النظام البرلماني

نظام الحكم البرلماني

يمثل النظام البرلماني نظاماً وسطاً بين النظام الرئاسي ونظام الجمعية، مقوماته قائمة على التوازن والتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وبناءً عليه من أجل تحقيق هذا التوازن يتوجب على كل سلطة أن تستمر في تنفيذ مهامها، ومن بين تلك المهام أن يكون الإشراف والتأثير المتبادل بين أولويات السلطات الثلاثة في مقابل صلاحيات تخول لكل سلطة على الأخرى وعلى وجه الخصوص بين السلطة التشريعية والتنفيذية.

وفيما يلي استعراض للنظام البرلماني من خلال مجموعة من المحاور كالآتي:

أولًا: مراحل التطور التاريخي للنظام البرلماني:

ثانيًا: معايير النظام البرلماني:

ثالثًا: خصائص النظام البرلماني:

رابعًا: مزايا وعيوب النظام البرلماني:

أولًا: مراحل التطور التاريخي للنظام البرلماني:

كانت بداية النظام البرلماني في إنجلترا بعد أن شهد سلسلة من التطورات واسعة المجال مقارنة بالمرحلة الأولى من نشأته حيث أنه يمثل أحد أشكال الأنظمة البرلمانية، كما إنه قد انتقل إلى العديد من الدول خاصة المستعمرات الإنجليزية القديمة، وليس المقصود بالنظام البرلماني كل نظام يحوي برلمانًا بل هو نظام يحاكي الأنظمة الأخرى مثل النظام الرئاسي وشبه الرئاسي الذي يتم تمثيل البرلمانات فيه تحت مسمى السلطة التشريعية والتي تكون أحياناً أقوى من السلطة التنفيذية وذلك هو أهم المعايير التي يتم على أساسها تمييز هذا النظام عن غيره.

ولقد مر النظام البرلماني بمراحل عديدة من التغيرات حتى تبلورت أركانه وبرزت ملامحه، ومن ثم كان للنجاح الذي حققه النظام في موطنه الأصلي صدىً كبير لدى العديد من دول العالم التي استعانت بمبادئه الجوهرية لتأسيس نظم مشابهة وهو ما ساهم فعليًا في تطوره الدائم، والنظام البرلماني لم يتشكل على أساس نظرية معينة تم إنشاؤها دفعة واحدة، بل قد ارتبط ظهوره ببعض التطورات التاريخية لا سيما في كنف إنجلترا مهد الأنظمة البرلمانية التي انتقلت منها إلى دول أخرى وقننت مظاهرها.

وتظهر ملامح النظام البرلماني في العديد من الدساتير والقوانين الأساسية في كثير من الدول وفي إنجلترا، وهو يقوم على مبدأ هام يحترمه الجميع أفرادًا وسلطات وهو مبدأ سمو مجلس النواب باعتبار أن البرلمان له السلطة العليا خاصة في حالة عدم وجود دستور غير مكتوب مثلما هو الحال في إنجلترا والتي لا يوجد بها سوى دستور عرفي، وعليه فإن السلطة التنفيذية في هذا النظم مقسمة إلى قسمين أحدهما الوزارة أو الحكومة التي لها الحق في حل البرلمان والذي بدوره يمكن أن يسحب الثقة منه والثاني هو رئيس دولة غير مسؤول سياسيًا.

 وتولى ملوك إنجلترا إدارة الشؤون التجارية والشؤون الخارجية للدولة مباشرة بالتعاون مع مجموعة من المسؤولين وعدد من المجالس المختلفة المشكلة في ظل هذا النظام الذي ظل سائدًا لعدة قرون وكان من أهم المجالس التي تعاونت مع الملك مجلس يسمى (المجلس الخاص) ولقد سمي هذا المجلس في بداية تشكيله بالمجلس الدائم، والسبب وراء هذه التسمية يعود إلى كثرة اجتماعاته وأهميته مقارنة بالمجالس الأخرى، ولكن في عهد الملك هنري السادس من 1421-1471 أصبح هذا المجلس مسمى بـ (المجلس الخاص) والذي تم تقسيمه في القرن الرابع عشر إلى قسمين الأول عني بالأمور العادية وسمي المجلس العادي فيما احتفظ القسم الثاني باسم المجلس الخاص وترأسه الملك شخصيًا.

