الحماية المدنية للعلامة التجارية غير المسجلة

الحماية المدنية للعلامة التجارية غير المسجلة

يُخطئ من يعتقد أن العلامة التجارية كانت إحدى نواتج أو مكتسبات عصر النهضة أو الثورة الصناعية، بل يرجع تاريخها لألاف السنين، فكان الرمز أول علامة تجارية عرفها البشر وكان يستخدم في وسم الماشية، فقد رسمها الفراعنة على جدران المعابد والنصب الحجرية، وعرفها اليونانيين والرومان وبلاد ما بين النهرين.

وسوف نناقش الحماية المدنية للعلامة التجارية غير المسجلة في الأردن على الوجه التالي:

أولاً: ماهية العلامة التجارية:

ثانياً: أهمية العلامة التجارية:

ثالثاً: شروط تمتع العلامة التجارية بالحماية المدنية:

رابعاً: صور حماية العلامة التجارية غير المسجلة في الأردن:

خامساً: الأثار المترتبة على قيام دعوى المنافسة غير المشروعة:

سادساً: بعض اجتهادات محكمة التمييز بشأن حماية العلامات التجارية الغير مسجلة:

أولاً: ماهية العلامة التجارية:

عرفت المادة الثانية من قانون العلامات التجارية الأردني رقم 33 لسنة 1952 والمعدلة بالقانون 34 لسنة 1999[1] العلامة التجارية بأنها ” أي إشارة ظاهرة يستعملها أو يريد استعمالها أي شخص لتمييز بضائعه أو منتجاته أو خدماته عن بضائع أو منتجات أو خدمات غيره “.

وجاء بالقانون الإماراتي الاتحادي رقم 37 لسنة 1992[2] بشأن العلامات التجارية في المادة الثانية منه أن ” تعتبر علامة تجارية كل ما يأخذ شكلاً مميزا من أسماء أو كلمات أو إمضاءات أو حروف أو أرقام أو رسوم أو رموز أو عناوين أو دمغات أو أختام أو صور أو نقوش أو إعلانات أو عبوات أو أية علامة أخرى أو أي مجموع منها إذا كانت تستخدم أو يراد أن تستخدم إما في تمييز بضائع أو منتجات أو خدمات أيا كان مصدرها وإما للدلالة على أن البضائع أو المنتجات تعود لمالك العلامة بسبب صنعها أو انتقائها أو الإتجار بها أو للدلالة على تأدية خدمة من الخدمات، ويعتبر الصوت جزءا من العلامة التجارية إذا كان مصاحبا لها “.

وعرفتها المادة (63) من قانون الملكية الفكرية المصري رقم 82 لسنة 2002 بأنها ” العلامة التجارية هي كل ما يميز منتجا سلعة أو خدمة عن غيرة، وتشمل على وجه الخصوص الأسماء المتخذة شكلا مميزا، والإمضاءات، والكلمات والحروف، والأرقام والرسوم، والرموز، وعناوين المحال والدمغات، والأختام والتصاوير، والنقوش البارزة، ومجموعة الألوان التي تتخذ شكلا خاصًا ومميزًا، وكذلك أي خليط من هذه العناصر إذا كانت تستخدم أو يراد أن تستخدم إما في تمييز منتجات عمل صناعي أو استغلال زراعي، أو استغلال الغابات أو لمستخرجات الأرض، أو أية بضاعة، وإما للدلالة على مصدر المنتجات أو البضائع أو نوعها أو مرتبتها أو ضمانها أو طريقة تحضيرها وإما للدلالة على تأدية خدمة من الخدمات، وفي جميع الأحوال يتعين أن تكون العلامة التجارية مما يدرك بالبصر “.

وقد عرفت محكمة العدل العليا الأردنية[3] العلامة التجارية في قرارها رقم (49\88) بأنها ” العلامة المؤلفة من حروف، أو رسوم، أو علامات، أو خليط من هذه الأشياء ذي صفة فارقة وعلى شكل يكفل تمييز بضائع عن غيره من الناس “.

