حالة الضرورة في قانون العقوبات
لا يكفي ارتكاب الجريمة على النحو الموصوف قانوناً ليقع مرتكبها تحت طائلة العقاب، وإنما يجب أن يكون مرتكب الجريمة مسئولاً مسئولية جنائية، حيث إن المشرع قد قرر وجود عدة أسباب تمنع مسئولية مرتكب الجريمة، ومن ضمن تلك الأسباب أن يكون مرتكب الجريمة في حالة ضرورة أجبرته على ارتكاب جريمة لدفع ضرراً جسيماً محدقاً لم يكن له دخل في وقوعه.
ثانياً: تمييز حالة الضرورة عن الدفاع الشرعي:
رابعاً: أثر حالة الضرورة على مسئولية المضطر:
سادساً: النصوص القانونية المتعلقة بحالة الضرورة:
سابعاً: بعض اجتهادات محكمة التمييز بشأن حالة الضرورة:
أولاً: المقصود بحالة الضرورة
حالة الضرورة هي إحدى صور الإكراه المعنوي التي تؤثر على إرادة الجاني فتدفعه إلى ارتكاب فعل لم يكن ليرتكبه لولا أنه وضع في تلك الظروف التي أحاطت به، وذلك كمن يضطر إلى إتلاف منقولات الغير لينجو بنفسه بعدما حاصرته النيران، أو كطبيب اضطر إلى إجهاض الأم لينقذ حياتها نظراً لما في استمرار حملها من خطر يكاد أن يودي بحياتها.
وهذا ما أجمله المشرع الأردني بموجب (المادة 89) من قانون العقوبات التي نصت على أن: (لا يعاقب الفاعل على فعل ألجأته الضرورة إلى أن يدفع به في الحال عن نفسه أو غيره أو عن ملكه أو ملك غيره، خطرا جسيما محدقا لم يتسبب هو فيه قصدا شرط أن يكون الفعل متناسبا والخطر).
وهو ذات ما قرره المشرع المصري بموجب (المادة 60/2) من قانون العقوبات بنصها على أن: (لا عقاب على من ارتكب جريمة ألجأته إلى ارتكابها ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله ولا في قدرته منعه بطريقة أخرى).
ثانياً: تمييز حالة الضرورة عن الدفاع الشرعي
الدفاع الشرعي هو حق مخول لردع من بادر بالعدوان على النفس أو المال سواء وقع العدوان على الشخص ذاته أو على الغير، ومن هنا يتضح أن كل من الدفاع الشرعي وحالة الضرورة يتفقان في أن كلاهما يفترض وجود خطر محدق يهدد الإنسان في نفسه أو ماله.
إلا أنهما يختلفان في أن الدفاع الشرعي يُعد سبب من أسباب الإباحة يرفع عن الفعل صفة التجريم، في حين أن حالة الضرورة تُعد أحد موانع المسئولية التي لا تؤثر على الصفة التجريمية للفعل المرتكب إلا أنها تحول دون مساءلة الفاعل جنائياً.
ويترتب على ذلك أن من يكون في حالة دفاع شرعي فلا يمكن أن يسأل مدنياً بالتعويض، في حين أنه يمكن رفع الدعوى المدنية بالتعويض على من كان في حالة ضرورة إذا ما سبب فعله ضرراً للغير.
فضلاً عن أنهما يختلفان في أن حالة الضرورة لا تطلب أن يكون الخطر المحدق ناشئ عن فعل غير مشروع حيث قد تكون الأخطاء ناشئة عن الطبيعة، في حين يشترط في الخطر المبيح لاستخدام الدفاع الشرعي أن يكون ناشئ عن فعل غير مشروع.
ويشترط أخيراً في حالة الضرورة أن يكون الخطر على درجة عالية من الجسامة، في حين أنه لا يشترط في الخطر المبيح لاستخدام حق الدفاع الشرعي أن يكون على درجة معينة من الجسامة، فالدفاع الشرعي يجوز اللجوء إليه لدفع أي خطر يهدد الشخص في نفسه أو ماله أو يهدد الغير في نفسه أو ماله سواء كان الخطر يسير أم جسيم.
