الشكوى والبينات أمام محكمة الصلح

الشكوى والبينات أمام محكمة الصلح

إن للدعاوى القضائية أصول وإجراءات قانونية لابد من إتباعها، فالشكلية القانونية لإجراءات التقاضي مهمة جداً، وعدم اتباعها في بعض الأمور يؤدي إلى خسارة القضية، وقد نص المشرع الأردني على كل من الأحكام التي تنظم إجراءات التقاضي في كل من قانون أصول المحاكمات المدنية وأصول المحاكمات الجزائية، وسنخصص هذا المقال للحديث عن إجراءات تقديم الشكوى والبينات أمام محكمة الصلح والأثر الذي يترتب على عدم اتباع أصول تقديمهما التي نص عليها المشرع الأردني في المادة 167 من قانون أصول المحاكمات الجزائية  لسنة 1961 وتعديلاته.

جدول المحتويات

أهم المصطلحات القانونية المتعلقة بهذا المقال :

أهمية الشكوى في القضايا الصلحية

شروط الشكوى

إجراءات تقديم الشكوى أمام محكمة الصلح

أهم المصطلحات القانونية المتعلقة بهذا المقال :

الدعوى الجزائية:  هي مجموعة من الإجراءات يحددها القانون وتستهدف الوصول إلى حكم قضائي يقرر تطبيقاً صحيحاً للقانون في شأن وضع إجرامي معين [1]، فهي مطالبة النيابة العامة إلى القضاء باسم المجتمع أن يوقع العقوبة على المتهم بارتكاب جريمة[2].

الشكوى: هي إبلاغ المجني عليه أو وكيله للنيابة العامة أو لأحد أفراد الضابطة العدلية عن جريمة معينة طالباً مباشرة الإجراءات القانونية ضد مرتكبها[3]، ولا بد أن نشير هنا أن ما يميز الشكوى عن البلاغ أن الشكوى لا تصدر إلا من المجني عليه أو وكيله، أما البلاغ فإنه يمكن أن يصدر من أي فرد.

البينات: هي الأدلة التي يقدمها الخصوم في الدعوى لإثبات كل منهم صحة ما يدعيه، فالبينة في الدعوى الجزائية هي إقامة الدليل على وقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعل معين.

محكمة الصلح: هي محكمة درجة أولى من درجات التقاضي، وتختص بالنظر في القضايا الجزائية من نوع الجنح والمخالفات التي نص القانون على أنها من اختصاص محكمة الصلح، وترفع الدعوى الجزائية إلى محكمة الصلح إما بموجب قرار الإحالة من المدعي العام، وإما عن طريق الادعاء المباشر وذلك عندما تكون الجريمة واضحة وفاعلها معلوماً [4].

أهمية الشكوى في القضايا الصلحية

تكمن أهمية وجود الشكوى في القضايا الصلحية في منح قاضي الصلح الحق في مباشرة النظر في الدعوى الجزائية ، فقد نص المشرع على أنه هناك قضايا جزائية معينة لا يتم النظر فيها إلا بناءً على وجود شكوى من المتضرر أو المجني عليه.

فمحكمة الصلح حين تضع يدها على الدعوى الجزائية الداخلة ضمن اختصاصها ( اختصاص محكمة الصلح في القضايا الجزائية ) ، فإن قاضي الصلح يباشر النظر في الدعوى الجزائية الداخلة في اختصاصه بناءً على شكوى المتضرر أو مأموري الضابطة العدلية ويسير فيها وفق الأحكام المبينة في قانون أصول المحاكمات الجزائية، وبناءً على شكوى المتضرر أو تقرير من مأموري الضابطة العدلية ويسير فيها  وفق الأحكام المبينة في قانون أصول المحاكمات الجزائية، إلا ما نص عليه في قانون أصول المحاكمات الجزائية، وذلك سنداً لنص المادة 37 من قانون محاكم الصلح[5].

وقبل الحديث عن أصول تقديم الشكوى والحالات الواجب تقديم الشكوى فيها لتحريك الدعوى الجزائية أمام محكمة الصلح لابد من أن نلقي الضوء على ماهية الشكوى وشروطها من الناحية القانونية .

شروط الشكوى

لا بد من أن تتوافر في الشكوى شروط تكسبها الصفة القانونية الصحيحة وهذه الشروط منها ما يتعلق بالشاكي ومنها ما يتعلق بالجهة التي تقدم لها الشكوى، والشرط الثالث يتعلق بالغاية من تقديم الشكوى، وسنتعرف على كل شرط من هذه الشروط على النجو التالي :

صفة الشاكي

إن شكوى في الدعوى الجزائية التي تشترط وجودها يجب أن تقدم ممن منحه القانون الصفة في تقديمها فالشكوى حق مقرر للمجني عليه فقط، وفي حال كان المجني عليه فاقد الأهلية أو ناقص الأهلية فتقدم الشكوى ممن له الولاية عليه، وفي حال كانت الجريمة واقعة على المال تقدم الشكوى من الوصي أو القيم، ويستوي أن يكون المجني عليه شخص طبيعي أو شخص معنوي وفي حال كان شخص معنوي أي شركة أو مؤسسة تقدم الشكوى ممن له الصفة القانونية في تمثيله، وهناك جرائم معينة يشترط القانون تقديم الشكوى فيها من أشخاص معينين، فمثلاً جريمة الزنا يشترط أن تقديم الشكوى ممن له صفة الزوجية أي من قبل الزوج أو الزوجة، أو ممن له الولاية عليها.

