شروط براءة الاختراع في القانون الأردني

شروط براءة الاختراع في القانون الأردني

كثيرا ما يتم الخلط بين الاختراع والمفاهيم الأخرى القريبة منه، حتى أن الكثير لا يميز بين الفكرة والاختراع، فتجد أن شخصا قد يدعي انه توصل الى اختراع بينما هو في الحقيقة يتحدث عن فكرة، فالفكرة بذاتها لا يوجد لها شكل للحماية ما لم تقترن بشروط أخرى وهو ما سيتم بيانه في هذا المقال.

أولا: تعريف براءة الاختراع في القانون الأردني

عرف المشرع الأردني براء الاختراع في المادة 2 من قانون براءة الاختراع رقم 32 لسنة 1999 بأنها: “أية فكرة إبداعية يتوصل إليها المخترع في أي من مجالات التقنية وتتعلق بمنتج أو بطريقة صنع أو بكليهما تؤدي إلى حل مشكلة معينة في أي هذه المجالات”

أما فقها ، فقد ورد عدة تعريفات حول براء الاختراع ، فطلب البراءة تعني ” شهادة أو صك يعطى من الدولة دون تدقيق مسبق لشخص تقدم إليها بتصريح معلنا فيه أنه حقق اختراعا ، مبينا أوصافه” وأما الاختراع ، فهو ” كل ابتكار جديد قابل للاستغلال الصناعي سواء أكان متعلقا بمنتجات صناعية جديدة أم بطرق أو وسائل صناعية مستحدثة أم بتطبيق جديد لطرق أو وسائل صناعية معروفة” ، وبراءة الاختراع تعني : ” حق المخترع على اختراعه ، تمنحه الدولة له مقابل إذاعة سر اختراعه ويكون له استئثار باستغلاله حسبما يشاء خلال المدة التي يحددها القانون ” [1]

ثانيا: شروط منح براءة الاختراع حسب القانون الأردني

فرض القانون شروط محددة للحصول على براءة الاختراع، ولا يمكن منح هذه البراءة لطالبها دون توافر تلك الشروط، إذ تنقسم هذه الشروط الى موضوعية وأخرى شكلية نبحثها في مطلبين منفصلين

المطلب الأول: الشروط الموضوعية لبراءة الاختراع

تنص المادة 3 من قانون براءات الاختراع الأردني رقم 32 لسنة 1999 على أنه:

” يكون الاختراع قابلاً للحماية بالبراءة بتوافر الشروط التالية:

أ – 1- إذا كان جديداً من حيث التقنية الصناعية غير مسبوق بالكشف عنه للجمهور في أي مكان في العالم بالوصف المكتوب أو الشفوي أو عن طريق الاستعمال أو بأي وسيلة أخرى يتحقق بها العلم بمضمون الاختراع قبل تاريخ إيداع تسجيل الاختراع أو قبل تاريخ أولوية ذلك الطلب المدعى به وفق أحكام هذا القانون

2- ولا يعتد بالكشف عن الاختراع للجمهور إذا حدث خلال الأشهر الاثني عشر السابقة لتاريخ إيداع طلب تسجيله أو لتاريخ الادعاء بأولوية الطلب، وكان نتيجة تصرف قام به طلب التسجيل أو بسبب عمل غير محق من الغير ضده.

ب – إذا كان منطوياً على نشاط ابتكاري لم يكن التوصل إليه بديهياً لرجل المهنة العادي المطلع على حالة التقنية الصناعية السابقة لموضوع الاختراع.

ج- إذا كان قابلاً للتطبيق الصناعي بحيث يمكن صنعه أو استعماله على سبيل المثال في أي نوع من أنواع الزراعة، أو صيد السمك، أو الخدمات، أو الصناعة بأوسع معانيها، ويشمل ذلك الحرف اليدوية. “

من خلال ما أورده المشرع في هذه المادة، يمكن الاستدلال على الشروط الموضوعية التي يجب أن تتوافر في الاختراع، ويمكن تلخيصها في أربعة شروط [2]

1.      وجود الاختراع

انقسمت آراء الفقهاء الى قسمين فيما يتعلق بماهية الاختراع [3] الى مذهبين

الأول: يرى بأن المقصود من الاختراع هو إيجاد شيء لم يكن موجودا من قبل، أو اكتشاف أي شيء كان موجودا لكنه كان مجهولا وغير ملحوظ، تم إبرازه في المجال الصناعي بصرف النظر عن أهميته الصناعية. ويقصد بذلك أن يضيف المخترع شيئا جديدا له خصائصه الذاتية التي تميزه عن سائر الأشياء المشابهة له، وتسمى البراءة التي تعطى للاختراع الجديد براءة المنتج وهي تولي صاحبها حق احتكار صناعة المنتوج الجديد.