ثالثاً: شروط حالة الضرورة
1- الشروط الواجب توافرها في الخطر
أ- أن يكون الخطر مهدداً للنفس أو المال
حيث يجب أن ينشأ عن حالة الضرورة خطراً مهدداً لنفس المضطر، أو ماله، أو نفس، أو مال الغير، وتجدر الإشارة هنا إلى وجود اختلاف بين كل من المشرع الأردني ونظيره المصري، حيث إن المشرع الأردني قد قرر بوجود حالة ضرورة لمن يدفع اعتداء يقع على المال أو النفس، في حين أن المشرع المصري قصر ذلك على وجود اعتداء يهدد النفس فقط.
والخطر الذي يهدد النفس هو كل ما يمثل عدواناً على الحق في الحياة أو الحق في سلامة الجسد أو الحق في الحرية أو الحق في سلامة العرض أو الحق في الشرف والاعتبار، أما الخطر الذي يهدد المال هو كل ما يمثل اعتداءً على الحق في التملك.
ولكن السؤال هنا هل المرأة التي اغتصبت وحملت على إثر ذلك يكون لها الحق في إجهاض جنينها مدعية بأنها كانت في حالة ضرورة لحماية شرفها أو سمعتها؟
ذهب بعض الفقه إلى القول بأنه يكون للمرأة في هذه الحالة أن تجهض نفسها حفاظاً على شرفها وسمعتها، إلا أن هذا القول لا يستقيم في ظل وجود (المادة 324) من قانون العقوبات الأردني والتي بينت أن المرأة التي تجهض نفسها حفاظاً على شرفها يطبق عليها عذراً قانونياً مخففاً وذلك بنص المادة على أن: (تستفيد من عذر مخفف، المرأة التي تجهض نفسها محافظة على شرفها).
فلو قلنا بأن المرأة في حالة ضرورة لكن مؤدى ذلك عدم تعرضها للعقاب لامتناع مسئوليتها الجنائية، ولكن يتضح أن المشرع قد أحاط فعلها بعذر قانوني مخفف من شأنه أن يخفف عنها ما كانت ستتعرض له من عقاب.
ومن التطبيقات القضائية للخطر المهدد للنفس أو المال ما قضت به محكمة صلح جزاء اربد في حكمها رقم 13261 لسنة 2019 والتي قضت فيه بأن: (فإن المشتكى عليه (…….) لم يقم بإطلاق عيار ناري دون داعي على ضوء العلة التي أرادها المشرع وهي منع الأفراد من استخدام الأسلحة بشكل يهدد الأفراد دون داع لاستخدامها كإطلاق عيارات ناريه بالأفراح أو كنزوة أو ما شابه ذلك، وإنما أطلقه لدفع خطر يهدد سلامة والدته وسلامة بيته وملكه، الأمر الذي ينهدم معه الركن المادي للجرم المسند له ولا يجعل من عناصر الركن المادي مكتملة، مما يستوجب إعلان عدم مسؤوليته، كون فعله لا يشكل جرما ولا يستوجب عقابا).
ب- أن يكون الخطر جسيماً
اشترط المشرع لقيام حالة الضرورة أن يكون الخطر المحيق بالمضطر خطراً جسيماً، فالخطر الجسيم هو الذي ينال من الإرادة ويفقد القدرة على الاختيار بروية، أما الخطر اليسير فلا يؤثر في الإرادة ويكون للشخص أن يتحمله، فمثلاً لا يقبل من شخص أن يدفع بكونه في حالة ضرورة عندما دخل إلى منزل الغير لسرقة ملابس خوفاً من البرد الشديد.
وتحديد مدى جسامة الخطر من الأمور الموضوعية التي يترك تحديدها لقاضي الموضوع في ضوء ظروف وملابسات كل حالة على حدي.
ومن الأمثلة على جسامة الخطر أن يقع على شخص عدوان من قبل حيوان شرس فلا يكون أمام المعتدى عليه سوى قتل الحيوان ليدرئ شره، أن يكون العدوان الواقع عليه من قبل شخص مجنون في حالة هياج عصبي فلم يجد أمامه سبيل سوى قتله لدفع عدوانه.
ج- أن يكون الخطر محدق
وهذا ما يعني ضرورة أن يكون الخطر على وشك الوقوع إما لكون الخطر لم يبدأ بعد، ولكنه ينذر بعدوان وشيك صار قاب قوسين أو أدنى من الحلول بالمضطر، أو أن الخطر قد وقع بالفعل، ولكنه مازال مستمراً، أما إذا كنا بصدد خطر مستقبلي أو خطر وقع بالفعل وانتهى فإننا لا نكون بصدد حالة ضرورة لدفعه أو لإزالة آثاره.