ومع بداية القرن الرابع عشر استطاع مجلس العموم أن يؤسس لنفسه الحق في مساءلة رجال الملك (أي وزرائه ومستشاريه) والسعي وراء مراجعة أفعالهم ولكن ذلك الحساب والاستجواب يتوجب أن يستند إلى جريمة معينة للوزير، وذلك يعني أن تهمته جنائية وليست سياسية وعلى الرغم أنه لم ينتج عنه سوى آثار شكليّة طفيفة وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهت إلى هذا الركن بوصفه ركن ذو أثر طفيف إلا إنه ظل هو السبيل الوحيد لاستجواب الوزراء عن أفعالهم ولم يدفعهم ذلك إلى الغاء حق الاستجواب لتبرئة المسؤولين التي وصلت إلى مرتبة الجرائم واستمر الوضع على هذا النحو حتى القرن السابع عشر، وفي ذلك التاريخ بدأت مسؤولية الوزراء تأخذ طابعًا جديدًا وأصبحت المسؤولية جنائية وسياسية لأن مجلس العموم لم يعد يحصر الاتهام في الأمور الجنائية البحتة بل كان الممكن أن يستخدم أيضًا في حالة ارتكاب أخطاء جسيمة أو سلوك ما يتعارض مع مصلحة الدولة، كأن يحال وزير إلى الملك لإبرام معاهدة تضر بمصلحة الوطن.

ثانيًا: معايير النظام البرلماني:

يمكن تلخيص المعايير الأساسية للنظام البرلماني في معيارين هما المعيار التقليدي والمعيار الحديث:

1- المعيار التقليدي:

إن الأسس التي يقوم عليها المعيار التقليدي تعبر عن نظريتي التوازن والتعاون بحيث يحق للبرلمان أن يراقب الحكومة ويشرف على أعمالها، ويمكن لرئيس السلطة التنفيذية – ويقصد بها الوزير الأول أو رئيس الحكومة – أن يقوم بخطوة حل البرلمان ومناشدة الشعب عند الاختلاف بين السلطتين، أما بالنسبة للتوازن الداخلي فكل هيئة مكونة من هيئتين بحيث يتكون البرلمان من مجلسين الأول متكون من أعضاء منتخبين بالتصويت والثاني شامل الأعضاء المعينين أو الذين يكتسبون مناصبهم بالوراثة عن آبائهم وأجدادهم كما أنه يتم انتخابهم بشكل غير مباشر، والسلطة التنفيذية هي سلطة موزعة بين رئيس الدولة ورئيس الوزراء، ورئيس الدولة غير مسؤول ويمارس سلطاته بصورة شكلية[1].

أما مجلس الوزراء فيديره رئيس الحكومة وهو مسؤول بشكل أساسي أمام مجلس النواب، ومن ثم يبدو التعاون حاضرًا ضمن بوادر مشاركة الحكومة في العملية التشريعية مثل اقتراح مشاريع القانون من وجهة نظر مادية، أما عن البرلمان فإننا نجده يساهم في الوظيفة التنفيذية بتولي الإذن والتراخيص المالية بجانب الموافقة على بعض الإجراءات الدبلوماسية على سبيل المثال.

ولقد انهارت أسس مبدأ التعاون مع إرساء الديمقراطية مما أدى إلى غياب فكرة التوازن بالمعنى السابق وترتب على ذلك أن فكرة التوازن المشار إليها لم تعد هي الأساس الذي ينبني عليه النظام البرلماني.

2- المعيار الحديث للنظام البرلماني:

أصبح النظام البرلماني يقوم على عدة أسس تتمثل في ثنائية السلطة التنفيذية والتي تتكون من رئيس دولة غير مسئول سياسياً ويفتقر للاختصاصات الحقيقية والفعالة، ووزارة تمارس سلطات فعلية ويمكن إثارة مسئوليتها السياسية أمام البرلمان.

على أن أهم ملامح النظام البرلماني تتمثل في وجود تعاون ورقابة متبادلة بين البرلمان والحكومة، وينتج عن ذلك تبني النظام البرلماني لمفهوم مرن للفصل بين السلطات.[2]

ثالثًا: خصائص النظام البرلماني:

1- ثنائية السلطة التنفيذية:

إن النظام البرلماني يقوم بشكل مبدأي على الفصل بين منصب رئيس الدولة سواء كان (رئيس الجمهورية أو الملك) ورئيس الحكومة بحيث لا يكون رئيس الدولة مسؤولاً وبشرط أن تقع المسؤولية السياسية على الوزارة بالتضامن بين الوزارات وأعضائها أي أن النظام البرلماني يقوم على أساس ازدواجية الهيئة التنفيذية وهذه أحد ركائز ذلك النظام وهو ما سيتم توضيحه كالآتي:

أ-وضع رئيس الدولة في السلطة التنفيذية:

النظام البرلماني هو نظام قد ينبني في الدول ذات النظام الملكي أو الجمهوري، وذلك على عكس النظام الرئاسي الذي لا يمكن أن يطبق إلا في الدول التي تتبنى قواعد النظام الجمهوري بحيث يتم اختيار الرئيس من الشعب.

