جريمة الإجهاض

جريمة الإجهاض

في الشريعة الإسلامية يتعبر الإجهاض خلق الله سبحانه وتعالى النفس البشرية وحفظ لها الحق في الحياة ، فلا يجوز الاعتداء على حق أي إنسان في الحياة ، فحرم الله القتل والانتحار والإجهاض ، فالنفس والروح من عند الله ولا يحق لأحد أن يقرر موت أحد أو أن ينهي حياته بنفسه أو يقتل الجنين في بطن أمه ويسلب منه حقه في أن يولد حياً ، ومن يقدم على تلك الأفعال يعاقب في الدنيا وسيلقى عقابه في الأخرة ، قال تعالى ” قول الله تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) صدق الله العظيم ، وسنتناول الحديث في هذا المقال عن جريمة الإجهاض  ، فما المقصود بالإجهاض ؟ ، وهل كل إجهاض يتم يكون جريمة ؟، وما هي عقوبة الإجهاض في القانون الأردني ؟ .

ما هو الإجهاض

الإجهاض يأخذ معنيين: –

 المعنى الأول: – وهو الإجهاض التلقائي

ويقصد به، فقدان الحمل بشكل تلقائي قبل الأسبوع العشرين من الحمل، ودون التسبب في حدوث ذلك عن طريق الأم أو الغير، ويعد في هذه الحالة قضاء وقدر، وقد يكون الإجهاض مرض عضوي لدى الأم ويحتاج إلى علاج، أو يكون نتيجة لوجود مشاكل في الحمل أدت إلى فقدان الجنين، ففي هذه الحالات لا يعد الإجهاض جريمة لأنه لم يتم بفعل فاعل سواءً كان الأم أو طبيب أو غيره، وبتالي لا جريمة ولا عقوبة على الإجهاض الذي يحدث بهذه الصورة.

المعنى الثاني: – وهو الإجهاض المتعمد

وهو إسقاط الحمل من قبل الأم أو التسبب في إسقاطه من قبل الغير، وذلك قبل الموعد المحتمل لولادة الجنين حياً، أي خلال مدة التسع شهور، فإذا كان الجنين ينبض في بطن أمه وأعضاؤه تتشكل وتم إجهاضه هنا نكون أمام جريمة إجهاض، أما في حال توفي الجنين في بطن أمه وتمت عملية الإجهاض بسبب الوفاة فلا نكون أمام جريمة إجهاض.

وسائل الإجهاض المتعمد

يتم الإجهاض المتعمد أما عن طريق الأدوية أو الجراحة، والأدوية تستخدم في مراحل الحمل الأولى، التي لا يتجاوز الحمل فيها التسع أسابيع، ويتم اللجوء للجراحة كوسيلة إجهاض في مراحل الحمل الأخرى.

موقف مجلس الإفتاء الأردني من الإجهاض

يرى مجلس الإفتاء الأردني أنه في حال ثبت أن الحمل يؤثر ويهدد حياة الأم فيجوز إجهاض الحنين حتى ولو بلغ الجنين في بطن أمه أربعة أشهر أو تجاوزها، أما فيما يتعلق بحدوث تشوهات للجنين فإذا لم يكمل الجنين الأربعة أشهر في بطن أمه وثبت أن تشوهاته من شأنها أن تجعل حياته غير مستقرة فيجوز إسقاطه بموافقة الزوجين، أما إذا بلغ الأربعة أشهر أو تجاوزها، فلا يجوز إسقاطه مهما بلغت التشوهات.

موقف المشرع الأردني من الإجهاض

نص قانون العقوبات الأردني رقم 16 لعام 1960 وتعديلاته، على موضوع الإجهاض واعتبره جريمةً معاقب عليها سواء حصل الإجهاض من قبل المرأة الحامل نفسها أو أقدم على ذلك شخص آخر غيرها، ولم يتطرق القانون لتفرقة فيما إذا كان هناك حالات إجهاض معاقب عليها، وحالات أخرى تعد استثناء لا يعاقب عليها، وبذلك يكون الإجهاض بالقانون بشكل عام جريمة ومعاقب عليه، وذلك على عكس رأي دائرة الإفتاء الأردنية التي جعلت الإجهاض مباح في حالات محددة مثل أن يكون الاستمرار في الحمل من شأنه التأثير على حياة الأم ، إلا ان الإجهاض قد يكتسب الصفة القانونية إذا كان بالإجهاض لسببين، الأول لوجود خطر على حياة الأم، والثاني وجود خطر على حياة الجنين ويجب أن يتم ذلك بتقارير طبية موثقة .

عقوبة الإجهاض في قانون العقوبات الأردني

نصت المواد (321) _ (325) على عقوبة الإجهاض.

عقوبة إجهاض المرأة الحامل لنفسها أو من قبل الغير وبرضاها.

فجاء في نص المادة (321) ما يلي: – (كل امرأة أجهضت نفسها بما استعملته من الوسائل أو رضيت بأن يُستعمل لها غيرها هذه الوسائل، تعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات).

وبالاستناد إلى النص السابق فقد جاء بالحديث عن جريمة الإجهاض المرأة لنفسها، فتقع الجريمة من المرأة على نفسها، ومن الغير برضا المرأة، وتكون عقوبتها بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات.