هل يجوز توكيل محامي لتقديم شكوى في دعوى جزائية ؟

نعم يجوز ذلك، فالشكوى تقدم إما من المجني عليه نفسه أو بواسطة ممثله أو بواسطة وكيله، وعليه يجوز أن تقدم الشكوى من قبل وكيل المشتكي بموجب وكالة خاصة تصدر بعد وقوع الجريمة .

والحكمة من اشتراط أن تكون التوكيل خاصاً لا عاماً هي أن لكل جريمة ظروفها، وأن المجني عليه هو الأقدر على تقدير العواقب المترتبة على رفع الدعوى الجزائية، أما عن الحكمة في أن يكون التوكيل الخاص صادراً بعد وقوع الجريمة وليس سابقاً على وقوعها، فهي أن التوكيل السابق على وقوع الشكوى لا يرتب أي آثر بالنسبة لتقديم الشكوى ، لأن حق المجني عليه في تقديم الشكوى لا ينشأ إلا بعد وقوع الجريمة [6].

حق الورثة في تقديم الشكوى

الأصل أن الحق في تقديم الشكوى هو حق للمجني عليه لكن هل ينتقل الحق في تقديم الشكوى للورثة في حال وفاة المجني عليه؟

إذا كانت وفاة المجني عليه قبل تقديم الشكوى فلا ينتقل الحق بتقديم الشكوى لورثته، أما إذا توفي بعد تقديم الشكوى فإن وفاته لا تؤثر على الدعوى الجزائية .

الجهة التي تقدم لها الشكوى

تقدم الشكوى إلى النيابة العامة، ويجوز تقديم الشكوى إلى أحد موظفي الضابطة العدلية في المراكز التي لا يوجد فيها مدعي عام ، ويجوز تقديم الشكوى لقاضي الصلح في حال كانت الجريمة الواقعة داخلة في اختصاص محكمة الصلح ، وهذا ما يميز الشكوى في حال كانت في جريمة من اختصاص محكمة الصلح فيجوز تقديمها مباشرة لقاضي الصلح على غرار الشكاوى المتعلقة بالقضايا التي تخرج من اختصاص محكمة الصلح فيجب في هذه الحالة أن تقدم الشكوى إلى الضابطة العدلية أو المدعي العام الذي يتولى التحقيق قيها، ثم يتخذ قرار الاتهام أو الظن ويحيل الدعوى للمحكمة المختصة  محكمة البداية أو الجنايات.

الغاية من تقديم الشكوى

إن غاية الشكوى هي تقديم المشتكى عليه للمحاكمة، فإن هذه الشكوى يفترض أن لا تقدم إلا بحق الظنين أو المتهم بارتكاب الجريمة الذي لا يحق للنيابة العامة تحريك الدعوى الجزائية ضده إلا بعد تقديم شكوى ممن يملكها، وهو الشاكي، كما يجب أن يكون المشتكى عليه محدداً ومعيناً بالذات، ولكن لا يشترط أن يعرف اسمه إذ يمكن أن يكون مجهولاً لدى الشاكي ، وإنما يكفي أن تقدم الشكوى ضد شخص معين أو ضد أشخاص معينين بأوصافهم وصفاتهم .

إجراءات تقديم الشكوى أمام محكمة الصلح

بعد أن تعرفنا على ماهية الشكوى وشروطها لا بد أن نتحدث عن إجراءات تقديم الشكوى أمام محكمة الصلح .

حضور المشتكي أو وكيله

 إن أولى إجراءات تقديم الشكوى هو حضور الشاكي أو من يمثله في تقديم الشكوى أمام القضاء وذلك للقيام بدور ممثل النيابة العامة ، فالمدعي العام حضوره غير واجب بموجب القانون أمام محكمة الصلح ، فقد جاء بنص المادة 167 الفقرة الأولى منها في قانون أصول المحاكمات الجزائية ما يلي :

  1. في المحاكمات التي تجري أمام قاضي الصلح وغيرها التي لا يفرض القانون تمثيل النيابة العامة فيها يجوز للشاكي أو وكيله القيام بدور ممثل النيابة العامة فيها من حيث تسمية البينة وتقديمها واستجواب الشهود ومناقشة الدفاع وطلب إجراء الخبرة إن كان لها من مقتضى.