 ومن ثم فإن رئيس الدولة في النظام البرلماني لا يعتبر أحد مراكز الثقل في إدارة دفة الحكومة في البلاد وعليه لا يمكن أن يتم تحميله أية مسؤوليات سواء أكان ملكًا أو رئيسًا، وهو ما يكون مترتب عليه نتيجتين الأولى عدم جواز انتقاد رئيس الجمهورية لمحدودية مسؤولياته والثانية اتساع مسؤولية رئيس الوزراء على الرغم من أن توقيع رئيس مجلس الوزراء والوزير المختص يأتي بعد توقيع رئيس الدولة – وهو ما يسمى بالتوقيع المزدوج – ، إلا أن ذلك لا يعفيهما من المسئولية السياسية أمام البرلمان.

أما عن شق المسئولية الجنائية فالأمر مختلف في الدول التي تقر النظام الملكي عنها في الدول المقرة للنظام الجمهوري حيث إن الملك في الدول البرلمانية لا يتحمل أية مسئوليات جنائية عن أفعاله، فذاته محفوظه أما بالنسبة للدول الجمهورية البرلمانية فيُستجوب الرئيس جنائياً عن أفعاله المشكلة للجرائم المعاقب عليها جنائيًا سواء أكانت تلك الجرائم ذات بعد وظيفي أو جرائم عادية.

وهذا ما دعا الفقه الإنجليزي بالقول إنه في النظم البرلمانية الملكية إذا قتل الملك بيده أحد الوزراء فإن المسئولية ستقع على عاتق رئيس الوزراء، أما إذا قتل الملك رئيس الوزراء ذاته فلن تكون هناك مسئولية على أحد.[3]

ب- الوزارة كأحد أطراف السلطة في النظام البرلماني:

للوزارة السلطة الفعلية والمهيمنة على إدارة شؤون الدولة كما أنها تتحمل المسؤولية عن جميع أعمالها أمام مجلس النواب ولذلك السبب تعتبر المحور الذي يدور حوله النظم البرلماني، وقد ذهب بعض الفقهاء إلى تسمية النظم البرلماني بحكومة الوزارة لما للوزارة من أهمية كبرى ودور خطير في النظم السياسية.

وللوزارة النيابية خصائص تميزها عن غيرها وهي:

– اختيار رئيس الوزراء من حزب الأغلبية في البرلمان أو مجلس النواب على الأقل إذا كان مجلس النواب مكوناً من غرفتين، كما يفضل أن يتم اختيار الوزراء من أعضاء في البرلمان وأن يكون أولئك الوزراء أعضاء في البرلمان.

مع ضرورة الإشارة إلى أن ذلك الوضع ليس حتميًا، وذلك لأن رئيس الوزراء غالبًا ما يكون زعيم الأغلبية البرلمانية أو أحد القادة البارزين كما أن رئيس الوزراء لديه آليات اختيار أعضاء الوزارة بعد ذلك بحرية شريطة التوافق مع رئيس الدولة ومن ثم يتم عرض الحكومة وخطتها على البرلمان لمنحها الثقة وحلف اليمين وهو إجراء متعارف عليه في معظم الدساتير البرلمانية، حتى لو كان ذلك مجرد إجراء شكلي لأننا نعلم أن رئيس الوزراء وأعضائه من الحزب الذي فاز بأغلبية مقاعد مجلس النواب.

– تكوين الوحدة حيث يبادر رئيس الوزراء بتكوين مجلس يعرف باسم مجلس الوزراء برئاسة رئيس الوزراء ويكون ذلك المجلس وحدة قائمة بذاتها، كما يسهم رئيس الوزراء بسلطاته الممنوحة له في إدارة شؤون الدولة ومن ثم يضع سياستها العامة نصب عينيه كما تصدر عنه قرارات مهمة، ويعمل بجهوده المحلية والدولية على تحقيق الانسجام بين عمل الوزارات المختلفة وهي التي تتحمل المسؤولية الجماعية والتي وتجعلهم وحدة واحدة غير قابل للتجزئة.