ومما سبق يتضح أن غاية العلامة التجارية هي تمييز البضائع والخدمات عن غيرها مما يماثلها.

ثانياً: أهمية العلامة التجارية:

تمثل العلامة التجارية أبرز عناصر الملكية التجارية وأكثرها أهمية، لكونها وسية الاتصال فيما بين التاجر والمستهلك، فهي بمثابة صك يدل على جودة نوع معين من البضائع والخدمات وتمييزها عن غيرها مما يماثلها.

ومع اندلاع شرارة الثورة الصناعية في بدايات القرن التاسع عشر، وشهود القطاع الصناعي والاقتصادي طفرة لا مثيل لها من حيث تنوع وتعدد مظاهر وأشكال الإنتاج الصناعي، كان تبعاً لذلك أن أصبحت العلامة التجارية لصيق كل سلعة أو خدمة تًقدم للجمهور لضمان وصولها للجمهور دون تضليل أو خداع وتمييزها عن غيرها مما قد يلتبس بها، هذا وقد فاقت أهميتها في بعض الأحيان أهمية مدى جودة السلعة ذاتها، بأن أصبحت العلامة التجارية هي الجاذبة للمستهلك وليس جودة السلعة في المقام الأول.

والعلامة التجارية من ضمن الناصر المعنوية للمحل التجاري، وينظر إليها على أنها مال منقول ذو قيمة اقتصادية كبيرة [4] وقضت محكمة النقض المصرية في حكمها رقم 284 لسنة 46 قضائية الصادر بتاريخ 30\3\1981 بأنه: ” النص في الفقرة الأولى من المادة ١٩ من القانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٣٩ على أن “يشمل انتقال ملكية المحل التجاري أو مشروع الاستغلال العلامات المسجلة باسم ناقل الملكية التي يمكن اعتبارها ذات ارتباط وثيق بالمحل أو المشروع ما لم يتفق على غير ذلك”. وهذا يدل على أن الأصل أن العلامة التجارية جزء من المحل التجاري وأن بيع المحل التجاري يشملها ولو لم ينص على ذلك في عقد البيع باعتبارها من توابع المحل التجاري وجزء لا يتجزأ منه بوصفها متصلة به ومن مستلزماته التي يتحقق بها عنصر الاتصال بالعملاء ، وأجاز الشارع بيع المحل التجاري دون علاماته التجارية عند الاتفاق على ذلك “.

ثالثاً: شروط تمتع العلامة التجارية بالحماية المدنية:

لكي تتمتع العلامة التجارية سواء كانت مسجلة أو غير مسجلة بالحماية، يجب أن يتوافر فيها عدة شروط موضوعية، أما الشروط الشكلية فهي متطلبة فقط لإسباغ الحماية القانونية عليها من وجهة نظر القانون، وتتمثل تلك الشروط المتطلبة لحماية العلامة التجارية عموماً مسجلة أو غير مسجلة في الآتي :

1- شرط الصفة الفارقة (التميز):

يجب أن تكون العلامة التجارية ذات صفة فارقة من حيث الأسماء، أو الحروف، أو الأرقام، أو الأشكال، أو الألوان، أو غير ذلك ،أو أي مجموعة منها وقابلة للإدراك عن طريق النظر، والمقصود بلفظ فارقة هنا أن تكون العلامة التجارية موضوعة على شكل يكفل تمييز بضائع صاحبها عن بضائع غيره من الناس وذلك طبقاً لنص المادة(6) والمادة (7) فقرة (1 و2) من قانون حماية العلامات التجارية الأردني.

وهو ما أكده نص المادة (15/1) من اتفاقية تربس من اعتبار أي إشارة أو مجموعة إشارات تسمح بتمييز السلع أو الخدمات التي تنتجها منشأة ما عن تلك التي تنتجها المنشآت الأخرى صالحة لأن تـكون علامة تجارية.

