حيازة المخدرات بقصد التجارة

جريمة حيازة المخدرات بقصد التجارة

إن الحيازة تعني وضع اليد على شيء معين وضعاً مادياً بنية التملك، والحيازة المادية لا تعني بالضرورة أن يكون الشيء في حوزة الحائز وإنما أن تكون له سلطة تملكه والتصرف فيه، أما المخدرات فهي مؤثرات عقلية تأثر بعقل وجسم الإنسان بطريقة سلبية تؤدي إلى فقدانه السيطرة على التحكم في أعصابه، إضافة إلى إصابة المتعاطي بالخمول والفتور، وارتكاب سلوكيات غير مرغوبة مجتمعياً، وقد تؤدي إلى وقوع جرائم، فهي مواد مخدرة ممنوع التعامل بها بموجب قانون المخدرات والمؤثرات العقلية إلا للأغراض الطبية وبترخيص مسبق.

وسنتعرف في هذا المقال على جريمة حيازة المخدرات بقصد التجارة ، وفقاً للقانون المعدل لقانون المخدرات والمؤثرات العقلية لسنة2021.

المقصود بحيازة المخدرات

  هي عبارة عن بسط سلطان الحائز على المخدر بأي صورة من علم وإرادة ولو لم تكن في حيازته المادية، أو كان الحائز شخصاً غيره، أو بوضع يده عليه على سبيل التملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية، والمادة المخدرة هي أما أن تكون مادة نباتية أو مصنعه تحتوي على عناصر مسكنه ومنومه تسبب حالة إدمان للشخص بحيث لا يستطيع تركها مسببةً له أضرار نفسية وجسدية بالغة الخطورة.

أسباب حيازة المخدرات

أن الشخص الحائز للمواد المخدرة أما أن يكون له هدف وقصد من الحيازة أو بدون قصد، فحيازة المواد المخدرة تكون بهدف إذا قصد الحائز منها التعاطي أو التجارة، أما بدون قصد أن يكون الحائز مجرد ناقل للمواد المخدرة هدفه توزيعها على المتعاطين دون تعاطيها أو التجارة بها، وقد تكون الحيازة دون علم كأن يتم وضع المواد المخدرة في حوزة الحائز دون علمه وهنا لا يسأل عن أي جرم من جرائم المخدرات إذا ثبت عدم علمه.

الجرائم المرتبطة بحيازة المخدرات

أن حيازة المواد المخدرة جريمة قائمة بحد ذاتها وتتولد عنها جرائم أخرى تختلف باختلاف القصد من الحيازة، فإذا كانت الحيازة بقصد التعاطي، كان الجُرم الحيازة بقصد التعاطي وقد سبق وأن تحدثنا عنه في مقال سابق، وإن كانت بقصد التجارة، أصبحنا أمام جُرم أخطر وهو الحيازة بقصد التجارة وهو موضوع هذا المقال، وإن كانت الحيازة بهدف التوزيع أو الترويج، يكون الجُرم الحيازة بقصد التوزيع وهي جريمة أشد خطورة من التعاطي لأنها تضر بالأخرين ، وأن أي سلوك يرتبط بالمخدرات هو جُرم ومعاقب عليه بموجب أحكام قانون المخدرات والمؤثرات العقلية الأردني، فقد نص قانون المخدرات المؤثرات العقلية على السلوكيات المجرمة ، وهي من ادخل أو أخرج أو حاز أو احرز أو اشترى أو سلم أو تسلم أو نقل أو صنع أو خزن أو انتج المواد المخدرة ، وقد يحصل لبس بين مفهوم الحيازة والإحراز ، فما الفرق بينهما .

الفرق بين حيازة المخدرات وإحراز المخدرات

الأحراز هو مجرد الاستيلاء على المادة المخدرة استيلاء مادياً بغض النظر عن الباعث أو القصد يستوي في ذلك معاينة المخدر تمهيداً لشرائه أو أي أمر آخر، كان توجد المادة المخدرة في جيب المحرز، فهو مرتكب لجريمة بغض النظر عما قصده من الإحراز.

أما حيازة المخدرات قد تكون الحيازة مادية أو في حيازة شخص أخر أو مكان أخر إلا أنه يمتلك سلطة التملك والاختصاص عليه، كأن توجد المادة المخدرة في منزله، وعند حيازة المواد المخدرة ينظر لسبب الحيازة لتجريم الحيازة بالجرم المناسب والعقوبة التي تتناسب والقصد الجرمي من الحيازة.