الثاني: يرون أصحاب هذا المذهب أن الاختراع هو أي عمل أصيل يتجاوز ما يمكن ان يصل اليه الخبير العادي إذا أحسن استغلال مهارته وخبراته الفنية، فالاختراع الذي لا يدي الى تقدم ملموس في الفن الصناعي لا يستحق منح براءة عنه.

وإن الرأي الراجح هو الذي يشترط ان ينطوي الاختراع على فكرة أصلية أو ابتكارية قابلة للاستغلال الصناعي سواء أكان متعلقا بمنتجات صناعية جديدة أم بتطبيق جديد لطرق أو وسائل صناعية معروفة، وعليه ، لابد ان يوصل هذا الاختراع الى فكرة أصلية يتم تنفيذها ماديا ، أي ان الاختراع يجب ان يشتمل على جانب نظري الذي يتمثل بالفكرة الأصلية وجانب مادي عملي يكمن في التطبيق العملي للفكرة الأصلية حتى يكون حريا بالبراءة ، ويجب ان تأتي هذه الفكرة بتقدم في الفن الصناعي حيث تكون تلك الدرجة من التقدم تتجاوز ما يصل اليه التطور العادي المألوف في الصناعة.

2.      أن يكون الاختراع الجديد قابلا للتطبيق الصناعي

إذ يشير نص المادة 3 من قانون براءة الاختراع الأردني الفقرة(ج)، أن الاختراع يجب ان يكون قابلا للتطبيق الصناعي، بحيث يترتب على استعمال الابتكار نتيجة صناعية تصلح للاستغلال أو للاستثمار الصناعي

” ولا يقصد بعبارة الاستغلال الصناعي قصر استخدام الاختراع على الصناعة بالمعنى الضيق، بل يتناول ذلك الصناعة بمعناها الأعم ومنها استخدام الاختراع (آلة جديدة مثلا) في الزراعة والصناعات الاستخراجية كالمناجم …. ، وذكر عبارة الاستغلال الصناعي مقصود به استبعاد الابتكارات النظرية البحتة ككشف قانون جديد للجاذبية أو الكثافة …” [4]

3.      شرط الجِدّة (السرية)

وهذ الشرط يعد من الشروط الجوهرية لمنح براءة الاختراع، وقد أورد المشرع الاردني في المادة 3 سالفة الذكر والمادة 5 من ذات القانون على وجوب قيام هذا الشرط لمنح شهادة البراءة للاختراع، والمقصود بالجدة “هو عدم علم الغير بسر الاختراع قبل طلب البراءة عنه” [5]

4.      شرط المشروعية

جاء في المادة 4/أ من قانون براءات الاختراع على أنه:

” لا تمنح البراءة في أي من الحالات التالية:

أ- 1-   الاختراعات التي يترتب على استغلالها إخلال بالآداب العامة أو النظام العام.

2-   الاختراعات التي يكون منع استغلالها تجارياً ضرورياً لحماية الحياة، أو الصحة البشرية، أو الحيوانية، أو النباتية، أو لتجنب الإضرار الشديد بالبيئة.

ويشترط لتطبيق أحكام البندين (1،2) من هذه الفقرة ان لا يكون منع الحماية مقرراً لمجرد النص على منع استغلال هذا الاختراع بموجب التشريعات الأخرى السارية المفعول. “

إذ لا يجوز أ، يكون الاختراع مخالفا للنظام العام والآداب العامة، كمن يخترع آلة للعب القمار، أو لصنع النقود، أو تزوير المستندات الرسمية، أو الاختراعات المتعلقة بالتراكيب والوصفات الصيدلية لأن في ذلك احتكارا لاستثمار صحي يحقق مصلحة عامة للمجتمع، فيعمل ذلك على رفع أسعار الأدوية بالتالي إلحاق ضرر جسيم بالمجتمع والمصلحة العامة.

المطلب الثاني: الشروط الشكلية لبراءة الاختراع

عندما يحقق الاختراع الشروط الموضوعية التي أشرنا اليها، يأت في الخطوة اللاحقة تحقيق الشروط الشكلية التي رسمها قانون براءات الاختراع.

1.      تقديم طلب تسجيل البراءة لدى وزارة الصناعة والتجارة / مسجل براءات الاختراع

  • يتم تقديم الطلب عبر نموذج معد من قبل مكتب تسجيل براءات الاختراع للحصول على البراءة، وقد نصت المادة 8 من قانون براءات الاختراع الأردني على تفاصيل ذلك، إذ جاء فيها:

أ-   يحق لأي شخص ان يتقدم بطلب لتسجيل اختراع على النموذج المعد لهذه الغاية وفق الإجراءات التالية: –

1- إيداع طلب تسجيل الاختراع لدى المسجل مرفقا به وصفا تفصيليا للاختراع يتضمن إفصاحا واضحا وكاملا يكفي لتمكين شخص ذي خبرة في مجال ذلك الاختراع من تنفيذه مع بيان أفضل أسلوب يعلم به المخترع بتاريخ التقدم بالطلب أو بتاريخ أسبقيته لغايات تنفيذ الاختراع.