 وترتيباً على ذلك إذا خلت العلامة التجارية من أي صفة تميزها عن غيرها كاستخدام اسم المنتج وبلد المنشأ أو لفظ شائع أو صور مألوفة، أو كان قد سبق استعمالها من جانب أشخاص أخرين فلا تعتبر علامة تجارية، ويجب لتقدير ما إذا كانت للعلامة ذاتية خاصة تميزها عن غيرها النظر إليها في مجموعها لا على كل عنصر من العناصر التي تتركب منها.

2- شرط الجدة:

يرتبط هذا الشرط بشرط الصفة الفارقة فمتى اشتملت العلامة التجارية على عنصرًا مميز كانت العلامة التجارية جديدة، لذلك يُفتقد شرط الجدة في حالة ما إذا كان أحد الأشخاص يستعملها أو سجلها لتميز منتجاته أو خدماته عما يماثلها.

والجدة هنا نسبية وليست مطلقة بمعنى أنها تحتوي على جزء من الابتكار، كما أنها مقيدة من عدة نواح كنوع المنتجات والزمان والمكان وشكل العلامة، فاستعمال علامة تجارية سبق استعمالها على نوع مغاير من السلع لا يفقدها هذا الشرط وهو ما أكدته محكمة العدل العليا الأردنية.

3- شرط المشروعية:

ويعني هذا الشرط ألا تكون مخالفة للنظام العام أو الآداب أو غيره مما نصت علية المادة (8) من قانون العلامات التجارية الأردنية.

4- الإدراك بالبصر:

يشترط في العلامة التجارية أن تظهر في شكل مادي بحيث يمكن إدراكها بواسطة العين المجردة، ويمكن أن تكون العلامة مزيج بين الصوت والكتابة، أما إذا كان لا يمكن إدراكها بالبصر كأن كانت عبارة عن رائحة مميزة أو أصوات فلا تشملها الحماية لصعوبة ذلك فضلاً عن التكلفة الباهظة للمعدات التي يمكن استخدمها في حفظها.

رابعاً: صور حماية العلامة التجارية غير المسجلة في الأردن:

تضمن قانون العلامات التجارية الأردني النص على حماية العلامة التجارية المسجلة بشكل صريح وقاطع عن طريق تقرير المسئولية المدنية والجزائية في حق من يتعدى عليها، وتتحقق تلك الحماية بمجرد نشوء الحق في العلامة وذلك عن طريق استعمالها ، إلا أنه قد خلا من النص على تقرير الحماية للعلامة التجارية غير المسجلة، الأمر الذي دفع الفقه والقضاء الأردني للبحث عما إذا كانت العلامة التجارية غير المسجلة تتمتع بالحماية من عدمه سواء أكانت تلك الحماية تستند لنصوص قانون العلامات التجارية أو المنافسة غير المشروعة أو أحكام المسئولية التقصيرية في القانون المدني.

وسوف نتناول هنا صور الحماية للعلامة التجارية غير المسجلة في القانون الأردني وذلك وفق الآتي:

1- حماية العلامة غير المسجلة في قانون العلامات التجارية:

لبيان تمتع العلامة غير المسجلة بالحماية من عدمه في قانون العلامات التجارية الأردني يتوجب علينا سرد ومناقشة بعض مواده وإن كان ذلك بشيء من الإيجاز كالتالي:

  • أ‌- تنص المادة (14\2،1) من قانون العلامات التجارية على أنه ” يجوز لأي شخص أن يعترض لدى المسجل على تسجيل أية علامة تجارية خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نشر إعلان تقديم الطلب لتسجيلها أو خلال أية مدة أخرى تعين لهذا الغرض. أما إذا تم نشر إعلان الطلبات قبل نفاذ هذا القانون فتعين المدة التي يجوز تقديم الاعتراض خلالها والصورة التي يجوز تقديمه بموجبها طبقاً لما نص عليه قانون العلامات التجارية المعمول به في تاريخ نشر الإعلان، وينبغي أن يقدم الاعتراض كتابة بحسب الأصول المقررة وأن يبين فيه أسباب الاعتراض”.

