى الحق العام

إذا كانت الجريمة التي تم الصفح فيها عن الجاني من الجرائم التي يتوقف تحريكها على تقديم شكوى مع إتخاذ صفة الادعاء بالحق الشخصي، فتسقط دعوى الحق العام تبعاً لسقوط دعوى الحق الشخصي أما إذا كان الصفح أي الإسقاط تم عن جريمة لا يتوقف تحريكها على تقديم شكوى مع الادعاء بالحق الشخصي، فتسقط دعوى الحق الشخصي وتكون سبب مخفف للعقوبة، وتبقى دعوى الحق العام.

أثر صفح الفريق المتضرر على العقوبة

يترتب على الصفح وقف الدعوى إذا لم يكن قد صدر الحكم بها، وإذا صدر الحكم فان صفح المضرور يؤدي الى وقف تنفيذ العقوبات المحكوم بها، بشرط ألا يكون الحكم قد اكتسب الدرجة القطعية، لأنه لا أثر للصفح إذا اكتسب الحكم القضائي الدرجة القطعية، لان حق الدولة في العقاب قد تأكد بالحكم القطعي، بحيث لا يجوز التنازل عن الحق العام وإن جاز التنازل عن التعويض.

هل يجوز الرجوع عن الصفح؟

لا، وبالاستناد لنص المادة (35/1) والتي جاء فيها (الصفح لا ينقض).

هل يجوز أن يكون الصفح مشروط أي معلق على شرط؟

لا، وبالاستناد لنص المادة (35/1) والتي جاء فيها (الصفح لا ينقض، ولا يعلق على شرط).

ما أثر الصفح إذا تعدد المشتكون أو المدعون بالحق الشخصي وكان صادر عن أحدهم؟

لا يعتد بالصفح ما لم يصدر عنهم جميعهم، وذلك بالاستناد لنص المادة (53/3) من قانون العقوبات الأردني.

أثر صفح الفريق المتضرر على الالتزامات المدنية؟

تنص المادة (48) على (إن الأسباب التي تُسقط الأحكام الجزائية أو تمنع تنفيذها أو تعلقها لا تأثير لها على الالتزامات المدنية التي يجب أن تظل خاضعة للأحكام الجزائية.

قرار لمحكمة التمييز الأردنية متعلق بصفح الفريق المتضرر

الحكم رقم 1317 لسنة 2020 – محكمة التمييز بصفتها الجزائية

من التهم الموجه للمشتكى عليه هي الابتزاز خلافاً لأحكام المادة (415/1) من قانون العقوبات

والثابت للمحكمة أن المدعوة (س) أسقطت حقها الشخصي عن المتهم.

وبتطبيق المحكمة للقانون على الواقعة التي قنعت بها قضت بما يلي: –

2_ عملاً بأحكام المادة (52/1) من قانون العقوبات وبدلالة المادة (426) من القانون ذاته إسقاط دعوى الحق العام عن التهمة الثانية المسندة للمتهم نظراً لإسقاط الحق الشخصي وصفح الفريق المتضرر

الحكم رقم 2663 لسنة 2017 – محكمة التمييز بصفتها الجزائية

الـتـهـم:

1- جناية الشروع بالقتل خلافاً لأحكام المادتين (326و70) من قانون العقوبات مكرر مرتين وبدلالة المادة (101) من القانون ذاته بالنسبة للمتهم (س).

2- جنحة حمل وحيازة سلاح ناري بدون ترخيص خلافاً لأحكام المواد (3و4و11/د) من قانون الأسلحة النارية والذخائر بالنسبة للمتهم (س).

3- جنحة سب الذات الإلهية خلافاً لأحكام المادة (278/2) من قانون العقوبات بالنسبة للمتهم (س).

4- جنحة إخفاء مجرم خلافاً لأحكام المادة (84) من قانون العقوبات بالنسبة للظنين (ص)

وبخصوص ما ذكر وكيل المتهم (س)  بخصوص إسقاط الحق الشخصي المقدم من المشتكيين بحق الظنين (ص)  من أن الصفح لا ينقض ولا يعلق على شرط وأن الصفح عن أحد المحكوم عليهم يشتمل كافة المحكومين إعمالاً لنص المادة (53) عقوبات فإن محكمتنا تجد أن شروط الصفح المقصودة في المادة (53) من قانون العقوبات والتي أشار إليها وكيل المتهم قد انصرفت إلى صفح الفريق المتضرر المنصوص عليه في المادة (52) عقوبات والتي بموجبها تسقط دعوى الحق العام والعقوبات المحكوم بها التي لم تكتسب الدرجة القطعية إذا كانت إقامة الدعوى تتوقف على اتخاذ صفة الادعاء بالحق الشخصي أو تقديم شكوى وبالتالي فإن المادة (52) عقوبات حددت وفي حال الصفح ولإسقاط دعوى الحق العام أو العقوبة أن تكون الدعوى أساساً تتوقف إقامتها على اتخاذ المشتكي لصفة الادعاء بالحق الشخصي وبالتالي وحيث تجد المحكمة أن الجرائم المسندة للمتهم (س) لا تتوقف إقامة الشكوى فيها على اتخاذ المشتكي لصفة الادعاء بالحق الشخصي والمحددة أصلاً في قانون العقوبات وبالتالي فإن ما ذكره وكيل المتهم (س)  واقع في غير محله ولا وجه قانوني له ويستوجب الالتفات عنه .

وعليه فإن صفح المشتكيين في هذه الدعوى عن الظنين محمود لا يمتد إلى المتهم أشرف حتى يبرر للمحكمة وإن ارتأت ذلك – أخذه بالأسباب المخففة التقديرية المنصوص عليها في المادتين (99و100) من قانون العقوبات.

لهذا نقرر رد التمييز المقدم من المميز أشرف شكلاً لسبق الفصل فيه وعدم الرد على كون الحكم مميزاً بحكم القانون لسبق معالجته في مرحلة سابقة وإعادة الأوراق إلى مصدرها.