وتجدر الإشارة إلى أن حلول الخطر لا يعني بالضرورة أن يكون هناك خطراً حقيقياً، فقد يكون الخطر وهمياً، ولكنه لا يحول دون قيام حالة الضرورة إذا كان هذا الخطر مما يتصور معه إنسان عادي أنه يهدد نفسه أو ماله بخطر جسيم.[1]
ج- ألا يكون لإرادة المهدد بالخطر دخل في حلوله
وهذا ما يستخلص من قول المشرع الأردني في (المادة 89) من قانون العقوبات بأن: (لم يتسبب هو فيه قصدا …..)، ومن ثم فإن الشخص الذي يعمد إلى إشعال النار لا يكون له التذرع بانتفاء جريمته لحال الضرورة إذا ما اضطر إلى ارتكاب جريمة لإخماد النيران نظراً لأنه هو من تسبب في إشعالها.
وقد أتيح لمحكمة النقض المصرية إعمال ذلك الشرط في حكمها رقم ٢٦١٢ لسنة ٣٠ قضائية عندما قضت بأن: (ومن المسلم أنه ليس للإنسان أن يرتكب أمراً محرماً ثم يقارف جريمة في سبيل النجاة مما أحدثه بيده – ولما كان الثابت من الحكم أن الطاعن إنما قدم الرشوة ليتخلص من جريمة الإخفاء التي أرتكبها فإن الدفاع الذي يستند إليه الطاعن من أنه كان في حالة ضرورة ألجأته إلى دفع الرشوة تخلصاً من خطر القبض عليه هو دفاع قانوني ظاهر البطلان لا يستأهل رداً).
ويرى بعض الفقه وعلى رأسهم الأستاذ الدكتور/ محمود نجيب حسني أن الخطر الناشئ عن إهمال الشخص نفسه لا يمنع من قيام حالة الضرورة في حقه ولا تقع عليه ثمة مسئولية جنائية إذا ما اضطر إلى ارتكاب جريمة لدفع الخطر الناشئ عن إهماله طالما لم يكن قد تعد إحداث ذلك الضرر.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الشرط يقيم اختلاف بين حالة الضرورة والدفاع الشرعي، ذلك أنه يجوز اللجوء إلى الدفاع الشرعي ولو كان المعتدى عليه قد تسبب في حلول الخطر به، كما في حالة الزوجة الزانية وشريكها حيث يكون لهما حق استخدام الدفاع الشرعي في مواجهة الزوج الملثم شرفه إذا ما حاول قتلهما.
وعلة المغايرة تتبدى في كون حالة الضرورة تقع على برئ بينما الدفاع الشرعي يوجه صوب معتدي.
د- ألا يتوجب على المضطر قانوناً التعرض للخطر
بينت (المادة 90) من قانون العقوبات الأردني هذا الشرط بقولها: (لا يعتبر في حالة الضرورة من وجب عليه قانونا أن يتعرض للخطر).
حيث يجب ألا يكون على المضطر التزام قانوني بالتعرض للخطر سواء لكونه محكوماً عليه بالإعدام أو محتجز بسند قانوني أو مأمور بالقبض عليه، ففي كافة الحالات السابقة – ومثلها – لا يحق للشخص أن يرتكب جريمة لدفع الخطر المحيق به إذ يتوجب عليه أن يتعرض لمثل هذا الخطر.
2- الشروط الواجب توافرها في فعل الضرورة:
أ- لزوم فعل الضرورة:
فالجانب الموضوعي للعلاقة بين فعل الضرورة والخطر مقتضاه أن يكون من شأن الفعل المرتكب النجاة من الخطر الذي يهدد مرتكبه، فإن انتفت هذه العلاقة بأن كان الفعل المرتكب لا يصلح بذاته للوقاية من الخطر تحققت مسئولية مرتكب الفعل ولا يجوز له الاحتجاج بحالة الضرورة[2]، ومن ثم فلا يجوز لأحد التذرع بكونه في حالة ضرورة حال اعتدائه على من أشعل النيران في مكان ما نظراً لأن اعتدائه على مشعل النيران ليس من شأنه إخمادها.