جريمة حيازة المخدرات بقصد التجارة

من أخطر أنواع الجرائم التي ترتبط بحيازة المخدرات هي الحيازة بقصد التجارة، فهذه السلوك المجرم لا يقتصر أثره الضار على شخص أو شخصين، بل على مجتمع بأكمله، وقد نص المشرع الأردني على جريمة الحيازة بقصد الإتجار بالمادة 19 من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية.

أركان جريمة الحيازة بقصد التجارة

الركن المادي للجريمة: وهو قيام الجاني بالاتصال والتعامل غير المشروع بالمواد المخدرة وفق أحد الصور المنصوص عليها في المادة (19/أ /1) من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية، وهي حيازة المتهم للمواد المخدرة على سبيل التملك والاستئثار

فقد جاء بنص المادة (إذا قام الجاني بجلب أو إنتاج أو صنع أو هرب أو اشترى أو باع أي مادة مخدرة، أو مؤثرات عقلية ،أو مستحضراً، أو نبتة من النباتات المنتجة لمثل تلك المواد أو المؤثرات أو حاز أو أحرز أو نقل أو خزن مثل تلك المواد والمؤثرات والنباتات أو استوردها أو صدرها أو تعامل أو تداول بها بأي صورة من الصور بما في ذلك تسلمها وتسليمها أو التوسط في أي عملية من هذه العمليات) .

الركن المعنوي: أن يعلم المتهم بماهية المادة المضبوطة من أنها مادة مخدرة يمنع القانون التعامل غير المشروع بها بأي صورة من صور التعامل بها واتجاه إرادته الحرة الواعية إلى حيازتها تمهيداً للإتجار بها.

هل يشترط توافر قصد خاص لقيام الجريمة؟

يشترط المشرع لقيام هذه الجريمة قصداً جرمياً خاصاً، وهو أن تتجه إرادة الفاعل إلى التصرف أو محاولة التصرف بالمواد المخدرة بمقابل سواء كان نقدياً أم عينياً أم على سبيل المنفعة وتستدل المحكمة على توافر هذا القصد من خلال ظروف الواقعة الجرمية والأدلة.

التكييف القانوني لقصد الحيازة في حالة عدم التلبس

إن التكييف القانوني لأي قضية يعود لتقدير المحكمة، حسب ظروف كل قضية،  ففي حال ضبط شخص وبحوزته مواد مخدرة دون التلبس بحالة تعاطي أو التجارة ، فتنظر المحكمة لظروف الضبط فمثلاً ضبط كمية كبيرة من المواد المخدرة في حيازة المتهم دليل على أنه قصد بحيازته التجارة، فلا يعقل أن تكون هذه الكمية للتعاطي، والعكس صحيح ضبط حبة مخدرة أو كمية قليلة جداً يستدل منه على أن الشخص الحائز قد قصد التعاطي بحيازته ، ولم يحدد المشرع الكمية التي تعد فيصل بين التعاطي والتجارة ، وبالإضافة إلى النظر في كمية المواد المخدرة يُنظر في السوابق ،  إن كان الحائز قد سبق وأن صدر بحقه حكم بالحيازة بقصد التعاطي  ، أيضا ما يتم ضبطه من أدوات في حوزة المتهم فإذا كانت مثلاً قصدير وولاعة دليل أقرب للتعاطي منه للإتجار ، أما إذا ضبط معه ميزان أو أدوات تقطيع أو كمية من النقود فيستدل منه أنه الحيازة كانت بغرض التجارة ، فكل ظروف القضية تخضع لتقدير المحكمة .

هل حالة التلبس دليل قاطع على تجارة المخدرات؟

 أن الركن الأساسي بتهمة تجارة المواد المخدرة الاستلام والتسليم، ففي حال ضبط المتهم بحالة التلبس بالإتجار بالمخدرات، يكون دليل قاطع على أنه تاجر مخدرات، إلا أنه للأسف يتم ضبط تجار المخدرات الصغار أم الكبار لا يقومون ببيع المخدرات بأنفسهم، لذلك لا بد من اعتماد أدلة أخرى لمحاولة الإيقاع بكبار تجار المخدرات ومنها المراقبة والتسجيل وخصوصاً في حالة اعتراف صغار التجار عليهم.

عقوبة حيازة المواد المخدرة بقصد الإتجار بها

نصت المادة (19/1) على عقوبة الأفعال التي ترتكب بقصد الإتجار بها، وهي الأشغال المؤقتة مدة لا تقل عن خمس عشرة سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف دينار ولا تزيد على عشرين ألف دينار، ومصادرة جميع المضبوطات

الظروف المشددة للعقوبة

1_ في حالة التكرار.

