جريمة الإيذاء

جريمة الإيذاء وفق تعديلات 2022

إن أي اعتداء يشكل تهديداً على حياة الإنسان يعد جريمة يعاقب عليها القانون ، فلا تعتقد أن من يقوم بالاعتداء على شخص ما مسبباً  له أذى بسيط قد يفلت من العقاب، نظراً لعدم جسامة الضرر ، فالإيذاء تعدي ويعد جريمة سواءً كان بسيط أو بليغ ، إلا أن العقوبة التي يتم إيقاعها على الجاني كجزاء لجريمته تختلف بالإيذاء البسيط عن عقوبة الإيذاء البليغ أو الجسيم ، كما أن للإيذاء أنواع منه إيذاء نفسي وإيذاء جسدي ، وما نقصده في هذا المقال الإيذاء الجسدي المقصود سواءً كان بسيط أم جسيم ، فما المقصود بالإيذاء الذي يعده القانون الأردني جريمة ويعاقب عليها بالعقوبة التي تتناسب ودرجة جسامته؟، سنتعرف على ذلك من خلال هذا المقال ، وذلك بالاستناد إلى قانون العقوبات الأردني لسنة 1960 وتعديلاته، وعلى النحو التالي:

جدول المحتويات:

المقصود بالإيذاء

محل جريمة الإيذاء

أشكال الإيذاء الجسدي

أركان جريمة الإيذاء

الركن المعنوي

معيار التفرقة بين الإيذاء البسيط والإيذاء الجسيم

الإيذاء البسيط

الإيذاء البليغ أو الجسيم

حالات تشديد العقوبات في الإيذاء البسيط والجسيم

 

المقصود بالإيذاء

هو القيام بأي فعل من الأفعال التي تشكل إعتداءً على سلامة جسم الإنسان أو صحته، بحيث تسبب له الإصابة بأضرار جسدية أو صحية، وبغض النظر عن كمية الضرر الذي أصابه سواء كان بسيط أو بليغ فهو اعتداء،  ويدخل في مفهوم سلامة الجسد الجانب النفسي فإي اعتداء ينال  من السلامة النفسية أو العقلية للشخص المجني عليه يعد من صور الإيذاء  التي يجرمها القانون، وتلك الأفعال تعد جريمة يعاقب عليها القانون، فالإيذاء من الجرائم المنتشرة والشائعة في جميع المجتمعات، ولها من الخطورة بحيث يمكن أن تؤدي إلى حدوت جرائم أكثر خطورة.

محل جريمة الإيذاء

ومحل جريمة الإيذاء هو إنسان حي يُعتدى عليه بأي فعل مما يسبب له أضرار جسدية، فلكل إنسان الحق في سلامة جسده، وحق الإنسان في سلامة جسمه يتمثل في أن يحتفظ هذا الإنسان بمستواه من الصحة وبالتكامل الجسدي وأي فعل ينتقص من سلامة الجسم يعتبر اعتداء عليه[1]، فما هي الأفعال التي تعد شكلاً من أشكال الإيذاء الجسدي؟

أشكال الإيذاء الجسدي

يقع الإيذاء على جسد الشخص المجني عليه بصورتين إما الضرب أو الجرح أو أي عمل من أعمال الشدة أو العنف التي تلحق ضرراً بجسد الإنسان، وتشكل هذه الصور الركن المادي لجريمة الإيذاء.

1_ الضرب

قد يتم بعدة طُرق فقد يتم بواسطة أداة كالعصا أو الحجارة أو أي أداة تلحق ضرراً بالجسد مهما كان بسيط، وقد يكون الضرب مباشر أي أن يقع من أي عضو من أعضاء جسد الجاني على جسد المجني عليه بحيث يسبب له ضررً جسدياً، كالركل أو الصفع أو الضغط على جسد المجني عليه، ويشترط في الضرب أن يسبب ضرراً للمجني عليه ولو كان بسيط كالاحمرار.

وقد عرفت محكمة التمييز الأردنية الضرب بأنه: كل فعل يقع على جسم الإنسان ويكون له تأثير ظاهري أو باطني كجذب الشخص ودفعه على جسم صلب [2].

2_ الجرح

 هو حدوث أي قطع أو تمزق لأنسجة الجسم، سواءً كان أثره ظاهر كوجود دم أو احتقان دموي أو كان أثره داخلي غير ظاهر كالنزيف الداخلي أو تمزق الأعضاء، وقد عرف قانون العقوبات الأردني الجرح في المادة الثانية منه على أنه: كل شرط أو قطع يشرط أو يشق غشاء من أغشية الجسم الخارجية
وإيفاء للغرض من هذا التفسير، يعتبر الغشاء خارجيا إذا كان في الإمكان لمسه بدون شطر أي غشاء آخر أو شقه، ووفقاً لهذا التعريف يستوي أن يحدث الجرح بأي أداة تسبب حدوثه، كأي أداة حادة أو آلة راضة.