ويتعين كذلك ألا يكون أمام مرتكب الفعل وسيلة أخرى سوى ارتكاب الجريمة لدرء ما يحيق به من خطر، فإن كان هناك وسيلة أخرى كالفرار أو الاستغاثة فإن ذلك من شأنه أن يثير مسئوليته الجزائية.
ب- التناسب بين الفعل والخطر:
فيجب دائماً أن يكون الفعل المرتكب متناسباً مع جسامة الخطر بحيث يكون بالقدر الكافي لدفعه، “فإذا كانت الضرورات تبيح المحظورات فإن الضرورة يجب أن تقيد بقدرها” ومن ثم فلا يكون للفاعل أن يرتكب فعل جسيم يشكل جريمة لدرء خطر لا يضاهي الفعل في الجسامة.
إلا أن السؤال ما هو الحكم حال تخلف شرط التناسب بين الفعل وحالة الضرورة؟
والواقع أنه إزاء صمت المشرع عن معالجة هذا الأمر فإن ذلك ينبئ عن رغبة المشرع في إلقاء المسئولية الجزائية كاملة على من تجاوز حدود التناسب التي يجب أن تتحقق بين الفعل وحالة الضرورة.
رابعاً: أثر حالة الضرورة على مسئولية المضطر
1- أثر حالة الضرورة على المسئولية الجزائية
إذا ثبت توافر حالة الضرورة بكافة شروطها المشار إليها فإن ذلك من شأنه أن يمنع قيام مسئولية الفاعل.
ولما كانت حالة الضرورة من موانع المسئولية والتي تعد بدورها ذات طبيعة شخصية فإنه لا يستفيد منها سوى الفاعل دون من كان معه من مساهمين في ارتكاب الفعل، بحيث يكون في حالة ضرورة من كان محلاً لوقوع الخطر فقط، وهي بذلك تختلف عن الدفاع الشرعي الذي ينتمي إلى أسباب الإباحة والتي تعد ذات طبيعة موضوعية ومن ثم يستفيد منها كل من الفاعل والمساهمين.
ولما كان من الممكن أن يطبق على من امتنعت مسئوليته لتوافر حالة من حالات موانع المسئولية تدابير احترازية فإن ذلك لا يتصور بصدد حالة الضرورة، ذلك أن التدابير الاحترازية لا تطبق إلا على من كان بداخله خطورة إجرامية سواء لكونه مجنون أو سكران أو غيره، أما في حالة الضرورة فلا يمكن أن ينسب إلى المضطر خطورة إجرامية.
2- أثر حالة الضرورة على المسئولية المدنية
من المسلم به أن الفعل الذي يقترن بحالة ضرورة يظل مجرماً حيث يقتصر الأمر على عدم معاقبة الفاعل جزائياً، ويترتب على ذلك أنه يجوز أن يطالب الفاعل بتعويض مدني وذلك استناداً إلى القاعدة الفقهية التي اعتنقها المشرع الأردني والمنصوص عليها (بالمادة 63) من القانون المدني والتي قررت بأن: ” الاضطرار لا يبطل حق الغير”.
خامساً: إثبات حالة الضرورة:
يقع عبء إثبات توافر حالة الضرورة على من يتمسك بها ويكون لقاضي الموضوع السلطة التقديرية في بيان مدى توافرها من عدمه، حيث يستخلص ذلك من الوقائع والملابسات التي أحاطت بالوقعة المنظورة أمامه.
وتجدر الإشارة إلى أن الدفع بتوافر حالة الضرورة هو من الدفوع الموضوعية التي لا يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة التمييز.
سادساً: النصوص القانونية المتعلقة بحالة الضرورة:
وردت تلك النصوص القانونية في قانون العقوبات في المادتين 89، 90 وذلك على النحو التالي:
المادة 89:
لا يعاقب الفاعل على فعل ألجأته الضرورة إلى أن يدفع به في الحال عن نفسه أو غيره أو عن ملكه أو ملك غيره، خطرا جسيما محدقا لم يتسبب هو فيه قصدا شرط أن يكون الفعل متناسبا والخطر.