2- تقديم بيانات كاملة عن الطلبات التي قدمها في أي دولة أخرى لتسجيل الاختراع نفسه قبل تقديم طلبه أو في الوقت نفسه والنتائج التي أسفرت عنها هذه الطلبات، وإذا قدمت طلبات تتعلق بمواد بيولوجية أو أحياء دقيقة فعلى طالب التسجيل ان يقدم ما يثبت انه قد قدم عينات الى أحد المراكز المتخصصة.

3- إبراز ما يثبت حق طالب التسجيل في البراءة إذا لم يكن هو المخترع.

4- تحديد العناصر التي يرغب في حمايتها شريطة ان تكون واضحة ومدعمه بوصف كامل، ويجوز استعمال الرسوم التوضيحية لتفسيرها إذا دعت الحاجة ذلك.

5- تضمين الطلب ملخصا مختصراً عن مواصفات الاختراع والعناصر الجديدة المطلوب حمايتها واسم المخترع وطالب البراءة وعنوان كليهما وذلك لغايات النشر في الجريدة الرسمية.

ب- يعتبر تاريخ تسلم المسجل الطلب تاريخا لإيداعه شريطة ان يكون مستوفيا البيانات ومرفقا به الوثائق التي يقتضيها النظام التي يصدر لهذه الغاية.

ج- للمسجل ان يكلف طالب التسجيل إجراء تعديلات على الطلب واستكمال البيانات التي يتطلبها هذا القانون أو النظام الذي يصدر بموجبه على ان لا تتجاوز هذا التعديلات ما تم الإفصاح عنه في الطلب الأصلي، فاذا لم يقم باستكمال ما كلفه به المسجل خلال المدة التي يحددها النظام اعتبر طالب التسجيل فاقدا لحقه في الطلب بقرار يصدره المسجل ولمقدم الطلب ان يطعن في هذا القرار لدى محكمة العدل العليا خلال ستين يوما من تاريخ تبليغه.

  • أيضا، فقد نصت المادة 9 من ذات القانون على أنه:

أ – يجب ان يقتصر طلب التسجيل على اختراع واحد أو مجموعة من الاختراعات المترابطة باعتبارها تمثل مفهوما ابتكاريا واحدا.
ب – لطالب التسجيل قبل صدور القرار بمنح البراءة ان يعدل في طلبه المودع لدى المسجل شريطة ألا يتجاوز التعديل ما تم الإفصاح عنه في الطلب الأصلي.
ج- لطالب التسجيل ان يجزئ طلبه الى طلبات فرعية قبل صدور القرار بمنح البراءة شريطة ان لا يتجاوز أي طلب فرعي ما تم الإفصاح عنه في الطلب الأصلي ويعتبر تاريخ إيداع الطلب الأصلي أو تاريخ الأولوية تاريخ إيداع للطلب الفرع.

كذلك، نصت المادة 11 والمادة 12 من ذات القانون على أنه:

المادة (11):
مع مراعاة أحكام هذا القانون، يحق لورثة المتوفى الذي أحرز اختراعا ولم يتقدم بطلب لتسجيله التقدم بطلب لتسجيل الاختراع باسمهم على ان يذكر اسم المخترع في هذه الحالة.

المادة (12):
لطالب التسجيل التقدم بطلب لتعديل مواصفات الاختراع أو الرسومات التوضيحية قبل النشر في الجريدة الرسمية مع بيان ماهية التعديل أو أسبابه شريطة ألا تؤدي هذه التعديلات الى المساس بجوهر الاختراع أو ما أفصح عنه الطلب الأصلي ويتبع في طلب التعديل الإجراءات نفسها لطلب التسجيل الأصلي.

وكذلك، جاء في نظام براءات الاختراع الأردني في المادة 4 /ب منه: ” تقدم جميع الطلبات الى المسجل خطيا على النماذج المعتمدة وفقا لأحكام الفقرة أ من هذه المادة، وإذا لم يرد النص على استعمال نموذج خاص بموضوع الطلب فيقرر المسجل صيغته وفقا للأنموذج رقم 1 من ملحق هذا الثاني من هذا النظام “

  • ماذا لو كان الاختراع نتاج عمل مشترك بين عدة أشخاص؟

” إذا كان الاختراع نتيجة عمل مشترك بين عدة أشخاص كان الحق في البراءة لهم جميعا على الشيوع معا فيما بينهم، ما لم يتفقوا على خلاف ذلك.