ويدخل في نطاق الجروح التسلخات والحروق والكسور التي تصيب العظام، لأن الكسر لا يتصور إلا إذا صحبه تهتك في الأنسجة التي تكسو العظام[3].

هل تقتصر أشكال الإيذاء الجسدي على الضرب والجرح؟

أن الإيذاء لا يقتصر على الضرب أو الجرح وأن العبرة بتحديد وقوع إيذاء على شخص ما هو ما سببه فعل الجاني أياً كان نوعه من ضرر جسدي أو صحي المجني عليه، فالإيذاء قد يحصل دون ضرب أو جرح كشد الشعر أو الإلقاء على الأرض أو الجذب بقوة[4] .

فيروس كورونا شكل من أشكال الإيذاء الجسدي

برأي أن العبرة بالإيذاء هو نتيجة السلوك الواقع من الجاني على المجني عليه بعض النظر عن شكل هذا السلوك ، فمثلاً عانا العالم كله في الوقت السابق وما زال من أزمة جائحة كورونا ، وهذا الفيروس مرض يشكل تهديداً على صحة وسلامة جسد الإنسان ، فإذا كان شخص ما عالماً بإصابته بهذا المرض وقصد نقله لشخص آخر متسبباً له  الإصابة بالفيروس ونتج عن ذلك أضرراً جسدية للمجني عليه ، فهو بذلك الحق ضرراً بالمجني عليه وقد يكون بسيط أو جسيم حسب مناعة الشخص ويسأل عن جريمة الإيذاء ، وقد يتسبب بقتله وقد يسأل الجاني هنا عن جريمة القتل العمد إذا كان عالماً بأن الجاني يعاني من أمراض مزمنة وأن إصابته بهذا المرض من شأنها أن تؤدي إلى قتله ، وهذا رأي شخصي قد يكون صحيحاً او خاطئاً من الناحية القانونية ، حيث أنه لم يسبق أن عُرضت  مثل هذه الواقعة على القضاء الأردني ، إلا أنني أعتقد أنه في حال عرضت واقعة مماثلة قد يكيفها القضاء على أنها جريمة تختلف باختلاف وقائعها وتوافر أركانها ،  إما إيذاء غير مقصود أو مقصود بسيط أو جسيم أو قتل مقصود أو غير مقصود ….

أركان جريمة الإيذاء

الركن المادي

إن الركن المادي لأي جريمة يتكون من ثلاثة عناصر وهي الفعل والنتيجة وعلاقة السببية التي تربط بينهما، وهذه العناصر بمجموعها تمثل الفعل أو النشاط الجرمي، والذي يعد في جريمة الإيذاء هو كل سلوك من شأنه المساس بسلامة الجسد، بحيث يؤدي إلى هبوط أو نزول في المستوى الصحي والجسدي للمجني عليه نتيجة للسلوك الذي وقع عليه، وهنا تقوم علاقة السببية بين الفعل الذي أدى إلى حدوث النتيجة.

وقد تحدثنا عن صور الركن المادي لجريمة الإيذاء وهي الضرب والجرح وأي فعل يؤدي إلى الإضرار بسلامة الجسد.

وقد تتعارض معي في الرأي وتسألني عن أركان جريمة الإيذاء المتمثلة بالركن المادي وهو أتيان الجاني فعل مادي أو الامتناع عن فعل يلزمه القانون بالامتناع عنه، سأخبرك أن قصد المصافحة أو العطس في وجه الجاني والامتناع عن لبس الكمامة وغيره من الأشكال التي تسبب بنقل العدوى هو شكل من أشكال الأفعال المادية التي تشكل ركناً مادياً للجريمة، إلا أن وجود الركن المادي وحده ليس سبباً لقيام الجريمة لابد من توافر الركن المعنوي.