عقوبة من يقوم بإجهاض امرأة حامل برضاها.

نص المادة (322): – (من أقدم بأية وسيلة كانت على إجهاض امرأة برضاها، عوقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات، وإذا أفضى الإجهاض أو الوسائل التي استعملت في سبيله إلى موت المرأة، عوقب الفاعل بالأشغال المؤقتة مُدة لا تقل عن خمس سنوات).

تنص المادة السابقة على عقوبة من يقدم على إجهاض المرأة الحامل برضاها، وهذا يعني أن رضا المرأة بالإجهاض لا يؤخذ به، فلا يعفى الفاعل من العقوبة، حتى لو تم برضا المرأة الحامل، وتكون عقوبته من سنة إلى ثلاث سنوات، وترتفع العقوبة على الأشغال المؤقتة مدة لا تقل عن خمس سنوات، وذلك في حال أدى الإجهاض أو الوسائل التي استعمل لتحقيقه إلى موت المرأة.

عقوبة من يقوم بإجهاض امرأة حامل دون رضاها

نصت المادة (323) من ذات القانون على 🙁 من تسبب عن قصد بإجهاض امرأة دون رضاها، عوقب بالأشغال مُدة لا تزيد على عشر سنوات، ولا تنقص العقوبة عن عشر سنوات إذا أفضى الإجهاض أو الوسائل إلى موت المرأة)، فالحد الأعلى للعقوبة عشر سنوات، ويكون الحد الأدنى للعقوبة عشر سنوات في حال أدى الإجهاض أو الوسائل إلى موت المرأة الحامل.

عذر مخفف لعقوبة الإجهاض

1_ إذا أجهضت المرأة الحامل نفسها للمحافظة على شرفها، ويستفيد من هذا العذر الغير الذي يجهض المرأة برضاها أو بدون رضاها، للمحافظة على شرف إحدى فروعه أو قريباته حتى الدرجة الثالثة.

سبب مشدد لعقوبة الإجهاض حتى الثلث

يستفاد من نص المادة (325) أنه إذا كان مرتكب جريمة الإجهاض طبيباً، أو جراحاً، أو صيدلياً، أو قابلة، يزاد على العقوبة المعينة مقدار ثلثها.

أركان جريمة الإجهاض

  • الركن المادي ا: – المتمثل بالنشاط الجرمي هو إتيان أي فعل من الأفعال وبأي وسيلة كانت لارتكاب الجريمة.
  • الركن المعنوي والمتمثل بالقصد الجرمي وهو أن يتم الإجهاض عن قصد.
  • الدافع لارتكاب الجريمة: -إن الدافع لارتكاب جريمة الإجهاض يأخذ كعذر مخفف للعقوبة إذا كانت الجريمة ارتكبت للمحافظة على شرف المرأة.
  • شخصية الجاني: – سبب مشدد للعقوبة حتى ثلثها في حال كان جراح أو طبيب.

مبدأ قانوني: – القصد الجرمي شرط لتجريم الإجهاض

(1)  _ وحيث أن النيابة العامة لم تقدم أية بينة على أن القتل الذي أقدم عليه المتهمين كان بقصد إحداث الإجهاض فلا يعاقب عن هذا الجرم كما لا يعاقب المتهم عن قتل الجنين وهو في بطن أمه لأن ذلك يشكل قتلاً بالمعنى المنصوص عليه في القانون لأنه يشترط لتكوين جريمة القتل أن يقع على إنسان على قيد الحياة بعد ولادته مما يتعين عدم مسؤولية المتهمين عن جريمة الإجهاض

راجع بذلك قرار محكمة التمييز الصادر عن الهيئة العادية رقم (1488/2005فصل3/1/ 2006

(2) _ وحيث أن إقدام المتهم على طعن المجني عليها بأداة حادة (خنجر) عدة طعنات في بطنها وصدرها وعلى أنحاء متفرقة من جسمها وبضربها بشاكوش على رأسها وأن بعض الطعنات نفذت إلى التجويف الداخلي وحصول نزيف حاد أدى إلى تهديد حياتها بالإضافة إلى الجروح القطعية والمتهتكة في الرأس وإلى وفاة الجنين حيث كانت حاملاً في الشهر الثامن نتيجة الإصابات التي تعرضت لها, وقد تم إجراء إسعافات وتداخلات جراحية وطبية لترميم الإصابات ووقف النزيف الدموي وأن الإصابات التي تعرضت إليها المجني عليها شكلت خطورة على حياتها وأدت إلى وفاة الجنين في بطنها. وعليه فإن هذه الأفعال تشكل بالتطبيق القانوني جناية الشروع بالقتل وفقاً لأحكام المادتين (1/326 و70 من قانون العقوبات وجناية الإجهاض طبقاً للمادة 1/323 من القانون ذاته. وجنحة حمل وحيازة أداة حادة وفق أحكام المادتين 155 و156 من قانون العقوبات الأردني .

راجع بذلك قرار محكمة التمييز الصادر عن الهيئة العادية رقم(528/2013فصل23/6/2013)