قانون حماية المستهلك
في ظل الطفرة الاقتصادية والإنتاجية التي شهدها العالم، وما ترتب عليها من سيطرة ثقافة تحقيق الربح، دون النظر لأي اعتبارات إنسانية أو خلقية، كان لزاماً على الدول التدخل لوضع تشريعات تحقق حماية المستهلك من استغلال رؤوس الأموال، واتخاذ حاجة المستهلك مصدراً لسلب حقوقه.
وسوف نناقش في هذا المقال بعض ما تضمنه قانون حماية المستهلك ليضفي حمايته على مستهلكي البضائع والخدمات، وذلك على التفصيل الآتي:
أولاً: المدخل لقانون حماية المستهلك:
خامساً: حماية المستهلك من الشروط التعسفية:
سادساً: الحق في الحماية من الدعاية التجارية الكاذبة:
تاسعاً: مسئولية المزود عن أعمال تابعيه:
عاشراً: الإعفاء من العقاب أو المسئولية:
أولاً: المدخل لقانون حماية المستهلك:
استصدر المشرع الأردني قانون حماية المستهلك رقم 7 لسنة 2017 وتم نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ16\4\2017 على أن يبدأ العمل به بعد مضي ستين يوم من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية وقد تضمن القانون 27 مادة.
لا شك أن قوام قانون حماية المستهلك يتركز في العلاقة بين المستهلك والمزود والخدمة أو السلعة التي تنشأ العلاقة فيما بين الطرفين وجاء بصدر القانون تحديد المقصود بكل منهم وذلك بنص المادة الثانية من القانون.
فعرفت تلك المادة المستهلك بأنه: ” الشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يحصل على سلعة أو خدمة بمقابل أو دون مقابل إشباعا لحاجاته الشخصية أو لحاجات الأخرين ولا يشمل ذلك من يشتري السلعة أو الخدمة لإعادة بيعها أو تأجيرها “.
أما السلعة فهي ” أي مال منقول يحصل عليه المستهلك من المزود وإن الحق بمال غير منقول بما في ذلك القوى غير المحرزة كالكهرباء “.
ويقصد بالخدمة ” الخدمة التجارية سواء أكانت بمقابل أو بدون مقابل التي يقدمها أي شخص للمستهلك بما في ذلك تأجير الأموال المنقولة “.
وعرفت المزود بأنه ” الشخص الطبيعي أو الاعتباري من القطاع العام أو الخاص يمارس باسمه أو لحساب الغير نشاطا يتمثل بتوزيع السلع، أو تداولها، أو تصنيعها، أو تأجيرها، أو تقديم الخدمات إلى المستهلك بما في ذلك أي شخص يضع اسمه أو علامته التجارية أو أي علامة فارقة أخرى يملكها على السلعة أو الخدمة “.
وهناك أيضاً المعلن وهو ” المزود الذي يعلن عن السلعة أو الخدمة أو يروج لها بنفسه أو بوساطة غيره أو باستخدام أي وسيلة من وسائل الدعاية أو الإعلان “.
ثانياً: التزامات المزود:
حرص المشرع الأردني في قانون حماية المستهلك على ضمان التزام المزود بالعديد من الالتزامات، منها ما يتعلق بالسلعة أو الخدمة في حد ذاتها كمطابقتها للمواصفات القياسية الأردنية أو المواصفات الدولية المعتمدة في الأردن، ومنها ما هو متعلق بعلاقة المزود بالمستهلك كحق الإعلام وضمان العيوب الخفية والشروط التعسفية، حيث قرر بموجب (المادة 4) من قانون حماية المستهلك ما يلي:
” يلتزم المزود بما يلي:
- التأكد من الجودة المعلن عنها للسلع أو الخدمات التي يتعامل بها وصلاحيتها للاستعمال أو الاستهلاك وفقا لما أعدت له.
- التأكد من مطابقة السلع أو الخدمات التي يتعامل بها للخصائص المعلن عنها وتحقيق تلك السلع أو الخدمات للنتائج المصرح بها للمستهلك.