ويتخذ اجتماع مجلس الوزراء شكلين يسمى (مجلس الوزراء) إذا حضره رئيس الدولة وإذا لم يحضره يسمى (مجلس الوزارة) ولكن بسبب افتقاره لقواعد المسئولية فإنه من غير القانوني أن يعطي صوته وقت أخذ الآراء حول المواضيع التي تطرح قيد المناقشة لاتخاذ قرار.

– ضرورة التجانس بين أعضاء الوزارة وتنبع هذه الخاصية من الأفكار التي تم الإشارة إليها مسبقًا وهي أن مجلس الوزراء هو الوحيد المهيمن على كافة الأجهزة الإدارية لمصالح الدولة ومفاصلها ويتولى أيضًا تحديد سياستها، وهذا الوضع  يتطلب بالضرورة وجود تجانس وتكامل بين أعضاء الوزارة حتى تكون مهامها سهلة التنفيذ ومن ثم تؤدي واجبتها بسلاسة، ولن يمكن أن يتحقق ذلك الانسجام والتكامل المطلوبين الا عن طريق اختيار رئيس مجلس الوزراء وأعضاء حكومته الذين تقع دائرة الاختيار عليهم من بين رجال حزبه والذين يكون متوفر لديهم رغبات صادقة وواضحة في التعاون معه، وعليه إذا كان التجانس في تشكيل الوزارة هو المبدأ العام الذي يجب أن يسود ويحكم إلا أن هذا المبدأ لا يمكن له أن يتحقق إلا في الظروف العادية بحيث يمكن أن يسير النظام البرلماني بشكل طبيعي في هدوء واستقرار، إلا أنه في ظل الظروف الاستثنائية في البلاد أحياناً من الممكن أن يختفي مبدأ التجانس وهنا تظهر عدد من الوزارات التي لا تحمل طابع التجانس وذلك بضرورة حتمية ويكون بقائهم في السلطة مرهون بعدد من الظروف التي كانت سبب وجودهم وفي حال ما انتهت تلك الظروف تنتهي مدة الوزارة.

2- المسؤولية السياسية للوزارة أمام مجلس النواب:

تحمل المسؤولية السياسية هي أهم سمة أساسية للوزارة في النظام البرلماني وأهم ما يميز الأنظمة البرلمانية عن أنظمة الحكم الأخرى، حيث يحق لمجلس النواب أن يعلن عن رغبته في مساءلة الوزارة عن أعمالها خلافا لحق الوزراء في حل البرلمان بعد مناشدة الناخبين.

والمسؤولية السياسية والحق في حل البرلمان هي واقعيًا جزء مهم من أركان النظام البرلماني، وبجانب المسؤولية السياسية للوزراء هنالك مسؤولية مدنية تتطلب التزام كل وزير على حدى بالتكفل بالتعويضات للأضرار الناجمة عن أفعاله، كما أن هناك مسؤولية جنائية تتطلب محاكمة الوزراء على الجرائم التي تصدر عنهم والمعاقب عليها قانونًا سواء أكانت تلك الجرائم متعلقة بأداء وظائفهم ونتجت عنها أو جرائم عادية منصوص عليها في قانون العقوبات مع ضرورة العلم أن المسؤولية الجنائية قد سبقت ظهور المسؤولية السياسية ومهدت الطريق أمامها.

3- التأثير المتبادل:

ويكون التأثير المتبادل بين البرلمان والحكومة في إطار الأعمال ذات الطابع المشترك وتلك القيمة تنبع من نظام الفصل بين السلطات، ولأن الوزارة ورئيسها وأعضاءها في حاجة إلى بلوغ الأهداف الموضوعة في الخطة الحكومية عن طريق تيسير إدارة الأعمال وإنفاذ القوانين بالتعاون مع البرلمان وهو ما يتحتم معه إيجاد وسيلة مناسبة يمكن معها تسهيل سبل التواصل لكسب ثقة أعضاءه كما أن أعضاء البرلمان يكونون حريصين على تبادل المنفعة مع الحكومة لتجنب الحل.