الركن المعنوي

والمتمثل بالقصد الجرمي، في جرائم الإيذاء لا بد من أن يدرك ويعلم الجاني أن من شأن فعله أن يلحق ضرراً بجسد المجني عليه بغض النظر عن مدى النتائج التي تترتب على فعله، بالتالي يسأل عن الفعل ويحاسب ويعاقب بمقدار خطورة النتيجة ولو لم يعلم بها، وهو الفارق بين القتل والايذاء فالقاتل يجب ان يعلم بالفعل والنتيجة ويريدهما، اما في جرائم الايذاء يكفي ان يعلم بالفعل ويسال عن النتيجة ولو لم يدركها، فعناصر الركن المادي هي العلم و الإرادة، ويقصد بالعلم هو أن يكون الجاني عالماً وقت إتيانه الفعل بأن فعله يصيب جسم إنسان حي وأن من شأنه المساس بسلامة جسده وأن يرد ذلك وهو ما نقصد به بعنصر الإرادة.

هل يسأل الجاني عن جريمة الإيذاء إذا كان القصد منها المزاح؟

نعم قد يسأل الجاني عن جريمة الإيذاء ويترك تقدير العقوبة للقاضي، فالدافع على ارتكاب الجريمة لا يشكل عنصر من عناصر جريمة الإيذاء، فيسأل الجاني عن جريمة مقصودة بغض النظر عن الباعث أو النية التي نواها من وراء ارتكاب فعل الاعتداء.

معيار التفرقة بين الإيذاء البسيط والإيذاء الجسيم

إن معيار التفرقة بين الإيذاء الواقع على جسد المجني عليه فيما إذا كان يشكل إيذاءً بسيط أو جسيم هو من الناحية القانونية يقاس بمدة التعطيل عن العمل، وبمدى الضرر الواقع على جسد المجني عليه مسبباً له مرض ما، وعليه فإن جرائم الإيذاء المقصودة قد تكون جنحة وتسمى جرائم إيذاء بسيط وقد تكون جناية وهي جرائم الإيذاء البليغ.

الإيذاء البسيط  

هو أن يقوم الجاني بفعل من شأنه يلحق ضرراً بجسد المجني عليه أو بصحته سواءً كان ضرب أو جرح أو إيذاء بفعل مؤثر، بحيث يترتب عليه عدم قدرة المجني عليه بالقيام بأعماله المادية أو الفكرية المعتادة.

مدة التعطيل عن العمل في الإيذاء البسيط وعقوبة كل منها

1_ إيذاء بسيط مدة التعطيل عن العمل لا تتجاوز مدته العشرين يوماً، فهنا لا يلاحق الجاني إلا بناءً على شكوى من المتضرر سواءً كانت كتابةً أم شفهياً، وللمشتكي المدعي بالحق الشخصي التنازل عن الشكوى في أي مرحلة تكون عليها الدعوى وعندها تسقط دعوى الحق العام تبعاً لسقوط دعوى الحق الشخصي، وفي حال تنازل الشاكي بعد صدور حكم قطعي بالقضية يتم إيقاف تنفيذ العقوبة بحق الجاني.

سنداً لنص المادة (334) من قانون العقوبات الأردني والتي تنص على: إذا لم ينجم عن الأفعال المبينة في المادة (333) من هذا القانون أي مرض أو تعطيل عن العمل أو نجم عنها مرض أو تعطيل ولكن مدته لم تزد على العشرين يوما عوقب الفاعل بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تزيد على مائة دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين، ولا يجوز في هذه الحالة تعقب الدعوى بدون شكوى المتضرر كتابة أو شفهيا وللشاكي أن يتنازل عن شكواه إلى أن يكتسب الحكم الدرجة القطعية وعندئذ تسقط دعوى الحق العام.

والأفعال التي قصدتها المادة السابقة هي الضرب أو الجرح او الإيذاء باي فعل مؤثر من وسائل العنف والاعتداء.

تعديل نص المادة 334

ولا بد أن نشير إلى أنه تم تعديل هذه المادة حيث كانت في السابق تنص على أنه إذا حصل مرض أو تعطيل لا تتجاوز مدته العشر أيام، وأصبحت لا تتجاوز مدة التعطيل عشرين يوماً عوقب الفاعل بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على مائة دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين.

2_ إيذاء بسيط مدة التعطيل تزيد على عشرين يوم وقابلة للشفاء، يعاقب الجاني بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات، سنداً لنص المادة (333) من قانون العقوبات الأردني.

3_ الإيذاء والجرح الذي يحدث أثناء الاشتراك في مشاجرة والتي نصت عليه المادة 338، فيعاقب كل من اشترك في تلك المشاجرة بالعقوبات المقررة سابقاً، حسب مدة التعطيل وحسب مقدار الإيذاء بعد أن تخفف العقوبة حتى نصفها، ويشترط في مثل هذه الأحوال أن يتعذر معرفة الفاعل.