- تسليم السلعة للمستهلك أو تقديم الخدمة له خلال المدة المتفق عليها أو خلال المدة المعتادة لذلك دون تأخير.
- تقديم منتجات لا تنتهك حقوق الملكية الفكرية.
- احترام القيم الدينية والعادات والتقاليد وكرامة المستهلك “.
ويمثل كل ما هو حق بالنسبة للمستهلك التزام يقع على عاتق المزود، فلا تقتصر التزامات المزود على ما جاء بنص المادة 4 من القانون، بل تشمل التزاماته أيضاً ما تضمنته نصوص المواد 3، 5، 6، 7، 8 من القانون.
ثالثاً: الحق في الإعلام:
استخدم القضاء الفرنسي في أحكامه العديد من الألفاظ في بيانه للمقصود من الالتزام بالإعلام مثل النصيحة، الإخبار، التبصير، الإفضاء، وبعد أن كان الالتزام بالإعلام بكافة عناصر الشيء قاصراً على عقد البيع أصبح يشمل كافة العقود.
وعرفه بعض الفقه[1] بأنه ” التزام سابق على التعاقد يتعلق بتعهد أحد المتعاقدين بأن يقدم للمتعاقد الآخر عند تكوين العقد البيانات اللازمة لإيجاد رضا سليم ومتنور، وذلك بسبب ظروف أو اعتبارات معينة، قد ترجع إلى طبيعة هذا العقد، أو صفة أحد طرفيه، أو طبيعة محله، أو أي اعتبار آخر يجعل من المستحيل على أحدهما أن يسلم ببيانات معينة، أو يحتم عليه منح ثقة مشروعة للطرف الآخر الذي يلتزم بناء على جميع هذه الاعتبارات الالتزام بالإدلاء بالبيانات “.
ويمكن تقسيم الحق في الإعلام إلى مرحلتين الأولى حماية المستهلك قبل التعاقد والثانية حماية المستهلك بعد التعاقد:
1- حماية المستهلك قبل التعاقد:
عرفه بعض الفقه بأنه ” التزام سابق على التعاقد يتعلق بتعهد أحد المتعاقدين بأن يقدم للمتعاقد الآخر عند تكوين العقد البيانات اللازمة لإيجاد رضا سليم ومتنور، وذلك بسبب ظروف أو اعتبارات معينة، وقد ترجع إلى طبيعة هذا العقد، أو صفة أحد طرفيه، أو طبيعة محله، أو أي اعتبار آخر يجعل من المستحيل على أحدهما أن يسلم ببيانات معينة، أو يحتم عليه منح ثقة مشروعة للطرف الآخر الذي يلتزم بناء على جميع هذه الاعتبارات الالتزام بالإدلاء بالبيانات والأليات القانونية لحماية المستهلك في عقود التجارة الإلكترونية” .
وينبع الحق في إعلام المستهلك بكل ما يتعلق بالسلعة أو الخدمة المقدمة إليه من تطور وسائل بيع المنتجات وكثرتها وتداخلها فيما بينها للحد الذي يصل إلى عدم استطاعة التفرقة بينها، وأصبح البيع يتم عبر المسافات ولا يتمكن المستهلك في أحيان كثيرة من الاتصال المادي بالسلعة ومعاينتها على نحو تنتفي معه الجهالة بها، هذا فضلاً عن تطور طرق الخداع والغش التجاري بأشكاله المتعددة.
فنصت المادة (3) فقرة (أ) على أنه: ” 1- للمستهلك الحق في:
- الحصول على سلع أو خدمات تحقق الغرض منها دون إلحاق أي ضرر بمصالحه أو صحته عند الاستعمال العادي أو المتوقع لهذه السلع أو الخدمات.
- الحصول بصورة واضحة على المعلومات الكاملة والصحيحة عن السلعة أو الخدمة التي يشتريها وشروط البيع لها.
- الحصول على معلومات كاملة وواضحة قبل إتمام عملية الشراء عن الالتزامات التي تترتب في ذمته للمزود وحقوق المزود في مواجهة المستهلك.