يبين من ذلك أن المشرع الأردني قد أجاز لأي شخص الاعتراض على تسجيل أي علامة تجارية خلال المدة القانونية، ومن ثم يجوز لصاحب العلامة غير المسجلة الاعتراض على تسجيل العلامة التجارية متى كانت تتطابق أو تتشابه مع علامته غير المسجلة في الأردن للحد الذي يضلل المستهلك، ويمكننا تجٌوزاً القول بأن ذلك يعد نوع من الحماية مقرر لمصلحة صاحب العلامة غير المسجلة في الأردن.

كما أوجبت المادة (6 مكرر) من اتفاقية تربس على الدول الأطراف حماية العلامات التجارية المشهورة – وهي العلامة التجارية ذات الشهرة العالمية التي تجاوزت شهرتها البلد الأصلي الذي سجلت فيه واكتسب شهرة في القطاع المعني من الجمهور في المملكة الأردنية الهاشمية – حتى وإن لم تكن مسجلة في تلك الدول، وقد تأكد ذلك بموجب نص المادة (25\1\ب) من قانون العلامات التجارية بنصها على أنه ” إذا كانت العلامة التجارية مشهورة وإن لم تكن مسجلة فيحق لمالكها أن يطلب من المحكمة المختصة منع الغير من استعمالها على منتجات أو خدمات مماثلة أو غير مماثلة شريطة أن يدل الاستعمال لهذه العلامة على صلة بين تلك المنتجات أو الخدمات وبين العلامة المشهورة واحتمال أن تتضرر مصالح صاحب هذه العلامة نتيجة هذا الاستعمال ويفترض احتمال حدوث لبس في حالة استعمال علامة تجارية مشهورة مطابقة على منتجات مماثلة “.

ونستخلص من ذلك أنه إذا كان يحق لصاحب العلامة التجارية المشهورة منع الغير من استخدام علامته رغم عدم تسجيلها في الأردن، فليس هناك ما يمنع من إسباغ تلك الحماية على أصحاب العلامات غير المسجلة للمساواة في المراكز القانونية بينهم وإن كان هناك فارق لا ننكره، فضلاً عن غلق الباب في مواجهة سرقة واستغلال العلامات التجارية غير المسجلة في حال اشتراط التسجيل للتمتع بالحماية، إضافة لذلك أن المعاملات التجارية بطبيعتها لا تحكمها الشكلية وتستند في كثير من أحكامها للعرف التجاري.

  • ب‌- تنص المادة (33\1) من قانون العلامات التجارية على أنه ” لا يحق لاحد أن يقيم دعوى بطلب تعويضات عن أي تعد على علامة تجارية غير مسجلة في المملكة إلا أنه يحق له أن يتقدم إلى المسجل بطلب لإبطال علامة تجارية سجلت في المملكة من قبل شخص لا يملكها بعد أن كانت مسجلة في الخارج إذا كانت الأسباب التي يدعيها هي الأسباب الواردة في الفقرات 6 و7 و10 و12 من المادة (8) من هذا القانون”.

ويتضح من ذلك أن المشرع قد منع إقامة أي دعاوى تعويض عن علامة تجارية غير مسجلة في المملكة  منعاً مطلقاً أي كان نوع هذا التعدي، ولا يمكننا هنا محاولة تفسير النص بغير ذلك وحمله على غير مقصده لكونه جاء صريحاً وهو ما يعد خروجاً على المبدأ العام للتعويض عن الضرر في المسئولية المدنية،[5] وهذا المسلك حقيقة غير مفهوم من قبل المشرع الأردني مما جعله محل نقد كبير،[6] فقد اعترف لصاحب العلامة التجارية بالصفة والمصلحة ومنحه الحق في طلب إبطال تسجيل العلامة إذا استند في ذلك للأسباب المحددة حصرًا في المادة (8) من القانون.