لائحة الشكوى

جاء بنص المادة 167 الفقرة الثانية منها في قانون أصول المحاكمات الجزائية عن الإجراءات التي يجب أن يتبعها الشاكي في حال قدمت الشكوى مباشرة إلى قاضي الصلح، وأولى هذه الإجراءات تقديم لائحة الشكوى، حيث جاء بنص المادة 167/2/أ ما يلي :

  1. في الحالات التي تقام فيها الدعوى مباشرة أمام محكمة الصلح من قبل المشتكي أو وكيله يترتب مراعاة ما يلي:
    أ. على المشتكي أن يقدم لائحة شكواه متضمنة أسم وعنوان كل من المشتكي والمشتكى عليه، وبياناً موجزاً عن الفعل المسند للمشتكى عليه وتاريخ وقوعه ومع توقيع المشتكي على تلك اللائحة،

في نص هذه المادة بين المشرع أن الشكوى لا بد أن تقدم بشكل مكتوب فلا تصح الشكوى المقدمة بشكل شفهي، كما بين أن الشكوى تقدم على شكل لائحة تسمى لائحة الشكوى، ويجب أن تتضمن البينات التي ذكرها المشرع وهي أسم المشتكي وعنوانه ووكيله أن وجد وأسم المشتكى عليه وعنوانه ثم موضوع الشكوى وهو الجرم المسند للمشتكى عليه، ومن ثم ذكر وقائع الشكوى بشكل موجز ومفيد وذكر تاريخ وقوع الجرم وطلبات الشاكي وتوقيعه على لائحة الشكوى .

قائمة ببينات الشاكي

جاء بنص المادة 167/2/ب من ذات القانون ما يلي :

ب. على المشتكي أن يرفق بلائحة شكواه فور تقديمها قائمة بيناته التي تثبت ارتكاب المشتكي عليه الفعل المشكو منه، متضمنا أسماء شهوده، وبيناته الخطية التي تحت يده، وتحديد بيناته تحت يد الغير، وذلك تحت طائلة عدم السماح له بتقديمها في أي مرحلة لاحقة.

إن قائمة بينات المشتكي مهمة جداُ وعدم تقديمها يعني إضاعة الحق في إثبات صحة الشكوى، وقد نص المشرع على الفترة التي يسمح بها لتقديم قائمة البينات وهي مع تقديم لائحة الشكوى وفي حال قدمت لائحة الشكوى دون إرفاقها بقائمة البينات يعتبر الشاكي متنازلاً عن تقديم قائمة ببيناته، كما نص المشرع على المضمون أو المحتوى الذي تحتويه قائمة البينات وهو الأدلة التي تثبت ارتكاب المشتكى عليه للفعل الذي يعد موضوع الشكوى الجزائية، وهذه الأدلة هي إما بينات خطية وهي البينة المكتوبة في حال وجدت أوراق أو مستندات تؤدي التهمة بحق المشتكى عليه ، أو ببينات شخصية أي شهادة الشهود وفي هذه الحالة لا بد من أن يذكر الشاكي أسماء الشهود وعناوينهم والغاية من سماع شهادتهم ، أو البينات الموجودة تحت يد الغير .

الادعاء بالحق الشخصي

وفي حال ارد الشاكي إرفاق شكواه بالادعاء بالحق الشخصي فلا بد ان يتضمن لائحة الشكوى اسم الشاكي المدعي بالحق الشخصي واسم المشتكى عليه المدعي عليه بالحق الشخصي وموضوع الشكوى محل الادعاء بالحق الشخصي، بالإضافة إلى البيانات التي يجب أن تتضمنها لائحة الشكوى والتي سبق وأن ذكرناها، كما يجب أن يقدم الشاكي المدعي بالحق الشخصي قائمة ببيناته التي تؤيد ادعائه بالحق الشخصي وذلك على النحو الذي تم ذكره سابقاً، أما في حال قُدم الادعاء بالحق الشخصي بعد تقديم الشكوى وقبل فراغ المحكمة من سماع البينة يجب أن يرفق معه قائمة ببينات ادعائه بالحق الشخصي .

فقد جاء بنص المادة 167/3 ما يلي :

  1. إذا تم تقديم ادعاء بالحق الشخصي في الحالات المبينة في الفقرة السابقة من هذه المادة، فيتعين على المدعي بالحق الشخصي أو وكيله تقديم بيناته المؤيدة لادعائه فور تقديمه على النحو المبين في تلك الفقرة، وذلك تحت طائلة عدم السماح له بتقديمها في أي مرحلة لاحقة.

إعداد المحامية : ليلى خالد.

[1] د. محمود نجيب حسني، شرح قانون الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الثانية، 1988، ص 60.

[2] د. رؤوف عبد، المشكلات العملية الهامة في الإجراءات الجنائية، دار الفكر العربي، القاهرة، 1980، ص 41.

[3] د. محمد سعيد نمور، أصول الإجراءات الجزائية ، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الطبعة السادسة، 198.

[4] د. حسن جوخدار، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني الطبعة الأولى، 1993، ص 504.

[5] د. محمد سعيد نمور، المرجع السابق، ص 505.

[6] د. محمد سعيد نمور، مرجع السابق، ص 200.

error: Alert: Content is protected !!