- اختيار السلعة أو الخدمة التي يرغب في شرائها دون ضغط أو تقييد غير مبرر.
- الحصول على ما يثبت شراءه للسلعة أو الخدمة والتفاصيل الأساسية الخاصة بعملية الشراء.
- إقامة الدعاوى عن كل ما من شأنه الإخلال بحقوقه أو الإضرار بها أو تقييدها بما في ذلك اقتضاء التعويض العادل عن الأضرار التي تلحق به جراء ذلك.
- الحصول على المعلومات الكاملة والصحيحة عن المزود وعنوانه.
ب- يحظر على المزود القيام بأي فعل أو امتناع يؤدي إلى الإخلال باي حق من حقوق المستهلك”.
3- حماية المستهلك بعد التعاقد:
تتمثل حماية المستهلك بعد انعقاد البيع عن طريق حق المستهلك في العدول عن السلعة، وضمان المزود للعيوب الخفية، فضلاً عن ضمان صلاحية السلعة أو الخدمة لفترة معينة، وتوفير مراكز الصيانة والخدمة وقطع الغيار، حتى لا يقع المستهلك ضحية لمنتجات رديئة لا تحقق المنفعة المرجوة منها، وفي هذا الصدد تنص (المادة 5) من قانون حماية المستهلك الأردني على أن :
” أ- على المزود تأمين خدمات ما بعد البيع وبصورة خاصة خدمات الصيانة وقطع الغيار اللازمة للسلع أو الخدمات التي تتطلب طبيعتها ذلك أو التحقق من أنه تم تأمينها سواء كان ذلك مقابل بدل يدفعه المستهلك أو دون مقابل.
ب- تحدد مدة التزام المزود بتأمين خدمات ما بعد البيع أو قطع الغيار لكل سلعة أو خدمة بموجب تعليمات يصدرها الوزير لهذه الغاية ما لم يتفق على خلاف ذلك ويكون الالتزام لمدة تتناسب وطبيعة السلعة أو الخدمة “.
وميزت المادة (3) من تعليمات حماية المستهلك بين مدة الضمان بالنسبة للسلع الاستهلاكية والمعمرة فنصت على أن:
” 1- لغايات تحديد مدة التزام المزود بخدمات ما بعد البيع أو قطع الغيار يتم تصنيف السلع حسب مدة الانتفاع بها وذلك على النحو التالي:
- السلع الاستهلاكية: وهي السلع التي ينتفع بها المستهلك لمدة أقصاها سنة.
- السلع المعمرة: وهي السلع التي ينتفع بها المستهلك لمدة تزيد على سنة.
2- على المزود تقديم خدمات ما بعد البيع وقطع الغيار والصيانة للسلع الاستهلاكية لفترة لا تتجاوز سنة و/أو لفترة متفق عليها بين المزود والمستهلك.
3- على المزود الالتزام بتقديم خدمات ما بعد البيع بما في ذلك توفير قطع الغيار والصيانة للسلع المعمرة لفترة لا تقل عن خمس سنوات و/أو لفترة تتناسب وطبيعة السلعة.
4- تكون مدة الالتزام بخدمات ما بعد البيع أو قطع الغيار لكل خدمة هي خلال فترة زمنية محددة تتناسب مع طبيعة تلك الخدمة و/أو حسب ما تم الاتفاق عليه بين المستهلك والمزود “.
رابعاً : ضمان العيوب الخفية :
سوف نبين التزام المزود بضمان العيوب الخفية من ناحيتين الأولي متي تعتبر السلعة أو الخدمة معيبة والثانية التزامات المزود تجاه المستهلك في حالة ما إذا كانت السلعة أو الخدمة معيبة وذلك كالاتي :
1- السلع أو الخدمات المعيبة:
لم يبين المشرع الأردني المقصود بالعيب وإنما ترك ذلك للفقه والقضاء، فقد خلا قانون حماية المستهلك والقانون المدني الأردني من بيان المقصود بالعيب وأكتفي بإيراد أمثلة للعيب فنصت (المادة 513) من القانون المدني على أن:
” 1. إذا ظهر في المبيع عيب قديم كان المشتري مخيراً إن شاء رده أو شاء قبله بالثمن المسمى وليس له إمساكه والمطالبة بما أنقصه العيب من الثمن.