وقضت محكمة العدل العليا في قرارها رقم (470\2007) بأنه ” تؤخذ الأسبقية في الاستعمال بعين الاعتبار عند تقرير ملكية العلامة وأن وجود التشابه يؤدي إلى غش الجمهور فتكون باقي الشروط لتحقق طلب الترقي قد تحققت. وفضلاً عن ذلك فإن المادة (34) من قانون العلامات التجارية رقم (33 لسنة 1952) قد أعطت الحق لمالك العلامة التجارية غير المسجلة في المملكة أن يتقدم بطلب إلى مسجل العلامات التجارية لإبطال علامة تجارية سجلت في المملكة من قبل شخص لا يملكها بعد أن كانت مسجلة في الخارج إذا كانت الأسباب التي يدعيها هي الأسباب الواردة في المادة (8) من قانون العلامات التجارية المشار إليها آنفاً “.

وهنا يثور تساؤل هام وهو لماذا يوفر القانون الأردني الحماية للعلامة التجارية المشهورة مسجلة كانت أو غير مسجلة ؟؟ ويحرم العلامة التجارية الغير المشهورة وغير المسجلة من تلك الحماية؟؟ بالرغم من وحدة المركز القانوني والاشتراك في الحقل الواحد؟؟

2- حماية العلامة غير المسجلة في قانون المنافسة غير المشروعة:

استصدر المشرع الأردني قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية رقم 15 لسنة 2000 وسوف نتناول حماية العلامة التجارية غير المسجلة على الوجه التالي:

أ- الأساس القانوني لحماية العلامة غير المسجلة:

نصت المادة الثانية من قانون المنافسة غير المشروعة على أنه ” – يعتبر عملا من أعمال المنافسة غير المشروعة كل منافسة تتعارض مع الممارسات الشريفة في الشؤون الصناعية أو التجارية وعلى وجه الخصوص ما يلي :

  • الأعمال التي بحكم طبيعتها تسبب لبسا مع منشاة أحد المنافسين، أو منتجاته، أو نشاطه الصناعي ،أو التجاري.
  • الادعاءات المغايرة للحقيقة في مزاولة التجارة والتي قد تسبب نزع الثقة عن منشاة أحد المنافسين، أو منتجاته، أو نشاطه الصناعي ،أو التجاري.
  • البيانات أو الادعاءات التي قد يسبب استعمالها في التجارة تضليل الجمهور فيما يتعلق بطبيعة المنتجات، أو طريقة تصنيعها ،أو خصائصها، أو كمياتها، أو صلاحياتها للاستعمال.
  • أي ممارسة قد تنال من شهرة المنتج أو تحدث لبسا فيما يتعلق بمظهره الخارجي أو طريقة عرضه أو قد تضلل الجمهور عند الإعلان عن سعر المنتج أو طريقة احتسابه.

– إذا كانت المنافسة غير المشروعة متعلقة بعلامة تجارية مستعملة في المملكة سواء أكانت مسجلة أم غير مسجلة وتؤدي إلى تضليل الجمهور فتطبق في هذه الحالة أحكام الفقرة (أ) من هذه المادة.

– تسري الأحكام الواردة في الفقرتين (أ) و (ب) من هذه المادة على الخدمات حسب مقتضى الحال “.

وقد عرف الدكتور مصطفى كمال طه المنافسة الغير مشروعة بأنها [7] ” استخدام التاجر لطرق منافية للقوانين أو العادات أو مبادئ الشرف والأمانة في المعاملات” .

وجاء بالحكم رقم 5020 لسنة 2011 صلح حقوق عمان الصادر بتاريخ 23\11\2015  ” أن المادة ( 2) من قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية رقم 15 لسنة 2000 جاءت لتتحدث عن المنافسات غير المشروعة في الشؤون الصناعية والتجارية وقد حددت أربع حالات اعتبرتها منافسة غير مشروعة، كما تجد المحكمة أن أي عمل أو ممارسه في معرض الأعمال التجارية والصناعية أو أي شيء يميز أعمال المنافس مثل الشعارات الرموز أو الشكل الخارجي للمنتج أو طريقة عرضه أو تغليفه أو طريقة تقديم الخدمة أو المنتج والتي من الممكن أن تحدث لبس مع منشآت أو نشاط شخص تاجر أخر يعتبر عملا من أعمال المنافسة غير المشروعة “.