الإيذاء البليغ أو الجسيم

وهو الإيذاء التي تزيد مدة التعطيل فيه عن عشرين يوماً مسببه عجز دائم، أو الإيذاء الذي ينتج عنه تشوه أو عاهة دائمة أو مظاهر العاهة الدائمة، أو الإيذاء الذي يؤدي إلى وفاة المجني عليه، كما إن إجهاض المرآة الحامل مع العلم بحملها هو من جرائم الإيذاء البليغ، استخدام أدوات حادة أو مواد حارقة يعد إيذاء جسيم بغض النظر عن مدة التعطيل، ولكل حالة عقوبة ينص عليها القانون تتناسب مع جسامة الفعل المرتكب.

عقوبة الإيذاء البليغ

1_ الضرب على الوجه أو العنق باستخدام الشفرات أو المشارط أو الأمواس أو ما شابهها من أدوات حادة يعاقب بالأشغال المؤقتة مدة لا تزيد عن سبع سنوات مهما كانت مدة التعطيل، سنداً لنص المادة (334/1 مكررة) من قانون العقوبات الأردني.

2_ القاء مواد حارقة أو كاوية أو مشوهة على وجه شخص أو عنقه يعاقب بالأشغال المؤقتة مدة لا تقل عن سبع سنوات، سنداً لنص المادة (334/2 مكررة) من ذات القانون.

3_ أن يؤدي الفعل إلى قطع أو استئصال عضو أو بتر أحد الأطراف أو إلى تعطيلها أو تعطيل إحدى الحواس عن العمل، أو تسبب في إحداث تشويه جسيم أو أية عاهة أخرى دائمة أو لها مظهر العاهة الدائمة، يعاقب الجاني بالأشغال المؤقتة، سنداً لنص المادة (335) من ذات القانون،

تعديل نص المادة 335

حيث كانت العقوبة في النص القديم في قانون العقوبات بعاقب الجاني بالأشغال المؤقتة مدة لا تزيد على عشر سنوات، فقد حذف المشرع عبارة مدة لا تزيد على عشر سنوات وهو بذلك قد رفع الحد الأعلى لعقوبة الأشغال المؤقتة في جريمة الإيذاء الجسيم الذي أدى إلى قطع أو استئصال عضو أو بتر أحد الأطراف أو تعطيل إحدى الحواس عن العمل، أو تسبب في إحداث تشويه جسيم أو أية عاهة أخرى دائمة أو لها مظهر العاهة الدائمة.

4_ إجهاض الحامل المقصود بإحدى وسائل العنف أو الاعتداء التي تشكل إيذاء، يعاقب الجاني بالأشغال المؤقتة مدة لا تزيد على عشر سنوات، سنداً لنص المادة (336).

حالات تشديد العقوبات في الإيذاء البسيط والجسيم

تشدد العقوبة بحيث يزيد عليها من ثلثها إلى نصفها في الحالات التالية: –

1_ إذا ارتكبت الجريمة تمهيداً لجنحة أو جناية أو تسهيلاً لها أو تنفيذاً لها، أو تسهيلاً لفرار المحرضين عليها أو فاعليها أو المتدخلين فيها أو للحيلولة بينهم وبين العقاب.

2_ إذا ارتكبت مع سبق الإصرار.

3_ إذا وقعت من أحد الفروع على أحد الأصول.

4_ إذا ارتكبت على أكثر من شخص.

5_ إذا ارتكبت مع تعذيب المجني عليه.

6_ إذا وقعت على موظف أثناء ممارسته وظيفته أو من أجل ما أجراه بحكم الوظيفة.

مبادئ قانونية مستخلصة عن أحكام محكمة التمييز الأردنية

مبدأ قانوني

وحيث ان المتهم استخدم في اعتدائه أداة قاتلة بطبيعتها (مسدس) الا ان الظروف التي رافقت أفعاله وهي قرب المسافة فيما بينهما وان الإصابة لم تشكل خطورة على حياة المصاب ولو اراد المتهم وتعمد قتل المجني عليه لفعل ذلك وبالتالي نيته اتجهت الى الاعتداء على سلامة جسم المجني عليه وايذائه وليس قتله وازهاق روحه.

الأمر الذي يجعل تعديل وصف التهمة المسندة للمتهم من جناية الشروع التام بالقتل وفقاً لأحكام المادتين 328/1 و1 و70 وبدلالة المادة 101 من قانون العقوبات الى جنحة الايذاء وفقاً لأحكام المادة 333 من قانون العقوبات واقعاً في محله

راجع بذلك قرار محكمة التمييز الصادر عن الهيئة العادية رقم(318/2017فصل27/22017).