- يعتبر العيب قديما إذا كان موجودا في المبيع قبل البيع أو حدث بعده وهو في يد البائع قبل التسليم .
- يعتبر العيب الحادث عند المشتري بحكم القديم إذا كان مستندا إلى سبب قديم موجود في المبيع عند البائع .
- يشترط في العيب القديم أن يكون خفيا والخفي هو الذي لا يعرف بمشاهدة ظاهر المبيع أو لا يتبينه الشخص العادي أو لا يكشفه غير خبير أو لا يظهر إلا بالتجربة “.
وقد أورد المشرع الأردني في المادة (6) فقرة (أ) من قانون حماية المستهلك أمثلة لما يجعل السلعة أو الخدمة معيبة بقوله: ” تعتبر السلعة أو الخدمة معيبة في أي من الحالات التالية:
- عدم توافر متطلبات السلامة فيها لغايات الاستعمال العادي أو المتوقع لها.
- عدم مطابقتها للقواعد الفنية الإلزامية المطبقة.
- عدم مطابقتها للخصائص المعلن عنها أو عدم تحقيقها للنتائج المصرح بها للمستهلك.
- عدم تحقق مستويات الأداء أو الجودة المصرح بها في السلعة، أو الخدمة، أو وجود خلل ،أو نقص فيها أو عدم صلاحيتها للاستعمال وفقا لما أعدت له لمدة التي تتناسب وطبيعتها “.
وذلك بخلاف المشرع المصري الذي عرف العيب في المادة الثانية من قانون حماية المستهلك رقم 181 لسنة 2018 بأنه ” كل نقص في قيمة أو منفعة أي من المنتجات بحسب الغاية المقصودة منها، ويؤدي بالضرورة إلى حرمان المستهلك كلياً أو جزئياً من الاستفادة بها فيما أعدت من أجله، بما في ذلك النقص الذي ينتج من خطأ في مناولة السلعة أو تخزينها، وذلك كله ما لم يكن المستهلك قد تسبب في وقوع هذا الخطأ ” .
بيد أن ضمان المزود للعيوب الخفية ليس مصدره فقط نصوص قانون حماية المستهلك، وإنما نصوص القانون المدني كذلك في المواد من 513 وحتى 521.
2- موقف المزود في حالات السلع أو الخدمات المعيبة:
وفقاً لنص المادة (7) من قانون حماية المستهلك ففي حالة ظهور عيب في السلعة أو الخدمة بعد شراء المستهلك لها يكون المزود ملتزماً في حال كانت السلعة معيبة بإرجاعها ورد ثمنها بناء على طلب المستهلك أو أي شخص آخر انتقلت إليه ملكية السلعة، وينطبق ذات الأمر على الخدمة إذا لم يكن المستهلك قد تلقى الخدمة، أو كان بالإمكان رجوع المزود عن تقديم الخدمة، وإذا لم يتمكن المزود من إرجاع السلعة لظهور العيب بعد استهلاك المستهلك لها، يلتزم المزود بأن يدفع للمستهلك مبلغا يعادل قيمة الضرر، وهو نفس الأمر بالنسبة للخدمة.
كما أجاز المشرع للمزود وبموافقة المستهلك الخطية أن يصوب الخلل الذي أدى إلى عيب في السلعة أو الخدمة.
وأعتبر المشرع أنه يعد من قبيل إخلال المزود بالالتزامات التعاقدية:
أ- عدم تسليم السلعة أو تقديم الخدمة إلى المستهلك خلال المدة المتفق عليها أو خلال المدة المتعارف عليها.
ب- عدم صحة المعلومات التي تم تزويد المستهلك بها عن السلعة أو الخدمة أو إخفاء المزود عن المستهلك أي معلومة جوهرية عنها.
ج- عدم صحة المعلومات التي تم تزويد المستهلك بها قبل إتمام عملية الشراء بخصوص الالتزامات التي تترتب في ذمته للمزود أو حقوق المزود في مواجهته أو إخفاء المزود عن المستهلك أي معلومة جوهرية متعلقة بذلك.