ومن نتاج ذلك يرى جانب كبير من الفقه أن إعطاء كل ذي مصلحة الحق في طلب التعويض نتيجة أي ضرر لحقه من المنافسة غير المشروعة بمثابة باب يمكن ولوجه لتمتع العلامة غير المسجلة بالحماية تأسيسًاً على أن القضاء الأردني اعتبر التعدي على الشعارات أو الرموز أو كل ما يميز السلعة أو الخدمة عن غيرها ويؤدي لتضليل الجمهور منافسة غير مشروعة سواء كانت العلامة مسجلة أو غير مسجلة.

بيد أن البعض يرى أنه لا يمكن المطالبة بالتعويض استناداً لقانون المنافسة غير المشروعة إلا بتوافر شرطين هما([8]) 1

  • أن تكون العلامة محل المنافسة غير المشروعة مستخدمة في الأردن مسجلة كانت أو غير مسجلة.
  • أن يؤدي استعمال العلامة لتضليل الجمهور. وهو ما يتفق وأحكام المحاكم الأردنية.

ويتطابق مع ذلك ما جاء بالمادة (10) من اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية بشأن المنافسة غير المشروعة والتي نصت على أنه:

  • تلتزم دول الاتحاد بأن تكفل لرعايا دول الاتحاد الأخرى حماية فعالة ضد المنافسة غير المشروعة.
  • يعتبر من أعمال المنافسة غير المشروعة كل منافسة تتعارض مع العادات الشريفة في الشؤون الصناعية أو التجارية “.

ب- شروط دعوى المنافسة غير المشروعة :

تقوم دعوي المنافسة غير المشروعة على أساس قواعد المسئولية التقصيرية ومن ثم يشترط توافر عناصرها من خطأ وضرر وعلاقة سببية بينهما، ومن هنا يجب توافر الشروط الآتية لقبول دعوي المنافسة المشروعة:

– القيام بعمل من أعمال المنافسة غير المشروعة[9]:

أوردت المادة الثانية السالف ذكرها من قانون المنافسة غير المشروعة صوراً لما يعد من أعمال المنافسة غير المشروعة، وهذه الصور ليست على سبيل الحصر وإنما جاءت على سبيل المثال، ومن ثم يمكن أن يأتي الفاعل عمل بخلاف تلك الأعمال يعد إتيانه من قبيل المنافسة غير المشروعة، وتكون تلك الأعمال غير مشروعة متى ترتب عليها تضليل الجمهور أو إحداث اللبس في بشأن البضائع أو المنتجات أو الخدمات، أو اجتذاب العملاء بطرق غير مستقيمة أو إتيان عمل من شأنه الإساءة لسمعة منافسه أو منتجاته أو تشويه صورتها، ولا يشترط توافر سوء النية من القائم بالفعل غير المشروع فيستوي أن يكون حسن أو سيء النية، فطالما قام بأي عمل يعد من أعمال المنافسة غير المشروعة تحققت في جانبه المسئولية.

ويشترط لقيام المسئولية هنا أن يكون كل من الفاعل والمضرور يمارسان نفس النشاط أو نشاط متقارب بحيث يتأثر نتيجة العمل الضار الواقع من الفاعل، ومن ذلك يتضح أنه لتحقق المسئولية يشترط قيام حالة منافسة وأن تكون المنافسة غير مشروعة عن طريق استخدام وسائل غير شريفة تخالف الأصول والعادات المرعية في المنافسة المشروعة.

ونستخلص مما تقدم أن العلامة التجارية تتمتع بالحماية عن طريق المنافسة غير المشروعة إذا توافر الآتي :

  • وقوع فعل المنافسة غير المشروع على العلامة التجارية المستعملة في الأردن مسجلة أو غير مسجلة.
  • أن يرتب الفعل غير المشروع تضليل للجمهور.

واعتبار الأعمال المستخدمة في المنافسة مشروعة أو غير مشروعة مسألة تقديرية يستقل بتقديرها قاضي الموضوع دون معقب عليه طالما استند في استخلاصه لأسباب سائغة تبرر ما انتهى إليه، وللمضرور إثبات عدم مشروعية تلك الأعمال بكافة طرق الإثبات، أما إذا كانت الوسائل المستخدمة مشروعة وترتب على ذلك ضرر فلا مسئولية.