مبدأ قانوني

وحيث ان الظنينين قاما بضرب المجني عليه وحيث ان المجني عليه وعلى أثر الإيذاء الذي حصل من قبل الظنينين لم يشر اليهما التقرير الطبي وبالتالي فإن مدة التعطيل لا شيء وحيث تم المصالحة المحفوظة في ملف التحقيق مما يتعين اسقاط دعوى الحق العام تبعاً لإسقاط الحق الشخصي

راجع بذلك قرار محكمة التمييز الصادر عن الهيئة العادية رقم(180/2018فصل18/1/2018).

مبدأ قانوني

وحيث ان المشرع قد عرف النية على انها ارادة ارتكاب الجريمة على ما عرفها المشرع والنية شيء داخلي في مكنونات النفس البشرية لا يستطيع احد من يطلع عليه سوى الله سبحانه وتعالى والشخص نفسه الا انه يمكن الاستدلال على هذه النية من خلال الأفعال والأقوال التي يأتيها الشخص نفسه وبالرجوع الى الأفعال التي اتاها المتهم بحق المجني علي وهي ان لحق به والقى عليه حجر كاد ان يتسبب بوفاته فإن المحكمة تجد ان مثل هذا الفعل بالوضع الطبيعي لا يمكن ان يؤدي الى الوفاة انسان فالمتهم عندما القى الحجر باتجاه المجني عليه لم يكن يتوقع النتيجة التي حصلت فالمتهم لم يقم بضرب المجني عليه المجني عليه بواسطة الحجر على رأسه يشكل مباشر اي انه لم يبق الحجر بيده وقام بدق رأس المجني عليه وانما رماه من مسافة وكذلك لا يمكن القول ان المتهم قد توقع حصول النتيجة فقبل بالمخاطرة فمثل هذا الفعل وهو رمي حجر من مسافة باتجاه شخص من الممكن ان تؤذيه ولكن لا يمكن القول ان المتهم قد توقع حصول النتيجة فقبل بالمخاطرة فمثل هذا الفعل وهو رمي حجر من مسافة باتجاه شخص من الممكن ان تؤذيه ولمن لا يمكن ان تقتله الا اذا شاء القدر ذلك وانه لا عبرة في كون الإصابة قد شكلت خطورة على حياة المجني عليه مادام النية لم تتجه الى قتل المجني عليه وعليه فإن اركان وعناصر جرم الشروع بالقتل خلافاً لأحكام المادتين 326 و70 من قانون العقوبات وبالتالي فإن الركن المعنوي والذي يتكون من عنصرين وهما العلم والارادة يكون قد انهار كون ارادة المتم لم تتجه لقتل المجني عليه .

الا ان المحكمة تجد ان الفعل الذي قام به وهو القاء حجر باتجاه المجني عليه والتسبب بإيذائه وحصوله على تقرير طبي قطعي خلاصته مدة تعطيل ثمانية اسابيع تشكل اركان وعناصر جرم الايذاء خلافاً لأحكام المادة 333 من قانون العقوبات وليس جرم الشروع بالقتل خلافاً لأحكام المادتين 326 و70 من قانون العقوبات الأمر الذي يوجب ادانته بهذا الجرم.

وحيث ان محكمة الجنايات الكبرى قد عالجت واقعة القضية من هذا المنظور وبقرار معلل ومسبب بشكل قانوني سليم فإننا نقرها بما توصلت اليه ويكون تعجيلها للتهمة من جناية الشروع بالقتل خلافاً لأحكام المادتين 326 و70 من قانون العقوبات بحق المتهم الى جنحة الإيذاء خلافاً لأحكام المادة 333 من القانون ذاته واقعاً في محله.

راجع بذلك قرار محكمة التمييز الصادر عن الهيئة العادية رقم(2/2018فصل24/1/2018).

إعداد المحامية: ليلى خالد.

د. محمود نجيب حسني، القسم الخاص، الحق في سلامة الجسم ومدى الحماية التي يكفلها قانون العقوبات، بحث منشور في مجلة القانون والاقتصاد، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، السنة 29، عام1959، العدد الثالث، ص 427. [1]

[2] تمييز جزاء رقم 25/67، لسنة 1967.

[3] د. جلال ثروت، نظرية القسم الخاص، الجزء الأول، جرائم الاعتداء على الأشخاص، مكتبة مكاوي، بيروت 1979، ص 404.

[4]  الأستاذ أحمد أمين، شرح قانون العقوبات الأهلي_ المجلد /2، الدار العربية للموسوعات، ص 496.

error: Alert: Content is protected !!