د- عدم توافر خدمات ما بعد البيع أو قطع الغيار اللازمة للسلع أو الخدمات التي تتطلب طبيعتها ذلك في السوق المحلي ما لم يكن هناك اتفاق بين المزود والمستهلك على خلاف ذلك.
خامساً: حماية المستهلك من الشروط التعسفية:
تتمثل الغاية من الشروط التعسفية التي يفرضها المزود على المستهلك في الحصول على مزية مجحفة بحقوق المستهلك، والحد من إمكانية رجوع المستهلك عليه، ويقوم المزود بذلك باستخدام سلطته الاقتصادية وحاجة المستهلك للسلعة أو الخدمة.
وعرف البعض الشرط التعسفي[2] بأنه ” شرط يفرضه المهني على المستهلك مستخدماً نفوذه الاقتصادي بطريقة تؤدي إلى حصوله على ميزة فاحشة، وبما يؤدي إلى إحداث خلل في التوازن العقدي، من جراء هذا الشرط المحرر مسبقاً من طرف واحد بواسطة المهني، ويقتصر دور المستهلك فيه على القبول أو الرفض، وسواء كانت هذه الميزة الفاحشة متعلقة بالعقد أو أثر من آثاره”.
وقد نصت المادة (22) من قانون حماية المستهلك الأردني على أنه:
” أ- على الرغم مما ورد في أي تشريع آخر، للمحكمة أن تحكم ببطلان الشروط التعسفية الواردة في العقد المبرم بين المزود والمستهلك أو أن تعدلها أو تعفي المستهلك منها بناء على طلب من المتضرر أو الجمعية، ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك.
ب- يعد من الشروط التعسفية بصورة خاصة كل شرط:
- يؤدي إلى إخلال بين حقوق والتزامات كل من المزود والمستهلك على خلاف مصلحة المستهلك.
- يسقط أو يحد من التزامات أو مسؤوليات المزود عما هو مقرر في هذا القانون أو أي تشريع نافذ.
- يتضمن تنازلا من المستهلك عن أي حق مقرر له بمقتضى هذا القانون أو أي تشريع نافذ.
- يتضمن منح المزود الحق في تعديل العقد أو فسخه بإرادته المنفردة.
- يتضمن إلزام المستهلك في حال إخلاله بتنفيذ التزاماته بدفع تعويض لا يتناسب مع الضرر الذي يصيب المزود.
- يتضمن إلزام المستهلك في حال إنهائه العقد قبل انتهاء مدته بدفع مبلغ من المال لا يتناسب مع الضرر الذي يصيب المزود.
- يسقط حق المستهلك في اللجوء إلى القضاء أو الوسائل البديلة لفض المنازعات وفقا للتشريعات النافذة.
- يعفي المزود من التزامه بتقديم خدمات ما بعد البيع أو تأمين قطع الغيار ما لم يكن هذا الشرط مضافا إلى العقد بخط يد المستهلك بصورة تدل دلالة صريحة وواضحة لا لبس فيها على علم المستهلك لمضمونه وموافقته عليه “.
والشروط التعسفية لا تتعلق بعقد معين بين المستهلك والمزود وإنما تسري على جميع العقود التي يمكن أن تبرم بينهما[3]، ويتميز الشرط التعسفي بخاصيتين أساسيتين هما[4] :
- تبعية الشرط التعسفي دوماً لالتزام أصلي، فيسقط الشرط التعسفي بسقوط الالتزام الأصلي، ولكن بطلان الشرط التعسفي لا يتبعه بطلان الالتزام الأصلي.
- الشرط التعسفي يكون بالاتفاق بين طرفيه.
وقد منح المشرع الأردني القاضي سلطة القضاء ببطلان الشرط التعسفي أو تعديله ورده للحد المعقول، ويقع باطلاً كل اتفاق يخالف ذلك لتعلق ذلك بالنظام العام لاتصاله بمصلحة عامة قصد المشرع تحقيقها.