أما إذا توصل الى الاختراع عدة أشخاص كل واحد منهم مستقل عن الأخر، فإن القانون الأردني قضي بأن الحق في البراءة للأسبق منهم في تسجيل الطلب وبهذا فإن الأسبقية لتقديم الطلب وليس بأسبقية الابتكار، وذلك مراعاة المصلحة العامة التي تقتضي المبادرة بالكشف عن سر الاختراع حتى لا يظل المجتمع محروما من مزاياه كون أن البراءة هي مصدر الحق، فهي المصدر الذي ينشأ الحق ويجعله محلا للحماية القانونية “[6]

2.      المستندات الواجب إيداعها لدى مسجل براءات الاختراع

جاء في المادة 8 والمادة 9 سالفتي الذكر ما يجب إيداعه لدى مسجل براءات الاختراع، كذلك فقد نصت المادة 10 من قانون براءات الاختراع على ما يأتي:

  • 1- لطالب التسجيل ان يضمن طلبه ادعاء بحق أولوية طلب قدمه أو تقدم به سلفه وتم إيداعه بتاريخ سابق لدى أي دولة ترتبط مع الأردن باتفاقية ثنائية أو جماعية لحماية الملكية الصناعية شريطة إيداع طلب التسجيل في المملكة خلال مدة لا تزيد على اثنى عشر شهرا تحسب من اليوم الذي يلي تاريخ إيداع الطلب الأول .
    2-اذا تضمن طلب التسجيل الادعاء بحق الأولوية فللمسجل ان يكلف طالب التسجيل خلال المهلة المقررة بالنظام تقديم صورة طبق الأصل عن إيداعه الأول من المكتب الذي اودع لديه ذلك الطلب ويعتبر تاريخ إيداع طلب التسجيل في هذه الحالة هو التاريخ ذاته الذي اودع فيه الطلب البلد الأجنبي وفقا لاتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية
  • . إذا لم يثبت طالب التسجيل حق الأولوية وفقا للفقرة (أ) من هذا المادة يسجل طلبه بتاريخ إيداعه لدى المسجل.

3.      تسليم البراءة لمسجل البراءات وفحصها

يتم تسليم الاختراع من قبل مقدم الطلب الى مكتب أو مسجل براءات الاختراع ، إذ يقوم هذا المكتب بفحص الطلبات المقدمة اليه ، للحصول على براءة الاختراع  و تسجيلها ، حيث نصت المواد ( 13 ، 14 ، 15 ، 18 ، 19 ، 20، 21 ) على سلطة مكتب تسجيل البراءات ، ودوره في فحص وتسجيل البراءة ، بحيث يقوم المسجل بفحص الطلب المقدم هل هو مستوف للشروط الشكلية أم لا ، فإذا لم تكن البراءة مستوفية للشروط الشكلية ، يقوم مسجل البراءات بتوجيه اختار الى طالب التسجيل يكلفه بإجراء ما يلزم خلال مدة ستين يوما من تاريخ تبلغه بذلك وإلا يفقد طالب التسجيل حقه الطلب بقرار من المسجل.

أما إذا كان الطلب مستوف للشروط الشكلية يتم تكليف طلب التسجيل بدفع نفقات الفحص الموضوعي خلال ستين يوما من تاريخ تبلغه الإخطار وإلا اعتبر الطلب كأن لم يكن.

يتم بعد ذلك منح البراءة على الاختراع، ويكون لمن له مصلحة الاعتراض على ذلك خلال مدة ثلاثة أشهر من تاريخ تسجيلها.

————-

[1] الصباحين، خالد يحيى، شرط الجدة في براءة الاختراع، دراسة مقارنة، الطبعة الأولى 2009، ص 24

 راجع في ذلك، الصباحين، مرجع سابق، ص 33 وما بعدها  [2]

عبد الرزاق السنهوري، الوجيز في شرح القانون المدني، الجزء الثامن، ص 555 – 558  [3]

[4]  السنهوري، الوسيط مرجع سابق، ص 559

[5]  الصباحين، مرجع سابق، ص 46

[6] الصباحين، مرجع سابق، صفحة 56

مواضيع قانونية مهمة :

شروط براءة الاختراع في القانون الأردني

شروط براءة الاختراع في القانون الأردني

جريمة النصب في القانون المغربي

الذم والقدح والتحقير والتشهير

انعدام الأهلية ونقصها 

صفة التاجر مفهومها وشروطها

جريمة إساءة الأمانة

أحدث نموذج عقد إيجار

عقد البيع أركانه وآثاره

Scroll to Top