المادة 90:
لا يعتبر في حالة الضرورة من وجب عليه قانونا أن يتعرض للخطر
سابعاً: بعض اجتهادات محكمة التمييز بشأن حالة الضرورة:
جاء في الحكم رقم 336 لسنة 2010 لمحكمة التمييز بصفتها الجزائية ما يلي:
يتضح أن المستدعي قد وقع الشيك الذي تمت إدانته به وهو في حالة الضرورة ذلك أن المادة (89) من قانون العقوبات نصت على أن: ( لا يعاقب الفاعل على فعل ألجأته الضرورة إلى أن يدفع به في الحال عن نفسه أو غيره أو عن ملكه أو ملك غيره خطراً جسيماً محدقاً لم يتسبب هو فيه قصداً شرط أن يكون الفعل متناسباً والخطر ) وحيث أن المستدعي قد وقع الشيك الذي تمت إدانته به وهو في حالة الضرورة ، الأمر الذي يجعل من قرار محكمة بداية جزاء عمان بصفتها الاستئنافية ومن قبلها محكمة صلح جزاء عمان بإدانة المستدعي بالجرم المسند إليه مخالفاً للقانون ويتعين نقضه.
كما جاء في حكم محكمة التمييز رقم 335 لسنة 2010 بصفتها الجزائية ما يلي:
وحيث أن ما ورد في سبب الطعن يجب أن ينصب على الأمور الواقعية إذ أن إثبات هذه الأمور يدخل في مطلق تقدير محكمة الموضوع فهي حرة في تقدير الدليل المقدم لها أن تأخذه إذا اقتنعت به وتطرحه إذا تطرق فيه الشك إلى وجدانها وليس لمحكمة التمييز أن تستأنف النظر بالموازنة والترجيح والتعديل فيما يكون قد قدم من الأدلة إثباتاً لوقائع الدعوى أو نفيها، وحيث أن سبب الطعن لا يتعلق بمخالفة الإجراءات التي أوجب قانون الأصول مراعاتها كما أنها لم تتعلق بمخالفة الحكم للقانون بالمعنى المقدم ذكره وإنما انصب على تقدير محكمة الموضوع لإدانة المستدعي بجرم إعطاء شيك بدون رصيد وبأنه لم يكن في حالة الضرورة ولم تتوفر شروط المادة (89) من قانون العقوبات، فإن هذا السبب لا يصلح أن يكون سبباً للطعن بقراري محكمة صلح جزاء عمان ومحكمة بداية عمان بصفتها الاستئنافية).
وجاء في حكم محكمة التمييز بصفتها الجزائية رقم 1148 لسنة 2008 ما يلي:
وباستقراء المادة 89 من قانون العقوبات نجد أنها نصت على انه لا يعاقب الفاعل على فعل ألجأته الضرورة إلى أن يدفع به في الحال عن نفسه أو غيره أو عن ملكه أو ملك غيره خطرا جسيما محدقا ولم يتسبب هو فيه قصدا شرط أن يكون الفعل متناسبا والخطر، وباستعراضنا ملف الدعوى وبيناتها وبصفتنا محكمة موضوع في الحالة المعروضة فان شروط الاستفادة من حالة الضرورة والعذر المخفف ليست متوافرة بحق الطاعن خالد لان حمل المغدور محمد سكينا وان كان يشكل عملا غير مشروع فانه لم يكن على جانب من الخطورة طالما أن المميز تمكن من اخذ السكين من المغدور محمد وبذلك زال الخطر وكان بإمكان الطاعن تفادي الحادث مما يتعين معه رد هذا السبب.
وجاء كذلك في حكم محكمة التمييز بصفتها الجزائية رقم 1186 لسنة 2007 ما يلي:
إن إعمال أحكام المواد (86 و87و 89) من قانون العقوبات الباحثة في الجهل بالقانون والوقائع وحالة الضرورة، لم تكن موضع دفاع ودفع أمام محكمة الموضوع ولم تقم الطاعنة البينة على الظروف التي تتيح لها الاستفادة من موانع العقاب أو حالة الضرورة التي تدعيها وتغدو إثارتها في هذه المرحلة طرحاً في غير محله ولا تنهض سبباً أمام محكمة التمييز.
إعداد/ أحمد منصور.
[1] الأستاذ الدكتور/ سليمان عبد المنعم، النظرية العامة لقانون العقوبات “القسم العام، دار المطبوعات الجامعية، 2014، ص 585.
[2] الدكتور/ فتوح عبد الله الشاذلي، شرح قانون العقوبات القسم العام “الكتاب الثاني”، دار المطبوعات الجامعية، 2018، 154.