سادساً: الحق في الحماية من الدعاية التجارية الكاذبة:
تضمنت المادة (8) من القانون الحق في حماية المستهلك من الخداع والإعلانات المضللة فنصت على أنه ” أ- يحظر نشر أي إعلان يضلل المستهلك أو يوقعه في الخطأ بخصوص السلعة أو الخدمة، ويعتبر الإعلان مضللا إذا اشتمل على بيانات، أو معلومات خاطئة ،أو غير صحيحة ،أو غير كاملة تتعلق بما يلي:
- طبيعة السلعة، أو جودتها، أو تركيبها، أو صفاتها الجوهرية ،أو العناصر التي تتكون منها وكميتها.
- مصدر السلعة، أو وزنها، أو حجمها، أو طريقة صنعها ،أو تاريخ انتهاء صلاحيتها ،أو شروط استعمالها ،أو محاذير هذا الاستعمال.
- نوع الخدمة أو المكان المتفق عليه لتقديمها أو محاذير تلقيها أو صفاتها الجوهرية.
- شروط التعاقد ومقدار الثمن الإجمالي وطريقة تسديده.
- التزامات المعلن.
- هوية مزود الخدمة ومؤهلاته إذا كانت محل اعتبار عند التعاقد.
ب- يحظر نشر أي إعلان لسلعة أو خدمة ضارة بصحة المستهلك أو سلامته أو مجهولة المصدر”.
سابعاً : التقدم بالشكوى :
يحق للمستهلك التقدم بشكواه بشأن أي سلعة أو خدمة للجهات المختصة والمبينة في القانون والممثلة في جمعيات حماية المستهلك، ولا يقتصر حق الشكوى على المستهلك فحسب، بل يحق لجمعية حماية المستهلك واتحاد جمعيات حماية المستهلك التقدم بشكوى أو طلب أو دعوى للمحكمة لوقف المخالفات وتصويبها من جانب المزود.
وللمديرية أيضاً الحق في إبلاغ الجهات المختصة بوجود مخالفات من المزود، إذا كانت هذه المخالفات ليست من اختصاص المديرية بجانب دورها الأساسي المتمثل في التأكد من عدم مخالفة المزودين للقانون، وتلقي الشكاوى من المستهلكين أو جمعية حماية المستهلك ، وضبط المخالفين وتحرير محاضر بذلك بموجب الصفة الضبطية التي يتمتع بها موظفي المديرية المفوضين من وزير التجارة والصناعة والتموين بذلك خطياً طبقاً لنص (المادة 12) من القانون.
وقد نظمت طرق التقدم بالشكوى وقيدها والتأكد من صحتها وما يتم اتخاذه من إجراءات بشأنها المادة (4) من تعليمات حماية المستهلك رقم 1 لسنة 2017 وفي حال ثبوت المخالفة يتم إخطار المزود بنموذج الإخطار المعد لذلك، وعلى المزود تصويب المخالفة باتخاذ الإجراءات الواجب عليه تنفيذها والواردة في المادة (7) من القانون، بمدة لا تتجاوز ثلاثة شهور من تاريخ استلامه للإخطار.
وقد تضمن القانون تشكيل ما يسمى مجلس حماية المستهلك وجمعيات حماية المستهلك واتحاد جمعيات حماية المستهلك وحدد دور كل منها وكيفية أداء وظائفهم.
ثامناً: العقوبات:
في حال ثبوت المخالفة يتم معاقبة المخالف، فتنص المادة (25) من القانون على انه ” ما لم يرد نص على عقوبة أشد في أي تشريع آخر نافذ، يعاقب كل من يخالف أي حكم من أحكام هذا القانون أو الأنظمة الصادرة بمقتضاه بغرامة لا تقل عن (250) مائتين وخمسين دينارا ولا تزيد على (10000) عشرة الأف دينار أو بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بكلتا هاتين العقوبتين. وفي حال تكرار المخالفة للمحكمة منع المزود من ممارسة النشاط موضوع المخالفة بشكل دائم أو مؤقت”.