ويتميز النظام البرلماني بتطبيق مبادئ الفصل المرن بين السلطات بالتعاون المشترك والمتبادل بين كل جهة ولذا يجوز لنا القول إن النظام البرلماني يسمح لكلا السلطتين بالتأثير المباشر والمتبادل على مهام كل طرف، ومن مصلحة كل منهم ألا تصل الأمور لنقطة لا يمكن الرجعة منها وتؤدي إلى زوال أحد الطرفيين، ويمكن إجمال أهم أدوات التعاون المتبادل في التالي:

  • الجمع بين عضوية البرلمان والوزارة.
  • حق الوزراء في التحدث أمام البرلمان.
  • حق الحكومة في دعوة البرلمان للانعقاد وحقها في فض دورات انعقاده.
  • حق الوزارة في اقتراح القوانين.
  • التعاون في إعداد الموازنة العامة.

رابعًا: مزايا وعيوب النظام البرلماني:

1- المزايا:

يقوم النظام البرلماني على مجموعة من الأسس والمتطلبات التي تميزه عن الأنظمة السياسية الأخرى:

  • وجود ازدواجية الجهاز التنفيذي.
  • وجود تعاون وتوازن بين السلطات.
  • وجود نوع من التشدد الحزبي أو الانضباط الحزبي.

ويمكن القول أن في ثنايا وقواعد النظام البرلماني يكون رئيس الحكومة هو الشخص الحقيقي المسؤول عن قيادة البلاد وذلك بالتعاون مع السلطات التشريعية البرلمانية ومن ثم يعتبر هذا النظام الأكثر انتشارًا في العالم ومن أبرز الدول التي تتبع ذلك النظام هي بريطانيا ونجد أن النظام البرلماني لا يمنح الرئيس صلاحيات فخرية فحسب بل تختلف أيضًا حسب الطريقة التي يتم بواسطتها اختياره، فإذا كان منتخباً من قبل الشعب انتخاب مباشر فإن هذا يعني أن يكون له صلاحيات فعلية يمارسها كما نجد ذلك متوفرًا في النظام النمساوي، ولكن إذا تم انتخاب الرئيس من قبل البرلمان فإن مهامه تصبح محدودة كما في الهند وألمانيا.

ويتميز هذا النظام بالحفاظ على تكاتف مكونات الدول التي كانت تتميز التركيبة السكانية بالتعددية مثل الدول التي تنتشر فيها القبائل والطوائف والمناطق والطوائف والأعراق حيث أن الأنظمة البرلمانية تتمتع بقدرات كبيرة على أن يتم تمثيل مختلف الفئات الاجتماعية في دواخل العملية السياسية وبالتالي الحفاظ على الاستقرار السياسي كما يثير النظام البرلماني تفاعل حقيقي بين السلطات الثلاث بحيث يصبح كل منها مكمل للآخر كما أنه يرسخ الديمقراطية ويمنع الاستبداد كما أنه يوفر أسس المسئولية السياسية أي استحالة التهرب من الخطأ السياسي وسهولة معرفة المسئول الحقيقي عن الخطأ ويؤدي إلى وحدة وسيادة الدولة.

2- العيوب:

أما بالنسبة لسلبيات النظام البرلماني فقد تنتشر تحالفات معقدة في البلاد وتحد من صلاحيات رئيس الوزراء أو الرئيس وهو ما ينتج عنه حالة من عدم الاستقرار السياسي والارتباك بين الأحزاب والبرلمان وقد يؤدي النظام البرلماني في دول العالم الجنوبي إلى ظاهرة عدم استقرار الحكومة في ظل التيارات الحزبية المعارضة والمتضاربة يصعب الحصول على دعم قوي لعمل الحكومة بجانب أنه قد لا يتمتع رئيس الحكومة بشعبية كبيرة قد لا تؤدي به إلى مكانة عالية ورمزية كرمز للأمة وستخضع الحكومة لتأثير مجموعات المصالح المهمة وستطفو على السطح الولاءات الحزبية الضيقة بجانب أن النظام غير فعال في الدول ذات الخبرة السياسية الحديثة ويتطلب وعيًا ووعيًا عالياً لدى السياسيين بالإضافة إلى تعميق التحزب.

إعداد/ أميـــــــــره سعيد.

[1] أنظر الأستاذ الدكتور/ مصطفى فهمي أبو زيد، مبادئ الأنظمة السياسية، منشأة المعارف، 1984، ص 20.

[2] المصدر: انظر مقال محامي أردني قوي. الدكتور/ أيمن فتحي، النظم السياسية المعاصرة، الحضري للطباعة، الطبعة الأولى، 2021، ص203.

[3] أنظر الأستاذ الدكتور/ إبراهيم عبد العزيز شيحا، وضع السلطة التنفيذية، منشأة المعارف، 2006، ص15.