– تحقق الضرر:

لا قيام للمسئولية التقصيرية دون حدوث الضرر فهو عماد المسئولية وقوامها، وأكثر أهمية من الخطأ ذاته، فيجب أن يترتب على الفعل غير المشروع ضرر للمضرور، ولا يشترط هنا ضرورة وقوع الضرر، بل يكفي لانعقاد المسئولية أن يكون الضرر محقق الوقوع في المستقبل،  أما الضرر الاحتمالي فلا تترتب عليه المسئولية.

– رابطة السببية:

لا يكفي لقيام المسئولية وقوع الخطأ وتحقق الضرر، بل يشترط توافر رابطة السببية بينهما، بمعنى أن يكون الفعل الضار أو الخطأ المتمثل في القيام بأحد أعمال المنافسة غير المشروعة هو الذي سبب الضرر بطريقة مباشرة، أما إذا كان السبب في تحقق الضرر قوة قاهرة أو حادث فجائي مثلاً فلا تنعقد المسئولية لانقطاع رابطة السببية.

خامساً: الأثار المترتبة على قيام دعوى المنافسة غير المشروعة:

تظهر الأثار المترتبة على قيام دعوي المنافسة غير المشروعة وأهمها الحق في طلب التعويض والإجراءات التحفظية الأخرى فيما نصت عليه المادة (3) من قانون المنافسة غير المشروعة والتي يجري نصها على أنه : لكل ذي مصلحة المطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر نتيجة أي منافسة غير مشروعة، ولصاحب المصلحة عند إقامة دعواه المدنية المتعلقة بالمنافسة غير المشروعة أو في أثناء النظر في هذه الدعوى أن يقدم طلبا إلى المحكمة المختصة مشفوعا بكفالة مصرفية أو نقدية تقبلها لاتخاذ أي من الإجراءات التالية:

  • وقف ممارسة تلك المنافسة .
  • الحجز التحفظي على المواد والمنتجات ذات العلاقة أينما وجدت .
  • المحافظة على الأدلة ذات الصلة .

ولصاحب المصلحة قبل إقامة دعواه أن يقدم طلبا إلى المحكمة مشفوعا بكفالة مصرفية أو نقدية تقبلها لاتخاذ أي من الإجراءات المنصوص عليها في الفقرة ب من هذه المادة دون تبليغ المستدعى ضده وللمحكمة إجابة طلبة إذا اثبت أياً مما يلي :

  • أن المنافسة قد ارتكبت ضده .
  • أن المنافسة أصبحت وشيكة الوقوع وقد تلحق ضررا يتعذر تداركه .
  • أنه يخشى من اختفاء الدليل على المنافسة أو إتلافه .

ويكون للمحكمة أن تقرر مصادرة المنتجات موضوع المنافسة غير المشروعة والمواد والأدوات المستعملة فيها بصورة رئيسة وللمحكمة أن تقرر إتلاف أي منها أو التصرف بها في أي غرض غير تجاري.

أما التعويض طبقاً لقواعد المسئولية الواردة في القانون المدني الأردني فيمكن الاستناد في ذلك لنص المادة (256) والتي تنص على انه ” كل إضرار بالغير يلزم فاعله ولو غير مميز بضمان الضرر”.

ولا يشمل التعويض الضرر المادي فقط، بل يشمل أيضاً الضرر المعنوي، والمسئولية وفق أحكام القانون المدني مسئولية تقصيرية وليست مسئولية عقدية ومن ثم يجب توافر عناصر المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية بينهما لنشوء الحق في طلب التعويض.