وقد أضفي المشرع الأردني بموجب (المادة 23) من القانون صفة الاستعجال على الدعاوى المنظورة أمام المحاكم والتي تنشأ عن تطبيق أحكام قانون حماية المستهلك وذلك ليس قاصراً خلال فترة تداول الدعاوى فقط وإنما يمتد ليشمل تنفيذ الأحكام الصادرة فيها.
تاسعاً: مسئولية المزود عن أعمال تابعيه:
لا يسأل المزود عن أعماله فقط وإنما يسأل كذلك عن الأعمال التي يقوم بها تابعيه كمن يمثله قانوناً أو يعمل لديه أو نائبه، فيكون مسئولاً عن تعويض المضرور الذي يكون له حق الرجوع على تابعيه بعد ذلك وفقاً لقواعد القانون المدني في حالات الغش أو الخطأ الجسيم أو الخطأ الشخصي.
كما أوجد المشرع الأردني نص خاص بقانون حماية المستهلك يجعل المسئولية تضامنية وتكافلية فيما بين المزودين وفقاً لما ورد (بالمادة 20) من القانون، وذلك في حالة إذا ما تسببوا أو علموا بوجود عيب في سلعة أو خدمة قاموا ببيعها للمستهلك.
عاشراً: الإعفاء من العقاب أو المسئولية:
وردت بعض حالات الإعفاء من العقوبة ضمن نصوص القانون فقد تضمنت (المادة 19) من القانون أن المزود يعفى من المسئولية في حالتين وهما:
- إذا لم يقم بوضع السلعة أو الخدمة للتداول بمعني أنه لم يتم عرض السلعة للبيع.
- حالة وقوع الضرر نتيجة خطأ المتضرر أو لسبب أجنبي عن المزود.
كما تسقط المسئولية الجزائية عن المزود عملاً (بالمادة 13/ج) فقرة إذا قام المزود بإزالة المخالفة أو تصويبها وفق ما تضمنه إخطار المديرية وفي المدة المحددة به، وذلك ما لم يكن معاقباً على فعله بموجب تشريع آخر، ويتم تخفيض العقوبة للنصف في حالة قيام المزود بإزالة المخالفة بعد إحالتها للمحكمة، ولكن قبل صدور الحكم فيها.
وأخيراً يؤخذ على قانون حماية المستهلك عدم النص على حق المستهلك في العدول عن السلعة أو الخدمة خلال مدة معينة ضمن نصوصه أو في تعليمات حماية المستهلك رقم 1 لسنة 2017 بالرغم من كونه حق أصيل للمستهلك استقرت عليه غالبية التشريعات، له ما يبرره من أسباب لكون التعاقد يتم فوراً ودون معاينة المنتج معاينة كافية ، وكذلك عدم التعرض لمفهوم التجارة الإلكترونية والتعاقد عن بُعد.
إعداد/ رفعت حمدي.
[1] راجع أ / الذهبي خدوجة، الأليات القانونية لحماية المستهلك في عقود التجارة الإلكترونية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة أدراد 2013 / 2014، ص 61. مشار إليه لدى غدوشي نعيمة، حماية المستهلك الإلكتروني، رسالة ماجستير، جامعة مولود، 2012، ص 14.
[2] راجع أ / عبد العالي فارس، حماية المستهلك في العقد الإلكتروني، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة أم البواقي 2013\2014، ص 23،
[3] راجع/ محمد حمد الله عواد، الحفاظ على التوازن العقدي في ظل قانون حماية المستهلك الأردني رقم 7 لسنة 2017، رسالة ماجستير، جامعة عمان الأهلية، الأردن 2019، ص 34، دار المنظومة. مشار إليه لدى د/ أقصاصي عبد القادر محمد، الالتزام بضمان السلامة في العقود ” نحو نظرية عامة ” ، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة إسكندرية، مصر 2008، ص 34.
[4] راجع/ محمد حمد الله عواد، الحفاظ على التوازن العقدي في ظل قانون حماية المستهلك الأردني رقم 7 لسنة 2017، رسالة ماجستير، جامعة عمان الأهلية، الأردن 2019، ص 37، 38.