2_ في حال كان الجاني من الموظفين أو المستخدمين أو العاملين المنوط بهم مكافحة الجرائم المتعلقة بالمواد المخدرة والمؤثرات العقلية أو القيام بأعمال الرقابة والإشراف على التعامل أو التداول بها أو حيازتها أو أي من الأعمال المنصوص عليها في قانون المخدرات والمؤثرات العقلية.

3_ في حال ارتكب الجاني الجريمة بالاشتراك مع قاصر أو استخدم قاصر في ارتكابها.

عقوبة الحيازة بقصد الإتجار مع توافر أحد الظروف المشددة

تصبح العقوبة الأشغال المؤبدة وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف دينار ولا تزيد عن ثلاثين ألف دينار.

المحكمة المختصة بنظر جريمة الحيازة بقصد الإتجار

محكمة أمن الدولة هي صاحبة الاختصاص بنظر قضايا المخدرات بما فيها جريمة الحيازة بقصد الإتجار.

التعديلات القانونية التي طالت المادة 19 في القانون المعدل لقانون المخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 2021

تم تعديل البند 1 من الفقرة أ من المادة 19 من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية الأصلي على النحو التالي :

أولاً : إضافة عبارة أو هرب بعد عبارة أو صنع الواردة فيها .

ثانياً: بإلغاء كلمة نباتا الواردة فيها والاستعاضة عنها بكلمة نبتة .

ثالثاً: بإلغاء عبارة أو أخرجها من إقليم المملكة الواردة فيها والاستعاضة عنها بعبارة أو ادخلها إلى إقليم المملكة أو أخرجها منه.

النصوص القانونية المتعلقة بجريمة الحيازة بقصد الإتجار

قانون المخدرات والمؤثرات العقلية: –

المادة (19) :-  أ_ يعاقب بالأشغال المؤقتة مدة لا تقل عن خمس عشرة سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف دينار ولا تزيد عن عشرين آلف دينار كل من أقدم على أي فعل من الأفعال التالية بقصد الإتجار :-

1_ جلب أو انتج أو صنع أو هرب  اشترى أو باع أو أي مادة مخدرة أو مؤثرات عقلية أو مستحضراً أو نباتاً من النباتات المنتجة لمثل تلك المواد أو المؤثرات أو حاز أو أحرز أو نقل أو  خزن مثل تلك المواد والمؤثرات والنباتات أو استوردها أو صدرها أو تعامل أو تداول بها بأي صورة من الصور بما في ذلك تسلمها أو تسليمها أو التوسط في عملية من هذه العمليات أو أدخلها من إقليم المملكة أو أخرجها منه  في غير الحالات المسموح بها بمقتضى التشريعات المعمول بها .

ب_ تكون العقوبة الأشغال المؤبدة وغرامة لا تقل عن عشرين ألف دينار ولا تزيد عن ثلاثين ألف دينار إذا ارتكبت أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في الفقرة (أ) من هذه المادة في أي من الحالات التالية: –

1_ في حالة التكرار.

2_ إذا كان الجاني من الموظفين أو المستخدمين أو العاملين المنوط بهم مكافحة الجرائم المتعلقة بالمواد المخدرة أو المؤثرات العقلية أو القيام بأعمال الرقابة والإشراف على التعامل أو التداول بها أو حيازتها أو أي من الأعمال المنصوص عليها في هذا القانون.

3_ إذا ارتكب الجاني أي جريمة من تلك الجرائم بالاشتراك مع قاصر أو استخدم قاصر في ارتكابها.

مثال على الأدلة الجرمية التي تدين المتهم بالحيازة بقصد الإتجار بالمخدرات

الحكم رقم 2135 لسنة 2019 – محكمة التمييز بصفتها الجزائية:

إدانة المميز بجرم حيازة مادة مخدرة بقصد التجارة والحكم عليه بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وغرامة مالية وإدانته بتهمة حيازة تجارة المواد المخدرة خلافاً لأحكام المادة (19/أ/1) وبدلالة المادة (28/أ) من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم (23 لسنة2016).

إنه وبتاريخ 14/7/2018 جرى إلقاء القبض على المتهم من قبل رجال مكافحة المخدرات في مدينة جرش وضبط بحوزته كمية من مادة الهروين المخدرة والتي كان يحوزها لغايات الإتجار بها والتي بوزنها بلغت (5,650) خمس كيلو وستمئة وخمسين غرام وميزان صغير إلكتروني ورول قصدير وأكياس تغليف تستخدم في بيع المواد المخدرة وعلى إثر ذلك جرت الملاحقة).

إعداد المحامية : ليلى خالد