سادساً: بعض اجتهادات محكمة التمييز بشأن حماية العلامات التجارية الغير مسجلة:

ورد في حكم محكمة التمييز بصفتها الحقوقية رقم 1916 لسنة 2008 ما يلي:

بتنزيل الحكم المستخلص من المادة الثانية من قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية رقم 15 لسنة 2000 على الوقائع السالف ذكرها والأعمال التي قامت بها المدعى عليها يتضح أنها استكملت أركان وعناصر الأفعال المكونة للمنافسة غير المشروعة والتي جاءت بها المدعى عليها بمعظم الصور التي ذكرها القانون كأمثله على الممارسات غير الشريفة في الشؤون الصناعية والتجارية حيث أن طرح المدعى عليها لذات الصنف من شوكولاتة المدعية من ألواح جوز الهند المغطى بالشوكولاتة وبأغلفة تحمل ذات الألوان والتوزيع والمواصفات لأغلفه المدعية المماثلة يسبب بطبيعته لبسا مع منشأ المدعية ومنتجاتها من الشوكولاتة …… ونشاطها الصناعي والتجاري خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن كلا من المدعية والمدعى عليها تعملان في نفس المجال والقطاع أن جميع هذه الممارسات تسبب تضليلا للجمهور فيما يتعلق بطبيعة المنتجات وتحدث لبسا فيما يتعلق بمظهره الخارجي وطريقة عرضه مما تسبب نزع الثقة عن منشأ المدعية “.

إعداد المحامي/ رفعت حمدي عبد الغني.

[1])) صدر القانون 43 لسنة 1999 لتعديل بعض المواد في قانون العلامات التجارية الأردني رقم 33 لسنة 1952 (مواد 2، 3، 7، 8، 10، 19، 20، 21، 22، 26، 34، 38، 39، 41، 43، 47) وتم نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ 1\11\1999 عدد 4389 بالصفحة 4299 وتم العمل به بعد مرور ثلاثين يوما من نشره، واحتوى على 17 مادة.

[2])) صدر القانون الاتحادي الإماراتي رقم 37 لسنة 1992 وتم نشره بالجريدة الرسمية عدد 33 مكرر السنة 22 بتاريخ 26\2\1992 وبدء العمل به بتاريخ 26\4\1992 وتم تعديله بالقانونين 19 لسنة 2000 و 8 لسنة 2002ويتضمن 50 مادة.

[3] راجع/ إيناس مازن فتحي، الحماية المدنية للعلامة التجارية غير المسجلة وفقاً للقوانين الدولية، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة الشرق الأوسط، الأردن، عام 2010، ص 16. مشار إليه في مجلة نقابة المحامين الأردنيين لسنة 1989، ص 926.

[4])) راجع في ذات المعني/ إيناس مازن فتحي، الحماية المدنية للعلامة التجارية غير المسجلة وفقاً للقوانين الدولية، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة الشرق الأوسط، الأردن، عام 2010، ص 1.

[5] راجع في ذلك د/ محمد عبدالوهاب محمد المحاسنة، الحماية المدنية للعلامات التجارية غير المسجلة في القانون الأردني، مجلة البحوث القانونية، العدد 70 ديسمبر 2019، ص 808.

[6])) راجع في نقد ذلك د/ صلاح زين الدين، مصلح أحمد الطراونة، الحماية المدنية للعلامة التجارية غير المسجلة في الأردن (دراسة تحليلية نقدية للمادة34 من قانون العلامات التجارية الأردني) ، مؤتة للبحوث والدراسات، سلسلة العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 24 العدد 4 عام 2009، جامعة مؤتة، الأردن، ص 17:12.

[7]راجع د/ مصطفى كمال طه، القانون التجاري، الدار الجامعية ، الطبعة الأولى عام 1986، القاهرة، ص 622. مشار إليه في المرجع السابق/ إيناس مازن فتحي، ص 59.

[8]المرجع السابق د/ صلاح زين الدين، مصلح أحمد الطراونة، ص 18.

[9] راجع في ذلك المرجع السابق/ إيناس مازن فتحي، ص 73:70. ويراجع أيضاً في ذلك/ إبراهيم كمال احمد عكاشة، الحماية المدنية للعلامة التجارية غير المسجلة، رسالة ماجستير، جامعة آل البيت، الأردن، عام 2010، ص 45:41.

error: Alert: Content is protected !!